
عاطف بشاى
رجال ونساء.. يد بيد
هناك مهرجانات سينمائية كثيرة تعقد دوراتها المتعددة كل عام فى بلادنا تبدأ وتنتهى دون أن تساهم فعالياتها قيد أنملة فى تحقيق أسباب وجودها أو الهدف من بقائها أو حتى الدفاع عن مبرر لاستمرار هذا الوجود وذلك البقاء.. لأن القائمين على إدارتها يتصورون أن وظيفتهم لا تتخطى اختيار أفلام المسابقة.. ودعوة بعض النجوم والنجمات والصحفيين والصحفيات لزوم التغطية الإعلامية.. والكثير من الأحباب والأصدقاء والمعارف والجيران الذين لا يشكل غيرهم جمهور ذلك المهرجان.
وهناك مهرجانات أخرى على رأسها (مهرجان أسوان لأفلام المرأة) الذى عُقدت مؤخرًا دورته الرابعة يزداد عامًا بعد آخر تألقًا ونجاحًا ورسوخًا وجماهيرية.. ذلك أنه ومنذ اليوم الأول للتفكير فى قامته يسعى منسقوه على التوجه إلى (مستحقيه) أى أن يكون جمهوره الحقيقى – ببساطة شديدة – هم المتعطشون بحق إلى الثقافة السينمائية.. والمحبون لمتابعة عروض الأفلام الجيدة من الشرق والغرب والتى تعكس اهتمامات وأفكار صانعيها.. فينفتحون على ثقافات مختلفة ورؤى متنوعة.. يتكون هذا الجمهور من أهالى وسكان المدن التى تعرض بها هذه المهرجانات الوافدة من العاصمة وليس الذين يأتون معهم من القاهرة.
إن الزخم الفنى والثقافى والفعاليات الثرية والمتنوعة التى تشى بتطور متنامٍ ومثمر يدعو إلى الزهو.. يحقق أهدافه فى (مهرجان أسوان) لأنه يتوجه إلى متلقيه ويحدث بينهم تفاعلًا من خلال الأفلام المعروضة والندوات الساخنة المحتشدة، والمحاضرات والورش الفنية للموهوبين.
لقد احتفى المهرجان منذ دورته الأولى بجماهيره الغفيرة التى أتت من كل صوب وحدب.. من المدينة ومن القرى والنجوع والمحافظات الأخرى لتملأ القاعات وتحتشد فى كل أركان الفندق الذى يقام به المهرجان.. ويفترشون الأرض ويشاركون فى شغف بالغ فى الكثير من الحوارات مع النقاد والفنانين حول مشاكل السينما المصرية وتصوراتهم عن حلولها.
هذا التفاعل الحميم فى رأيهم هو أهم ثمار المهرجان.. وقد جاء نتيجة جهود رائعة بذلها رئيس المهرجان الفنان والمثقف «محمد عبدالخالق» ومديره الصحفى «حسن أبوالعلا» والكاتبة الصحفية والأديبة والقاصة القديرة «د.عزة كامل».
إنهم مؤمنون برسالتهم فى نشر الوعى السينمائى والفنى باحتضان المتلقين فى حب وود ومشاعر حميمية وإدراك كامل لأهمية حشد الطاقات الإبداعية من الشباب والفتيات للمشاركة الإيجابية فى فعاليات المهرجان والإسهام مساهمة كبيرة فى الإعلاء من شأنه ليصبح بؤرة إشعاع حقيقية.. وتدير «عزة كامل» (منتدى توت) للمرة الرابعة على التوالى.
وهو الجسر الذى يربط الحركة الإبداعية بالحركة المجتمعية على مستوى العالم.. وكذلك المجتمع الأسوانى نساءً ورجالًا.. ويركز على أدوات القوى الناعمة فى تشكيل الوعى تجاه المرأة لينعكس ذلك على الأفلام السينمائية.. وفى صناعة السينما ذاتها.. وفى هذا السياق قضية تزويج الفتيات القاصرات وكيفية طرحها للنقاش من خلال كيفية تناولها فى الأفلام والحملات المجتمعية التى ساهمت فى التحرك الإيجابى تجاه هذه القضية.. والحوار حول التحديات التى تواجه النساء العاملات وعرض لنماذج مؤثرة لهن فى قطاع صناعة الأفلام.. ولم تنس «عزة» أن تسعى إلى تكريم نساء أسوان اللاتى ساهمن فى تحدى التنميط الذكورى.. وساهمن فى تغيير ثقافة المجتمع بشكل إيجابى تجاه قضايا المرأة. إنه دور رائع يضطلع به (منتدى توت) لقضايا المرأة تحت عنوان (رجال ونساء يد بيد).