الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أهم وسائل ومؤسسات اختراق القارة السمراء: يهود إفريقيا وإعادة تشكيل المواقف تجاه إسرائيل

تعتبر أفريقيا التى تضم 54 دولة موطنا لمجموعة واسعة من الديانات وتظهر الكنائس المحلية الإفريقية التى نشأت حديثا المعروفة بالكنائس الخمسينية بوصفها واحدة من الفئات الدينية الأسرع نموا فى القارة، إذ تشكل حوالى ثلث المجتمع المسيحى فى القارة. وتبدى البنية الأساسية لهذه الكنائس انسجامًا أوثق مع العقيدة اليهودية، فقد توغلت إسرائيل بالمجتمعات المسيحية شرق أفريقيا ووسطها وجنوبها بالتعاون مع اليهود الأفارقة والكنائس الخمسينية. ويأتى اليهود الأفارقة فى طليعة الدفاع عن إسرائيل، متبنين بشكل واسع السردية الدينية الإسرائيلية.



لعبت النصوص الكتابية والنبوءات الدينية دورا مهما فى تشكيل الهوية الدينية والثقافية للعديد من المجتمعات الإفريقية، موفرة إطارا لربط اليهود الأفارقة بالعبريين القدماء. ومن ذلك الوقت تمت الإشارة إلى نفى القبائل المفقودة إلى آشور، وذكر كوش أو إثيوبيا فى الكتاب المقدس، ونبوءة إشعياء التى تتحدث عن عودة الشتات إلى صهيون. واعتبروا ذلك دلالة على جذورهم وهويتهم الروحية فى العبرانية واليهودية. وأوائل القرن العشرين، جرت مناقشات دينية بجنوب إفريقيا بين القاضى وعالم اللغات جيمس إس كالاواى ولازاروس مكسابا المثقف المنتمى لإثنية الزولو، أظهرت كيف استشهد الأخير بتاريخ إسرائيل واليونان القديمة لإعادة بناء تاريخ ديانة الزولو القديمة.

وكان مكسابا ومحيطه مقتنعين بأنهم ينحدرون من القبائل الضائعة لإسرائيل، مشيرين إلى عادات مشتركة كدليل على اتصالات قديمة بين الزولو والعبرانيين. وفى كتابها «اليهود السود» استعرضت الباحثة إديث برودر عشرات المجموعات التى تدعى اليهودية، وتوضح أن تحليل الحمض النووى للمجموعة كشف عن أصول غير إفريقية على الصعيد الأبوى، مما يشير إلى احتمالية قدوم رجالهم الساميين من خارج إفريقيا وزواجهم من أفريقيات، مما يعزز فكرة أن الهوية اليهودية الأفريقية ليست فقط مسألة تبنٍ دينى، ولكنها قد تمتلك أيضا جذورا تاريخية وجينية. وبينما يتمتع يهود الفلاشا من إثيوبيا بشهرة واسعة، توجد مجتمعات يهودية أخرى فى إفريقيا كيهود اللمبا أو واريمبا، وهى مجموعة إثنية توجد بشكل أساسى بين زيمبابوى وجنوب إفريقيا، مع وجود ملحوظ فى موزمبيق وملاوى، ويعرفون بتبنيهم التقاليد اليهودية. 

وفى أوغندا، تبرز مجموعة يهود أبيودايا التى تستمد اسمها من اللغة اللوغندية وتعنى «شعب يهوذا». وفى الكونغو الديمقراطية، يشكل يهود لوبا أو بالوبا تجمعا آخر يدعى ارتباطه بالتقاليد اليهودية. وفى غرب إفريقيا، وتحديدا فى تمبكتو بمالى، مجموعة زاخور، التى تعنى تذكر بالعبرية، وقد أعلنت انتماءها لليهودية فى الثمانينيات. كذلك فى نيجيريا، قبائل من الإيجبو تعرف نفسها بـ«إيبو بينيسى-إسرائيل». بينما فى غانا، تشتهر مجموعة «بيت إسرائيل» التى تمزج بين اليهودية والديانات الأفريقية التقليدية. وبالانتقال إلى شرق أفريقيا، يعرف يهود قبائل التوتسى فى رواندا وبورندى بالعبرانيين التوتسى من هاڤيلا. وفى زيمبابوى، يهود روسابى بالمثل، حيث يعتبرون جزءا من هذا الطيف المتنوع. والقاسم المشترك بين هذه المجموعات هو كونهم جميعا من الأفارقة السود ويدعون الانتماء إلى اليهودية.

