الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأرامل.. وحكايات الوجع !

الأرامل.. وحكايات الوجع !
الأرامل.. وحكايات الوجع !


كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن 70.3 % من الأرامل يُعِلنَ أسرهن، وأشارت تقارير جهاز الإحصاء إلى أن عدد الأرامل من الرجال والنساء يبلغ 3 ملايين أرمل وأرملة، 14 % منهم رجالا و86 % سيدات، ومن خلال الأرقام يتبين أن عدد الرجال الأرامل يبلغ نصف مليون رجل، والسيدات 2.5 مليون، أى أن عدد السيدات الأرامل يفوق عدد الرجال الأرامل 5 مرات تقريباً.

شيماء حسين أرملة عمرها 27 سنة، أنجبت طفلًا تقول: وضعى حساس للغاية، فقد تزوجت عن حب ورحل زوجى بعد سنتين فقط من الزواج، جميع من حولى وخاصة أهلى يأمروننى بالزواج؛ لأننى ما زلت صغيرة ويخشون عليّ من كلام الناس، يقولون لى «سمعتك والناس، إزاى هتعيشى لوحدك من غير راجل»، لكن الحقيقة أنهم يرغبون فى زواجى حتى يرتاحوا من الإنفاق علىّ أنا وابنى، ولكن نتيجة للضغوط وافقت على العريس الذى جاء به خالى، ولكن أهل زوجى المتوفى، لم يتركونى فى حالى وبدأوا التدخل فى حياتى بشكل مؤذ ومناقشتى فى كل صغيرة وكبيرة بشأن ابنى ومراقبة كل تصرفاتى وتحركاتى، طلبوا منى أن يأخذوا ابنى قائلين: طالما هتتجوزى احنا نأخذ حفيدنا وانتى تخلفى من جوزك الجديد ؛ ولذلك رجعت فى قرارى ورفضت العريس.
عواطف السنى، 37 عامًا، أصبحت أرملة بعد ثلاث سنوات من الزواج، ولديها طفلان وتقرر عدم الزواج، تقول عواطف: للأسف نحن فى مجتمع لا يحترم الأرامل فقد عانيت كثيرًا خصوصًا من أولئك  الذين يطمعون فىّ ويرونى فريسة من السهل اقتناصها قائلين إننى امرأة مجربة، والحقيقة أن المأساة التى تحياها الأرملة بعد تلك التجربة القاسية مغلفة بالخوف من كل شيء، كنت قبل أن أصبح أرملة أتوقع الخير قبل الشر، أما الآن فأنا أتوقع الشر حتى يثبت أمامى الخير، وهذا أمر طبيعى فى مجتمع ينظر إلى المرأة من منظور واحد؛ لذا لن أفكر فى الزواج حاليًا وإن تزوجت فسأتزوج من أجل المجتمع الذى يأمرنى بذلك فى كل خطوة أخطوها.
سماح. م، لا تتجاوز الأربعين عامًا، والتى أصبحت أرملة بعد 10 سنوات من الزواج، تتحمل سماح مسئولية 4 أطفال فى مراحل تعليمية مختلفة، ولم يترك لها زوجها شيئًا ولا حتى معاش، تبدأ سماح فى البحث عن دخل ثابت قدمت بمعاش الصندوق الاجتماعى والذى تتقاضى منه 600 جنيه، تقول سماح: أنا ساكنة مع أبنائى فى شقة إيجار بـ 1000 جنيه، الأولاد فى مراحل تعليمية مختلفة كل واحد فيهم يحتاج مصاريف ودروسًا خصوصية لا تقل عن 500 جنيه، قررت أن أعمل حتى أستطيع الصرف على أبنائى، إلا أننى لم أسلم من ملاحقة الرجال والجيران الذين يظنون أن الأرملة لقمة سائغة يسهل عليهم التهامها؛ وتضيف: تعرضت للإهانة من أصحاب الأعمال، فهناك من كان يحاول التحرش والاعتداء علىّ، للأسف الرجال ينظرون للأرملة أنها رخيصة وسهل الحصول عليها مستغلين ظروفها المادية التى تعانى منها، وأكدت لقد قدمت أكثر من مرة بمعاش التكافل والكرامة ولكن لم أحصل عليه حتى الآن.
