الأحد 20 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأسير المقدسى المحرر خليل سرحانة قضيت نصف عمرى بجحيم السجون الإسرائلية وأنتظر حبيبتى من 23عامًا "الحلقة 10"

لكل أسير قصة بطولة وفداء وخليل سرحانة أسير قضى نصف عمره بسجون الجحيم الإسرائيلية وقلبه بالخارج، فى قصة حب أسطورية مع حبيبته نورة التى داعبها صغيرة وتعلق بها فتاة ثم شابة وأحبها طوال 23 عامًا من خلف الأسوار، سجن هو وشقيقيه وأبعد عن الوطن وعن الحب وينتظر أن يجمع القدر بينه وبين حبيبته ويتمنى شفاء أمه المريضة وتفاصيل أخرى فى حواره مع «روز اليوسف».



 

يحكى عن طفولته

لم تكن لى طفولة كباقى الأطفال فى العالم، وكانت طفولتى مقسمة بين مدينة القدس ومدينة بيت لحم (مخيم الدهيشة) لم نكن نشعر بطفولتنا ونمارس طقوس الطفولة ولم نكن نشعر بالأمن والأمان بسبب سياسة الاحتلال القمعية والتضييقات التى تعيشها المخيمات الفلسطينية بشكل خاص. 

وتشمل ما فيها الاعتداءات على الأطفال تصل إلى الاعتقال، أو الإصابة، أو الاستشهاد . 

ولا أنسى استشهاد رفيقى (بسام الغروز) فى عمر العاشرة وقتله بالدم البارد، لم يكن قتل بسام فقط فى ذلك اليوم، بل كان قتل للطفولة والبراءة بداخلى ومن هنا أصبح لدى دوافع للانخراط فى مقاتلة ومواجهة هذا الكيان الصهيونى.

 وحول نشأته وأسرته يقول الأسير المحرر خليل سرحانة: 

أنتمى لأسرة كباقى الأسر الفلسطينية المهجرة (قرية عجور 1948) حيث كنا 12 طفلًا داخل الأسرة، كنا نتمتع بحياة بسيطة كباقى العائلات الفلسطينة لا تخلو من منغاصات الاحتلال. كما انخرطنا أنا وأثنين من إخوتى بالعمل النضالى فى انتفاضة الحجارة، حيث أن أشقائى كانو أكبر منى، أن وشقيقى إبراهيم وموسى كانا معى فى السجن حيث إبراهيم كان محكومًا عليه بالسجن المؤبد لـ٦ مرات 50 سنة وأخى موسى مؤبد واحد. وأيضاً أخى إبراهيم كان مصابًا بالانتفاضة قبيل اعتقاله، وكانت أيضًا زوجة إبراهيم أسيرة محررة قضت بالأسر 10 سنوات وخرجت بصفقة وفاء الأحرار 1 عام 2011. 

عن قصته مع الحب والمرأة 

قصة حب من خلف القضبان.. حتى تحرر الأسير المقدسى خليل سراحنة ابن كتائب شهداء الأقصى فتح ضمن صفقة طوفان الأحرار بين إسرائيل وحركة حماس. 

...وحول قصة حبه يقول الأسير المقدسى خليل سرحانة: إن حكاية خليل ونورة تحمل فصولا كثيرة من الحب والمعاناة.. الأمل والألم.. الفرحة والغصة.. فهى التى انتظرت خليل طويلا وقبلت أن ترتبط بأسير محكوم عليه بالسجن مدى الحياة.

لذلك لم تستطع أن تعبر عن فرحتها بتحرر خطيبها من السجن المؤبد مع شقيقيه موسى وإبراهيم، إلا أن قدر خليل كان الإبعاد عن الوطن فى حين كان نصيب أخويه أن يطلق سراحهم إلى مخيم الدهيشة فى بيت لحم حيث يسكنون.. بل لأن خليل سيودّع خلفه رفيق دربه المحكوم بالمؤبد ربيع ربيع «شقيق نورة»  بعد أن عادت البسمة إليها بعد تحرر شيقيقها وحبيبها لكن والدتها المريضة التى ترقد فى المستشفى منذ أشهر وهى التى كانت تنتظر فلذة كبدها ربيع مع دفعات المحررين تباعًا

ومازال الأسير المحرر خليل ينتظر صور اللقاء الأول الذى سيجمعه بخطيبته التى ودّعها طفلة يحملها ويلاعبها، ثم كبرت أمام عينيه من وراء زجاج غرفة زيارات سجن رامون الإسرائيلى وغيره من السجون ليرتبط بها صبية وليلتقيها الآن زوجة!! حاله حال الكثيرين من أبناء الشعب الفلسطينى.

