
محمد جمال الدين
«خنق» الصحافة القومية والشورى
منذ تولى النظام الحالى«جماعة الإخوان وحزبها» مقاليد الأمور فى البلاد وهناك حالة من العداء الواضح بينه وبين الإعلام لم تتضح أسبابها حتى الآن.. اللهم أن يكون هذا الإعلام خارج السيطرة والتأييد له رغم أن كل مقومات السيطرة أصبحت فى يد الجماعة وحزبها، وأضيف إليهم مؤخراً لجانه فى مجلس الشورى التى تأتى بمن تريد وتبعد من تريد، حتى وأن بدا الأمر أن هناك لجاناً شكلت وفق معايير لايعلمها ولايعلم أسرارها سوى من شكلها حتى وصل بنا الحال إلى اغتصاب سلطة النقابة فى التحقيق مع أعضائها حال إذا ما ارتكب مخالفة «حالة الزميل جمال عبد الرحيم».. عموماً كل هذا يهون، كما تهون أيضاً الاتهامات الموجهة لأعضاء الجماعة الصحفية من قبل قادة مسئولى الجماعة وحزبها باتهامات من عينة «سحرة فرعون» وغيرها من الاتهامات وجميعها بالمناسبة تهون، ولكن الذى لايهون أبداً ويجب الوقوف أمامه والتصدى له هو «خنق» المؤسسات الصحفية القومية المملوكة أصلاً للدولة والتى دفعت فاتورة مغلظة أبعدت عنها القارىء وجعلتها بعيدة عن المنافسة فى سوق شرسة لاتعرف الرحمة عندما أيدت هذه المؤسسات النظام السابق ووقفت فى صفه، وحينما حاول أبناء هذه المؤسسات استعادة قوتهم ودخولهم سوق المنافسة مرة أخرى عن طريق الأخذ بالمهنية تخلى عنها مالكها المفروض عليها فرضاً «مجلس الشورى» ولم يقم بدوره المفروض المكلف به حتى يسلم المسئولية إلى الهيئة الوطنية للإعلام المفروض إنتقال م لكية المؤسسات إليها فمجلس الشورى ترك المؤسسات القومية فى مهب الريح ولم يقدم لها يد العون، بل إنه ساهم بتجاهله هذا فى إغراقها والقضاء على البقية الباقية منها وحملها مسئولية توفير مواردها المالية غير الموجودة أصلاً، ولم يساو بينها وبين التليفزيون الذى تتولى وزارة المالية نفقاته ورواتبه التى وصلت إلى 3 مليارات جنيه سنوياً، واكتفى المجلس بمراقبة أداء مطبوعات هذه المؤسسات دون النظر بجدية فى وضع حد لمشاكلها المالية المزمنة التى أثرت بالطبع عليها من الناحية المهنية، حتى أصولها المعطلة لم يساعد الشورى المؤسسات فى التصرف بها لتوفير السيولة المالية التى تعينها من عثراتها، لهذا لم يكن غريباً أن يعتصم عمال مؤسستين ذات تاريخ طويل فى عالم الصحافة «دار الهلال وروزاليوسف» للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية، مما اضطر معه مجلس الشورى عن طريق المجلس الأعلى للصحافة لتخصيص إعانة عاجلة للوفاء بالتزامات المؤسستين المالية.
والسؤال هنا.. وماذا عن الشهر القادم أو الذى يليه باعتبار أن هذا الحل مؤقت وستظل الأزمة مستمرة، فميزانيات أغلب المؤسسات القومية خاسرة والإعلانات غير موجودة ومطالب العاملين لاتتوقف فى ظل حالة الغلاء التى لاترحم، وديون قديمة يسعى البعض لتحصيلها الآن رغم حالة الانهيار الاقتصادى التام الذى تعانى منه الدولة كلها، ودون أن تكون هناك موارد فعلية لعلاج هذا الانهيار، «بالمناسبة التليفزيون المملوك للدولة عليه مديونيات قديمة بالمليارات رفض وزير الإعلام مجرد الحديث عن سدادها ولم يجرؤ أحد على معارضته أو مطالبته بهذه المديونية لأنه وزير ينتمى إلى الجماعة والحزب المتحكم فى أحوال البلاد» حتى كتب وزارة التربية والتعليم التى تطبعها المؤسسات الصحفية ويعتمد عليها البعض منها بشكل أساسى فى تنمية موارده أصبحت لاتغنى ولاتسمن من جوع فى ظل الارتفاع الكبير لمستلزمات الإنتاج «ورق وأحبار وأجور وخلافه»، فأصبحت تشكل خسارة لها ولكنها مضطرة لطباعتها.
كل هذا يحدث ومجلس الشورى لايعير الأمر أى انتباه وكأن العاملين فى هذه المؤسسات لا يعنوهم ماداموا ليسوا تحت السيطرة.
السادة مسئولو مجلس الشورى مالك المؤسسات الصحفية القومية، مطلوب دعم حقيقى لتنفيذ التطوير الذى ننشده جميعاً لمؤسساتنا الصحفية، والذى لابد وأن يستتبعه بالضرورة دعم مالى إلى حين نقل المسئولية إلى الهيئة الوطنية للإعلام، وجميعنا يعلم حقيقة ماصرح به الدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى أكثر من مرة بأنه يتمنى نقل مسئولية ملكية هذه المؤسسات إلى جهة أخرى، إلا أننا بدورنا نطالبه بضرورة القيام بدوره كمالك مسئول عن الصرف على هذه المؤسسات حتى يحين هذا، كما نطالبه بضرورة ألا يكتفى مجلس الشورى بإصدار التوصيات أو بإعادة الهيكلة عن طريق هذا المكتب أو ذاك، وخاصة أن الجماعة الصحفية تأخذ على المالك الآن سعيه الحثيث لخنق المؤسسات القومية والاكتفاء ببعضها، هذا بخلاف محاولة استقطاب هذه المؤسسات لصفه، وبالطبع صف جماعته وحزبه وهذا تحديداً ما جعل زعيم الأغلبية السابق فى مجلس الشورى يخرج علينا بتصريحات يقول فيها إن هناك مؤسسات قومية إصداراتها «أحادية التفكير» ولاترى فى طرحها الصحفى سوى ما هو ضد جماعته وحزبه وتناسى سيادته أن سياسة هذه المؤسسات منذ بداياتها كانت تعتمد مبدأ الشفافية والمواطنة ولم تعرف أبداً سياسة الاستقطاب التى يسعى إليها البعض حالياً.