الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نشر فى «روزاليوسف» بالعدد 3650 بتاريخ 25-5-1998 اعترافات.. رجل نتنياهو: فضائح سارة وبنيامين

الفضائح ليست أمرًا جديدًا فى حياة بنيامين نتنياهو.. انفجرت فيه قبل أن يخوض معركة الانتخابات ضد بيريز، وانفجرت فيه بعدها، ولاتزال الصحافة الإسرائيلية تطارد غراميات رئيس الوزراء، وحكايات زوجته سارة الجديدة- بالتأكيد- هو أن أقرب مساعدى بنيامين نتنياهو، وكاتم أسراره، ومذيع أخباره السياسية دافيد بار إيلان هو الذى فجر آخر الفضائح، ليس فقط عن بنيامين نتانياهو، بل أيضًا عن سارة.. ثم ذهب إلى أبعد من ذلك، فأعلن أن دايان بطل إسرائيل القومى عاشر نصف مجندات الجيش الإسرائيلي.. تصريحات إيلان نشرتها النيويوركر الأمريكية.. ولاتزال دوائر الانفجار تتسع على طول الطريق فى الولايات المتحدة.. حتى غرف الحاخامات.



 

شهد الأسبوع الماضى ثلاثة انفجارات هائلة، الانفجار الأول نتج عن أول تجارب نووية تعلن عنها الهند، والانفجار الثانى نتج عن تصريحات منسوبة لرئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو والتى قال فيها أنه سيحرق واشنطن إذا ما تجرأ الرئيس الأمريكى كلينتون على اتهامه صراحة بأنه هو المسئول عن تعطيل عملية السلام فى الشرق الأوسط، أما الانفجار الثالث فقد وقع هذه المرة فى وجه نتنياهو نفسه وذلك عندما تسربت أقوال منسوبة لواحد من أقرب مساعديه اتهم فيه زوجته السيدة سارة بأنها لسيت المرأة الأكثر اتزانًا فى العالم وبأنه لولم تكن أمورها مضبوطة الآن بشكل جيد لكان الوضع مختلفًا تمامًا لو أتيح لها التنزه وهى نصف عارية فى الشوارع هذا على الأقل ما قد تنشره اليوم المجلة الأمريكية الواسعة الانتشار «نيويوركر» على لسان ديفيد بار إيلان رئيس قسم الإعلام فى مكتب نتنياهو «بار إيلان لم يكتف فقط بالحديث عن فضائح سارة نتانياهو، بل تحدث كذلك عن فضائح رئيس وزرائه  نتنياهو نفسه وعن خيانته لزوجته»، كما تحدث أيضًا عن الفضائح الجنسية للجنرال الراحل موشيه دايان الذى اتهمه بأنه ضاجع نصف النساء المجندات فى الجيش الإسرائيلى، وكأن الحديث لا يدور عن واقعة واحدة معزولة ومنفردة بل عن ظاهرة عامة من الفضائح الجنسية والانحلال الأخلاقى للطبقة الحاكمة فى إسرائيل، وكما هى العادة فى مثل هذه الحالات فقد سارع بار إيلان إلى نفى الأقوال المنسوبة له فى هذه المجلة الأمريكية، لكن هذا النفى لم يقلل من حجم الانفجار الذى وقع فعلاً منذ الكشف عن هذه الأقوال، وذلك لسببين: الأول منهما أن الصحفى الذى أعد التقرير للمجلة الأمريكية هو الكاتب المعروف دافيد رومنيك، والذى يتمتع إلى حد كبير بمصداقية وشهرة واسعة، كما أنه حاصل على جائزة فوليستر التى تعد واحدة من أرفع الجوائز الصحفية فى العالم، وقد أكد هذا الصحفى فى رده على النفى الذى صدر عن بار إيلان بأن كل ما كتبه هو بالفعل ما قاله بالحرف الواحد رئيس قسم الإعلام فى مكتب رئيس الوزراء نتنياهو، والسبب الثانى هو أن الحديث عن مثل هذه الفضائح الجنسية لنتنياهو وزوجته وبعض كبار رجال الدولة فى إسرائيل ليس جديدًا تمامًا على آذان الجمهور هنا، والذى كان قد شاهد نتنياهو بنفسه وهو يعترف أمام العدسات وعلى شاشات التليفزيون بأنه خان زوجته فعلاً، لكن المفاجأة التى حصلت هذه المرة جاءت من الرجل الذى يعتبر مقربًا جدًا من نتنياهو وواحدًا من أهم أطقم العمل السياسى والإعلامى الذين يعتمد عليهم رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى حد بعيد جدًا، الصحافة الإسرائيلية كانت قد نشرت مقاطع من أقوال بار إيلان هذه والتى جاء فيها عندما سئل عن زواج نتنياهو من السيدة سارة قوله: «سارة ليست المرأة الأكثر استقرارًا فى العالم، وهى تظهر فى مناسبات ملائمة كاستقبال الأطفال أو محدودى القدرات، هذا تمام، ولكن فى النهاية ستتحول سارة إلى موضوع مثير للسأم بالنسبة للإسرائيليين، وإذا كانت تسير فى الشوارع نصف عارية فهذا موضوع آخر لكنها الآن تحت السيطرة».