وفى السياق نفسه، أكدت نيفين القباج، مستشار وزيرة التضامن الاجتماعي؛ أن الأرامل على رأس قائمة أولويات الحكومة، وأننا نعمل على تقديم كل الدعم المادى من خلال صرف معاشات، تتعدد المعاشات التى تصرف من الحكومة للأرامل، المعاش الضمانى المشروط بالحالة الاجتماعية ومعاش تكافل وكرامة وصرف قرض مستورة وهو خاص بالأرامل وصرف «شهادة الأمان» للسيدات الأرامل، وتم حتى الآن استخراج 10000 شهادة بالمجان فئة 500 جنيه للسيدات الأرامل فى 10 محافظات.
 من جانبها ترى الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع: أن الأرملة تعانى من وضع ليس لها أى دور فيه إنه قدرها وحكمة الخالق، فللأسف هناك حالات ظالمة مخجلة تتعرض لها الأرملة كأن تحرم من أن تعيش حياتها وشخصيتها بشكل طبيعى حيث يطلب منها أن تظل حبيسة البيت احتراما لذكرى الراحل بالإضافة إلى حرمانها من أشياء عديدة، حقها بالعمل، وهذا يعتبر من مخلفات الجاهلية حيث حرمان المرأة من حق الحياة بعد موت زوجها.
وأضافت: من أشكال ومظاهر الظلم الواقعة على المرأة الأرملة التعامل معها على أنها قابرة الرجال ووجه شؤم، مشيرة أننا كمجتمعات عربية فى حاجة لتغيير أفكار وموروثات خاطئة فى حق المرأة.
>أرامل العالم
فى ذات الوقت وبالتزامن مع اليوم العالمى للأرامل الذى يوافق 23 يونيو ذكر تقرير للأمم المتحدة، عن معاناة الأرامل حول العالم، أن إساءة معاملة الأرامل وأطفالهن تشكل أحد أخطر انتهاكات حقوق الإنسان والعقبات التى تعترض سبيل التنمية اليوم، وتتعرض ملايين أرامل العالم للفقر المدقع والنبذ والعنف والتشرد وسوء الصحة والتمييز فى كل من القانون والعرف.
وأشار التقرير لوجود نحو 228 مليون أرملة فى جميع أنحاء العالم، نصفهن تقريبًا تحت خط الفقر المدقع، أما أكبر عدد من الأرامل فيوجد فى الصين، إذ هناك حوالى 43 مليون أرملة، تليها الهند 42 مليونًا، ثم الولايات المتحدة 15 مليون أرملة.
وفى مجموعة واسعة من البلدان والأديان والمجموعات العرقية، تصبح المرأة معدمة بوفاة زوجها، ويتفاقم فقرها بقلة فرص الاستفادة من القروض أو من الموارد الاقتصادية الأخرى أو انعدامها، كما يستفحل فقرها بالأمية أو قلة التعليم، فبدون التعليم والتدريب، لا يمكن للأرامل أن يُعِلْنَ أنفسهن أو أسرهن.
ولا يكون للعديد من الأرامل فى المجتمعات التقليدية حق فى الإرث أو الملكية العقارية بموجب القانون العرفى والدينى، أو تكون حقوقهن محدودة للغاية، وبدون حقوق الإرث، بما فى ذلك انعدام الحق فى ممتلكات أسرتهن، تجد الأرامل أنفسهن فى وضع غير آمن مالياً ويعتمدن اعتماداً كلياً على إحسان أقارب أزواجهن.