حول تجربة التعليم فى الأسر

أضاف سرحانة: حصلت على درجة البكالوريس فى العلوم السياسية، حيث مرت العملية التعليمية فى داخل المعتقل فى عدة مراحل وظروف تصعب على الأسير متابعة دراسته، حيث تعرض الأسرى فى 2011 لمنع عملية الدراسة، بسبب ما أسموه بقانون شاليط ( الأسير الإسرائيلى ) حيث تم منع الأسرى من الدراسة فى الجامعة العبرية، وقامت الحركة الأسيرة آنذاك بالتواصل مع إدارة الجامعات الفلسطينية سرًا، وقامت إدارة السجون بإدخال وحدات قمع لسحب الكتب أو أى شىء يتعلق بالعملية التعليمية . حيث كان هدفها أن تبقى الأسرى مجرد أرقام فى السجون. ولكننا ناضلنا من أجل إتمام مراحل التعليم والمحافظة على جيل متعلم رغم كل الظروف والصعاب داخل المعتقلات الفلسطينية. وإنتاج كوادر من داخل السجون ولا ننسى بأن معظم القيادات الفلسطينية هم أسرى محررون.

وعن ذكرياته مع قيادات المقاومة أكد الأسير المحرر بأن كل من دخل المعتقل الإسرائيلى هو بطل بحد ذاته، وإنه التقى بأشخاص سبقوه إلى النضال وأمضو أكثر من 40 عامًا داخل السجون ومنهم الأسير كريم يونس حيث أمضى 40 عامًا ونائل البرغوثى والراحل يحيى السنوار وغيرهم ممن أمضوا أكثر من أعمارهم فى السجون منهم من تحرر ومنهم من لا يزال ينتظر موعد الحرية. 

ولم ينس الأسير «موفق عروق» حيث إنه يبلغ من العمر 82 عامًا وقضى 23 سنة بالأسر وهو مصاب بمرض السرطان ووضعه الصحى خطير جدًا. وتمنى من المقاومة وضعه فى المرحلة القادمة من تبادل الأسرى وإنقاذ الأسرى كبار العمر وخاصة المرضى.

وحول بداية الانخراط فى أعمال المقاومة ثم الأسر، يقول الأسير المحرر خليل سرحانة 

 منذ بداية الانتفاضة الأولى وأنا فى ريعان شبابى انخرطت فى المقاومة   

لم نعتقل أنا وإخوتى فى نفس اليوم، حيث قرأت فى إحدى الصحف عن اعتقال أخى إبراهيم وزوجته والاعتداء عليه بوحشية، وبعدها بعدة أيام تم اعتقال أخى موسى والاعتداء عليه أيضًا وفى ذلك الوقت كنت مطاردًا من جيش الاحتلال وتم اعتقالى فى 2002 وتم الحكم علىَّ بالمؤبد و20 عامًا. وكان عمرى 23 عامًا، وكان وضع السجون فى تلك المرحلة يفتقد لأدنى مستلزمات الحياة وأبسط الحقوق الإنسانية لم تكن متوافرة، حيث كنا ننام على الأرض ولم يكن مسموحًا بإدخال الملابس، وفى عام 2004 قمنا بإضراب عن الطعام (الأمعاء الخاوية) لمدة 40 يومًا وعرضنا حياتنا للخطر فى تلك الفترة من أجل تحقيق بعض المطالب والاحتياجات الأساسية. وفى التحقيق كان العنف بكل أشكاله يطبق علينا والتنكيل بينا بكل الأشكال وبأوقات مختلفة وساعات تحقيق طويلة تصل إلى أكثر من 20 ساعة يوميًا بدون السماح بالنوم أو الراحة أو تناول الطعام والشراب، أو حتى دخول.. الحمام.. وأحيانًا أخرى يتم إدخال كلاب مدربة لمهاجمتنا وأيضًا وضعنا فى غرف تسمى غرف العزل حيث تكون لا تصلح لعيش الحيوانات وتكون مظلمة. وكل يوم تتنوع الأساليب العقابية التى كانت تستخدم ضدنا فى التحقيق.