واكتسبت المجتمعات اليهودية تأثيرا كبيرا رغم عددها الضئيل من خلال ارتباطها بالكنائس الخمسينية الأفريقية، أما مسار احتضان الهوية اليهودية ضمن بعض الفئات الأفريقية فقد انبثق من خلال مراحل مختلفة من حيث المدة الزمنية والتأثير، إذ استغرق الأمر ما يزيد على مئة عام حتى يقبل يهود الفلاشا من إثيوبيا كجزء من الشتات اليهودى. وفى حالة اللمبا، استلزم حوالى عقدين للإقرار بهم كيهود من أصول أفريقية. يقول تيودور بارفيت، الرحالة والمؤرخ المتخصص فى الدراسات اليهودية الذى قدر تعداد يهود اللمبا بما يقارب 70 ألفا عام 2010، إن تقاليدهم الشفهية تروى أن أجدادهم كانوا من اليهود القادمين من سيناء إلى جنوب أفريقيا. وخلال الفترة الأخيرة، وفى ظل تزايد الاهتمام بالهويات الدينية لليهود الأفارقة، عملت مجتمعات غربية على نسج أواصر القبول بين اليهود الأفارقة مع المجتمعات المسيحية بأفريقيا، من خلال مؤسسات بارزة مثل مشروع «أفريقيا-إسرائيل» النرويجى، ومنظمة «المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل» (سى يو إف آى) بأمريكا.

ومن هذا المنطلق، أتيحت لليهود الأفارقة فرصة التقارب مع المسيحية المحلية، مع ترويج رؤية إسرائيلية تعتبرهم شعب الله المختار، وذلك فى سياق مجتمعى معزز بإغراءات روحانية أخرى مثل الحج المسيحى إلى القدس كعربون معنوى. ومن خلال هذا النهج، تحولت إسرائيل إلى رمز دينى، قبسا من الأمل فى منظورهم، حيث يعتبر التأييد لليهود كتأييد للذات الإلهية، مع الإيمان بأن دعم إسرائيل يجلب البركات السماوية. وهذا النظر غير النقدى لإسرائيل فتح المجال لتوسع نفوذها الروحى فى أفريقيا. وفى هذا السياق، يمكن الإشارة إلى تصريح جدعون بهار رئيس مكتب أفريقيا فى وزارة الخارجية الإسرائيلية سابقا، والذى قال نعطى أولوية للعلاقات مع الجماعات الدينية والعرقية والسياسية سواء، غير أن الزيادة فى حجم وتأثير المجتمعات الدينية بأفريقيا فى الفترة الأخيرة الداعمة، تسهم تلقائيا فى تعميق الصلات مع إسرائيل وتنمية الإقبال على التواصل معنا.

أما دور يهود أفريقيا فى دعم إسرائيل، فمن خلال التأثير على القساوسة ذوى النفوذ الكبير فى المجتمعات المسيحية، بالإضافة إلى مجموعات ضغط دينية تسعى لكسب دعم النخب الحاكمة لإسرائيل ومواقفها دوليا، أصبح اليهود قوة داعمة يعززون الرواية الإسرائيلية فى أفريقيا. وفى جنوب أفريقيا مثلا، سعت إسرائيل والاتحاد الصهيونى الجنوب أفريقى «إس، إيه، زد، إف» بشكل مستمر للتعاون مع الكنيسة المسيحية الصهيونية القديمة «زد سى سى» وهى جماعات إيمانية ناشطة، فى محاولة لمواجهة الدعم السياسى لفلسطين والحد من الزخم الشعبى لحملة المقاطعة والعقوبات. أعينونا على مقاومة هذه الظاهرة والجنون الذى استولى على الحزب الحاكم.. إذ نحن لا نرغب فى أن تطالنا اللعنات الناتجة عن هذه الممارسات، بل نطمح لأن نجلب البركات التى تستحقها جنوب أفريقيا بالفعل، بهذه الكلمات طلب رئيس الاتحاد الصهيونى بن سوارتز دعم الحاضرين بشغف، فى مؤتمر مؤيد لإسرائيل نظم فى جوهانسبرج عام 2018، فى إشارة منه إلى دعم حكومة رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا للقضية الفلسطينية.

