الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إسرائيل والعالم ضد إيران .. هل ينجح بايدن فى منع وصول المنطقة إلى حافة الهاوية؟

يقول المهاتما غاندى إن مبدأ «العين بالعين» يترك العالم كله أعمى.. وبعد الرد الإيرانى الضخم على الضربة الإسرائيلية ضد المجمع الدبلوماسى الإيرانى فى دمشق، تقع على عاتق الرئيس الأمريكى جو بايدن الآن مسئولية منع جولات التصعيد اللاحقة من تعمية الشرق الأوسط بأكمله، أو حتى العالم. على بايدن معاقبة إيران دبلوماسيًا، لكن أيضًا كبح جماح إسرائيل.



 توازن الرد

ربما تكون مهمة الرئيس الأمريكى صعبة إلى حد كبير، خاصة بعد أن استخدمت حكومة الحرب الإسرائيلية عبارات موثوقة لوصف إمكانية ردها على إيران، وقالت إن إسرائيل سترد «بالطريقة، وفى الوقت الذى تختاره».

أما بينى جانتس، زعيم المعارضة الذى انضم إلى حكومة الحرب بعد السابع من أكتوبر مع بدء عملية غزة، فقد شدد على تماسك إسرائيل وحلفائها الغربيين، وقال: «إسرائيل ضد إيران، العالم ضد إيران، هذه هى النتيجة.. هذا إنجاز استراتيجى يجب علينا الاستفادة منه من أجل أمن إسرائيل».

لم تستبعد الكلمات التى استخدمها جانتس أى هجوم آخر قد تنفذه إسرائيل على أهداف تابعة لإيران، أو حتى ضربة إسرائيلية علنية تكون الأولى من نوعها داخل الأراضى الإيرانية (لطالما استهدفت إسرائيل البرنامج النووى الإيرانى مرارًا وتكرارًا، بهجمات إلكترونية واغتيالات ضد مسئولين وعلماء إيرانيين، لكنها لم تتبن ذلك علانية)، وقد يكون هناك وقت أيضًا للرد الدبلوماسى الذى يريده الرئيس جو بايدن من مجموعة السبع التى تضم الدول الغربية الكبرى.

ومنذ بداية الحرب على غزة كان على بايدن أن يوازن بين الأهداف التى غالبًا ما تكون متعارضة. عليه أن يظهر دعمه لإسرائيل، وهو ما جدد وصفه بأنه «مصفح» وفى الوقت نفسه، يتعين عليه أن يقلل موت ومعاناة المدنيين فى غزة، وهو الهدف الذى فشل فى تحقيقه حتى الآن. وثالثًا، عليه أن يمنع الحرب من أن تصبح إقليمية أو حتى عالمية.

وحتى الآن، يبدو أن بايدن ناجح فى ردع إيران عن تصعيد وتوسيع الحرب. وعندما قتلت القوات المدعومة من إيران ثلاثة من الجيش الأمريكى فى الأردن، ردت الولايات المتحدة بالقوة ولكن أيضًا بضبط النفس، ولم تضرب سوى الأهداف خارج إيران. ومن جانبها، أشارت طهران إلى أنها ستضبط نفسها أيضًا –  رغم أن مدى سيطرتها على وكلائها لا يزال سؤالًا مفتوحًا.

وبدلًا من ذلك، كان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو هو من بدأ جولة التصعيد هذا الشهر. ومن دون إبلاغ بايدن، أرسل طائرات حربية لتدمير جزء من البعثة الدبلوماسية الإيرانية فى سوريا، مما أسفر عن مقتل عدد من كبار القادة. وهذا الهجوم على القنصلية ينتهك اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التى تعتبر البعثات الدبلوماسية محصنة

وتقدم إسرائيل «حجة غير مقنعة» مفادها أن وجود ضباط إيرانيين كبار فى المبانى الدبلوماسية يجعل المبنى هدفًا مشروعًا، والأهم من ذلك هو حقيقة أن إيران اختارت تفسير الغارة الجوية على أنها هجوم صريح على أراضيها.

من جهة أخرى، كان على الملالى الرد على هذه الضربة أو الظهور بمظهر الضعف أمام القوات الوكيلة لطهران من جهة، ومن جهة أخرى أمام الإيرانيين الذين يكره الكثير منهم نظامهم بالفعل.

وكان السؤال الوحيد هو كيف. وكان لا بد من أن يكون الانتقام كبيرًا بالقدر الكافى للسماح لإيران بالظهور بمظهر الحاسم، ولكنه محدود بالقدر الكافى بحيث لا يؤدى إلى رد فعل أكبر من جانب نتنياهو الذى يبدو غالبًا أنه ينظر إلى حرب أوسع نطاقًا باعتبارها سيناريو يمكنه من البقاء فى السلطة.

