إشادات دولية بجهود الوساطة.. مدرسة الدبلوماسية المصرية تجذب أنظار العالم رغم عبثية الأطراف المتفاوضة
مرڤت الحطيم
منذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية على غزة فى 7 أكتوبر الماضى، أصبحت «مصر» محورا للتودد من دول العالم، لأنها تمتلك مفاتيح التهدئة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، كما تعد نقطة ارتكاز السلام فى منطقة الشرق الأوسط، وصاحبة العديد من الجولات السابقة فى مفاوضات التهدئة، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ودخول المساعدات الإنسانية من معبر رفح، الذى يعتبر شريان الحياة لسكان «غزة».
على مدار أكثر من 7 أشهر من الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، برزت مصر كقوة دبلوماسية لا مثيل لها، حيث أدارت فى بداية الصراع قضية المساعدات الإنسانية، وعملت مع جميع الأطراف الدولية الفعالة، من أجل الضغط على إسرائيل، لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، ثم عادت لدورها التقليدى كوسيط رئيسى لإنهاء الصراعات، وأصبحت محط أنظار العالم، حيث استقبلت العشرات من قادة ورؤساء حكومات الكثير من الدول لبحث الأزمة.
من جانبها، ألقت وسائل الإعلام- المقروء منها والمسموع- الضوء على دور مصر فى دعم سكان غزة، والقضية الفلسطينية..
فتحت عنوان «مصر قوة دبلوماسية كبرى فى الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة»، قالت صحيفة «لوموند» الفرنسية 6 مايو الجارى، إن مصر نجحت فى استعادة دورها كقوة كبرى فى الدبلوماسية العربية والإقليمية، بعد قيادتها عدة جولات من المفاوضات بين حماس وإسرائيل؛ فضلًا عن استضافتها قمة دولية، بعد أيام من اشتعال الحرب،ضمت رؤساء الحكومات الأوروبية والقادة العرب فى «قمة السلام»، التى كانت تهدف لوقف التصعيد الإسرائيلى فى غزة، بحضور 30 ممثلا عن الدول والمنظمات الدولية.
وأشارت الصحيفة الفرنسية أيضًا إلى أن الدبلوماسية المصرية سعت على مدار الأشهر الماضية لوقف الحرب فى غزة.
أما موقع «VOX» الأمريكى، فأشار- تحت عنوان مصر محورية فى الحرب- إلى المحاولات المصرية المتعددة لوقف إطلاق النار وإنقاذ غزة؛ مؤكدًا أن مصر ضغطت إلى جانب الولايات المتحدة وقطر من أجل إدخال المساعدات التى تشتد الحاجة إليها؛ مضيفًا أنه منذ اللحظة الأولى للحرب حافظت مصر على معبرها مفتوحا أمام المساعدات الإنسانية، وإجلاء الأجانب، ونقل المصابين والحالات الخطر إلى مستشفيات مصر.
وأوضح الموقع أنه منذ بدء الحرب كانت مصر محورية فى القضية، حيث برزت كقوة دبلوماسية كبرى حاولت عدة مرات إيقاف الحرب، ورفضت تهجير الفلسطينيين إلى سيناء. من جانبها، أوضحت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، أن الأضواء الدبلوماسية فى العالم تتحول نحو مصر، التى لديها نفوذ قوى على طرفى الأزمة، لتصبح مصر لاعبا أساسيا فى الاستجابة الدولية للحرب؛ مؤكدة أن الأزمة كشفت مدى قوة النفوذ المصرى على كل من حماس وإسرائيل، كما أنها كشفت أيضا نجاح مصر فى طرح العديد من المقترحات لوقف هذه الحرب، وإيجاد حل جذرى لإيقافها.
ونوهت المجلة الأمريكية إلى إدراك الإدارة الأمريكية أنها لا يمكن إنهاء هذه الحرب بدون مصر.
