الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نهض مع انهيار جنود نظام كييف .. «سنتوريا».. جيش أوكرانيا النازى الجديد المدرب على يد الناتو

فى إطار محاولة الحكومات الغربية تطويق روسيا وإحاطتها بمجموعات معادية لها فى أوكرانيا، فإنها دعمت صعود الحركة النازية الجديدة، مباشرة من خلال التدريب والتمويل، أو بصورة غير مباشرة من خلال تجاهل تحركها فى أراضيها، وهو ما يهدد بانتشار هذا الفكر المتطرف. تناول موقع شير بوست الأمريكى تنامى الظاهرة النازية، وانتقالها من أوكرانيا لتمد جذورها إلى داخل المجتمعات الأوروبية، فى ظل العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، واحتضان الحكومات الغربية هذه الظاهرة بهدف الاستفادة منها فى الصراع الغربى – الروسى، وتنتشر مؤخرا فى أوكرانيا قوّة فريدة من النازية الجديدة، فى أوروبا، تدعو علنا إلى استخدام العنف ضد الأقليات، بينما تبحث عن مجندين جدد للانضمام إليها. ومع انهيار جيش كييف، واكتساب رواية الخيانة الغربية رواجا فإن الرعب، الذى تعرض له سكان مدينة دونباس طوال عقد من الزمان، سرعان ما قد يصل إلى مدينة قريبة.



لقد عززت سنتوريا وهى فصيل أوكرانى من النازيين الجدد المتطرفين، وجودها فى ست مدن فى كل أنحاء ألمانيا، وهى تسعى لتوسيع وجودها المحلى. ووفقا لصحيفة Junge Welt وهى صحيفة ماركسية يومية مقرها برلين، فإن نمو المنظمة النازية لم تتم عرقلته من جانب أجهزة الأمن المحلية. وتعقبت الصحيفة أصول سنتوريا إلى قمة النازيين الجدد، التى عقدت فى أغسطس الماضى على حافة غابة بالقرب من كييف حيث طالب قومى متطرف، يدعى إيجور تشيركاس ميخائيلينكو، المئات من المقاتلين الملثمين الحاضرين والذين كانوا أعضاء فى الميليشيا الوطنية الفاشية فى كييف، بـتقديم التضحيات من أجل قيام أوكرانيا الكبرى. وبصفته الرئيس السابق للحزب الوطنى النازى الجديد فى فرقة خاركيف فى أوكرانيا، وقائد كتيبة آزوف المدعومة من الدولة من عام 2014 إلى عام 2015، أعلن ميخائيلينكو رغبته فى القضاء كل من يناهض أوكرانيا.

وأشارت صحيفة Junge Welt إلى أنه منذ عام 2017، كانت الميليشيا الوطنية تمارس عدالة أهلية وحشية فى جميع أنحاء أوكرانيا. وكشفت الصحيفة أن فرقة النازيين الجدد هذه لديها فرع فى ألمانيا، ففى 24 غسطس 2023، فى الذكرى الثانية والثلاثين لاستقلال أوكرانيا، نظمت سنتوريا مسيرة قومية فى مدينة ماجديبورج وسط البلاد، بدون أن تتعرض لأى مضايقة من جانب حركة أنتيفا، أو انتقادات لاذعة من جانب وسائل الإعلام. ووقف المشاركون فى المسيرة بكل فخر، حاملين علم تنظيم القوميين الأوكرانيين (OUN) الذى أسسه المتعاون النازى فى حقبة الحرب العالمية الثانية ستيبان بانديرا. وتفاخرت سنتوريا فى ذلك الوقت فى تطبيق تلجرام مؤكدة أنه على الرغم من أن الشبان الأوكرانيين يقبعون خارج وطنهم، فإنهم بدأوا الاتحاد. وفى الوقت نفسه، هددت أعداء بلادها بعاصفة جهنمية متعهدة أن المهاجرين الأوكرانيين لن ينسوا هويتهم الوطنية فى مقابل بضع مئات من اليورو. بالإضافة إلى ذلك، أشارت صحيفة Junge Welt إلى أن سنتوريا تقوم حاليا بجمع الأموال للوحدة القتالية التابعة للمنظمة الأم، والتى يتولى قيادتها أندريه بيليتسكى، مؤسس كتيبة آزوف والذى أدعى فى عام 2014 أن مهمة الأمة الأوكرانية تتمثل بقيادة الأعراق البيضاء فى العالم، فى حملة صليبية أخيرة، ضد من هم دون البشر.

