السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خبير علاقات دولية فى برلين يتحدث عن «كرات نار» ستكوى أوروبا د.عبدالمسيح الشامى: تحذيرات مصر تؤكد أنه ما زال فى هذا العالم رجال عقلاء

أكد خبير العلاقات الدولية فى برلين، د.عبدالمسيح الشامى، أن تحذيرات مصر بمخاطر تصفية القضية الفلسطينية تقول إنه ما زال فى هذا العالم رجال عقلاء، يتصدرهم الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، موضحًا أن محاولات تصفية تلك القضية ستنتج «كرات نار» ستكوى أوروبا.



وقال «الشامى» فى حوار مع «روزاليوسف»، إن مصر تمتلك أدوات الحل وهى دولة تتمتع بثقة الجميع، وهى الوحيدة التى تلعب دورًا إيجابيًا فى الملف الفلسطينى، ولها ثقل على طاولة المفاوضات وتقدم حلولًا، لافتًا إلى أن الموقف الأوروبى نقيض لا يتطابق دومًا مع الموقف الأمريكى، خصوصًا بعد الحرب الأوكرانية، وفيما يتعلق بالتعامل مع إسرائيل فهو غير متماه معها، وتصريحات بعض المسئولين الغربيين بحق إسرائيل هى ليست أكثر من مجاملة اضطرارية لأسباب تتعلق بمشاكل تاريخية بين اليهود والأوروبيين.

 كيف ترى التحذيرات المصرية من محاولات تصفية القضية الفلسطينية وحرصها على منع حصول نكبات جديدة؟

- التحذيرات المصرية تؤكد عقلانية ونضج الخبرة السياسية التى يتمتع بها الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، فهو يعلم بأبعاد وكارثية ما يتم تدبيره فى المنطقة كتصفية القضية الفلسطينية مثلًا، وهذا أمر ينطوى على مخاطر كبيرة على المنطقة وبالأخص دول الجوار، الرئيس السيسى يعى كارثية ما يحاك ويطالب العالم وخصوصًا العالم الغربى بالتنبيه لأبعاد هذه الخطوة الكارثية، الرئيس السيسى يحاول الحفاظ على آخر حق لإنسان ما يعيش فى قطاع غزة، وإذا لم يحترم العالم حق الشعب الفلسطينى وسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، وقتئذ سيكون العالم كله أمام مشكلة كارثية، والتحذيرات المصرية محقة وصحيحة ولها رؤية للمستقبل واستقراء واستنتاجات من الماضى، وللأسف الشديد إسرائيل تحاول فرض واقع جديد داخل الأراضى المحتلة، واقع مؤذٍ للفلسطينيين ولشعوب المنطقة، تصدير الأزمة الفلسطينية إلى دول أخرى لتصفيتها بشكل نهائي سيكون أمرًا كارثيًا، وعلى الإسرائيليين التعلم من دروس الماضى، النتائج عن هذه السياسات الإسرائيلية لن تكون كارثية على دول الجوار فقط، بل على العالم أجمع، وهذا خطر تقرأه مصر وتنتبه له بشكل جيد، وهى ستبذل قصارى جهدها، وذلك انطلاقًا من حرصها التام على استقرار المنطقة.

 الشروط التى أطلقتها القاهرة عند مطالبة الغرب بخروج أجانب من قطاع غزة ستكون مقابل إدخال المساعدات.. كيف رأيت هذه العبارة؟

- الشرط المصرى لخروج الأسرى الأجانب مقابل إدخال المساعدات واجب إنسانى وأخلاقى فى ظل أزمة كارثية، هذا الشرط ينم عن إحساس عالٍ بالمسئولية، وموقف أخلاقى تجاه شعب يتعرض للإبادة، وهو نابع من حرص مصر على العدالة الإنسانية وعلى المساواة فى تطبيق قواعد حقوق الإنسان، فلا يجوز اعتبار رعايا دول بعينها أنهم بشر من الدرجة الأولى وبأنه يجب إخراجهم من غزة بلا شروط فى حين أنه لا يوجد مشكلة لدى هذه الدول فى أن يموت أهل غزة من الجوع، فهذا أمر ليس أخلاقيًا ولا إنسانيًا، وموقف مصر يحمل الكثير من العدالة والمنطق والتوازن والاحترام للقوانين الدولية التى تفرض التعامل مع الجميع بمنطق متساوٍ ولديها أدوات لا تمتلكها أى دولة.

