الثلاثاء 2 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

القاهرة تعود لدورها القيادى بعد الثورة مصـر صوت وقلب جديد لإفريقيا

شهدت العلاقات المصرية الإفريقية زخمًا غير مسبوق، على مدار السنوات الماضية، انعكس فى وتيرة عالية تمثلت فى الزيارات الرفيعة على مستوى القمم والمستويات الوزارية وكبار المسئولين، وتعزيز التعاون الثنائى بين مصر والعديد من الدول والمنظمات الإفريقية، فضلًا عن الحضور المصرى الفاعل فى جميع الفعاليات والمؤتمرات لتعزيز العلاقات وتنسيق المواقف.



وعلى مدار 10 سنوات أطلقت الدولة المصرية خطابا سياسيا جديدا ومختلفا ساهم فى عودة مياه العلاقات المصرية الإفريقية إلى مجاريها وأعلت الدولة المصرية من مبادئ التعاون الإقليمى والمساهمات فى برامج الاتحاد الإفريقى وعملت على تنمية دول القارة عموما ودول حوض النيل خصوصا، وتم إيفاد آلاف الخبراء والمختصين فى عشرات المجالات واستقبال الآلاف من الأفارقة للتدريب فى المعاهد والأكاديميات المصرية.

كما تنوعت مجالات واهتمامات «الصندوق الفنى للتعاون مع إفريقيا» التابع لوزارة الخارجية وفى 2013 علق الاتحاد الإفريقى عضوية مصر بالاتحاد لكن بعد عام مع تولى الرئيس السيسى أنهى الاتحاد تجميد عضوية مصر، واستأنفت حضورها ونشاطها فى العمق الإفريقى إذ كللت جهودها بترؤس الاتحاد الإفريقى فى دوراته عام 2019.

وفى عام 2016 فازت مصر بعضوية غير دائمة فى مجلس الأمن الدولى للمرة السادسة خلال العامين 2016-2017، كما فازت بأغلبية ساحقة بعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقى للفترة 2020- 2022.

وفى عام 2016 فازت مصر للمرة الأولى بعضوية مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقى لـ3 أعوام وبعدها بعام أى 2018، وشاركت مصر فى الدورة 31 لقمة الاتحاد الإفريقى فى العاصمة الموريتانية نواكشوط، وفى 2020 فازت مصر بأغلبية ساحقة بعضوية مجلس الأمن والسلم الإفريقى للفترة حتى 2022.

 3 مراحل

مرت العلاقات المصرية الإفريقية بثلاث مراحل؛ الأولى فى زمن الرئيس المصرى الأسبق، جمال عبدالناصر، حيث ساند الثورات التحررية وبلغت الدبلوماسية المصرية شأنا عاليا فى ذلك الوقت، وحققت مصر مصالح استراتيجية فى العمق الإفريقى. بعد مرور 11 عام على ثورة 30 يونيو 2013، تأكد للجميع أن الدور المصرى، عاد على كل الصعد والمستويات، بداية من الدائرة الإفريقية، مرورًا بالدوائر الإقليمية والدولية، هذا الدور، كان قد غاب نتيجة لحالة عدم اليقين السياسى والاقتصادى التى مرت بها مصر منذ عام 2011، وها هى مصر تتبوأ مكانتها الكبيرة بين الكبار سواء على المستوى الإقليمى أم الدولى، ويعود الفضل فى هذا التوجه إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى رسم سياسة خارجية تقوم على مجموعة من الثوابت والمحددات، أبرزها العمل بالوسائل السلمية والسياسية، بعيدًا عن الوسائل الخشنة المتمثلة فى الصراع والحروب والتهديدات، وإشعال الفتن والحرائق بين الدول أو داخل الدول الأخرى.

كما انتهجت مصر سياسة تقوم على الالتزام الكامل بالقوانين الدولية، خصوصا القانون الدولى الإنسانى، والبحث عن مساحات التعاون واستكشاف الفرص مع الدول والشعوب الأخرى، ناهيك عن بذل مصر كل ما تملك من أجل دعم ومساعدة الدولة الوطنية، خصوصا فى العالم الإفريقى، وكل ذلك بهدف تحقيق مجموعة من الأهداف، هى حماية الأمن القومى المصرى، وتعزيز العلاقات المصرية مع الأشقاء الأفارقة، وكل الأصدقاء فى المجتمع الدولى، وهو ما أثمر عن حضور طاغ للدولة المصرية فى كل الملفات الإفريقية. 

صانع القرار

وأصبحت العلاقات مع دول القارة السمراء مرتبة ومتقدمة على أجندة صانع القرار المصرى، وهذا الأمر تجلى فى مشاركة السيسى فى قمتى الاتحاد الإفريقى بغينيا الاستوائية وأديس أبابا، فضلا عن الجولات الإفريقية التى قام بها رئيس الوزراء المصرى السابق، المهندس إبراهيم محلب إلى دول إفريقية، واستنهاض الهمة المصرية فى إقامة المشروعات الحيوية للأفارقة مثل سد تنزانيا. تبعا لذلك، كان من الطبيعى إذن أن تتحول القاهرة، وفى غضون 11 عاما إلى قلب جديد للقارة الإفريقية، ربما يضاهى وينافس جنوب إفريقيا، ولا يكاد يمر شهر من شهور السنة من دون زيارة رئيس إفريقى أو مسؤول كبير لمناقشة خطوط التعاون الثنائى مع مصر، وعادت الأكاديميات العسكرية والأمنية المصرية محجا لكبار ضباط القوات المسلحة، وقوات الشرطة من كافة الدول الإفريقية. 