وفى الوقت الراهن، يعمل أعضاء المجموعة على تمرير رؤيتهم الأيديولوجية إلى العنصريين المستقبليين فى كل أنحاء القارة. وأعربت سنتوريا عن فخرها فى ذلك، من خلال قناتها فى تطبيق تلجرام، بالقول: نحن ننشئ جيلا جديدا من الأبطال. وبناء على ذلك، قامت مجموعة النازيين الجدد بترتيب رحلات مشى لمسافات طويلة إلى جبال هارز الألمانية بالتعاون مع جمعية كشافة قومية أوكرانية، تدعى بلاست. وافتتحت هذه الجماعة فروعا لها فى جميع أنحاء العالم الغربى بدءا بالخمسينيات ردا على مطاردة الاتحاد السوڤيتى للفاشيين والقوميين. إلى جانب تلقيهم التلقين العقائدى الأيديولوجى، قد تتاح لأعضاء بلاست الشباب فرصة تحسين لياقتهم البدنية والخضوع لتدريبات عسكرية. وكما أعلنت سنتوريا فى تلجرام فإن الأحرار يمتلكون أسلحة. ومع تراجع واشنطن بالتدريج عن رعايتها حرب أوكرانيا مع روسيا، بدأت تلقى مسئولية إدارة الحملة العسكرية، والفشل المحتمل، على عاتق برلين. وفى حال استمرت شحنات الأسلحة الأمريكية فى التضاؤل، فستصبح ألمانيا المورد الرئيسى للأسلحة إلى كييف. وقد يجد الألمان أن قول كلمة لا لأوكرانيا قد ينتج منه بعض المفاجآت السيئة. وعلى عكس الولايات المتحدة، فإن ألمانيا لا تملك حاجزا بطول المحيط بينها وبين المحاربين الفاشيين بالوكالة، والذين ترعاهم فى أوكرانيا. وبعد الهجوم المضاد الذى شنـته أوكرانيا فى أواخر عام 2023 وهلل له الكثيرون، هدد رئيسها ڤولوديمير زيلينسكى بصورة مبطنة خلال مقابلة مع مجلة إيكونوميست قائلا: لا يمكن التنبؤ بالطريقة التى سيرد بها ملايين اللاجئين الأوكرانيين فى الدول الأوروبية على التخلى عن بلادهم. وفى حين أن الأوكرانيين أحسنوا التصرف بصورة عامة، وممتنون للغاية للدول التى قامت بإيوائهم، إلا أنه ليس من مصلحة أوروبا إجبار هؤلاء الناس على القيام بما لا يرغبون فيه، كما علق زيلينسكى للصحيفة. وكى نفهم كيف قد تتمكن العناصر الأكثر تطرفاً فى قوة مستهلكة بالوكالة من توجيه أسلحتها نحو الحكومات الغربية التى سلحتها.

وفى الوقت الذى يعتمد فصيل سنتوريا بصورة كبيرة على المهاجرين الأوكرانيين كمجندين، فإنه يستفيد أيضا من بنية راسخة تقوم على دعم النخبة الأوروبية. وفى سبتمبر 2021، نشر معهد الدراسات الأوروبية والروسية والأوراسية (IERES)، التابع لجامعة جورج واشنطن، تقريرا مفصلا ومقلقا للغاية، يوثق كيف تمت رعاية سنتوريا من خلال نظام يصفه أصحابه من الضباط العسكريين الأوروبيين التقليديين بأن لديه أهدافا معلنة، تتمثل بإعادة تشكيل جيش البلاد على طول الخطوط الأيديولوجية اليمينية، والدفاع عن الهويتين الثقافية والعرقية للشعوب الأوروبية ضد السياسيين والبيروقراطيين فى بروكسل. وذكر معهد الدراسات أن الجناح العسكرى لفرقة سنتوريا بدأ التدرب فى عام 2018 فى أكاديمية هيتمان بيترو ساهيداتشنى العسكرية الوطنية (NAA) فى أوكرانيا، وهى تعد مؤسسة التدريب العسكرى الأولى فى كييف، والمركز الرئيسى للمساعدة العسكرية الغربية للبلاد. وكشف التقرير أنه حتى أبريل 2021، زعمت سنتوريا أنه منذ إطلاقها، شارك أعضاؤها فى تدريبات عسكرية مشتركة مع فرنسا والمملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة وألمانيا وبولندا. والواقع أن كثيرين من أعضاء مجموعة النازيين الجدد أجروا تدريبات فى قاعدة حلف شمال الأطلسى الفعلية فى منطقة يافوريف، على بعد بضعة كيلومترات فقط شرقى الحدود البولندية.

