الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مدير المركز الثقافى الكورى: «سيول» هواها مصرى

مدير المركز الثقافى الكورى: «سيول» هواها مصرى
مدير المركز الثقافى الكورى: «سيول» هواها مصرى


لم يكن الشاب الكورى الجنوبى بارك جاى يانج، يعلم عندما بدأ يقرأ عن الحضارة المصرية القديمة فى إحدى المجلات المتخصصة والتى تحوى الكثير من المعلومات عن الآثار الفرعونية، أن معرفته بمصر لن تقتصر على الكتب فقط، ولا أنه سيصبح ذات يوم أشهر شخصية كورية فى مصر، غير أن شغفه بمصر دفعه لأن يأتى إليها طالبًا للدراسة بجامعة الأزهر، وظل بها حتى اليوم، ليصبح فيما بعد مديرًا للمركز الثقافى الكورى الجنوبى بالقاهرة.

تعلم «بارك» اللغة العربية كونه رأى فيها أداة لتعزيز التواصل والتفاهم مع المصريين، ودفعه انبهاره بالبلاغة التى لمسها فى اللغة العربية إلى دراسة موسيقى الألفاظ فى القرآن الكريم فكانت دراسته لنيل درجة الدكتوراه فى أصول اللغة من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر تحت عنوان «الألفاظ القرآنية فى كتاب بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز للفيروزا بادى المتوفى 817 هجريًا» - دراسة صوتية ودلالية.
يستمتع جاى يانج بالموسيقى المصرية بصوت أم كلثوم، التى وصفها بأنها (أعظم مغنية فى العالم العربى على الإطلاق)، فالقصائد التى تغنيها تذكره بأغانى «بانسورى» الكورية، وهو يعشق مصر لدرجة أنه لا يرغب فى مغادرتها.
خلال حوارنا معه لفت مدير المركز الثقافى الكورى إلى أوجه التشابه المتعددة بين الشعبين المصرى والكورى، مؤكدًا أن اختيار مصر لاحتضان أول مركز ثقافى كورى فى منطقة الشرق الأوسط له دلالات قوية فى العلاقات بين البلدين.
 فى البداية سألناه: ما السر وراء هذا الحضور الثقافى الكورى الكبير فى مصر؟
- يوجد اهتمام بالثقافة والعادات الكورية ولاسيما بين فئات الشباب، ويعود السبب فى ذلك إلى الدراما الكورية التى قدمت الحياة الاجتماعية فى كوريا والمتشابهة إلى حد كبير مع مصر، كما يشهد التبادل الثقافى بين مصر وكوريا تقدمًا كبيرًا.
الثقافتان الكورية والمصرية أصلهما واحد مصدرهما الثقافة الشرقية، والشعبان الكورى والمصرى يتشابهان فى أمور كثيرة منها الاهتمام بالأسرة فمثلا فى مصر تعتمد على نظام الأسرة، والاهتمام بتربية النشء، وهذا مهم جدا فى كوريا أيضًا، وعلى هذا الأساس يسهل تعريف ثقافتنا للشعب المصرى الذى يستوعبها بطريقة سهلة لأنه لا يجد فيها اختلافًا كبيرًا عن ثقافته.
وقبل ثلاث سنوات لم يكن هناك المركز الثقافى الكورى فى مصر، ولكن تم افتتاحه فى أكتوبر عام 2014 ومن خلاله نعرض أنشطة كورية ونعرف ثقافتنا للشعب المصرى فكان فرصة لإحداث طفرة كبيرة فى العلاقات بين البلدين.
 وهل هناك حضور مصرى مماثل ببلادكم؟
- بالطبع هناك تواجد ثقافى مصرى فى كوريا، فنحن ندعو سنويا الفرق المصرية وأيضا بعض الأفلام المصرية تعرض فى كوريا، وبالإضافة إلى ذلك هناك يوم مخصص للثقافة العربية ومصر تتواجد فيه بشكل كبير كل عام من خلال الفرق الفنية المصرية التى تتم دعوتها للمشاركة فى المهرجانات التى تنظمها المحافظات الكورية.
 ذكرت لى أن الشعب الكورى يحب مصر كثيرا.. ما السر؟
- بالطبع فالفن المصرى معروف جدا فى كوريا وبالأخص الفنان المصرى العالمى الراحل عمر الشريف، كما يعرف الكوريون عن مصر الكثير. نحن نعرف مصر جيدا حتى إن المجلات الخاصة بالأطفال تقدم معلومات عن مصر والثقافة الفرعونية، وعندما كنت طفلاً قرأت عن بلدكم، الناس عندنا تعرف أن مصر صاحبة الأهرامات وأبو الهول، ولهذا السبب يرغب الكوريون فى زيارة مصر لرؤية ما قرأوه عنها أو شاهدوه فى الأفلام.
 هل هذا يعنى أننا سنشهد زيادة فى نسب الوافدين من كوريا إلى مصر؟
