الثلاثاء 2 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مصر استعادت زخم العلاقات وبناء الثقة مع القوى الأوروبية والأمريكية 30 يونيو صفحة جديدة فى العلاقات الدولية

فى مواجهة ردود الأفعال المتباينة الإقليمية والدولية تجاه مصر منذ ثورة 30 يونيو 2013، تمكنت مصر من إدارة سياستها الخارجية فى دوائر المصلحة الوطنية الخاصة بها، على النحو الذى ارتكز على رؤية استراتيجية ترمى إلى تحقيق هدفين من خلال توظيفها لعلاقاتها الدولية، أولهما كسر الحصار الذى فرضه الغرب على مصر، عقب التخلص من حكم جماعة الإخوان. أما الهدف الآخر، فتمثل فى إعادة بناء العلاقات الخارجية مع العالم على النحو الذى يخدم المصالح الاقتصادية للقاهرة.



وقد تباينت ردود الأفعال ما بين مواقف تحاول الانتقاص من شرعية النظام، بعد سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين، أو داعمة للموقف المصرى. عكست تلك المواقف أهمية التطورات الداخلية لمصر، وتداعياتها الإقليمية، مما يؤكد استمرار الوضع الإقليمى لها كدولة محورية على الرغم من تصاعد أدوار القوى الإقليمية الأخرى فى المنطقة. 

مسارات متوازية

جاء التحرك المصرى فى مسارات متوازية تشمل فتح علاقات جديدة بقوى أخرى خارج دوائر التحرك التقليدية لمصر، وعدم القطيعة مع الدول الأوروبية والأمريكية حيث سعت القاهرة إلى المشاركة فى قمم الاتحاد الإفريقى، والبرلمان الإفريقى، فى إشارة إلى استعادة زخم الدور المصرى إلى القارة الإفريقية.

بجانب ذلك، قامت بفتح علاقات جديدة مع بعض الدول (المجر، البرتغال، أذربيجان)، وتوطيد العلاقات مع إسبانيا لدعم علاقات التعاون فى المجالات العسكرية، بما عكس التوجه المصرى فى تنويع المصادر العسكرية، دون الارتكاز فقط للجانبين الفرنسى والروسى فى الدعم العسكرى.

كما استعادت العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن، فعلى الرغم من موقف إدارة أوباما المضاد لثورة 30 يونيو، والمسار السياسى المتولد عنها، فقد حرصت مصر على استمرار قنوات الاتصال بمختلف أجهزة ومؤسسات صنع القرار الأمريكى. إذ لم تتوقف زيارات وفود من الكونجرس الأمريكى لدعم مصر فى حربها ضد الإرهاب، فضلا عن زيارات بعض المسئولين العسكريين والسياسيين، مثل رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، ووزير الخارجية الأمريكى آنذاك جون كيرى، ورئيس اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية بلجنة الاعتمادات بالكونجرس.

يؤكد ذلك أيضا الملامح الأساسية التى تتعلق بالمكانة المركزية لمصر فى ظل تغيرات إقليمية متسارعة من جهة، وتلك المتعلقة ـ من جهة أخرى- بالعلاقات المصرية – الأمريكية، خاصة فى ظل ما شهدته العلاقات بين البلدين من توتر عقب ثورة 30 يونيو، مما يؤكد استمرار مركزية مصر فى السياسة الأمريكية الشرق الأوسطية من الناحيتين الأمنية والعسكرية، واستمرار التعاون بين البلدين فى مجال مكافحة الإرهاب.

 التوجه شرقا

نجحت مصر فى تعزيز مبدأ التوجه شرقًا من خلال الجولات الرئاسية لعدد من الدول الآسيوية، مثل كازاخستان، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتعزيز العلاقات مع دول البحر المتوسط كاليونان، وقبرص، وكذا علاقتها بالقوى الإقليمية الصاعدة كروسيا، والبرازيل، والهند.

واستعادت زخم العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبى كفرنسا وألمانيا، على أسس عسكرية واقتصادية، حيث شملت جولة الرئيس الفرنسى آنذاك فرانسوا أولاند بالشرق الأوسط مصر، وصاحبه وفد مكون من 30 من رؤساء الشركات الفرنسية الكبرى، والصغيرة، والمتوسطة، شاركوا فى منتدى الأعمال المصرى – الفرنسى، وتم توقيع نحو 19 اتفاقية تجارية فى مختلف المجالات الاقتصادية، والطاقة المتجددة، والنقل.

ونجحت القاهرة فى إعادة العلاقات المصرية - الألمانية على أسس اقتصادية وعسكرية، عقب سلسلة زيارات متبادلة بين الرئيس السيسى، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وجاءت هذه الزيارات لمصر فى إطار الاتفاق حول ترتيبات تتعلق بالأوضاع الأمنية والسياسية بالمنطقة، وتسوية الصراعات فى سوريا واليمن.

واستطاعت مصر بناء الثقة مع القوى الأوروبية والأمريكية من ناحية، وتأسيس علاقات شراكة مع قوى دولية متعددة، من ناجية أخرى، مما يعنى قدرتها على التحرر من القيود التى فرضت عليها منذ ثورة 30 يونيو. لكن لا تزال هناك تحديات تجابهها مصر لكن الفرص متاحة لمصر لمزيد من الانخراط فى طرح مبادرات فاعلة للتسويات المتعثرة للصراعات فى الإقليم.