ثم تحدث بار إيلان عن موضوع الخيانة الزوجية التى ارتكبها نتنياهو فقال «إن رئيس الحكومة ألحق بنفسه الضرر حين اعترف أمام التليفزيون عن خيانته لزوجته، هذه الخطوة جعلته مثار سخرية، وسط المتدينين حين حاول التقرب منهم ثم أضاف قوله: «ربما كان مقبولاً أن تقيم  علاقة مع شيسكا «أى امرأة غير يهودية حسب التعبير الدارج للغة يهود أوروبا» لأنه حتى الحاخامات يقيمون علاقات مع هذا النوع من النساء، لكن نتنياهو خان زوجته مع امرأة متزوجة، إن بيبى يذهب الآن إلى الكينتس فى يوم السبت وفى الأيام وربما حتى يذهب إلى حائط المبكى، لكن هذا لا يؤثر على أحد ولا أحد يقتنع به، وهذه الأقوال خطيرة لأنها لا تخص نتنياهو وحده بل تتحدث عن انحرافات أخلاقية وجنسية حتى فى صفوف الحاخامات، ليس هذا فحسب وإنما تتحدث أيضًا عن قيادات الجيش الإسرائيلى الذين طالما اعتبروا فى إسرائيل بمثابة جوهرة التاج التى يجب صونها، والحفاظ عليها.. تقول المجلة الأمريكية أن بار إيلان تحدث فى هذا المجال عن الجنرال موشيه دايان الذى قال عنه: «إن موشيه دايان ضاجع نصف النساء المجندات فى الجيش»، ولكننا قلنا وقتها أن هذا ليس من شأننا، وإذا كان نتنياهو قد سكت حتى الآن على بار إيلان ولم يتخذ أى إجراء ضده فإن ياعيل دايان ابنة الجنرال الراحل دايان والتى هى عضو فى الكنيست سارعت من جهتها إلى مكتب المستشار القضائى للحكومة لتقديم شكوى ضد بار إيلان بسبب ما نسب إليه من أقوال عن فضائح جنسية تمس والدها، وكانت ياعيل وأمها قد تأخرتا لبعض الوقت، فى لفتة ربما تنم عن الاحتجاج، عن افتتاح الحفل الذى أقيم قبل أيام بمناسبة تولى عيزرا وايزمان رسميًا الولاية الثانية لرئاسة دولة إسرائيل، ربما آثر نتنياهو عدم فتح ملفه هو وزوجته فى هذه المرحلة بالذات، فى الوقت الذى يعلن فيه يهودا براك زعيم حزب العمل المعارض بأن العد التنازلى لإقالة وإسقاط نتنياهو قد بدأ فعلاً، وقد تزامن ذلك مع عرض مشروع قانون جديد على الكنيست يلغى الطريقة التى جرى بها انتخاب نتنياهو بشكل مباشر من الناخبين، والتى اتبعت فى إسرائيل لأول مرة فى تاريخها، وقد ترتب عليها ضرورة تأمين 81 صوتًا من بين 120 صوتًا فى الكنيست لإسقاط نتانياهو.

وتسعى المعارضة وأقطاب بارزون من حزب الليكود نفسه إلى إلغاء هذه الطريقة والعودة مرة أخرى إلى انتخاب رئيس الوزراء من الكنيست نفسه.

وكانت أوسع الصحف انتشارًا هنا قد أجرت استطلاعًا للرأى أظهرت نتائجه أن ٪47 من الإسرائيليين يصدقون ما جاء فى المجلة الأمريكية، بينما لا يصدق بار إيلان فى نفيه سوى ٪32 فقط من الإسرائيليين، ويمكن القول بكل موضوعية أن الملف الشخصى لنتنياهو والسيدة سارة ليس بعيدًا تمامًا عن الشبهات بالنسبة لنتنياهو فإن السيدة سارة هى زوجته الثالثة، وقد أنجب من زوجته السابقة ابنة تدعى نوعاه وهى تبلغ الآن حوالى 20 عامًا وقد جندت للعمل فى المخابرات.

