الأحد 20 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الروح المعنوية بين القوات منعدمة .. أوكرانيا تنزلق نحو الكارثة

تخشـى «كييف» جديًا من فقدان جيشها لعزيمته فى حربه ضد روسيا، فقد نقلت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية عن مسئولين أوكرانيين مخاوفهم من انهيار الخطوط الأمامية فى أوكرانيا مع تراجع الدافعية القتالية للجنود والتطوع للقتال لدى الشباب فى البلاد. تحدثت «بوليتيكو» عن تراجع الدافعية القتالية لدى الجنود الأوكران فى السنة الثالثة من الحرب، بسبب تراجع الدعم الغربى لأوكرانيا على عكس ما يزعمه المسئولون الغربيون فى تصريحاتهم الإعلامية. وكشفت الصحيفة عن تناقص أعداد الشباب الأوكرانيين الذين رغبوا بالتطوع فى القتال وعن تفاديهم التجنيد، كما بينت تزايد أعداد الرجال فى سن القتال الذين يغادرون أوكرانيا، وبذلك نقلت المجلة توقعات المسئولين الأوكرانيين أن تنهار الصفوف الأمامية هذا الصيف أمام هجوم روسى.



 

وتقول المجلة لا يقتصر الأمر على نفاد ذخيرة القوات الأوكرانية؛ إن التأخير الغربى فى إرسال المساعدات يعنى أن البلاد تعانى نقصًا خطيرًا فى شىء أصعب من القذائف: الروح القتالية المطلوبة لتحقيق النصر. إن الروح المعنوية بين القوات قاتمة، وقد تدهورت بسبب القصف المتواصل، ونقص الأسلحة المتقدمة، والخسائر فى ساحة المعركة. وفى المدن التى تبعد مئات الأميال عن الجبهة، اختفت حشود الشباب الذين اصطفوا للانضمام إلى الجيش فى الأشهر الأولى من الحرب. فى أيامنا هذه، يتفادى المجندون المحتملون المؤهلون التجنيد ويقضون فترات بعد الظهر فى النوادى الليلية بدلا من ذلك. وقد غادر العديد منهم البلاد تماما. إن الصورة التى ظهرت من عشرات المقابلات مع القادة السياسيين، وضباط الجيش، والمواطنين العاديين كانت صورة بلد ينزلق نحو الكارثة، وحتى عندما يقول الرئيس ڤولوديمير زيلينسكى إن أوكرانيا تحاول إيجاد طريقة لعدم التراجع، فإن ضباط الجيش يقولون سرا إن المزيد من الخسائر أمر لا مفر منه هذا الصيف، السؤال الوحيد هو إلى أى مدى ستكون سيئة؟ يمكن القول إن ڤلاديمير بوتين لم يكن فقط أقرب إلى هدفه مما هو الآن؟ وإذا لم يتغير الوضع قريبا فى هذا العام الثالث من الحرب، فإن دولة أوكرانيا كما هى الآن سوف تصبح من الماضى. وفى حرب بهذه الأهمية الحاسمة للعصر، فإن حجم الإجراءات التى اتخذها الزعماء الغربيون لمساعدة كييف كان أقل كثيرا من لغة خطابهم المتصاعدة. وقد جعلت خيبة الأمل هذه الأوكرانيين من جميع الرتب من الجنود الذين يحفرون الخنادق إلى الوزراء الذين يديرون البلاد، يشعرون بالغضب. وعندما سألت مجلة بوليتيكو وزير الخارجية دميترو كوليبا عما إذا كان يشعر بأن الغرب قد ترك أوكرانيا للقتال ويداها مقيدة خلف ظهرها، كان رأيه واضحا: نعم، أفعل ذلك.

وتتفاقم المخاوف حول هشاشة الخطوط الأمامية بسبب الوابل غير المسبوق من الهجمات الروسية التى تهدف إلى تدمير شبكات الكهرباء فى أوكرانيا. وفى الاجتماعات الأخيرة مع صحيفة بوليتيكو أقرّ الزعماء السياسيون بأن الروح العامة فى البلاد تتدهور، وعلى الرغم من محاولتهم جميعا البقاء متفائلين، فإن الإحباط تجاه الغرب كان واضحا فى كل محادثة. تحدث العديد من كبار الضباط الأوكرانيين إلى بوليتيكو لكن على أساس عدم ذكر أسمائهم حتى يتمكنوا من التحدث بحرية، لقد رسموا توقعات قاتمة لاحتمال انهيار الخطوط الأمامية هذا الصيف عندما تشن روسيا هجومها المتوقع. ولعل الأسوأ من ذلك هو أنهم عبروا فى جلسات خاصة عن مخاوفهم من إضعاف عزيمة أوكرانيا، مع تقويض الروح المعنوية بين أفراد القوات المسلحة بسبب النقص الشديد فى الإمدادات.

ويطالب القادة الأوكرانيون بمزيد من الجنود المقاتلين، وتشير إحدى التقديرات من القائد الأعلى السابق ڤاليرى زالوزنى إلى أنهم بحاجة إلى 500 ألف جندى إضافى. ولا شك أن أوكرانيا لا تختلف عن الدول الأوروبية المجاورة لها، حيث تشير استطلاعات الرأى الأخيرة إلى أن أعدادا كبيرة منهم قد يرفضون التجنيد حتى لو تعرضت بلدانهم لهجوم، لكن أوكرانيا هى البلد الذى فى حالة حرب. إضافة إلى ذلك هناك ظاهرة التهرب من الخدمة العسكرية، لقد تبخرت الاندفاعة المبكرة للحماسة الوطنية التى شهدت امتلاء مراكز التجنيد بالمتطوعين، وهرب ما يقدر بحوالى 650 ألف رجل فى سن القتال من بلادهم، معظمهم عن طريق تهريب أنفسهم عبر الحدود. وقبل عامين، كانت القطارات المتجهة من أوكرانيا تحمل بشكل شبه حصرى النساء والأطفال والمسنين بحثا عن ملجأ، إلا أنه هذا الأسبوع، كان نحو ثلث ركاب القطار الذى كان يقل مراسل بوليتيكو إلى خارج البلاد من الرجال فى سن القتال، وقد تمكنوا بطريقة ما من الحصول على أوراق التنازل للمغادرة.