 مثل ماذا هذه الأدوات؟

- سأتناول هنا مشاهد تظاهر إسرائيليين أمام السفارة المصرية فى تل أبيب، حتى تتواصل القاهرة مع الفصائل فى غزة فيما يخص أسرى إسرائيليين، فى الحقيقة هذا نابع من ثقة كبيرة بالدور المصرى بشكل عام، ورغبة الرئيس السيسى والأجهزة المصرية فى إنهاء هذه الحرب، القاهرة تتحلى بالمسئولية وجادة فى ذلك وظهرت النتيجة فى الأسرى الأجانب الذين خرجوا من غزة بجهد من الأجهزة المصرية مع دخول المساعدات لأهالى القطاع، فى المقابل لا يوجد ثقة من جانب الإسرائيليين فى حكومتهم وعلى رأسهم «نتنياهو» حتى وصل الأمر إلى خروج مظاهرات تطالب بعزله فى ظل عدم وجود جدية تجاه قضية الأسرى وتفضيله الخيار العسكرى، وخصوصًا بعد ما قاله فى بداية الأزمة عن أنه سيسير بالعملية العسكرية ولن يهتم بإعادة الأسرى حتى لو تكلف الأمر حياة كل هؤلاء، فى حين أن مصر الوحيدة التى تلعب دورًا إيجابيًا فى هذا الملف ولها ثقل على طاولة المفاوضات وتقدم حلولًا.

البعض يرى تغيرًا فى المواقف من جانب ألمانيا.. فكيف ترى الرؤية الألمانية لأزمة غزة؟

- الموقف الألمانى ليس واحدًا تجاه ما يحدث فى غزة، وهو موقف متوازن بجوانب معينة، وجوانب أخرى ربما يكون مجبرًا على اتخاذ مواقف معينة، هناك رفض لما قامت به «حماس» مع المدنيين، ولكنهم بالوقت نفسه يرفضون ما يجرى تجاه المدنيين فى قطاع غزة، وهناك مطالبات كثيرة فى البرلمان والأحزاب لإسرائيل بأن لا تحمل المدنيين الفلسطينيين عبء ومسئولية ما قامت به حماس، وألا تكون هناك مبالغة وعنف كبير فى قطاع غزة، وتاريخيًا الموقف الألمانى هو موقف داعم لإسرائيل لأسباب تاريخية، ولكن هذا لا يعنى أنه لا توجد أصوات قوية طالبت إسرائيل بوقف العنف وعدم المبالغة بالانتقام، ولذلك لا يمكن تحميل ألمانيا مسئولية ما تقوم به إسرائيل.

 البعض يرى أن هناك تعاملًا مع أزمة أوكرانيا بمنهج مغاير تمامًا عن فلسطين.. التباكى وحقوق الإنسان فى كييف ولكن فى غزة فإن الجميع جماعات مسلحة.. كيف ترى ذلك؟

-  الحرب فى أوكرانيا هى أوروبية وعلى الأراضى الأوروبية، والقضية هناك لها أبعاد سياسية واقتصادية متعلقة بالصراع على النظام العالمى الجديد، وقضية حقوق الإنسان استعملت كسلاح للضغط على الروس ولكن لم تكن محور الموضوع، وهناك صراع مكشوف ومعروف المعالم على أكثر من بعد وهو متعلق بطبيعة التحولات العالمية من حقبة القطب الواحد إلى حقبة الأقطاب المتعددة، الملف فى غزة يطغى عليه الجانب الإنسانى بشكل أكبر من أى جانب آخر، والقضية الأوكرانية مختلفة ولا يوجد ربط بينهما، القضية الفلسطينية قديمة متواجدة منذ عقود لها ترتيبات وانعكاسات أخرى وبالتالى لها تقييم مختلف، وأما الحرب الأوكرانية فلها أبعاد مختلفة، التشبيه بين الملفين أمر غير صحيح.

كونك متداخلًا مع البرلمان الألمانى ودوائر صنع القرار فى برلين.. أليس معلومًا معنى تصفية القضية الفلسطينية وتأثيرها على السلم العالمى لاسيما وأن لهم فى أزمة سوريا والعراق اللتين لا تقارنان من حيث المخاطر درسًا؟

- الألمان والأوروبيون يعون خطورة تصفية القضية الفلسطينية ويفهمون أن ترحيل الأزمة إلى دول الجوار عبارة عن إشعال كرة نار لن تتوقف عند الدول المجاورة بل سيتشكل عنها «تسونامى» من المخاطر تنكوى به أوروبا، وتتفاقم قضايا حقوق الإنسان ومجاعات وعنف، والغرب ليس موافقًا على ترحيل الأزمة مستقبلًا إلى دول الجوار ليشتعل العالم بكرات النار لتصل إلى الديار الأوروبية، والعواصم الأوروبية هنا ترفض ترحيل الفلسطينيين إلى دول الجوار ويريدون بشكل عام حل القضية داخل فلسطين، وألمانيا ودول الاتحاد الأوروبى تطالب بحل الدولتين، من الممكن أن هناك مجاملات فى تصريحات من مسئولين غربيين إلى إسرائيل ولكنها فى قضية حل الدولتين لا تتعدى سوى تصريحات مجاملة سياسية، فى كل الأحوال الموقف الأوروبى واضح بعدم ترحيل الأزمة وتصفيتها فى الخارج بدول الجوار حتى لا تنتقل إلى أوروبا بطبيعة الحال، أما الموقف الأمريكى فهو متماهٍ مع إسرائيل وبعد الحرب الأوكرانية فإن الموقف الأوروبى شىء والأمريكى شىء آخر.