الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اليتامى سجناء فى حى المطرية!

اليتامى سجناء فى حى المطرية!
اليتامى سجناء فى حى المطرية!


تحولت دور رعاية الأطفال الأيتام فى مصر، إلى ما يشبه السجون، وتمارس داخلها كل أنواع التعذيب والإهمال الذى يصل إلى حد فقدان الطفل النزيل لأحد أعضاء جسده، فيعيش بعاهة مستديمة.
الأخطر من ذلك أن بعض دور الرعاية، ليس هناك من يشرف عليها، ويتركون شأنها لأهواء المشرفات عليها، لدرجة أن بعض المشرفات يستقبلن الشباب فى الدار بحجة أنه مدرس خصوصى! فضلاً عن سوء أخلاق الأطفال النزلاء الذى يكتسبونه داخل الدار، ولا يجدون من يقوّم سلوكهم.
ذهبنا إلى إحدى دور الرعاية التى من المفترض أنها ترعى الأطفال الأيتام، أو الآخرين القادمين من دور الأحداث لإعادة تأهيلهم، وتهذيب سلوكهم، ولكن ما وجدناه أن هذه الدار التى تسمى «الآمال الغالية» ليس هناك أمل فى إصلاح شأنها سوى الإغلاق، والتحقيق مع المسئولين عنها! الدار بالمطرية، فى مكان بعيد عن العيون، كأن أصحابها يتعمدون ذلك.
فى بداية الطريق، وأثناء السؤال عن عنوان الدار، وجدت أحد أهالى المنطقة يقول لى أن سمعة الدار سيئة، والمشرفات يستضفن الشباب بالدار! والأطفال يخرجون إلى الشارع طوال اليوم.
وصلت إلى دار «الآمال الغالية»، وفتحت لى الباب إحدى الفتيات الصغيرات، وهى ترتدى ملابس البيت، فسألتها عن المشرفة، فطلبت منى الانتظار قليلاً، ثم بعد لحظات حضرت المشرفة واسمها هيام جمال، تبلغ من العمر 24 عامًا، وهى طالبة بكلية الآداب جامعة عين شمس، فى التعليم المفتوح- على حد قولها!
ما إن دخلت الدار حتى وجدت حجرة بها شاب يرتدى «تريننج» رياضى، يحتسى الشاى، فنظرت إلى هيام، فقالت إن هذا الشاب هو «مستر محمد» مدرس اللغة الإنجليزية، يعطى الأطفال الدرس! ثم وجدت قطعًا من الملابس الداخلية الحريمى على المقعد بغرفة الجلوس، أخفتها هيام بسرعة، بعد أن رأتنى أنظر إليها!
قلت لهيام إننى عضوة بإحدى الجمعيات الخيرية، وأريد التبرع للدار، وعلمت منها أن الدار ترعى أحد عشر طفلاً وطفلتين، تتراوح أعمارهم من ثلاثة إلى أربعة عشر عامًا، وتبلغ مساحتها 140 مترًا.
وأضافت هيام إن الدار لها ترخيص من وزارة التضامن الاجتماعى، ويتم الإشراف عليها بمعدل شهرين، وأنها تشرف عليها ومعها «ناهد»، ويسمونها «الأم ناهد»، وهى حاصلة على دبلوم تجارة، و«تقى» الطالبة بكلية الألسن، وقالت هيام أن الدار لها فرعان آخران، للبنات، والأطفال الرضع.
وأكدت هيام أن الدار لا تتبنى الأطفال، ولكنها تتيح الفرصة لمن يرغب فى كفالة طفل يتيم أثناء تواجده بالدار، وأشارت إلى أن الزائر يمكنه اصطحاب الطفل لمدة يوم بعد أن يترك بطاقته، ولكن إذا كان الزائر يتمتع بثقة الدار.
وعندما عرضت هيام الأطفال علىَّ، وجدت حالهم لا يسر عدوًا ولا حبيبًا، فالإهمال واضح عليهم، وعلى ملامحهم، وأحدهم على وجهه أثر لجرح قديم، قالت عنه هيام إنه حاول إلقاء نفسه من الدور العاشر بالعقار!
ورأيت طفلاً آخر يرى بعين واحدة، والأخرى تحتاج إلى تركيب عدسة ستكلف مبلغًا كبيرًا، كما قالت لى هيام، التى أضافت أن اسم هذا الطفل زياد، وهو أتى إلى الدار بهذه العاهة.
هيام أكدت أن الدار لديها طبيب وعاملة نظافة، وأخرى مسئولة عن الطهى!
وحكت لى هيام عن أحد الأطفال الذى يبلغ من العمر 8 سنوات، وقالت لى إنه مصاب بالشذوذ الجنسى، وآخر تم فصله من المدرسة لسلوكه العدوانى، وقالت أنها لن تقدم أوراقه فى أى مدرسة أخرى، لأنها ليست مستعدة «للبهدلة» على حد قولها.
هيام أكدت أنها متفرغة تمامًا للدار، ومقيمة بها، فى حين أننا سألنا أهل المنطقة عنها فأخبرونا أنها تمتلك محل كوافير، تديره بشكل يومى، وتستعد لافتتاح فرع آخر بشارع المطراوى.