صحف العالم

وخلال ثورة 30 يونيو، انتفضت صحف العالم وهاجمت جماعة الإخوان المسلمين حيث دافعت صحيفة «لو فيجارو» الفرنسية الليبرالية المحافظة عما حدث فى مصر، فى 30 يونيو 2013، حيث رأت أنه «من السخيف التحدث عن انقلاب عسكرى، والدفاع عن الإخوان، بحجة أنهم فازوا فى الانتخابات الرئاسية بطريقة شرعية.. بذلك يتم دعم إسلاميين يريدون تقديم أنفسهم على أنهم ضحايا انقلاب ومدافعون عن قيم ديمقراطية.. وهؤلاء أظهروا خلال العام (2012)، أنهم لا يدافعون عن هذه القيم إلا عندما تكون فى خدمتهم».

وتابعت الصحيفة الفرنسية، ما يحدث فى البلاد، عقب عزل الإخوان، حيث أشادت، بمشروع قناة السويس الجديدة، الذى افتتحه الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، منذ 5 سنوات، فى حفل هز العالم، وحضره عدد من رؤساء الدول، بـ«رئة الاقتصاد المصرى»، لما لها من عوائد اقتصادية إيجابية بحتة، وإنشاؤها يعد بمثابة البداية لتطور كبير، وسيزداد تدريجيًا كل عام.

وسلطت الصحيفة، الضوء على تعيين امرأة قبطية محافظًا لدمياط، للمرة الأولى فى التاريخ، وقالت الصحيفة: «تم تعيين منال عوض ميخائيل، محافظة لدمياط، وهى المرة الأولى التى يتم فيها اختيار سيدة قبطية لهذا المنصب، خاصة أن الأقباط يعتبرون أقلية فى مصر». 

كما تابعت «رويترز»، مؤسسة إخبارية دولية، لحظة بلحظة ما يدور فى مصر، ورصدت فى تقرير لها تحت عنوان «ماذا حدث فى مصر»، شعار الجماهير فى الشوارع «الجيش والشعب إيد واحدة».. خلال فرحتها الغامرة فى ميدان التحرير بوسط القاهرة ليلة سقوط حسنى مبارك، وكررته مرة أخرى عندما أطاح الجيش بالرئيس الإخوانى محمد مرسى.

تغيير فعلى

«السياسة المصرية تقف على أعتاب تغيير حقيقى» كان الوصف الذى تحدثت عنه مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية عن ثورة 30 يونيو، مشيدة بالتظاهرات التى حدثت، وأن هناك حجم معارضة ضخم ضد حكم الإخوان انتهى بالتغيير الفعلى.

وأوضحت أن الجماهير خرجت ضد حكم الجماعة وخلال الذكرى الأولى لتنصيب الرئيس الراحل محمد مرسى لإطلاق رسالة واضحة له بأن الأوان قد أتى للرحيل عن السلطة، وهو ما حدث بالفعل فى تلك الملحمة.

ووصفت المتظاهرين بأنهم خرجوا كالأمطار الغزيرة فى الشوارع والميادين، وأنه لم يستطع أحد إيقافهم لأنهم كانوا كالسيل والطوفان فى وجه جماعة الإخوان، موضحة دن مصر لم تشهد ثورات مماثلة خرجت بلا تخطيط مسبق.

أما صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية،فقالت إن الاحتجاجات فاقت وقتها ثورة يناير، وأن فشل الجماعة كان أمرًا محسومًا وقتها، واصفة ما حدث فى البلاد من مظاهرات هو توبيخ حاد للجماعة وحديثها عن انتصاراتها فى الانتخابات.

وتحدثت الصحيفة عن المقارنة بين الجيش المصرى وإدارة الرئيس الأمريكى وقتها باراك أوباما، والتى لم تقف فى صفوف الجماهير، وبالرغم وجود خلافات فكرية بين المعارضين للإخوان إلا أنهم توحدوا معًا ضد النظام الحالى، مختتمة رئيسيتها بأن الجماهير فى مصر عادت لتبهر العالم مجددًا بعد ثورة 25 يناير العام 2011.

ولم تختف الصحف البريطانية عن المشهد، إذ عنونت صحيفة «الإندبندنت» افتتاحيتها صباح يوم الانتصار بعد ثورة 30 يونيو، بإن ما حدث هو تحد للإخوان واستعراض للقوة الشعبية التى فاقت أعداد الذين احتشدوا للمطالبة بالإطاحة بحكم نظام حسنى مبارك.

وأكدت أن الإخوان يواجهون أكبر ثورة جماهيرية حاشدة، ويعيد الأمر ما حدث للرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، وأن الأمر انتهى بنفس المصير الذى واجهه من قبل احترامًا لإرادة الشعب حين أراد الحياة.

وعنونت يومها صحيفة «وول ستريت جورنال» رئيسيتها بـ«الثورة مجددًا»، موضحة أن المواطنين عادوا للميادين مجددًا، وأصبحت مصر بأكملها فى حالة ثورة ضد قيادة الإخوان الفاشلة، فى وقت يهدد فيه مرسى الجماهير، بما يعكس ضعف جماعته».

أما صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية، فتحدثت عن أن الإخوان دفعوا الجماهير إلى الاشمئزاز منهم والابتعاد عنهم بعد مرور عام على وصولهم للسلطة وجلوس رجلهم محمد مرسى على كرسى الحكم، والاحتجاجات الحاشدة المطالبة برحيله تعكس ديمقراطية جديدة.