السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فيلم مميز فى فكرته والكوميديا التى يقدمها: فاصل من اللحظات اللذيذة.. فعلًا

كل اختيار تقوم به فى حياتك اليومية يترتب عليه سلسلة أخرى من الاختيارات التى تمثل يومك، وبالتالى حياتك بأكملها، مهما كانت تلك الاختيارات بسيطة، فعلى سبيل المثال إذا اخترت أن ترتدى حذاءً ما بدلًا من آخر فيترتب عليه سلسلة من الأحداث التى تقع لك، وعلى أثره إذا اخترت أن تقبل وظيفة ما أو ترفضها فلكل منهما مسار مختلف يشكل حياتك ومستقبلك.



 

وبشكل علمى فيزيائى بحت أكد على ذلك الفيزيائى الأمريكى «هيو إيفريت» وقال إن التأثيرات الفيزيائية الكمية تتسبب فى انقسام الكون باستمرار على حسب كل مرة تتخذ فيها قرارًا من أى نوع، فعند كل قرار تتخذه ينقسم الكون، مما يعنى أنه على مدار حياة الإنسان الواحد هناك ملايين من الأكوان التى يتم خلقها، وأكد أن هناك على الأقل نسخة واحدة منك انتهزت الفرص التى رفضتها واستغلتها بشكل جيد.. وهى نظرية فى الفيزياء تسمى «الأكوان المتعددة» وهى تحديدًا فكرة فيلم (فاصل من اللحظات اللذيذة) الذى يعرض على شاشة السينما حاليًا، ويحمل أيضًا قيمة أخلاقية مهمة جدًا وهى «الرضاء» بالحياة وتقبلها مع محاولة إصلاحها بدلًا من الهروب منها لحياة أخرى لا تشبهك، اعتقادًا منك أنها أفضل، فليس كل ما يلمع ذهبًا، والحياة ليست بالضرورة أن تكون أفضل على الجانب الآخر كما يعتقد الكثيرون.

فكرة جذابة للجمهور تنتمى لدراما الفانتازيا وهى من أصعب أنواع الدراما، فإما أن تنجح نجاحًا باهرًا أو تفشل فشلًا ذريعًا ًويكون مصيرها النسيان، لكن هذا العمل الفنى هو بالفعل «فاصل من اللحظات اللذيذة» فقد اعتمد على كوميديا «الإفيه» بشكل كبير التى نفتقدها فى السينما منذ سنوات، كما أن المؤلفين «شريف نجيب وجورج عزمى» دمجا معها كوميديا الموقف فخرج الحوار كوميديًا ممتعًا يجعلك كمُشاهد تنفصل تمامًا عن واقعك وحياتك ومشاكلك وتتعايش مع شخصيات العمل.

كما أن هناك أكثر من عنصر فنى قوى يجذبك للعمل ويدمجك مع أحداثه وعلى رأسها الأداء التمثيلى، فلو تحدثنا عن «هشام ماجد» فى شخصية «صالح» أو بمعنى أصح شخصيتى «صالح» فقد أبدع فى التلوين بين شخصيتين متناقضتين تمامًا، «صالح» المهندس الفقير الفاشل الذى يتحدث بشكل فج وعنيف وناقم على حياته ويرتدى ملابس رثة تاركًا ذقنه كمعادل بصرى لشخصيّته وحالته النفسية، و«صالح» المهندس الناجح المشهور المنظم الغنى المهندم فى ملابسه صاحب الصوت المنخفض والألفاظ الراقية، تشعر وكأنه «كين» فى عالم «باربى»، وأنت كمُشاهد تصدقه فى الحالتين وتعيش مشاعره وحالته، أما «هنا الزاهد» فى دور «درية» فقد أتقنت تلك الشخصية فى العالمين أو الكونين فخرج أداؤها سلسًا تلقائيًا يدخل القلب ويرسم الابتسامة، فسوف تتعايش معها وهى «درية» صاحبة الصوت العالى ولغة الجسد العنيفة وتعبيرات الوجه البعيدة كل البعد عن الأنوثة والرقة بملابسها المتسخة غير المتناسقة، وستتعايش معها وتصدقها وهى تتحرك وتتحدث كالمانيكان أو «باربى» العروس البلاستيكية بلا لغة جسد أو تعبيرات وجه، فقط صوت هادئ وكلام منمق محسوب.

ولن يكتمل مثلث الكوميديا بدون « كمال» أو «محمد ثروت» الذى قدم شخصية لا تستطيع أن تتخيل أى ممثل آخر مكانه باحترافيته وكوميديا السهل الممتنع المعهود بها ، فتندمج معه وهو «كمال» الشرير هادئ الطباع الخبيث وتعيش مع بساطته وتلقائيته مع «كامبا» ابن الحارة الشعبية بتعليقاته وردود أفعاله التى تخرج منه بسلاسة مدروسة تنم عن موهبة حقيقية، وما أعطى للعمل الفنى مذاقًا خاصًا ومتعة فوق المتعة الطفل الموهوب «چان رامز» فى دور «بودى» الذى قدم شخصيتين من عالمين مختلفين تمامًا ولكل منهما أداء وحالة تحبها وتستمتع بها.

لذلك فيلم (فاصل من اللحظات اللذيذة) ليس فقط فيلم العيد الذى تستمتع به مع أسرتك، لكن أيضًا عمل فنى مميز فى فكرته والكوميديا التى يقدمها، فهو من نوعية الأعمال التى تعيش وتبقى مع السنين فتشاهدها أكثر من مرة وأنت مستمتع حقًا بتلك اللحظات اللذيذة.