أما بالنسبة للعلاج فكان زيادة عبئ على الأسير المريض ولا يتم تقديم العلاج له إلا بإعطاء أحيانًا حبة مسكن لجميع الآلام والمشاكل الصحية التى يعانى منها الأسرى. 

ويصف الأسير المحرر خليل سرحانة

الزيارات الأسرية بأنها أحيانًا تكون عقابًا للأسير أو أهله حيث يمضى أهالى الأسرى عدة ساعات للوصول إلى السجن وعند وصولهم يتم إبلاغهم بأنه لا يوجد صلة قرابة بينهم وبين الأسير وبجانب العديد من أساليب معاناة الأسرى فى الزيارة التى تبدأ أولاً فى خروج الأهالى فى ساعات الصباح الباكر ومكوثهم على الحاجز لعدة ساعات ويتعرضون لتفتيش مهين وفى كثير من الأحيان للتفتيش العارى سواء كانو كبارًا أو صغارًا أو نساءً أو رجالًا وعند وصولهم لساحات السجن ينتظرون بالساعات لدخول الزيارة ويتعرضون أيضًا لتفتشيات قاسية.

 وأنه كأسير أمضى 23 عامًا من الأسر أنا وأشقائى لا ينسى كمية المعاناة التى كان يتعرض لها والدى حيث كان هو وأشقاؤه فى سجون مختلفة وأيضًا كانت زوجة أخيه إبراهيم أسيرة وكان والداه يزوران أربعة سجون فى أربعة أيام متتالية ومع تقدم والده بالعمر أصبح من الصعب زيارته وزيارة أشقائه ومن بعدهم أصبحت أخته عائشة تزوره حيث كانت حلقة الوصول بينى وبين أسرتى، كما كانت تساعد فى إدخال أغراض أساسية لباقى الأسرى المحرومين أهاليهم من الزيارة، كما تعرضت أختى لا استشهاد ابنها محمد منفذ عملية القدس ابن 16 عامًا والآن حتى بعد خروجى واصلت رحلت كفاها واستلمت الراية من زيارة السجون إلى زيارة الدول.

 ويرى الأسير المقدسى المحرر خليل سرحانة أن محاولة تهجير أهالى غزة بعد مقترح ترامب بحق الهجرة هو للضغط على المقاومة لاسترجاع جنوده دون تبادل وإخراج المقاومة من غزة وتفكيك السلاح لكن لن يحدث هذا بصمود أهلنا فى غزة وتضحياتهم المستمرة وصمود المقاومة الجبارة فى التصدى للاحتلال وجرائمه وفى النهاية سوف يخضع للتبادل والانسحاب من غزة وبإذن الله ستعمر وترجع غزة من جديد.

ويصف سرحانة الموقف المصرى بأنه موقف شجاع وساعد فى صمود أهلنا فى غزة وهو الذى غير مجريات الأحداث والاقتراحات بشأن تهجير سكان أهالى غزة وكان ورقة رابحة وداعمة فى نفس الوقت لأهالى غزة لو لم ترفض مصر التهجير القسرى لكانت القضية الفلسطينية وما قدمته غزة من تضحيات وشهداء فى مهب الريح. فليس بالغريب على دولة مصر الشقيقة بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطينى عبر تاريخ القضية لوقتنا الحالى.

 أما بالنسبة للعالم الحر أو ما يسمى نفسه العالم الديمقراطى الذى يتغنى بحقوق الإنسان ويطالب بها. أين هم من حقوق الإنسان فى ظل ما يحدث فى غزة من انتهاك للإنسانية؛ من انتهاك للطفولة، وانتهاك لحرمات البيت، أين العالم فى ظل ما يحدث من جرائم لم تحدث فى أى زمان وأى حرب على مر السنين لوقتنا الحاضر، فما تشهده غزة اليوم إبادة إنسانية على مرأى ومسمع من الجميع وأن النصر سيكون ليرتاح الشهداء وأهل العزة فى غزة.