 المعادلة المرتقبة

هناك الكثير من الأسباب التى تجعل العديد من الإسرائيليين يتوقعون ردًا من جانبهم، إذ إنه ولأول مرة، تقوم إيران بإطلاق أسلحة - حوالى 300 طائرة بدون طيار وصواريخ كروز وصواريخ باليستية - من أراضيها مباشرة باتجاه إسرائيل، ولكن تم اعتراض جميع التهديدات تقريبًا بواسطة دفاعات جوية إسرائيلية هائلة، بدعم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وكرر الرئيس الأمريكى جو بايدن وعده بتوفير الأمن «الثابت» لإسرائيل، قائلًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي: «نحن ندعمك».

لكن فى المقابل يريد الأمريكيون ضبط النفس من جانب إسرائيل. وأرسل الرئيس بايدن لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رسالة واضحة مفادها: «لقد تم إحباط الهجوم الإيرانى، وإسرائيل انتصرت، فلا تصعدوا الأمر أكثر من خلال الرد بضربات عسكرية على الأراضى الإيرانية».

ويبدو أن رسم هذا الخط هو أمل إيران أيضًا، إذ أشارت الجمهورية الإسلامية إلى أن الهجوم الإسرائيلى على دمشق قد تم الرد عليه، ولن تقوم طهران بتصعيد آخر إلا إذا تعرضت لهجوم مرة أخرى، ويبدو أن الإيرانيين يريدون تهدئة الأزمة وخفض التهديدات التى استمرت لمدة أسبوعين والتى بدأت بالضربة الإسرائيلية على مجمعهم الدبلوماسى فى دمشق.

ربما كان الهدف الإيرانى هو إحداث ضرر أكبر مما حدث خلال هجومها، أو ربما كانت صريحة بشأن أنها ستمنح إسرائيل أسبابًا أقل للرد على الهجوم، لذا يمكنك وصف الرد الإيرانى على الضربة الإسرائيلية السابقة بأنه هائل أو محدود. لكن الملالى أشاروا إلى أنهم يعتزمون تحقيق الهدف الأخير. واستنادًا إلى ميثاق الأمم المتحدة، قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة بأن «الأمر يمكن اعتباره منتهيًا» وناشدت بايدن عمليًا أن «على الولايات المتحدة أن تبقى بعيدًا».

 تجاوز الخطوط الحمراء

ربما يميل نتنياهو وشركاؤه فى الائتلاف اليمينى المتطرف الآن إلى التصعيد أكثر. وقبل الرد الإيرانى، حذر من أن إسرائيل سترد على أى ضربة عليها بضربات ضد الأراضى الإيرانية. وهذا بدوره من شأنه أن يجبر طهران على الرد، فى حين يعزز قبضة أولئك فى النظام الذين يدفعون إلى الإسراع نحو تحويل اليورانيوم المخصب إلى رؤوس حربية نووية.

لذلك فإن الأمر متروك لبايدن لمنع الأسوأ. وعليه أن يكبح جماح «بيبى» نتنياهو فى مواجهة إيران، بعدما فشل حتى الآن فى جعله معتدلًا فى مواجهة قطاع غزة. وهذا يعنى أن أى ضربة إسرائيلية مضادة، على عكس الضربة القنصلية، يجب أن تتم بموافقة واشنطن وأن تكون محدودة بما يكفى حتى تتمكن كل من إيران وإسرائيل من ادعاء النصر. 

فى الوقت نفسه، يجب على بايدن معاقبة إيران بكل الطرق باستثناء الخيار العسكرى. ويبدو أنه يستعد للقيام بذلك من خلال الدعوة إلى اجتماعات طارئة لمجموعة السبع ومجلس الأمن.

لقد تم تجاوز الخطوط الحمراء بالفعل فى منطقة تزداد اشتعالا، هجوم إسرائيل على موقع دبلوماسى إيرانى، وهجوم إيران المباشر على إسرائيل، والذى تلاه وعلى الفور، مطالبات من بعض اليمينيين الإسرائيليين بالرد، ولن تتوقف تلك المطالبات.

ومنذ السابع من أكتوبر، يتأرجح الشرق الأوسط، ومعه العالم، على حافة الهاوية بين حروب رهيبة ولكن محلية وحريق أوسع قد يشعل النار فى العالم كله. إذا كان هناك من يستطيع منع هذا الكابوس، فهو بايدن.