الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الحلول السلمية غائبة ولا طرف قادرًا على الحسم المشهد السودانى أمام عدة سيناريوهات.. إلى أين يتجه؟

عام على حرب الأشقاء فى السودان، ولا بوادر لمصالحة تلوح فى الأفق المنظور.. كما أن مشاهد القتال التى تتناقلها الأخبار العالمية يوميا تظهر المشهد وكأنه بدأ للتو. مآلات المشهد فى السودان واستشراف مستقبله إلى أين تمضى؟ يجيب رئيس الوزراء السودانى السابق عبدالله حمدوك الذى أصبح رئيساً للهيئة القيادية لتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية فى 14 أبريل الجاري، بقوله: «إن السودان يواجه خطر الانقسامات على أسس إثنية وعرقية، ما يهدد بالانهيار الكامل».



 

وفى كلمة مصورة لمناسبة مرور عام على الحرب فى السودان، قال حمدوك: «تكمل الحرب التى تمزق بلادنا عامها الأول. 12 شهراً من الموت والخراب. وفى كل يوم من أيامها، تزداد معاناة أبناء شعبنا. فقد عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين من أبناء الشعب حياتهم، وتشرد الملايين بين مدن النزوح وأقطار اللجوء». 

ويرى حمدوك أن لا حل عسكرياً للحرب فى السودان، ويجب أن يتم الحل سلميا. وقال إن «الحل الأساسى يجب أن ينطوى على المبادرات السودانية»، وأن التحدى يكمن فى «توحيد هذه المبادرات». وأضاف أن «لا حرب تستمر للأبد».

يذكر أن تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية التى يرأسها حمدوك كانت قد قدمت عقب اجتماعات لهيئتها القيادية فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا فى 6 أبريل الجارى رؤية لإنهاء الحرب الدائرة فى السودان، ولم يلتفت إليها ولم يتلقفها أى طرف.

 عدة سيناريوهات

إن غياب الحلول السلمية وعدم قدرة أى طرف من الأطراف المتصارعة فى السودان على حسم المعركة لمصلحته، ومع تصاعد المواجهات العسكرية وتمددها جغرافياً، يضع المشهد السودانى أمام عدة سيناريوهات، هى أن استمرار الصراع بين الأطراف المتصارعة من دون قدرة أى طرف على الحسم، ما يعنى استنزاف كامل مقدرات السودان البشرية والمادية. هذا السيناريو تداعياته خطيرة جداً، وستفضى إلى حالة تفكك اجتماعى وسياسى فى السودان، وخصوصاً فى ظل غياب قوى سياسية مدنية سودانية فاعلة ومؤثرة وقادرة على ضبط المشهد والتقدم لتكون بديلاً من طرفى الصراع.

السيناريو الثانى وهو قدرة أحد الأطراف على استمالة قوى سياسية وعسكرية واجتماعية لمصلحته.. ويبدو أن الجيش أوفر حظاً فى ذلك، ولا سيما بعد إعلان انضمام الحركات المسلحة إلى الجيش ضد قوات الدعم السريع، لكن هذا السيناريو قد يذهب بالمشهد إلى الحرب الأهلية، لأن قوات الدعم السريع هى الأخرى تحظى ببعض الدعم القبلى والإقليمى من قوى خارجية. وقد يتدحرج الصراع خارج الجغرافيا السودانية إلى دول مجاورة أو إلى حرب بالوكالة.

والسيناريو الأخير هو الذهاب إلى اتفاق سياسى يضمن للأطراف المتصارعة مصالحها. حدوث هذا السيناريو يقتضى اتفاق القوى الإقليمية والدولية على ذلك، لأن إرادة الأطراف المتصارعة وحدها غير كافية. وتحقق هذا السيناريو ممكن، لكنه يحتاج إلى وقت طويل تصل فيه الأطراف المتصارعة إلى قناعة استحالة الحسم العسكرى ووصول مقدراتها البشرية والمادية لحالة من الإنهاك، فيصبح خيار الحل السلمى هو الخيار الوحيد أمامها.