وفى تقرير آخر لمجلة «فورين بوليسى» الأمريكية تحت عنوان «لا يستطيع العالم حل الحرب بين إسرائيل وحماس بدون مصر»، قال التقرير إنه فى الوقت الذى لا يزال الجانب الفلسطينى والإسرائيلى عالقين فى الصراع، فإن الأضواء الدبلوماسية تتحول نحو مصر؛ مؤكدة أن مصر كانت وستظل لاعبا أساسيا فى الاستجابة الدولية للحرب؛ مضيفة أن مصر أصبحت لاعبا حيويا بشكل متزايد إذا بحثت جميع الأطراف عن مخرج لهذه الأزمة.
وتحت عنوان «دور مصرى لا غنى عنه فى غزة يتجاوز فكرة الحدود المشتركة»؛ أكدت شبكة (إيه. بى. سى نيوز) الأمريكية، أن الإدارة الأمريكية اعترفت رسميا وصراحة بقوة مصر كلاعب إقليمى بارز لا غنى عنه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؛ موضحة أن الدور المصرى تجاوز فكرة الحدود المشتركة مع قطاع غزة، وأصبحت الوسيط الرئيسى فى جميع مفاوضات الهدنة، مستغلة امتلاكها نفوذًا وأوراق ضغط على إسرائيل وحماس.
و تحت عنوان «الدور الحاسم لمصر فى محادثات السلام بين إسرائيل وحماس»، قال تقرير لـ(10 news)، إن مصر برزت كلاعب فى مفاوضات السلام، وسط الصراع بين إسرائيل وحماس، مضيفة أن الرئيس الأمريكى قال عن الرئيس «عبدالفتاح السيسى» فى 18 أكتوبر 2023، إن: «خلاصة القول هى أن «السيسى» يستحق التقدير الحقيقى، لأنه كان متعاونا للغاية».
بدوره وصف مركز الأبحاث الأمريكى صوفان دور مصر فى الحرب على غزة بأنه الأكثر مركزية وقوة على طاولة المفاوضات، وقال إن نفوذ مصر الإقليمى سيطر على الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين، فبسبب موقعها الجغرافى ومكانتها الإقليمية وقوتها، ما يجعلها من أكثر دول المنطقة تأثيرا وقوة.
وتابع أنه فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلى الفلسطينى، فإن مصر تعد دولة محورية أساسية لحل أى أزمة، وهو ما ظهر بقوة خلال حرب غزة؛ مشيرًا إلى أنها عملت بقوة مع جميع الأطراف الدولية لإدخال المساعدات الإنسانية اللازمة للقطاع، وقادت عدة جولات من المفاوضات لإيقاف الحرب؛ مضيفًا أنه بعد مرور أكثر من 7 أشهر على الحرب، أصبح دور مصر أكثر مركزية على طاولة المفاوضات، حيث صارت القوة الدبلوماسية التى لها اليد العليا فى قيادة المفاوضات.
من جانبها، أشارت وكالة أنباء شينخوا الصينية إلى تعاون مصر والأمم المتحدة لإرسال أطنان من إمدادات المساعدات الإنسانية إلى غزة التى تواجه نقصا فى الغذاء والوقود والكهرباء والاتصالات فى ظل الحصار الإسرائيلى، منوهة لمحاولات مصر أيضا لتخفيف الحصار الإسرائيلى المفروض على غزة من خلال التوسط بين الطرفين.
كما أشارت وكالة رويترز إلى لعب مصر دورا نشطا فى التفاوض على وصول المساعدات إلى سكان غزة عبر معبر رفح، وكذلك فى المفاوضات الخاصة بإطلاق سراح الرهائن، مع الدعوة إلى وقف إطلاق النار فى الصراع.
وفى تقرير لـ«مودرن دبلوماسى» بعنوان «الرئيس المصرى السيسى والتحركات رفيعة المستوى بشأن القضية الفلسطينية الإسرائيلية»، قال التقرير إنه من المهم جدا فهم وجهات النظر الداخلية للمستوى المصرى الرفيع الحالى بشأن القضية الفلسطينية الإسرائيلية، موضحًا أن الدولة المصرية وشخصياتها رفيعة المستوى ترعى عددا من الملفات الفلسطينية المهمة، أبرزها المصالحة، وملف تبادل الأسرى، والوساطة للحفاظ على الهدوء فى قطاع غزة.