ورأينا مثله من ردود هجومية إسرائيلية على جنوب أفريقيا عقب رفعها قضية جنائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، والتى قامت بها بعد استشهاد ما يزيد على 35 ألف فلسطينى نتيجة العدوان الإسرائيلى المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضى. وهكذا، ورغم نسبتهم القليلة فى القارة، استطاع اليهود الأفارقة التأثير بشكل ملحوظ على الرأى العام فى أفريقيا. لكن، يظل الإنجاز الأخطر هو قدرتهم على جعل الكنائس الخمسينية فى أفريقيا تعبر عن قناعاتهم. واحتلت القارة الأفريقية مركزا متقدما فى أجندة الأولويات الإسرائيلية، ولم تبدأ العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية، مع قيام الأولى عام 1948، وإنما مع انعقاد أول مؤتمر صهيونى، ففى أغسطس 1897، فى مدينة بازل بسويسرا، حيث تصدر جدول أعماله إقامة دولة فى أوغندا أو كينيا أو الأرجنتين إلى جانب فلسطين. وتزايد الاهتمام الإسرائيلى بأفريقيا بعد أن نالت معظم الأقطار الأفريقية استقلالها، وانضمت إلى الأمم المتحدة، وأصبحت تشكل قوة تصويتية لها وزنها فى المنظمات الدولية وباستقراء السياسات الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا يمكن الوقوف على أهداف تل أبيب من العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية

 التأثير على الأمن المائى العربى

 شكلت نظرة إسرائيل تجاه مياه النيل وهى التى لا تخل من مطامع استيلائية جزءا من نهجها المعروف تجاه المياه التى تتشارك فيها مع الدول العربية، حيث طرحت العديد من المشروعات الرامية لاقتسام هذه المياه. وتهدف تل أبيب من وراء العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية لاستخدام المياه كورقة ضغط على مصر والسودان، وخاصة مصر التى تمثل مياه النيل بالنسبة لها أمرا مصيريا، ولذلك فإن التنسيق الإسرائيلى مع دول المنبع يمثل تهديدا لا يحتمل التأويل لمصالح مصر والسودان، ومحاولة للضغط من أجل توصيل مياه النيل إلى إسرائيل التى تعانى من الندرة المائية. وشهد عقد التسعينيات تحركا خطيرا لتغيير القواعد القانونية الدولية المعمول بها فى إطار توزيع مياه الأنهار، فدخلت مفاهيم جديدة مثل تسعير المياه وإنشاء بنك وبورصة للمياه، بمعنى أن يكون الحل الوحيد أمام الدول العربية لتجنب الحروب حول المياه هو اضطرارها لنقل مخزون مياهها إلى إسرائيل، وإلا تعرضت هى نفسها لانتقاص حقوقها المائية.

 تهديد الملاحة فى البحر الأحمر

 تعتبر محاولة السيطرة على البحر الأحمر من أهم الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل فى أفريقيا والتى بدأت منذ عام 1949، وذلك بهدف الاتصال مع العالم الخارجى عن طريق البحر الأحمر، ومنع تحوله لبحيرة عربية، يفرض فيها حصار على السفن الإسرائيلية، كما حدث فى إغلاق مضائق تيران وباب المندب عامى 1967 و1973. لذلك تستهدف تل أبيب بالعلاقات الإسرائيلية – الأفريقية السيطرة على ممرات ومنافذ استراتيجية على البحر الأحمر، من خلال إيجاد مواطئ قدم لها على السواحل والأقاليم الواقعة على البحر الأحمر واعتمدت استراتيجية إسرائيل لتحقيق سيطرتها على البحر الأحمر على تدعيم الجيش الإسرائيلى وتكثيف الاستيطان فى إيلات والنقب، وإنشاء علاقات ودية واقتصادية وعسكرية مع الدول الأفريقية.

