
د. نادر مصطفى
عين على الهند.. صيدلية الفقـراء
تفتح روزاليوسف بابًا على الشرق يعرض لمظاهر الحياة فى واحدة من أعرق الحضارات، نتعرف خلاله على تفاصيل من شبه القارة الهندية. فمصر هى أم الدنيا، والهند هى أم العجائب.
لماذا الهند؟
اقتصاديا: المركز الخامس على مستوى العالم بحجم اقتصاد يصل إلى 2.94 تريليون دولار، وتتفوق على إنجلترا وفرنسا، وتوقعات بحلول 2050 أن تصبح ثانى أكبر اقتصاد فى العالم متجاوزة الولايات المتحدة، ولديها العديد من الصناعات الاستراتيجية.
سياسيًا: أكبر النظم الديمقراطية فى العالم.
ديموجرافيا: الثانية عالميًا من حيث السكان 1.2 مليار نسمة، ولديها تنوع بشرى، ولغوى، وثقافى ودينى.
جغرافيا: سابع دولة على مستوى العالم فى المساحة 3.2 مليون كيلومتر مربع.
عسكريا: رابع أقوى جيش عالميًا، ولديها ترسانة نووية.
تكنولوجيا: تحتل مكانة رائدة فى هندسة البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات.
شريك لمصر فى تأسيس حركة عدم الانحياز، وتسعى لأن تصبح قوة عظمى.
تمتلك الهند قدرات خاصة فى توفير التكنولوجيا للفقراء، وتوجد العديد من الأمثلة سواء فى السلع أو الخدمات التى استطاعت من خلالها التعامل المباشر معهم لتحسين ظروفهم المعيشية، وخدم الهند فى هذا الشأن ضخامة حجم السوق والاستفادة من التعداد الكبير للسكان.
واحد من المشاهد التى تلفت نظر الأجانب فى الهند هى الطريقة التى يباع بها الدواء خاصة فى المناطق النائية، فالصيدلية فى العديد من هذه المناطق قد تكون أقل مساحة وأبسط شكلًا من أماكن بيع الدواء فى العديد من دول العالم، والهم الأكبر هو توفير الدواء الفعال لقرابة المليار ونصف من السكان المنتشرين على المساحة الشاسعة لشبه القارة الهندية.
قد لا تحتاج إلى شريط كامل من الدواء فالصيدلى سيقص لك حبة أو حبتين فقط طالما كانت المادة الفعالة كافية للعلاج والأمر لا يتوقف عند الصيدلية، فعيادات الأطباء فى المناطق النائية تتسم أيضًا بالبساطة ويبدو أن البساطة هى واحدة من سمات المجتمع الهندى، وتظهر أكثر كلما ابتعدنا عن المدن الكبرى.
صيدليات الفقراء فى الهند قائمة على أساس أن الأدوية ذات الجودة العالية لا يشترط أن تكون غالية الثمن حيث تعمل هذه الصيدليات على توفير الأدوية بجودة معقولة وأسعار رخيصة. وخلال 3 سنوات افتتحت مبادرة صيدلية الفقراء فى الهند1500 فرع لها فى جميع أنحاء البلاد. ولعل التجربة المصرية فى مجال توفير الدواء للفقراء ومن أمثلتها بنك الشفاء المصرى هو نموذج للآليات التى نستطيع من خلالها توفير الدواء للمرضى من الفقراء.
ويوجد فى مصر أيضًا العديد من «صيدليات الإنسانية» مثل صيدلية سامى سلامة بالزقازيق وعيادة الغلابة للدكتور محمد مشالى فى طنطا رحمهما الله، وغيرهما من النماذج الطبية التى حظيت بالاحترام الكامل والتقدير من الشعب المصرى.
وفكرة المشروع فى الهند قائمة على تجنب الأدوية التى ترتفع أسعارها نتيجة تكاليف الإعلان والعلامة التجارية وارتفاع أرباح الشركات الدولية وبراءات الاختراع مما يجعل الدواء ليس فى متناول الفقراء أو سببًا لإفقار بعض المواطنين، فكان البديل الهندى بافتتاح هذه المراكز لتوفير العلاج لأولئك الذين لا يستطيعون إكمال علاجهم ويتنازلون عن الاهتمام بصحتهم بسبب ظروفهم الاقتصادية، كما يوفر فرص عمل للعديد من الشباب.
لعل توفير الأدوية عالية الجودة بأسعار معقولة فى الهند هو نتاج للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفر هذا المشروع على الهند خمسة مليارات روبية فى عامين ووصل إلى أكبر عدد من المحتاجين، وشجع على ذلك توفير العديد من البرامج الصحية الفرعية المرتبطة بأدوية وأمراض بعينها.
شراكة الحكومة مع القطاع الخاص فى صيدليات من هذا النوع وفر من 50 إلى %90 من أسعار الأدوية فى السوق مع تصنيع الدواء فى مصانع معتمدة من منظمة الصحة العالمية وبعد إجراء الفحوص اللازمة للجودة.