
محمد جمال الدين
هؤلاء.. ليسوا بطلاب!
ما تشهده الجامعات المصرية خلال الآونة الأخيرة من قبل بعض الطلاب لم نره من قبل.. بداية من التحريض على الدولة مرورا بمنع الدراسة وصولا بالاعتداء على الأساتذة وضربهم، هذا بخلاف التطاول على رجال الشرطة والجيش والقيادات الدينية الذين نالهم من الحب الجانب الأكبر.. تصرفات وسلوكيات غريبة على مجتمعنا لايصح أبدا أن تصدر من طلاب جامعيين، تناسوا عن قصد أن الجامعة وقاعاتها لها حرمتها وقدسيتها التى لاتقل بأى حال من الأحوال عن المساجد، التى وللأسف لم تسلم أيضا من همجية وتحريض البعض من أتباع الجماعة المحظورة «ما حدث من ضرب بالأحذية وخلع عمامة إمام مسجد العزيز بالله فى الزيتون».
والسؤال هنا والذى يفرض نفسه ولابد من أن تكون له إجابة حاسمة لاتقبل أى شك: لصالح من يقوم هؤلاء الطلاب بما يفعلونه؟ ولصالح من تصر بعض التيارات على استغلال طلاب الجامعة لتنفيذ مخططاتهم السياسية التى فشلوا فى التعامل معها عندما أمسكوا بزمام الحكم فوصلوا بنا وبالبلاد إلى هذا الشكل المرعب لمجتمعنا فدب الخوف وعدم الأمان بين أفراده وأثر بالتبعية على منابر العلم وجامعاتنا.
بالطبع لايخف على أحد الهدف الأساسى مما يحدث من قبل الجماعة المحظورة على يد أتباعها من الطلاب المنتمين للمحظورة الذين يتم إغداق المال عليهم بدون حساب لتنفيذ مخططهم الذى استفاد منه البعض وبعد عمليات غسيل المخ التى أجريت لغير الطلاب المنتمين إليهم لتحقيق نفس الغرض، وهو الخاص بتعطيل الدراسة لإرباك المجتمع والحكومة لنقل صورة غير حقيقية لما يحدث فى مصر، وبعد أن عرفت جميع دول العالم خاصة الذين كانوا متحالفين ومتعاطفين مع المحظورة حقيقة ما يصبون إليه فلم يعد يهمهم سوى الوصول إلى الحكم مرة أخرى حتى ولو كان الثمن موت هذا الشعب أو حتى خيانته مع من لايرحبون به أو بوجوده.
فبماذا نبرر اعتداء هؤلاء المجرمين «وليس الطلاب» على عميد كلية التربية التابعة لجامعة الأزهر، وبماذا نبرر الاعتداء على أستاذة جامعية ويخلع عنها ملابسها ومحاصرة منزل أستاذة أخرى، وأخيرا بماذا نبرر الاعتداء على رجال أمن الجامعة من قبل الإخوان أو «حرائر» الإخوان كما يدعون الذين تجمعوا عليهم وأوسعوهم ضربا، ناهيك عن أعمال الحرق والاعتداء على المنشآت وقطع الطرق لدرجة أن البعض من المتابعين لما يحدث من قبل هؤلاء الطلاب طالب بإلغاء الدراسة إذا كانت الأمور قد وصلت إلى هذا الحد.
مؤكدا أن استمرار الحال على هذا الشكل أصبح غير مقبول بالمرة ويرفضه الجميع، فما يحدث ليس سوى إرهاب ممنهج تتبعه هذه الجماعة لفرضه علينا بعد أن فشلت فى إدارة البلاد، ولذلك لا يمكن السكوت عليه، ومن ثم يجب أن يقف الجميع أمامه وبتر يد كل من تسول له نفسه العبث بمصر وجامعاتها، بوضع حلول لإنهاء هذه الظاهرة المؤسفة تتنوع ما بين الحل الأمنى الذى لابد أن يتوازى مع الحل السياسى والذى يمكن من خلاله استيعاب شباب الجامعات ويوضح لهم حقيقة ما يحدث من قبل تيارات الإسلام السياسى التى لا ترى سوى مصلحتها فقط.
بالنسبة للحل الأمنى، لابد من اتباع أقصى درجات الحزم مع من قام بالاعتداء على الأساتذة أو المنشآت أو خالف قوانين البلاد أو الجامعة أيا كانت ميوله السياسية، شريطة أن يتم تنفيذ ذلك على الجميع، ودون أن يكون هناك انتقاء لفئة على حساب فئة أخرى، كما يجب تفعيل القوانين واللوائح التأديبية الخاصة بالجامعات على كل من يخالف وتحويله إلى مجلس تأديب ليتخذ ما يراه بشأنه، سواء بلفت النظر أو الحرمان من الدراسة لمدة معينة أو الفصل النهائى، إذا كان ما فعله هذا الطالب أو الطالبة يستوجب ذلك، و«نفس الأمر يطبق على الأساتذة الذين يحرضون هؤلاء الطلاب» إذا كانت هذه المخالفة تحدث داخل أسوار الجامعة.
أما إذا ارتكب الطالب أو الطالبة مخالفة خارج الجامعة فيجب أن يطبق عليه القانون مثلما يطبق على الفرد العادى، ودون تفرقة، فمن يحرض ويقطع الطرق ويعتدى على الأفراد والمنشآت ليس سوى مجرم يجب تقديمه للعدالة، بل يتم سجنه فى حالة إدانته بحكم قضائى.
وحتى لا نضع الشرطة فى مواجهة مباشرة مع الطلاب ونخلق حالة جديدة من عدم الثقة بين المواطن والشرطة فى حالة الاكتفاء بالحل الأمنى فقط، فلابد من أن يكون هناك حل سياسى، يتم من خلاله استيعاب طاقة هؤلاء الشباب وذلك لن يكون إلا بإصلاح الخلل فى المنظومة السياسية وبمساعدة فعالة من الأحزاب السياسية الحقيقية وليست الكرتونية التى ننعم بها فى الوقت الحالى، أحزاب مرتبطة بالواقع ومتداخلة معه، أحزاب تعرف مشاكل المواطنين وتسعى مع الحكومة لحلها حتى نخلق أجيالا جديدة تبنى وتعمر وتعرف قدر وطنها، بالتأكيد هذا لن يحدث بين يوم وليلة، ولكن علينا أن نبدأ، مع ضرورة أن تساهم باقى مؤسسات الدولة سواء كانت دينية أو ثقافية أو تعليمية أو إعلامية فى تبنى هذه المنظومة.
البداية مهمة حتى ينصلح حال البلاد من خلال هذه المنظومة، والتى لن يكون أبدا من ضمنها تعليق الدراسة أو الاكتفاء بما تم تدريسه فى هذا «التيرم» كما حدث فى بعض الكليات، لأن هذا تحديدا هو ما يريده مسئولو المحظورة حتى يثبتوا للعالم الخارجى فشل خارطة الطريق التى أفرزتها ثورة يونيو ويعودوا إلى حكمنا مرة أخرى ووقتها يتفرغون لمعاقبتنا بعد أن رفضنا منهج الأخونة الذى أرادوا أن يفرضوه علينا.. وهذا ما لن نسمح به أبدا.