وبعد زواج نتنياهو من سارة لم يعد يتعرف عليها وهو يخشى حتى أن يصحافحها أمام سارة إذا صادفها فى أى مناسبة، وكانت ابنته هذه قد ذكرت بأن زوجة أبيها سارة قد صرخت فى وجهها عندما ذهبت لزيارة أبيها وأنها قالت لها: لا تناديه يا أبى أمام أطفاله لأنهم لا يعرفون أن لهم أختا.

وكانت الصحف الإسرائيلية قد امتلأت فى وقت سابق بتعبيرات من النقد الجارح لنتنياهو بسبب زواجه من سارة، واحدة من أشهر علماء النفس فى إسرائيل كتبت فى 14 ديسمبر الماضى مقالاً بعنوان: «رئيس الوزراء مثل زوجته» قالت فيه أن نتنياهو باختياره مثل هذه الزوجة الصبيانية شريكة لحياته يعكس من خلالها القيم والمعايير المشتركة بينهما، بينما نشرت صحيفة أخرى فى نفس اليوم مقالاً بعنوان «نتنياهو رهينة» جاء فيه أن مشكلة نتنياهو مع زوجته هى أنه يعيش خوفًا مستديمًا من أن تثير الفضائح حوله وتجعله سخرية أمام الملأ، ومن جهة أخرى فإن ملف السيدة سارة ثقيل جدًا إلى الدرجة التى يحتاج نشره إلى مسلسل على حلقات لفترة طويلة وكان ثلاثة من الصحفيين الإسرائيليين قد نشروا على ثلاث حلقات ملفًا عن سارة نتنياهو تناول فقط أحد الجوانب من حياتها الشخصية.

الحلقة الأولى من هذا المسلسل كانت بعنوان: «البنت المدللة»، والثانية: قليلاً ما تتطوع ونادرًا ما تنفق من جيبها، وكانت الحلقة الثالثة بعنوان «حكاية الصرخات المهينة التى أحرجت رئيس الوزراء».

والمعروف هنا أن السيدة سارة كانت متزوجة هى الأخرى قبل نتنياهو من شخص يدعى دورون نوبرجر وهو مهندس عاشت معه حوالى 8 سنوات قبل أن تنفصل عنه وتتزوج من نتانياهو، زوجها هذا أراد فى نهاية العام الماضى أن ينشر كتابًا عن حياته الخاصة معها، لكن سارة تمكنت فى اللحظة الأخيرة من منعه من نشر هذا الكتاب بدعوى أنه يتضمن صورًا سوف تسيء لها كان زوجها السابق قد التقطها لها دون علمها، وأنه سجل لها سرًا أشرطة فيديو عندما كانا زوجين، ونظرًا لاحتدام الخلاف بين السيدة سارة وزوجها السابق على نشر هذا الكتاب المثير فقد قررت إحدى المحاكم الإسرائيلية فى تل أبيب يوم 6 فبراير الماضى النظر فى تلك الوثائق التى يريد الزوج السابق لسارة أن يضمنها فى كتابه عن حياته الزوجية معها.

ويبدو أن الفضائح الجنسية وغيرها التى خيمت على أوضاع نتنياهو وزوجته ليست هى وحدها كل ما يشغل الرأى العام الإسرائيلى، خاصة بعد ظهور إجماع واسع على أن ظواهر العنف فى المجتمع الإسرائيلى قد تجاوزت بالفعل الخط الأحمر.

وتكفى الإشارة هنا إلى بعض الأرقام والإحصاءات الرسمية ففى مجال الجرائم المتعلقة بالاعتداءات الجنسية بشكل خاص والتى تشمل الاغتصاب بالعنف والقتل على خلفية جنسية وممارسة سفاح القربى والتحرش والممارسات اللا أخلاقية جرى تقديم 11279 شكوى فى عام 1997 بينما وصل الرقم إلى 6160 شكوى فى عام 1996.

وتشير الأرقام أيضًا فى عام 1997 إلى أنه تجرى عملية قتل كل 55 ساعة، وحادثة سرقة كل 6 ساعات، وسرقة سيارة كل 11 دقيقة، واقتحام شقة كل ربع ساعة، وعملية اغتصاب كل 12 ساعة.

ويبدو أن الأزمة فى إسرائيل ليست مجرد نفى أو إثبات أقوال بار إيلان عن فضائح نتنياهو وزوجته بقدر ما هى أزمة عامة فى  مجتمع ينعزل أكثر فأكثر عالميًا وينقسم على ذاته داخليًا إلى نصف يرفض السلام بينما نصف الآخر يريد السلام لكنه لايزال خائفًا منه.