 إضعاف التأييد الأفريقى للقضايا العربية

بعد أن نالت معظمم الدول الأفريقية استقلالها وانضمت إلى الأمم المتحدة، أصبحت تشكل كتلة تصويتية لها وزنها فى المحافل الدولية، سعت إسرائيل لكسب هذه الدول، عن طريق تدعيم العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية للحصول على تأييد دولى بعيدا عن الڤيتو الأمريكى، وأيضا إلى إضعاف التأييد الأفريقى للقضايا العربية.

 الربط الأيديولوجى بين إسرائيل وأفريقيا

 تركز إسرائيل على عملية الربط الأيديولوجى بين الحركة الصهيونية والحركة الأفريقية الزنجية، وذلك بزعم أن كلا العنصرين له ماضٍ مؤلم ممتد، مما يدفع إلى الاعتقاد بأن سياسة إسرائيل فى أفريقيا تعد تطلعًا لا لحماية اليهود فقط، بل لمساعدة الأفارقة، الذين تعرضوا للاضطهاد.

 تدعيم العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول الأفريقية

تهدف تل أبيب أيضا من العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية إلى تدعيم علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الدول الأفريقية، وفتح أسواق بها لاستثمار طاقاتها وإمكانياتها الإنتاجية والفنية، من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية. وركزت إسرائيل فى علاقاتها الاقتصادية مع أفريقيا على قطاعات محددة، فإلى جانب امتلاكها بعض المزارع، نجدها تهتم بتركيز استثماراتها فى استغلال الثروات الطبيعية الأفريقية، وأهما الماس فى الكونغو وغانا واليورانيوم فى النيجر.

أما عن مرحلة التأسيس والازدهار الأول فى العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية فقد بدأت منذ 1948 - 1967، وحتى منتصف الخمسينيات، لم يكن لإسرائيل أى نشاط ملحوظ فى أفريقيا، لانشغالها بمشاكلها الداخلية، وصراعها مع جيرانها العرب فى مرحلة النشأة، لذلك تركزت العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية فى هذه المرحلة مع ليبيريا، ثالث دولة فى العالم تعترف بإسرائيل، وإثيوبيا بدرجة أقل، ثم بدأت العلاقات فى النمو فى منتصف الخمسينيات، بعد مؤتمر باندونج، الذى كان ضربة لإسرائيل. ووصل النشاط الإسرائيلى فى القارة الأفريقية ذروته سنة 1967، حيث نجحت إسرائيل فى إقامة علاقات دبلوماسية مع 32 دولة أفريقية، بالإضافة إلى تمثيل قنصلى فخرى فى 5 مناطق كانت معظمها مستعمرة، وبالمقابل أقامت 11 دولة أفريقية تمثيلا دبلوماسيا لها فى إسرائيل

أما مرحلة التدهور والانكماش فقد بدأت من 1967 - 1982، حيث بدأ النشاط الإسرائيلى فى أفريقيا يتدهور ببطء بعد حرب 1967، ووصل لمنتهاه مع حرب أكتوبر، حيث بلغ عدد الدول الأفريقية التى قطعت علاقتها بإسرائيل 42 دولة، أى جميع الدول الأعضاء فى منظمة الوحدة الأفريقية فى ذلك الوقت.ثم مرحلة العودة مرة أخرى إلى أفريقيا بدأت من 1982 - 1991، وبدأت إرهاصات هذه المرحلة بعد التوقيع على معاهدة كامب ديڤيد، إذ تهيأت لإسرائيل بفضل هذه الخطوة ظروف أفضل للحركة فى الممرات الدولية وخاصة البحر الأحمر، بالإضافة لإمكانية كسر العزلة على المستوى الأفريقى، وفى هذه الأثناء برز تيار أفريقى يدعو لإعادة العلاقات مع إسرائيل، حتى تعطل الأمر مؤقتا مع الاجتياح الإسرائيلى للبنان، وانتهى عقد الثمانينيات، ولم يكن لإسرائيل تمثيل دبلوماسى سوى فى 10 دول فقط، 5 منها على مستوى السفراء، وخمسة على مستوى مكاتب لرعاية المصالح. ثم جاءت مرحلة العودة الإسرائيلية الواسعة من 1991، مع انعقاد مؤتمر مدريد للسلام شهدت العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية دفعة قوية، إذ نجحت إسرائيل فى استعادة علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الأفريقية حتى وصل عدد الدول الأفريقية التى تقيم علاقات بإسرائيل 44 دولة.