الجدير بالذكر؛ أنه بعد عامين من الحرب الروسية - الأوكرانية، تسعى كييف إلى تعزيز قدراتها العسكرية باستدعاء المزيد من الرجال للخدمة الإلزامية، ووافق البرلمان الأوكرانى مؤخرا على مشروع قانون يهدف إلى إجراء تغييرات جذرية فى إجراءات التعبئة العسكرية، والتى تستهدف بشكل أساسى تشديد الرقابة على الرجال الأوكرانيين ومنع التهرب من الخدمة. وتم تقديم الإصلاح المقترح فى البداية من قبل الحكومة فى أواخر ديسمبر الماضى، لكن النواب رفضوا المشروع، إلا أنه تم إعداد مشروع قانون جديد بعد شهر، والذى اجتذب 243 صوتا لصالحه فى جلسة وهو ما يتجاوز بشكل مريح عتبة الـ 226 صوتا المطلوبة.

وقال النائب ياروسلاف زيليزنياك، الذى عارض التشريع، على قناته الخاصة بمنصة تليجرام، إن أمام البرلمان أسبوعين للنظر فى التعديلات المحتملة، ومن المرجح أن يوقع الرئيس ڤولوديمير زيلينسكى مشروع القانون فى وقت ما فى أوائل مارس، كما توقع النائب، وسيدخل حيز التنفيذ فى أبريل.

وتشير صحيفة ڤيدوموستى الروسية إلى أن مشروع القانون يهدف إلى زيادة أعداد التعبئة من خلال عدد من الإجراءات القسرية، وسيتطلب الأمر من الرجال الأصحاء التسجيل على موقع خاص على شبكة الإنترنت، وينص على فرض عقوبات صارمة على أى شخص لا يستجيب لاستدعاء إلكترونى وسيواجه المتهربون من التجنيد الحرمان من الخدمات الحكومية وتجميد الأصول وقيود أخرى. ويضم مشروع القانون عددا من البنود المثيرة للجدل والتى من شأنها تشديد السيطرة على الرجال الأوكرانيين فى سن التجنيد. فعلى سبيل المثال، يلزم القانون جميع الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما بحمل بطاقات تجنيد عسكرية معهم طوال الوقت وإبرازها أمام موظفى مراكز التجنيد أو رجال الشرطة عند الطلب. كما يجبر من هم فى الخارج من المجندين والمحتجزين الاحتفاظ بمستنداتهم العسكرية للحصول على أى خدمات قنصلية. إضافة إلى ذلك، خفض مشروع القانون سن التجنيد الإلزامى من 27 إلى 25 عاما. كما استبدل الخدمة الإلزامية ببرنامج تدريبى أساسى عسكرى إجبارى.

ويشير ديميترى لوبينيتس، محقق حقوق الإنسان الأوكرانى إلى أن بعض البنود فى مشروع القانون قد تكون غير دستورية، وقال على وسائل التواصل الاجتماعى إن مكتبه أرسل مذكرة من تسع صفحات إلى لجنة الأمن القومى والدفاع والاستخبارات بالبرلمان تتضمن تفاصيل مخاوفه. وأوضح لوبينيتس فى رسالته أن لديه تحفظات حول منح الجيش سلطة تقييد حق المواطنين الأوكرانيين فى مغادرة البلاد. ووفقا لما ورد تسعى كييف إلى حشد ما يصل إلى 500 ألف شخص، وفى ديسمبر الماضى حث المستشار الرئاسى ميخائيل بودولياك علنا الدول الغربية الصديقة على حث الرجال الأوكرانيين الذين يعيشون فى الخارج على العودة إلى وطنهم من خلال إجراءات مختلفة، مثل حرمانهم من المزايا الاجتماعية وتصاريح الإقامة. وقدرت وزارة الدفاع الروسية الخسائر الأوكرانية فى يناير وحده بأكثر من 23 ألف جندى، وأكثر من 383 ألف قتيل وجريح منذ بدء الحرب فى فبراير 2022.

ويقدر مسئولو الاتحاد الأوروبى عدد المواطنين الأوكرانيين المحتمل أن يكونوا مؤهلين للخدمة العسكرية والمقيمين فى الدول الأعضاء بنحو 650 ألًفا، وقدرت خدمة حرس الحدود فى كييف فى نوفمبر الماضى عدد الأشخاص الذين عبروا الحدود الغربية للبلاد بشكل غير قانونى بنحو 20 ألف شخص.

وعلى جانب آخر؛ فقد ذكر أحد المتهربين الأوكرانيين ويدعى أندريه لقناة فرنسية بأنه تلقى العديد من التهديدات بالقتل من وطنه. وقال أندريه للقناة، الذى تمكن من الفرار من أوكرانيا، إن الهروب استغرق 36 ساعة، وكان عليه السباحة عبر نهر دنيستر. ووفقا للقناة، فإن الهارب لم يكشف عن مكان وجوده خوفا من العثور عليه، ويروى أندريه: إنهم يهددوننى بالقتل. ويقولون إذا عدت إلى أوكرانيا، فسوف نجدك ونقتلك أنت على القائمة.