وقد تواجه الأرامل أيضاً فى البلدان المتقدمة صعوبات بالغة، بدءًا بفقدان تغطية التأمين مروراً بصعوبة الحصول على القروض وانتهاءً بتحملهن لوحدهن مسئولية رعاية الأطفال، وفى بعض الحالات، يمكن أن تصبح الأرامل مسؤولات عن ديون الزوج المتوفى.
وفى العديد من البلدان، ولا سيما فى أفريقيا وآسيا، تجد الأرامل أنفسهن ضحايا للعنف المادى والمعنوى، بما فى ذلك الاعتداء الجنسى - المتصل بمنازعات الإرث والعقار والممتلكات، فالأرملة المحرومة من حقوق ملكية أموال زوجها، قد تكون عرضة لسوء المعاملة وتطرد من بيتها نهائياً، وفى أفريقيا، تتخطى إساءة معاملة الأرامل كافة الفوارق الإثنية والطبقية وفوارق الدخل، مما يجعل الأرامل أشد ضعفاً وفاقة فى المنطقة.
ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة فإن الأرامل يجبرن على المشاركة فى الممارسات التقليدية الضارة والمهينة بل والمهددة للحياة فى إطار طقوس الدفن والحداد، ففى عدد من البلدان، تجبر الأرامل، مثلاً، على شرب المياه التى غُسلت بها جثث أزواجهن، وقد تنطوى طقوس الحداد أيضاً على إقامة علاقات جنسية مع الأقارب وحلق الشعر والتخديش.
>المجتمعات العربية
أوضح محمد عبدالسلام، مسئولة ملف الأرامل بمنظمة المرأة العربية، أن آخر إحصائية لمنظمة المرأة العربية أن عدد الأرامل يصل لأكثر من 10 ملايين؛ والعراق هى الأعلى بعدد 3 ملايين أرملة، وهذا نتيجة الحروب ثم اليمن ومصر 2.5 مليون أرمله.
ويضيف: إن الأرامل العرب يعانين من مشاكل اجتماعية عديدة، أبرزها نظرة المجتمع الشرقى لهن وعدم مراعاته لحاجاتهن النفسية والجسدية؛ وازداد عدد الأرامل بعد حرب الخليج والأحداث التى شهدتها المنطقة العربية فى ليبيا واليمن وسوريا؛ وللأسف معاناة الأرملة العربية فى تزايد مستمر سبب الفقر داخل تلك المجتمعات. 
وأضاف: السيدة عليها أن تتقبل ترملها والتآلف مع وحدتها، وتحمل أعباء عائلتها، وتقلع عن المتع الدنيوية، فالكل يحسب عليها حركاتها وسكناتها وهناتها، ويجب ألا تتجمل ولا تفكر فى إعادة تأسيس حياة جديدة، لأنه لا يجوز للأرملة أن تدخل مجتمع الرجال وإلاّ ستتهم بنكران الجميل للزوج الأول وعدم مراعاة مشاعر أهله، وعلى الرغم من كل التغيرات التى حدثت للمجتمعات العربية جراء العولمة والغزو الثقافى، فإن الموروثات الثقافية الشرقية لا تزال ثابتة ويؤمن بها المجتمع، موضحًا أنه فى المجتمعات العربية، يرونها ضعيفة، مكسورة الجناح ولا تستطيع أن تقوم بأى شيء بمفردها، ففقدان الزوج صدمة أولى فى محنة ليس لها أول من آخر، تقصف العمر ولا تطيله بسبب معاناتها التى تضاعفت، حيث تؤدّى دور الأم والأب معًا.
وطالب عبد السلام بضرورة وجود آليات للعمل على هذه الفئة، وتوفير الخدمات الضرورية لها، من مأكل ومشرب ومسكن ورعاية صحية، وبزيادة المعاشات المخصصة للأرامل حيث إن الصورة المثالية التى يرسمها المجتمع للأرملة هى أنها تعيش لتربية أبنائها فقط، وترفض الزواج بآخر، عكس ما يتوقعه المجتمع من الرجل. >