مع كل تقدم روسى أوكرانيا تبتز الغرب حرب استنزاف المساعدات!

آلاء شوقى
«إن الغرب أثار أحدث عملية روسية فى منطقة «خاركيف» الأوكرانية بتجاهله تحذيرات «روسيا» بالسماح لأوكرانيا بمهاجمة منطقة «بيلجورود» الروسية المتاخمة للحدود».. هكذا علق الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» الأسبوع الماضى على التطورات الميدانية داخل «أوكرانيا»، حيث استطاع الجيش الروسى السيطرة على عدة بلدات جديدة.
المكاسب الروسية التى تحققت طوال الأيام الماضية، وتحديدًا الهجوم الروسى على «خاركيف»، الذى أدى إلى زيادة الضغط على الجيش الأوكرانى المنهك بالفعل، دفعت الغرب - بقيادة «الولايات المتحدة» - إلى تحريك المياه التى كادت أن تركد، فيما يخص دعم «أوكرانيا» فى مواجهة «روسيا».. وذلك بعد حالة جمود الدعم الغربى، إمام إنهاك آلة الدفع الغربية وخاصة الأوروبية، أو انزعاج الرأى العام الأوروبى من تفاقم الأوضاع الداخلية فى بلادهم جراء ارتفاع الأسعار، أو انشغال الحكومات بالعدوان الإسرائيلى على «غزة».
على كل، قامت عدة دول أوروبية -طوال الأسبوع الماضي- فى الإعلان عن صفقات جديدة، ودعم عسكرى إضافى جديد لكييف، بعد دفعة من «واشنطن» التى أعلنت يوم الجمعة الأسبق عن مساعدات عسكرية إضافية بقيمة 275 مليون دولار لأوكرانيا، ليصبح إجمالى حجم المساعدات المقدمة من «الولايات المتحدة» إلى «أوكرانيا»، منذ بدء العملية العسكرية الروسية فى فبراير 2022، ما يقرب من 51 مليار دولار من المساعدات العسكرية.
وقال -حينها- وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكن»، إن: «الحزمة هى جزء من جهود «الولايات المتحدة»، من أجل مساعدة «أوكرانيا» على صد الهجوم الروسى بالقرب من «خاركيف» مؤكدًا وصول المساعدات السابقة إلى الخطوط الأمامية من المواجهة على الأراضى الأوكرانية.
وأضاف «بلينكن» أنهم سينقلون هذه المساعدة الجديدة فى أسرع وقت ممكن، حتى يتمكن الجيش الأوكرانى من استخدامها فى المواجهات العسكرية مع الجيش الروسي؛ مشيرًا -فى هذا الصدد- إلى أن «الولايات المتحدة» و-ما وصفه- بالتحالف الدولى الذى شكلوه سيواصلان الوقوف إلى جانب «أوكرانيا».
وبالفعل، ما لبث أن أنهى وزير الخارجية الأمريكى وغيره من المسئولين الأمريكيين تصريحاتهم المتباهية بدعم «أوكرانيا»، حتى بدأ عدد من الدول الأوروبية فى الإعلان عن تقديم مساعدات عسكرية إضافية إلى «أوكرانيا».. حيث أعلنت الحكومة السويدية يوم الأربعاء الماضى أنها ستتبرع بمبلغ 13 مليار كرونة، أى ما يقدر بمليار و230 مليون دولار كمساعدات عسكرية لأوكرانيا، فى أكبر حزمة مساعدات تبرعت بها «السويد» حتى الآن، كما أنها تعد حزمة الدعم السادسة عشرة التى تقدمها «السويد» للجيش الأوكرانى منذ بدء الأزمة.
ومن المقرر أن تشمل المساعدات العسكرية معدات للدفاع الجوى، وذخيرة المدفعية، والعربات المدرعة.
وأوضح نائب رئيس الوزراء السويدى «إيبا بوش» أن المساعدات العسكرية الجديدة تتكون من معدات تقع على رأس قائمة أولويات «أوكرانيا».
ومع ذلك، أكد وزير الدفاع السويدى «بال جونسون» أن بلاده استبعدت -فى الوقت الحالي- إرسال أى طائرات سويدية الصنع من طراز (JAS 39 Gripen) إلى «أوكرانيا»؛ موضحًا أن التركيز على الجانب الأوكرانى ينصب فى الطائرات المقاتلة من طراز (F-16)؛ مشيرًا لوجود عدة دول تريد التبرع بتلك الطائرات.
جاء إعلان «السويد» عن المساعدات العسكرية الجديدة، بعد 24 ساعة فقط من تلقى الرئيس الأوكرانى «فولوديمير زيلينسكي» وعدًا ثانيًا بحصول بلاده على مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار يوم الثلاثاء الماضى، وذلك خلال جولة سريعة قام بها «زيلينسكي» فى 3 دول فى «الاتحاد الأوروبي»، وهو ما دفع الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» للتحذير من أن ضرب الأراضى الروسية بأسلحة زودها الغرب بها، يمكن أن تضع الحرب على مسار جديد خطير.
وبالعودة للمساعدات الأوروبية، فتعهدت «بلجيكا» بمنح «أوكرانيا» 30 طائرة مقاتلة من طراز (F-16) فى السنوات الأربع المقبلة.
