الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كذبة أبريل.. خدعوك فقالوا.. إيران تعلن الحرب على إسرائيل وتتحدى الأمريكان!!!

إيران وإسرائيل.. نهاية «حرب الظل»



مع بداية ليل الرابع عشر من أبريل الجارى، جاء الهجوم الإيرانى على إسرائيل ليبدأ معه حقبة جديدة من الصراع الصامت بين الأعداء الأزليين، وبدأت نهاية حرب الظل الاستراتيجى بين طهران وتل أبيب وواشنطن الحليف والعدو فى هذه المعركة.

بدأت إيران هجومها ردًا على الهجوم الإسرائيلى الذى استهدف قنصليتها فى العاصمة السورية دمشق مطلع الشهر الجاري، ولم تتبنّه إسرائيل بشكل صريح. ويعد هذا الهجوم الأول الذى تشنه إيران، انطلاقًا من أراضيها على إسرائيل؛ ليخرج بذلك صراع الظل الطويل الأمد بين البلدين إلى العلن.

رمزية التحول هنا تطغى على النتائج المادية المنتظرة المترتبة على الهجوم. فى السابق، فضل الإيرانيون قتال إسرائيل والولايات المتحدة، عبر شبكة وكلائهم المنتشرين فى المنطقة؛ لأن فوائد هذه الحروب عديدة وبتكاليف أقل لطهران، ومع هذا التحول فى الصراع، فإن الإسرائيليين يأملون أن ترتفع هذه التكاليف على طهران، منذ الآن فصاعدًا.

وفق الاستراتيجية الإيرانية فإن هناك أربع أولويات ثابتة ستتعزز على الأرجح بعد الهجوم الإيرانى. الأولى أن الانخراط المباشر فى حرب هو أكبر المحظورات وآخر الخيارات الأكثر سوءًا. والثانية أن التسليم بنقاط ضعف استراتيجية «الصبر»، أقل تكلفة من محاولة معالجتها بردة فعل قوية تجلب تكاليف باهظة. أما الأولوية الثالثة أن الاعتماد الرئيسى على شبكة الوكلاء سيبقى يحقق فوائد عالية بتكاليف مباشرة أقل. وأخيرًا حجم المكاسب التى يمكن أن تخرج بها إيران من ارتدادات حرب غزة، مرهون بقدرتها على تحقيق الأولويات الثلاث السابقة.

مع ذلك، فإنه حتى فى الوقت الذى صممت فيه إيران هجومها على إسرائيل للموازنة بين معاقبتها على استهداف قنصليتها، واستعراض قوتها الذاتية والإقليمية، وبين تجنب أن يؤدى الرد إلى حرب مباشرة، فإن الصراع الإسرائيلى – الإيرانى انتقل الآن إلى اللعب على حافة الهاوية.

 وإذا كانت هناك من خلاصة واضحة يمكن الخروج بها لهذا التحول، فهى أن القواعد الصارمة، التى أدارت الصراع فى السابق وحالت دون انفجاره، أصبحت أقل شأنًا فى الحسابات الإيرانية والإسرائيلية.

 

«هجوم».. مع وقف التنفيذ .. الرابح والخاسر فى عملية إيران – إسرائيل

ما أطلق عليه الضربة الإيرانية لإسرائيل لم تكن ضربة بالمعنى الحقيقى، بل كانت مجرد تدريب بالأسلحة الحية، الجميع كان يعلم مسبقًا بكل تفاصيله، بتوقيته ومدته الزمنية والأسلحة التى ستستخدم ومراحله خطوة بخطوة، وكأن الجميع يعمل من غرفة العمليات العسكرية نفسها.

ومع ذلك بغض النظر عن أن الحدث تكتيكى بامتياز، فإن هناك من هو رابح ومن هو خاسر، وهو ربح وخسارة نسبية بطبيعة الحال، أكبر الرابحين هو الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها أولاً: أثبتت أنها المايسترو الذى يقود جميع خيوط المعركة، فهو الذى يضبط إيقاع تحركات الأطراف ولا غنى للجميع عنه، بمن فيهم إيران، أمريكا هى التى تحدد مناورات كل طرف وخط سير المعركة وموعد توقفها.

 

رابحون دون منازع

كما أثبتت أمريكا أن مظلة حمايتها هى الرادع الوحيد ضد أى هجوم، وهى السند القوى والأوحد لحلفائها.. فى المقدمة بالطبع إسرائيل التى يعتبر أمنها مسألة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية والغرب عمومًا.

أما الرابح الثانى فهو إسرائيل التى أولاً، تمتلك بلا منازع مظلة الحماية الأمريكية، بالإضافة إلى أنها أثبتت أن تسليحها التكنولوجى هو الأقوى والمتحكم الرئيسى فى المشهد.

أما مكسب إسرائيل الثانى فهو سياسى، لأنها نجحت فى استعادة التضامن الشعبى لها، بالإضافة إلى أنها باتت تمتلك شرعية الرد إذا ما أرادت بغض النظر إذا ادعت واشنطن أنها توافق أو ترفض فكلا الطرفين يعى جيدًا مصلحتهما، والأهم أنها، ولو إلى حين تخلصت من الضغوط المتعلقة بحرب الإبادة فى غزة.

أما ثالث المكاسب فهو أن الضربة لم تنجح فى إجبار إسرائيل على منع تفردها بقطاع غزة.