علاوة على ذلك، تدعى المجموعة أن أعضاءها يخدمون ضباطا فى عدة وحدات من الجيش الأوكرانى ومنذ عام 2019 على الأقل، دعت سنتوريا أعضاء القوات المسلحة الأوكرانية، المنحازين أيديولوجيا، إلى السعى للانتقال إلى وحدات محددة، حيث يخدم أعضاء المجموعة. ومن أجل استقطاب أعضاء جدد، تواصل المجموعة من خلال قناة تلجرام الخاصة بها، والتى تضم أكثر من 1,200 متابع، ترويج دورها المزعوم فى القوات المسلحة الأوكرانية والوصول إلى برامج التدريب والبرامج العسكرية وبرامج التبادل الغربية. وأدعت كل الحكومات الغربية، التى تواصل معها باحثو معهد الدراسات الأوروبية والروسية والأوراسية (IERES)، أنها لن تتسامح مع النازيين الجدد فى جيوشها، وأصرت على أنها تثق بالحكومة الأوكرانية لاختيار المرشحين الملائمين لبرامجها التدريبية وتحديدهم، إلا أن أكاديمية هيتمان بيترو ساهيداتشنى العسكرية الوطنية الأوكرانية أعلنت صراحة أنها لا تقوم بمثل هذه العروض، فى حين أنكرت أيضا أن فرقة سنتوريا تدير عملياتها من داخل مقرها الرئيسى. وبعد أن تواصل كاتب التقرير مع فرقة سنتوريا والأكاديمية العسكرية الوطنية للتعليق على تدريب النازيين الجدد، بدأ ناشطو الحركة المتطرفة فجأة إلغاء صفحاتهم فى مواقع التواصل الاجتماعى، وإخفاء أنشطتهم فى العالم الحقيقى. وتجاهلت وسائل الإعلام الغربية تقرير معهد الدراسات الأوروبية والروسية والأوراسية بصورة شبه كاملة، باستثناء مقال واحد فى صحيفة جيروزاليم بوست. الصمت الذى يخيم على هذه القضية غير مألوف بالنظر إلى صدقية كاتب التقرير، وهو مواطن أوكرانى مقيم بواشنطن، ينشر أعماله موقع صوت أمريكا التابع للحكومة الأمريكية وموقع بيلينجكات الاستقصائى مفتوح المصدر والممول من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وبين المسئولين الغربيين، وحدها القوات المسلحة الكندية هى التى علقت على نتائج التقرير الموثقة بدقة، مدعية بكل صفاقة أن الصور التى نشرها أعضاء سنتوريا فى فيسبوك تم التلاعب بها لتعزيز التضليل الروسى. والواقع أن هذا التصرف غير النزيه ليس مفاجئا نظرا إلى تاريخ المؤسسة العسكرية الكندية الموثق جيدا فى توفير التدريب للفاشيين الأوكرانيين المتشددين، ورفضها التنصل من النازيين الأوكرانيين. وحتى يومنا هذا، لا يزال الجنرال واين آير، رئيس هيئة أركان الدفاع فى القوات المسلحة الكندية، يرفض الاعتذار عن الترحيب الحار بشخصية ياروسلاف هونكا، وهو أحد المتعاونين النازيين فى الحرب العالمية الثانية، والذى كرمه البرلمان الكندى. ووفقا للباحثين، أمضى مقاتلو فرقة سنتوريا الأعوام الخمسة الماضية على الأقل داخل أوكرانيا فى محاولة لتلقين رفاقهم المتفوقين أفكار النازية الجديدة. ويشير تقرير معهد الدراسات إلى أن سنتوريا تمكنت من تبشير النخبة العسكرية المستقبلية فى أوكرانيا داخل الأكاديمية العسكرية الوطنية.