وأعربت وزيرة الخارجية البلجيكية «حاجة لحبيب» عن أملها بأن تكون عملية التسليم الأول لكييف قبل نهاية العام الجارى.
من جانبه، أعرب «زيلينسكي» عن امتنانه للحصول على هذا النوع من الطائرات؛ قائلا: «مهمتنا هى استخدام أول طائرة من طراز (F-16) فى ساحة المعركة هذا العام، وبهذه الطريقة يمكن تحصين مواقعنا».
ومن ثم، سافر بعدها الرئيس الأوكرانى إلى «البرتغال»، ليعلن رئيس الوزراء البرتغالى «لويس مونتينيجرو» خلال زيارة «زيلينسكي»، أن بلاده سترسل مساعدات عسكرية ومالية إضافية بقيمة 126 مليون يورو، أى ما يقدر بـ137 مليون دولار إلى «كييف» كجزء من خطة تعاون واسعة النطاق.
وفى اليوم ذاته، وقع الرئيس الأوكرانى، ورئيس الوزراء البلجيكى «ألكسندر دى كرو» اتفاقية أمنية ثنائية بين البلدين طويلة الأجل، تعهدت بموجبها «بروكسل» بتقديم 977 مليون يورو كمساعدات عسكرية هذا العام، بالإضافة إلى إرسال 30 طائرة مقاتلة من طراز (F-16) لكييف.
كما يضمن الاتفاق مساعدة أمنية سريعة بمركبات مدرعة حديثة، ومعدات ضرورية لتلبية احتياجات القوات الجوية والدفاع الجوى الأوكرانى، والأمن البحرى، وإزالة الألغام، والمشاركة فى تحالف ذخيرة المدفعية، والتدريب العسكرى
جاء ذلك، بعد 24 ساعة أخرى من إفادة لصحيفة «إل-باييس» الإسبانية يوم الإثنين الماضى، بأن «مدريد» تعتزم إرسال صواريخ (باتريوت)، ودبابات (ليوبارد) إلى «أوكرانيا» فى إطار حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار و130 مليون يورو، أى ما يقدر بمليار و230 مليون دولار.
وقالت الصحيفة الإسبانية إن «مدريد» سترسل 12 صاروخًا من طراز (باتريوت) مضادًا للطائرات إلى «أوكرانيا»، بالإضافة إلى 19 دبابة مستعملة ألمانية الصنع من طراز (ليوبارد 2)، فضلًا عن أسلحة أخرى إسبانية الصنع، مثل: معدات، وذخائر مضادة للطائرات المسيرة، وغيرها.
وجاء ذلك، مع وصول «زيلينسكي» إلى «إسبانيا» يوم الاثنين الماضى، حيث وقع على اتفاقية أمنية تخصص مليار يورو من المساعدات العسكرية لأوكرانيا فى عام 2024، و5 مليارات يورو بحلول عام 2027.
على صعيد آخر، أعلنت «هولندا» أنها ستساهم فى دعم «أوكرانيا»، لكن على طريقتها الخاصة، عبر قيادة مبادرة بين بعض الدول الأوروبية، من أجل تزويد «كييف» بنظام صواريخ (باتريوت) للدفاع الجوى
وقالت وزيرة الدفاع الهولندية «كايسا أولونجرين»، إن: «أنظمة (باتريوت) نادرة فى «أوروبا» وحلف شمال الأطلسى (ناتو)، لكننا نتخذ -الآن- خطوة إلى الأمام، لذلك سنزودها بمكونات أنظمة باتريوت».
ورحب الأمين العام لحلف الناتو «ينس ستولتنبرج» بهذه الخطوة.. وصرح أثناء توجهه إلى اجتماع لوزراء دفاع «الاتحاد الأوروبي»، أن هناك حاجة ماسة إلى مزيد من المساعدات، وتحديدًا من أنظمة الدفاع الجوى فى «أوكرانيا».
تحذيرات روسية
فى المقابل، حذر الرئيس الروسى (الغرب) من التورط بشكل أعمق فى المواجهات العسكرية الدائرة على الأراضى الأوكرانية، حيث قال «بوتين» يوم الثلاثاء الماضى خلال زيارة إلى «أوزبكستان»، إن: «استخدام «أوكرانيا» لأسلحة بعيدة المدى، زودها بها (الغرب)، من أجل ضرب الأراضى الروسية، قد يؤدى إلى تصعيد خطير»؛ موضحًا أن استخدام مثل هذه الأسلحة يعنى ضمنًا تورط أفراد عسكريين من حلف (الناتو).
وحذر «بوتين» دول (الحلف) من أنه ينبغى عليهم أن يكونوا على دراية بالعواقب المحتملة؛ مشيرًا - فى هذا السياق- إلى ضرورة حذر الدول، ذات الأراضى الصغيرة، والكثافة السكانية العالية بشكل خاص.
فى النهاية.. يبدو المشهد قاتمًا فيما يخص مستقبل الأزمة الروسية - الأوكرانية، فى ظل استمرار الحرب الصفرية بين الطرفين، مع ملاحظة تقدم طفيف للجيش الروسى، فى حين يصر الغرب على مواصلة دعمه، بشكل لا هوادة فيه، من أجل إنقاذ ماء وجهة، قبل أن ينقذ الأراضى الأوكرانية.