وأخبرتنى هيام أن هذه الدار تم التبرع بها، والمسئولة عنها سيدة اسمها الحاجة هناء، وقالت إن الدار تحتوى على غرفة واحدة بالطابق العلوى، ينام بها الأطفال، وتحتوى على سريرين بطابقين، رغم أن الأطفال 11 ولدًا وبنتين تبلغ إحداهما 14 عامًا وغرفة أخرى بها سريران للمشرفات.
الدار بها إهمال واضح من حيث النظافة ومليئة بالعديد من الحشرات، وهى تم إنشاؤها فى عام 2005، وترخيصها صدر فى العام .2008
تقول هناء أنها تتقاضى 400 جنيه راتبًا شهريًا من الحاجة هناء صاحبة الدار، وتتقاضى الأمهات الآخريات راتب 300 جنيه فقط.
تتبع دار «الآمال الغالية» دار أخرى تسمى «صحبة الرسول فى الجنة»، مخصصة للبنات، صحبتنى إلى هناك الحاجة «نحمده»، التى قدمت نفسها لى باعتبارها مسئولة الصندوق المالى بالدار، وقالت إن المشرفة على دار «صحبة الرسول فى الجنة» أم هيام مشرفة دار «الآمال الغالية» للأولاد.
أول ما يبدو على كلام أم هيام أنه متناقض تمامًا مع كلام ابنتها، فقد أكدت لنا أنه لا يوجد بالدار مشرفات أخريات غير أم تقى، التى تتولى شئون النظافة والطهى وتعليم الأطفال، لأن الإمكانات لا تسمح بوجود عاملات أخريات، وقالت أم هيام أن الدار لا يأتى لها تبرعات نهائيًا من التضامن الاجتماعى، وتعتمد على التبرعات الفردية.
وأكدت أم هيام أنها لا تحصل على أجر نهائيًا، وأنها مقيمة دائمًا بالدار لأنها منفصلة عن زوجها.
تحتوى الدار على تسع بنات تتراوح أعمارهن ما بين 5 إلى 14 عامًا، كما قالت أم هيام، التى أشارت إلى أن نقل البنات إلى المدرسة عن طريق «التوك توك»!
وفى جولة روزاليوسف داخل دار البنات، وجدنا أنها تحتوى على غرفتين، كل واحدة بها 3 أسرّة ذات طابقين.
ووجدنا بالدار طفلتين تعانيان من إعاقة، قالت لنا أم هيام أن الطفلتين دخلتا الدار بهذه الإعاقة، وأضافت أن الدار لا تحتاج إلى سيولة مادية فقط، ولكن إلى بطاطين أو أجهزة أيضًا.
ولاحظنا سوء الحالة الصحية للأطفال، وعندما سألنا أم هيام قالت أن الدار ليس بها طبيب يشرف على صحة البنات النزيلات.
وأضافت أم هيام أن الدار تتكفل بأكثر من أسرة وفقًا لشروط الشئون الاجتماعية، وقالت أنها تختار الاسم الأول للطفل، فى حين تستخرج الحكومة شهادة الميلاد عن طريق إحدى الإصلاحيات بالقطامية، وهذا ما يناقض كلام الحاجة «نحمده» التى ذكرت أن شهادات الميلاد تستخرج من المهندسين!
∎ عمر يسأل: أنا بلال والا عمر؟!
تقول «غادة.م» إحدى المترددات على الدار المخصصة للأولاد، إن الدار بها إهمال ملحوظ وغموض، وأكدت لنا أنها التقت هناك بطفل يسمى عمر، حدثها عن أشياء مريبة تحدث معه منها الضرب والإهانة.
وأضافت أنها فوجئت به ذات يوم يسألها: هو أنا اسمى بلال والا عمر؟! فسألته لماذا؟ فقال لها إن اسمه فى المدرسة بلال! وقالت غادة: عندما بحثت فى أمر الطفل عمر، ذهبت إلى المشرفة هيام، وطلبت منها الأوراق الخاصة بعمر لكى أتكفل به، فأعطتنى ورقًا يثبت دخوله الدار منذ أقل من عام باسم عمر، ثم شهادة ميلاد باسم بلال لأب وأم وهميين، تم إصدارها فى عام ,2011 وبعد ذهابى إلى السجل المدنى، علمت أن ذلك لا يجوز قانونيًا، ويعتبر خلطًا للأنساب، لأنه ينسب الطفل إلى أب وأم غير حقيقيين.
وأضافت غادة أنها لاحظت بعد فترة اختفاء عمر من الدار، فلما سألت عنه قالوا لها إن إحدى الأسر تستضيفه، وبعد فترة أخرى عاودت السؤال عنه، وأصرت، فقالوا لها فى الدار «بصراحة رجعناه الإصلاحية»! فى حين أن أحد أصدقاء عمر قال إن عمر هرب، والمشرفة قالت للأطفال «مايقولوش لحد على هروبه».
 
وأكدت غادة أن الطفل زياد كان يعانى من ضعف بشبكية العين، ومع الإهمال فقد عينه، وأن طفلة أخرى أصيبت فى حادث، تم تركيب شريحة لها، وعندما أصررت على علاجها، رفضت المشرفة بحجة الامتحانات، فكانت النتيجة أن الشريحة أصابها الصدأ، وتدهور الوضع إلى حد يمكن بتر ساق الطفلة!∎