وتأكيدًا لمدى تغلغل النازيين الجدد فى الأجهزة العسكرية الغربية، حضر طالب الأكاديمية العسكرية الوطنية، كيريلو دوبروڤسكى دورة تدريب الضباط مدة 11 شهراً فى أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية المرموقة فى بريطانيا. وأحتفلت وزارة الخارجية الأوكرانية بتخرجه، بينما نشرت الأكاديمية العسكرية الوطنية ملف ڤيديو مدته 12 دقيقة عن مسار الخريج الجديد. وأشار معهد الدراسات الأوروبية والروسية والأوراسية إلى أن دوبروڤسكى أظهر اهتماما شديدا بقضايا سنتوريا خلال دراسته فى الأكاديمية. ويبدو أن دوبروڤسكى تحدث عن مقطع ڤيديو ترويجى لسنتوريا تم تداوله فى تطبيق تلجرام فى مايو 2020، الذى يظهر فيه أعضاء المجموعة وهم يسيرون فى مدينة لفيف، ويحضرون فعالية من تنظيم الأكاديمية العسكرية الوطنية، ويطلقون النار من أسلحتهم. وسمع دوبروڤسكى وهو ينشد قائلا: ضباطنا يقومون بتكوين الجيش الجديد لأوكرانيا نحن سنتوريا. نحن فى كل مكان.. دافعوا عن أراضيكم وتقاليدكم حتى آخر قطرة دم».

وقبل شهر، نشرت سنتوريا مقابلة مع طالب فى القوات المسلحة، صاحبة الجلالة، لم يذكر اسمه، وهو وصف لا يمكن أن يتطابق إلا مع شخص واحد وهو دوبروڤسكى. وأوضح أنه يفضل التدريب فى أوكرانيا، لأن التدريب البريطانى لضباط الجيش يركز بصورة أقل على النظرية. وخلال هذا الوقت، استطاع دوبروڤسكى الوصول إلى الطلاب الأجانب الذين زاروا الأكاديمية، وفى عدة مناسبات، رافق وفودا أجنبية زارت الأكاديمية بمن فى ذلك طلاب من القوات الجوية الأمريكية والجيش الفرنسى. وليس من الواضح مدى تأثير النظرية التى أدخلها دوبروڤسكى فى الروتين اليومى للجنود الغربيين، الذين التقاهم فى أثناء وجوده فى أكاديمية ساندهيرست. وانتهى معهد الدراسات الأوروبية والروسية والأوراسية إلى أن دوبروڤسكى وسنتوريا استفادا من مكانته كطالب فى ساندهيرست لترويج المجموعة وأيديولوجيتها. وفى قسم معلومات فى قناته الشخصية فى يوتيوب، يصف دوبروڤسكى نفسه بأنه طالب فى الأكاديمية الملكية لبريطانيا العظمى، ونشر عدة مقاطع ڤيديو حول تجاربه فى الأكاديمية، ورسالة واحدة على الأقل تعبر عن رغبته فى الانضمام إلى كتيبة آزوف النازية الجديدة. وأوضحت سنتوريا فى «تلجرام» أن التسلل إلى أعلى المستويات فى الجيش الأوكرانى لم يكن سوى خطوة أولى فى حرب خاطفة أيديولوجية أوسع كثيرا، معلقة: تقوم سنتوريا بتشكيل نخبة عسكرية هى الأولى من نوعها، هدفها الوصول إلى أعلى الرتب داخل القوات المسلحة، لتصبح مركزا موثوقا به، يتمتع بنفوذ كبير. وبعد إحكام قبضتها على المؤسسة العسكرية تخطط المجموعة لإختراقَ صفوف النخبة السياسية فى أوكرانيا من أجل إجراء تغييرات مجتمعية.