وبدأت مصر عهدا جديدا فى علاقاتها مع قارتها الأم بعد ثورة 30 يونيو 2013، حيث اعتمدت السياسات والتفاعلات المصرية مع دول وشعوب القارة على إدراك واقعى لطبيعة العلاقات والمصالح التى تجمع بين مصر وشقيقاتها من الدول الإفريقية، وتأكيد الانتماء الإفريقى للدولة المصرية، وتقدير واعٍ لأهمية التعاون والتقارب بين شعوب القارة لمواجهة التحديات والمصير المشترك فى ظل التطورات المتلاحقة التى تشهدها أجزاء مختلفة من القارة التى انعكست على حالة الأمن والتنمية وأسفرت عن موجة شرسة من التنافس الخارجى بين القوى الدولية والإقليمية لاستغلال مقومات القارة. تعظيم وترسيخ دور مصر الريادى فى القارة الإفريقية وتحقيق طفرة كبيرة فى العلاقات مع دول القارة الأم بفضل جهود ورؤية القيادة السياسية التى حددت أهداف العلاقات الخارجية لمصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو.. فخلال 11 سنة نجحت مصر السيسى فى إصلاح بوصلة العلاقات المصرية الإفريقية وتوجيهها باتجاه المستقبل استنادًا لمؤشرات الماضى وإحداثيات الجغرافيا.. بوصلة تستمد، فى دقة وقوة، مؤشرها من طفرات متسارعة غير مسبوقة فى التنمية تشهدها كل بقعة فى أرض مصر تمهد بها الطريق لجمهورية مصر الجديدة.. شملت التحركات المصرية لتدعيم العلاقات مع دول وشعوب القارة الإفريقية العديد من الملفات التى حاولت الدولة المصرية من خلالها تحقيق التوازن بين القدرات والمصالح المصرية والطموحات الإفريقية.

وبرزت فى هذا الإطار مجموعة من الأدوات التى عبرت فى مجملها عن تطور فى الرؤية المصرية حول علاقاتها مع نظيراتها الإفريقية، وكانت أداة الزيارات والاجتماعات المشتركة من أهم أدوات التفاعل بين الجانبين، حيث حرصت القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى على القيام بزيارات مختلفة لدول القارة وحضور الفاعليات التى تجمع القادة الأفارقة والمشاركة فى تطوير حلول للأزمات والمشكلات الإفريقية. كما استقبلت القاهرة خلال السنوات السبع الماضية العديد من القادة والمسئولين الأفارقة، فلم يمر شهر بدون زيارات متبادلة بين مصر ودول القارة. 

وجاءت رئاسة مصر للمنظمة القارية فى عام 2019 لتحمل فرصًا جديدة لتفعيل الحضور المصرى فى جميع القضايا الإفريقية المشتركة، ولتعبر مصر من خلال هذه الرئاسة عن رغبتها فى التقارب مع جميع الدول الإفريقية وتحملها لمسئولياتها إزاء نظيراتها ودعمها للمصالح الإفريقية سواء داخل القارة على المستوى الثنائى وكذلك على المستوى الجماعى وعبر منظماتها الإقليمية والإقليمية الفرعية، أو من خلال المشاركة فى الفاعليات الدولية التى تتم عبرها مناقشة قضايا القارة وعلاقاتها مع المجتمع الدولى، وقدمت مصر خلال هذا العام العديد من المبادرات. كما عملت مصر على تقديم الدعم إلى الدول الإفريقية فى العديد من المجالات، ومن أهمها المجال الأمنى والعسكرى، حيث حرصت على تطوير قدرات الجيوش الإفريقية خاصة فى مناطق الاضطرابات فى الساحل الإفريقى. ومن خلال تجمع الساحل والصحراء قدمت مصر العديد من المبادرات للتدريب الفردى والمشترك والمنح للطلاب فى الكليات العسكرية. وكان إنشاء منظمة لمكافحة الإرهاب فى دول التجمع، يكون مقرها القاهرة، من أهم ثمار التحركات المصرية التى توسعت خلال الشهور الأخيرة ليشمل التعاون العسكرى عددًا من دول حوض النيل، يضاف إلى ذلك التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة مع السودان. كما سعت مصر إلى تطوير بنية السلم والأمن الإفريقى ودعمت مبادرة «إسكات البنادق» التى تعد جزءًا مهمًا من أجندة 2063 لتطوير القارة، وأولت إنشاء القوة الإفريقية الجاهزة أهمية كبيرة، واقترحت إنشاء وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب تحت مظلة القوة الأفريقية الجاهزة، حيث تمثل قضايا انتشار الجماعات الإرهابية والصراعات فى مناطق مختلفة فى القارة الإفريقية إحدى أهم القضايا التى حاولت مصر تقديم مبادرات للحد من تداعياتها ومنع تفاقمها.