ثم بدأت تظهر مؤسسات تعتمد عليها إسرائيل فى أفريقيا، فقد عملت وزارة الخارجية الإسرائيلية من خلال مركز ماشاف الذى تأسس عام 1958 كإحدى آليات الوزارة الهادفة لتحسين سمعة إسرائيل فى العالم، وتعزيز موقعها فى القارة الأفريقية، من خلال التعاون بين الجانبين، واستخدمت إسرائيل المركز فى إرسال مئات الخبراء والوفود الفنية والتقنية للدول الأفريقية، لتعزيز العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية.

أما الموساد فمنذ بداية الخمسينيات، وضع هذا الجهاز ما يسمى بخطة احتواء أفريقيا، التى صاغها أهارون زعير، والتى تتضمن إيفاد حوالى 5000 خبير ومستشار فى الزراعة والبناء والتشييد، بالإضافة إلى المستشارين العسكريين، من أجل تنظيم وتدريب وتسليح الجيوش الأفريقية. ولعب الموساد دورا فى تدعيم حركات انفصالية وأنظمة فى أفريقيا، فدعم فى الستينيات دعما لحركة التمرد فى جنوب السودان، وساندها حتى استقلت عن دولة السودان، كما ساعد إمبراطور إثيوبيا هيل سيلاسى فى سحق محاولة انقلابية ضده بنقل كافة المعلومات إليه.

ولكن كانت هناك وسائل تنفيذ سياسة إسرائيل فى أفريقيا أولها التغلغل التجارى والاقتصادى الذى احتل الجانب الاقتصادى فى استراتيجية إسرائيل للتغلغل فى أفريقيا أهمية كبيرة، حيث يفتح أسواقًا للمنتجات الإسرائبلية، ويمكنها من الحصول على المواد الخام، وتشغيل فائضها من الخبراء والفنيين. ويملك الإسرائيليون اليوم كبرى الشركات التى تتحكم فى الاقتصاد الأفريقى، كما تعد أفريقيا موردا كبيرا للماس، الذى تحصل عليه إسرائيل من دول أفريقية فى إطار تجارة غير شرعية، كما تعد إسرائيل موردا ضخما للسلاح للقارة السوداء.

كما اهتمت إسرائيل بالاتصال المباشر بالدول الأفريقية من خلال زيارات لمسئولين إسرائيليين من مختلف المستويات لهذه الدول، بعد إعلان الدولة، إلى جانب توجيه دعوات لزعماء القارة لزيارة تل أبيب، كما توسعت فى هذه الدعوات لتشمل القادة النقابيين والطلاب والشباب، لتدعيم العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية على المستوى الشعبى. كذلك أسمت شوارع إسرائيلية بأسماء زعماء أفارقة، وقدمت رشاوى لشخصيات وهيئات سياسية واقتصادية واجتماعية أفريقية، وأعلنت عن تقديم مئات المنح الدراسية للطلاب الأفارقة فى الجامعات الأفريقية، كما أنشأت جامعة هيلا سيلاسى فى إثيوبيا. وفيما يخص المساعدات العسكرية والأمنية، يغلب على مشاكل الدول الأفريقية المشاكل الحدودية والعرقية، وللمشاكل أيضا أبعاد تنموية واقتصادية واستثمارية، وقد استغلت إسرائيل هذه النقاط فى تأسيس عدد من المحطات الاستخبارية فى عدد من دول القارة.