الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
 إحياء صالون العقاد

إحياء صالون العقاد

حَسنًا ما أسفر عنه تراجُع المسئولين عن إزالة منزل المفكر الكبير والأديب العظيم الراحل «عباس العقاد» فى مسقط رأسه بأسوان؛ حيث استجاب رئيسُ الوزراء إلى مَطالب المثقفين والكتّاب والشعراء بتحويله إلى متحف ومزار سياحى وإعادة تأهيله كقيمة ثقافية وتاريخية.. يضم مقتنياته الشخصية ومكتبته الضخمة التى تبرعت بها أسرته.



ومن جانبى أتصور فى هذا الصدد أن يحتوى هذا الصرح الثقافى الجديد على قاعة كبيرة للندوات، وأقترح أن تصبح هذه القاعة امتدادًا لصالون العقاد التاريخى الشهير فى منتصف الأربعينيات.. والذى كان يعقده فى منزله بمصر الجديدة فى القاهرة كل أسبوع وكان يضم عددًا كبيرًا من الأدباء والشعراء والمفكرين والنقاد والمثقفين.. وقد وثق له «أنيس منصور» فى مؤلفه الرائع «فى صالون العقاد كانت لنا أيام» وقد تسلم «العقاد» الراية من «مى زيادة» بعد وفاتها، وكان صالونها فى ندوتها الأسبوعية يضم صفوة كتّاب عصر التنوير؛ حيث تبلورت النهضة الأدبية الحديثة فى عهد أولئك الكتّاب الذين استناروا برسالة رواد عظام حظيت بهم أمتنا فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر.. وقد قال العقاد فى ندوة «مى» إنه لو جمعت الأحاديث التى دارت فى هذا الصالون لتكونت منها مكتبة عصرية تقابل مكتبة «العقد الفريد» ومكتبة الأغانى فى الثقافتين الأندلسية والعباسية.

أمّا صالون العقاد فيقول عنه «أنيس منصور»: كانت رحلتنا إلى بيت العقاد تبدأ يوم الخميس فنظل نتحدث عنه وعن ندوته السابقة ابتداء من يوم الخميس ثم نمشى على أقدامنا إلى مصر الجديدة تمامًا كما كان يفعل الحجاج عندما يسافرون من المغرب إلى الأراضى المقدسة.. ويكون الحديث طوال المشوار عن «العقاد» حتى نراه ونسارع ولا نرى أى معالم لهذا الشارع حتى إننا لم نعرف شكل البيت ولا المَدخل ولا عدد السلالم التى نصعدها إلا بعد سنوات طويلة.. فلم نكن نرى أو نسمع وإنما ندّخر الرؤية للعقاد.. وندّخر السمع للعقاد.. وقد كان رأسى مثل راديو صغير مضبوط على موجة واحدة فالمؤشر لا يتحرك إلى محطات أخرى.. فلا محطات أخرى.. إنه العقاد وهذا يكفى.

وشهد الصالون قصة حب «العقاد» لـ«مى» التى عرض عليها الزواج لكنها رفضت لاختلاف دياناتهما وانتهت علاقتها به بعد صدمتها لاكتشافها خيانته لها مع «سارة»؛ حيث ذهبت إليه فى مكتبه بالجريدة التى يعمل بها وأعادت له رسائله.. فبكى بين يديها طالبًا المغفرة.. ولكنها أبت وانصرفت فى كبرياء.. وعندما ماتت كتب فى رثائها واحدة من أهم قصائده يقول فيها:

- «أمى» فى التراب؟! رحمة الله على «مى» خصالًا/ رحمة الله على «مى» سجالًا../ رحمة الله على «مى» جمالًا.