الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حق آل «عرب»

سر واحد بين اثنين فقط، هما بطلة العمل والجمهور، سر لو كُشف تنقلب حياة كل شخصيات العمل رأسًا على عقب، يكشفه لنا المؤلف «محمود حمدان» فى الحلقات الأولى، وهنا نتحول من مجرد جمهور يتابع الأحداث إلى مشاهد يشارك بطلة العمل «صباح» قلقها وتوترها أن ينكشف سرها.



لذلك يعتبر مسلسل (حق عرب) قائمًا على تداخل نوعين من الحبكات الدرامية، حبكة الكشف، فهناك سر سينكشف مع الأحداث ومعه تتغير حياة كل الشخصيات، وأيضًا حبكة الأزمة والحل، فهناك أزمة أمام «صباح» التى تجسد شخصيتها «وفاء عامر»، أزمة محاولتها بكل الطرق ألا ينكشف سرها، مع أزمات آخرى تُحل مع تصاعد الأحداث، أزمات هى بمثابة صراعات خارجية وداخلية، فبالنسبة للصراعات الخارجية هناك صراع بين «عرب» الذى يجسد دوره «أحمد العوضى» و«وليد فواز» فى دور «رباح»، وصراع أيضًا بين «عرب» و«جمال» الذى يجسد دوره «أحمد عبدالله محمود»، مع صراعات داخلية نفسية داخل «عرب» فهو فى صراع نفسى بين حبه لـ«حنان» التى ارتكبت خطأ كبيرًا وبين كرامته وعزة نفسه، وصراع نفسى آخر داخل «عرب» بين حبه وولائه لـ«عبدربه» الذى تربى على يديه ويعمل تحت إمرته وبين شكوكه فى كون هذا الرجل سبب مقتل والده.

كما أن هناك رؤية أو حلمًا تفتتح به أول حلقة من المسلسل وتعتبر لغزًا يحرك الأحداث ولا أحد يعرف حقيقة تفسيره ونهايته.

لذلك نحن أمام عمل فنى غنى بالأحداث المتصاعدة القائمة على مشاركة الجمهور فى تفسير ألغازها وأسرارها وذلك ما يجعل المشاهد يتماهى معها أكثر ويفكر مع الشخصيات فى الحلول ويعايش مشاعرهم من حزن أو فرح أو توتر أو ترقب وبالتأكيد لن يتحقق ذلك إلا بأداء تمثيلى مبهر يجعل الحوار الدائر بين الشخصيات من لحم ودم ومشاعر فنصفه بالحوار الحى كما ينقل الصراعات المتداخلة بين الأبطال على الشاشة ويؤثر بها على الجمهور، وذلك ما نجح به أبطال العمل.

فلو تحدثنا عن «أحمد العوضى» فى شخصية «عرب السويركى» فنراه مُتقنًا لأدواته التمثيلية من نبرة الصوت المتزنة التى تنم عن ذكاء ورؤية فى التفكير، ولغة جسد تحاكى ابن الحارة الشعبية إلى جانب ملابسه البسيطة، ولو تطرقنا للرسم النفسى للشخصية فـ«عرب» شخصية مليئة بالصراعات الداخلية والمشاعر المتضاربة بين الحيرة والحب والحزن والانتقام من عدمه، وكل ذلك انعكس بإبداع على أدائه التمثيلى للشخصية مع تمكنه مع مخرج المعارك «محمود طاحون» من أداء مشاهد الضرب ومعارك الشارع بسلاسة. 

أما «رياض الخولى» فى دور «عبدربه» فلا يغفل علينا الأداء الرزين المعتاد للفنان الكبير وجمعه بين الطيبة والشر فهو يحب نفسه ومن بعده يأتى الجميع مهما كانت درجة القرب منه، وظهر ذلك جسديًا على نظرات عينيه الثاقبة والتلوين فى نبرات صوته بين القسوة أوقاتًا واللين أوقاتا أخرى ليخرج لنا أداءً محترفًا يُدرّس على حق.

ولو تحدثنا عن «وفاء عامر» فى شخصية «صباح» فبالرغم من كونها امرأة شعبية قوية قامت «وفاء عامر» بتجسيدها كثيرًا إلا أنك تلمس كمُشاهد فى «صباح» قوة أو بمعنى أصح جبروت الأم مع حنان وحب الزوجة وقوة المعلمة، سترى دموعًا فى عيون تهدد أى شخص يقف فى طريقها أو طريق أبنائها، ذلك المزيج الناعم القاسى جسدته «وفاء عامر» بإبداع يجعلك كمُشاهد مستمتع وأنت تتابع مشاهدها، ونفس الحال بالنسبة لـ«رباح» الذى جسده «وليد فواز» فهو شخصية مليئةً بالعقد النفسية والنزعة الانتقامية التى تحرق روحه وتأكل فى جسده فلا يرى ولا يسمع سوى صوت الكره والانتقام ويعيش يومه يفكر فقط فى كيفية القضاء على «عرب السويركى»، شخصية بذلك الحقد والكره والتى لها دوافعها أيضًا جسدها «وليد فواز» بطريقة السهل الممتنع فخرج الأداء صادقًا فوصل إليك كمُشاهد بصدق يجعلك تخاف منه حينًا وتكرهه حينًا آخر وهنا يتحقق التأثير والنجاح .

مسلسل (حق عرب) ملحمة شعبية مثيرة للشغف جاذبة للمُشاهد، ذات إيقاع سريع وبناء قوى للأحداث.