- معظم الكوريين يرغبون بزيارة مصر لأنهم قرأوا كتبًا كثيرة عن الآثار الفرعونية ويريدون مشاهدة الأهرامات وأبوالهول، وإذا كان الأمر صعبًا فى الوقت الحالى، ولكن فى المستقبل ستكون هناك وفود كورية إلى مصر مع استقرار الأوضاع.
 جاءت دراستك لنيل درجة الدكتوراه تحت عنوان «الألفاظ القرآنية فى كتاب بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز للفيروزابادى - دراسة صوتية ودلالية» لماذا اخترت هذا الموضوع على وجه التحديد؟
- كان هذا تحديًا كبيرًا أمامى فاللغة العربية بالنسبة للدارس الكورى صعبة لاختلاف مخارج الحروف بين اللغتين، فالعربية لغة فخمة والقرآن الكريم يستعمل أفخمها لفظًا، وأعظمها وقعًا، فتستوحى من الدلالة الصوتية مدى شدتها، ولذلك درست ألفاظ القرآن الكريم دراسة صوتية فاللغة العربية مكونة من 28 حرفًا كيف تنطق الحروف ومخارجها وصفاتها هذا كان أساس دراستى.
 وهل واجهت صعوبات فى الدراسة؟
- بالطبع كانت الدراسة فى البداية صعبة جدا، فقد كانت أول مرة أدرس اللغة العربية بكل فروعها فى الكليات المصرية.
 وما أكثر الأمور التى أثرت فيك أثناء الدراسة؟
- من أهم الشخصيات التى أثرت فَّى شخصيا أستاذنا رحمة الله عليه الدكتور عبدالله ربيع كان مشرفًا على دراستى وهو أستاذ عظيم فى قسم أصول اللغة وقد تعلمت منه الكثير.
 تبدو مصريًا وسبق أن قلت انك تحب الرموز الفنية المصرية مَنْ علِى وجه التحديد؟
- أسمع أم كلثوم كثيرا وأحب ألحان الأغانى والتى تذكرنى بالموسيقى الغنائية الكورية (بانسورى) فالإنصات لـ «أم كلثوم» هو فى الأساس معايشة لقصة إنسانية وفى كوريا أيضا نفس الشيء البانسورى قصائد غنائية تعتمد بالأساس على قصص إنسانية عاطفية ويعبر المطرب أو المطربة عن مشاعرهم من خلال هذه الأغانى.
 فى تقديرك ما أبرز أوجه الشبه بين المجتمعين الكورى والمصري؟
- هناك الكثير من أوجه الشبه, أبرزها الاهتمام بالترابط الأسرى والحفاظ على الفتاة والعادات والتقاليد، فالمجتمعان شرقيان، كما يوجد تشابه أيضا فى أن بعض الأسر الكورية تفضل إنجاب الذكور كما هو الحال عندكم فى مصر.
 هل كثرة الإنجاب موجودة فى الثقافة الكورية؟
- لا هذا ليس موجودًا فى الثقافة الكورية، الشباب المتزوج حديثا لا يركز على الإنجاب والأسر الكورية تفضل إنجاب طفل واحد أو اثنين بحد أقصى، ولذلك هناك انخفاض فى نسب المواليد فى كوريا، وبالتالى نحن نعتبر أسرع دولة فى انخفاض تعداد المواليد على مستوى العالم.
فى رأيى الشخصى لابد من إنجاب طفل أو طفلين للحفاظ على الدولة وأمنها، لكن فى المقابل الدول تحتاج للقوة البشرية لتواصل تقدمها، فى مصر مثلا يمثل الشباب %40 من السكان، وهو ما يمثل إمكانيات كبيرة وعنصر قوة فى حال تشغيلهم، أما فى كوريا فنسبة الشباب لدينا منخفضة، وبالتالى الوضع عندنا كالمثلث المقلوب.
 حققت التجربة الكورية نجاحًا كبيرًا بفضل نهضة تعليمية مميزة، ما الذى تحتاجه مصر فى هذا المجال؟
- ليس هناك فرق كبير بين البلدين، فالأسر فى البلدين تركز على التعليم، فإذا تحدثنا مثلا عن ظاهرة الدروس الخصوصية فى مصر سنجد أنها ظاهرة موجودة فى كوريا أيضا لأن الأسر تركز على التعليم من أجل حصول أبنائهم على فرص عمل جيدة فى المستقبل. الأب يريد أن يُعَيّش أبناؤه فى مستوى أفضل منه، ولذلك التعليم هو شاغل الأسر فى كل من مصر وكوريا، وما يميز كوريا اعتمادها الشفافية فى المنافسة, أى أن الشاب الكورى الذى يحصل على تعليم جيد يجد وظيفة جيدة تنتظره بعد التخرج والفرص متاحة للجميع بالتساوى، وذلك يعتمد على الكفاءة ولا مجال للوساطة أو المجاملات.
 كوريا تستقبل بصورة دائمة العديد من الطلاب والدراسين المصريين.. فى تقديرك هل هذا كاف أم يجب زيادة عدد المنح الدراسية للطلاب والدراسين؟
- كوريا تقدم منحًا سنوية على مستوى البكالوريوس والدكتوراه، ليس فقط فى مصر، ولكن على مستوى العالم، والمنح المقدمة فى مصر حتى الآن نسبتها معقولة، ولكن إن شاء الله تزداد نسبة هذه المنح فى المستقبل.