وأكد التقرير أن مصر تحرص على التحرك لتحقيق الصالح الفلسطينى، بعيدا عن أعين الإعلام، من منطلق حرص الدولة المصرية على إنجاح أى تحركات تتعلق بالملف الفلسطينى، بعيدا عن المقامرة والمزايدة، والحفاظ على الحقوق المشروعة للفلسطينيين.
وأضاف أن القيادة المصرية تعمل بشكل حثيث وكبير بالتعاون مع القوى الإقليمية والدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى، مؤكدة أهمية تفعيل عملية السلام فى الشرق الأوسط بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى.
وعن الدور الحاسم لمصر فى محادثات السلام بين إسرائيل وحماس قال موقع (WPTV) إن مصر ذات التاريخ المعقد الذى يشمل إسرائيل وحماس، وتلعب دورا حاسما فى مفاوضات السلام ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين.
شهادات شخصيات على الدور المصرى فى حرب غزة
لم يكن الثناء على الدور المصرى فى الوساطة فى حرب غزة والمساعدات محور اهتمام وسائل الإعلام العالمية فحسب؛ بل أيضا من شخصيات ورؤساء دوليين، ومنهم:
الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى أشاد بالجهود المصرية التى تبذل من أجل القضية الفلسطينية.. حيث قال ماكرون: «أشيد بالتزام مصر، ولا سيما بالجهود التى تبذلها من أجل السكان فى غزة. وتلتزم فرنسا إلى جانبها».
كما قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إنها تعبر عن الشكر للحكومة المصرية على جهودها فى نقل المساعدات لغزة.
بدوره، أشاد رئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك بدور مصر القوى لإجلاء الدفعة الأولى من الرعايا الأجانب ومزدوجى الجنسية والمصابين من قطاع غزة؛ موجهًا الشكر إلى الرئيس «السيسى»، قائلا: «إن المملكة المتحدة ستواصل العمل بشكل وثيق مع مصر لضمان قدرة المزيد من المواطنين البريطانيين على مغادرة غزة بأمان».
كما أعرب رئيس وزراء إسبانيا «بيدرو سانشيز» عن امتنانه لمصر لدورها فى إجلاء المدنيين من غزة.
وأشاد وزير الخارجية الصينى «وانج يى» بدور مصر فى تجميع المساعدات الإنسانية لإيصالها لغزة.
أما وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، فقال: «أنا فى مصر مع الرئيس السيسى وأعتقد أيضا أننى سمعت الكثير من الأفكار الجيدة حول بعض الأشياء التى يجب علينا القيام بها للمضى قدما، بما فى ذلك الأفكار العملية حول الحصول على المساعدة للفلسطينيين وغزة المحتاجين؛ ولكن أيضا هناك محادثات جيدة ومهمة حول المستقبل، ونأمل معا فى نهاية المطاف أن نتمكن من تحقيق ذلك بطريقة أكثر إيجابية».
من جانبها، قالت الدبلوماسية الأمريكية هيرو مصطفى جارج من الكونجرس الأمريكى، إنها تود أن تقول إن هناك مجموعة هائلة من أولويات الإدارة الأمريكية حيث يكون لمصر فيها دور مهم؛ مؤكدة أنه من الصعب تخيل طريق للمضى قدما فى أى من هذه القضايا بدون مصر.
كما قالت باربرا ليف مساعد وزير الخارجية الأمريكى إنها تقدر المساعدة الصريحة والدؤوبة التى تقدمها مصر وقطر.
من جانبه، قال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة عند معبر رفح إنه يعرب عن عميق امتنانه لمصر على الدور الأساسى الذى تلعبه فى إدخال المساعدات لغزة؛ فيما قال مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان فولكر تورك إن معبر رفح بمثابة شريان الحياة الرمزى لنحو 2.3 مليون نسمة فى غزة.