ويرى إريك روندتسكى الباحث الإسرائيلى أن للهجوم الإيرانى مكاسب أيضًا بالنسبة لإسرائيل، قائلاً: «ربما يكون هذا الهجوم نقطة تحول على المستوى السياسى، لأن إسرائيل تحظى ولأول مرة منذ أشهر بالدعم الغربى، ويمكن أن تعود لحضن هذه الدول خاصة الولايات المتحدة بعد توتر غير مسبوق فى العلاقات».

من الرابحين أيضًا تأتى الدول التى شاركت فى التصدى وهى بريطانيا، فرنسا والأردن وربما دول أخرى كان لها دور، ولكن لم تظهر بالمشهد مباشرة.

خاسرون.. ولكن

تبقى إيران وهى فى موقع بين الرابحين والخاسرين، فهى قامت بالرد لكن ردها لم يغير الكثير فى المعادلات وموازين القوى، فبإمكانها أن تدعى أنها ردت وتقول إنها تخطت أحد الخطوط الحمراء عبر مهاجمة إسرائيل مباشرة من أراضيها، بالرغم من أن الهجوم جاء ضمن ترتيبات تم الاتفاق بشأنها مع واشنطن، كما أنه لم يسبب أى أذى لإسرائيل.

ويرى محللون فى الشأن الإيرانى أن الهجوم لم يحقق مكسبًا فى الشارع الإيرانى، بل على العكس أظهر ضعفًا فى نظام طهران لأنه لم يدمر أى هدف فى إسرائيل، ما أثار سخرية الشارع الإيرانى، ويمكن القول أن إيران ربما كانت ستربح أكثر إذا ما استمرت فى حربها النفسية وتصريحاتها «العنترية»، لكن الآن هى خسرت أى رجعة لتواجدها على الساحة العالمية، وأى دعم شعبى لسياساتها، سواء الداخلية مع شعبها أو خارجية بمساندة حلفاء أجندتها فى الشرق الأوسط، هذا بالطبع مع اكتسابها حفنة جديدة من العقوبات الدولية.

قال على زادة الباحث الإيرانى: إن طهران خسرت على المستوى السياسى سواء الداخلى أو الخارجى، فقد خسرت إيران دول الجوار ولم يكن هناك تأييد من أى دولة، لافتًا إلى ما وصفه بالمحاولات لجر إيران لحرب مباشرة مع الولايات المتحدة.

وأوضح زادة، فى تصريحات صحفية، أن المرشد الإيرانى على خامنئى يقع تحت ضغط شديد، ليس فقط فى الشارع وإنما أيضًا هناك ضغط شديد من شخصيات مسئولة داخل النظام. فهناك ضغط من قبل الحرس بعد مقتل سبعة من قادة فيلق القدس على أيدى إسرائيل، فرجال الحرس كانوا يطالبون بالانتقام.

أما باقى أذرع إيران فى المنطقة، والتى أطالتهم هذه العملية أيضًا، فيمكن أن نقول إن حالهم مثل حال إيران، لا ربح لا خسارة، ولكن مع ذلك هم فى مأزق لأن الرد الإيرانى لم يخرج من تحت عباءة المايسترو الأمريكى، وبالتالى ليس هناك محور مقاومة حر القرار أو مطلق اليدين يمكنه أن يفعل ما يشاء.

تغيير البوصلة والخسارة الاستراتيجية

فى نهاية المشهد نرى أن مكاسب إسرائيل أكثر من مكاسب إيران، لأن الضربات الإيرانية لم تقدم أى شىء، لا دمار ولا خسارة بشرية ولا حتى عسكرية، وأيضًا لأن الغرب بأكمله يقف الآن مع إسرائيل، والولايات المتحدة تحاول حشد الدعم الغربى على مستوى السلاح والتعاون الاستخباراتى والدعم المالى لإسرائيل.

وجاءت دعوة الرئيس الأمريكى جو بايدن لعقد قمة عاجلة لمجموعة السبع من أجل حشد الدعم لإسرائيل، الأمر الذى يصور أن إسرائيل هى الضحية ويجب على العالم كله أن يقف بجانبها.

أما سياسيًا، فقد جاءت الضربة الإيرانية على طبق من ذهب لنتنياهو، الذى سيضمن مكسبًا سياسيًا بعدما تحولت الأنظار ولو مؤقتًا عن الأوضاع الكارثية التى ترتكب فى قطاع غزة، كما سيستفيد نتنياهو من إعادة ترميم العلاقة مع الغرب وخاصة مع الرئيس جو بايدن بعدما كان الغرب ينتقد إسرائيل كثيرًا فى الآونة الأخيرة على خلفية الأحداث فى غزة.

ويرى محللون أن ما قامت به إيران أظهر أن إسرائيل لا تستطيع الدفاع عن نفسها بمفردها إلا من خلال حلفائها الغربيين، بعد أن أسقطت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن معظم صواريخ إيران. والهدف الرئيسى لإسرائيل فى ضرباتها المتكررة لإيران فى الفترة الماضية كان إظهار أن إيران ضعيفة ولا تتجرأ على المواجهة، لكن الهجمات حطمت هذه النظرة.

وفى النهاية ومع تزايد الأنباء عن رد إسرائيلى قادم، فإن اندلاع حرب إقليمية شاملة فى الشرق الأوسط هو أمر خطير ليس فقط لشعوب المنطقة، وإنما قد تتدحرج الأمور إلى حرب عالمية ثالثة. حرب إقليمية ستلحق بدول وشعوب المنطقة دمارًا كبيرًا، وخسائر بشرية واقتصادية هائلة. وقد تعود معظم الدول مئات السنوات إلى الوراء، ومع مثل هذا التطور إن حدث فالجميع سيكون خاسرًا حتى لو انتصر فى الحرب.