 آفاق الحل

فى حين تسعى المجموعات الموالية وذات التأثير القوى على صناعة القرار فى بورتسودان، للدفع فى اتجاه استمرار الحرب ورفض جميع الجهود الدولية والإقليمية والمحلية الرامية لحل الأزمة، يعقد معظم السودانيين آمالا على جولة المفاوضات المقترحة خلال الأيام المقبلة فى إطار منبر جدة المتوقف منذ اكثر من 4 أشهر.

وفى ظل تعثر جميع الجهود الدولية والإقليمية التى سعت إلى وقف الحرب خلال الأشهر الماضية، أكد مصدر دبلوماسى وجود اتفاق دولى واسع على الاستناد إلى خارطة الطريق الأفريقية كأساس للمفاوضات المقبلة.

وأوضح المصدر أن جولة المبعوث الأمريكى للسودان توم بيريلو الأخيرة فى المنطقة واتصالات دبلوماسية أجرتها الخارجية الأمريكية مع عدد من الأطراف الدولية والسودانية، خلصت إلى تأييد دولى وإقليمى كبير للخطة الأفريقية المكونة من 6 نقاط تشمل إدخال قوات أفريقية مدعومة من الأمم المتحدة للفصل بين القوتين المتحاربتين وتجميع قوات الجيش والدعم السريع فى مراكز خارج المدن وفتح مسارات إنسانية عبر لجنة أممية تساعدها لجنة خبراء وطنية غير حكومية ومن ثم البدء فى عملية سياسية تنطلق من معطيات الصيغة التى تم التوصل إليها قبل اندلاع الحرب والتى كانت تستند إلى الاتفاق الإطارى الموقع فى الخامس من ديسمبر 2022.

لكن، فى الجانب الآخر تدور شكوك كبيرة حول إمكانية نجاح الجهود الرامية لاستئناف المفاوضات، خصوصا بعد التصريحات التى ادلى بها البرهان والتى قال فيها إن الجيش لن يعود للمفاوضات قبل خروج قوات الدعم السريع من جميع المدن التى تسيطر عليها.

ووفقًا لمصادر موثوقة فإن البرهان يواجه ضغوطًا كبيرة من قبل عناصر تنظيم الإخوان لمنعه من القبول بإرسال وفد أكبر تمثيلا للمفاوضات المقترحة خلال الأيام المقبلة. وأكد المصدر أن خلايا التنظيم السياسية تطالب بالاستمرار فى الإمساك بالعصا من المنتصف وإرسال وفد غير مكتمل الصلاحيات بحيث يتم تقييم كل مرحلة على حدا بالرجوع إلى القيادة فى بورتسودان وتطويل أمد التفاوض إلى حين تقوية موقف الجيش ميدانيا.

وتُدُووِلت تقارير خلال الأسابيع الماضية سيناريو يجعل قادة الجيش والدعم السريع جزءًا من تسوية سياسية ويمنحهم حصانة ضد الملاحقة القانونية فى جرائم سابقة، لكن قياديًا فى تنسيقية القوى المدنية السودانية «تقدم» التى تضم قوى الحرية والتغيير وأكثر من 20 كيانا حزبيا ومدنيا ومهنيا وأهليا، قال فى تصريحات صحفية إن ذلك لن يكون مقبولاً.

وأشار إلى أن تنسيقية «تقدم» تطرح حلا يعطى الأولوية لوقف الأعمال العدائية وتيسير تدفق المساعدات الإنسانية ومن ثم الدخول فى عملية سياسية تشارك فيها كل القوى الوطنية المؤمنة بالتحول المدنى وتستثنى المؤتمر الوطنى - الجناح السياسى لتنظيم الإخوان - وجميع واجهاته. وتطرح «تقدم» رؤية من 10 بنود لحل الأزمة، تشمل وقفًا شاملاً لإطلاق النار وتطبيق إجراءات لبناء الثقة وإطلاق عملية سياسية شاملة، وبناء وتأسيس جيش قومى مهنى واحد، ينأى بنفسه عن السياسة والاقتصاد. وتتضمن الرؤية التوافق على برنامج للعدالة الانتقالية يضمن المحاسبة على الجرائم المرتكبة منذ انقلاب الثلاثين من يونيو 1989 وحتى اندلاع الحرب الحالية، بما فى ذلك تسليم المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية، ويسمح فى ذات الوقت بتحقيق السلام والمصالحة والتعويضات وجبر الضرر.