الأحد 20 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حرب الاستنزاف السياسى من 25 يناير 2011 : 30 يونيو 2013

حرب الاستنزاف السياسى من 25 يناير 2011 : 30 يونيو 2013


قبل أن يتعجب القارئ كيف أربط بين «فاريا» التى رحلت   عن عالمنا  فى التسعينيات وأحداث أتت بعدها بعشرات السنين لا يمكن أن تكون مشاركة فيها، لكن الحقيقة أن فاريا أو بدقة أكثر المخابرات البريطانية عندما بدأت مشروعها الأممى لدولة دينية إسلامية على الأراضى العربية حاولت بواسطة عميلتها أن تكون تلك الدولة لديها القبول من كل المذاهب والتيارات وحتى الأديان الأخرى حتى يتم استقرار مشروعها المتأسلم ولذلك حاولوا أن يجعلوا اسم (إخوان الحرية) بديلا عن (الإخوان المسلمين).
 لأن بذلك سيكون انضمام التيار الشيوعى الذى بدأ يظهر بوضوح فى المجتمعات العربية بعد الحرب العالمية الأولى وأيضاً المذهب الشيعى متمثلا فى الدولة الفارسية سيساعد كثيرا  فى سرعة إنجاز المشروع الأممى المتأسلم علاوة على بعض الشخصيات المسيحية التى لها اهتمام سياسى وتكون معبرة عن الديانة ككل، ولكن البنّا وضح لهم أن نجاح المشروع مرتبط بصبغه بالصفة المتأسلمة لجمع العدد الأكبر من الشعوب العربية التى من السهل التأثير عليها باسم الدين وأنه لا بأس من انضمام الآخرين بشكل غير رسمى مع حفظ حقوقهم فى كعكة السلطة فى حال تعاونهم ومساعدتهم للجماعة  للوصول إلى ما تصبو إليه وعند ذلك اقتنعت فاريا صاحبة اقتراح إخوان الحرية وأقنعت جهاز بلدها المخابراتى بجدوى بقاء مسمى (الإخوان المسلمين) تعبيرا عن تلك الجماعة مستغلين الحنق فى الشارع العربى لسقوط الخلافة العثمانية بعد هشاشتها ووهنها وأنهم فى شوق لظهور البديل الذى يحل محلها.
إخوان الحرية الذى لم ينجح فى أوائل القرن العشرين  نتيجة أطماع الفئات المشاركة ومحاولة الجماعة الاستئثار بكل شيء، حاولت الجماعة إحياءه فى بدايات القرن الـ 21 وقد بدأته قبل 2011 بسنوات قليلة عندما حاولت استقطاب بعض الشخصيات  اليسارية والأخرى المسيحية للانضمام إلى حزبهم الذى لم يكن تمت الموافقة على إنشائه ولكنها استغلت حزب الوسط الذى كان تحت التأسيس  بعد أن تقدم (أبو العلا ماضى) به إلى لجنة الأحزاب  فى 2004 ورفض عدة مرات واستمر فى الطعن والتقديم حتى 2010 وكان يتاجر بمقترح حزبه هذا وأنه سيأتى يوم وتتم الموافقة عليه حسب قوله لى  بعد أن أعلن انشقاقه عن الجماعة بشكل صورى ولتثبيت هذا كان يقدم نفسه بديلا للجماعة بعد أن سرب لى عبر حواره الكثير عن أسرار الجماعة وأن شعار حزبه (الوسطية) ولذلك  لا مشكلة من قبوله بعد عدة محاولات مع لجنة الأحزاب، وكان من مؤسسى هذا الحزب مع ماضى  والذين كتبوا كلمات تحت عنوان (لماذا  انضممت الى الوسط)  أقطاب التيار اليسارى المعروفين وبعض الشخصيات المسيحية مثل كل من (د.عبدالوهاب المسيرى  - د.عبدالجليل مصطفى - د .على على خلف - د.عادل عزمى أبادير - د .هدى حجازى -    د .محمد عبد اللطيف رئيس اتحاد الناشرين العرب وقتذاك - عصام سلطان - إيمان قنديل - يحيى أبو الحسن رجل أعمال من قنا - عاطف عوّاد وآخرين) حتى إن المسيرى كتب تقديم لمقترح برنامج حزب الوسط الإخوانى وقام بكتابة البرنامج كل من (طارق البشرى - محمد سليم العوا - فهمى هويدي)  أما اليساريون الذين كانت لهم أحزاب أو حركات سياسية أمثال (حمدين صباحى وجورج إسحاق) فكانوا يجتمعون مع أبو العلا فى مكتبه الذى كان يتصدر  ناصية منطقتى  المنيل والقصر العينى وكان غطاء المقابلة عضويتهم جميعا فى مركز حقوقى يطلق عليه (سواسية)  كان يديره زوج  أحد  بنات خيرت الشاطر وكانوا هم أعضاء مجلس إدارته.
هذا ما جعلنى أستعيد العلاقة الوثيقة بين مشروع فاريا إخوان الحرية وبين أحيائه بواسطة الإخوان فى حزبهم المزمع  (حزب الوسط) تلك العلاقة والمشروعية أخذت منحى آخر مع التجهيز ليناير 2011 بشكل احترافى للتنسيق حيث بدأت التحركات قبلها بواسطة حركتي كفاية و6 أبريل ثم انضم لهما حزبا  الكرامة والغد  لأصحابهما حمدين  وأيمن نور  ولينضم لهما بعد ذلك كل أرباب اليسار متسترين وراء المجموعة الأكثر تنظيما فيهم وهى الإخوان.
لم يقف الأمر عند ذلك من مراحل التعاون والتخديم على مشروع تفكيك الدولة وإحلال أخرى مهرتأة ومجزأة يحصل كل منهم على نصيبه حتى لو كان الثمن بيع الوطن واحتلاله من أمريكا وذيولها إسرائيل وإعطاء جزء للسودان وأخرى لحماس وهكذا  كان أمننا القومى قد تم محوه فى فكر هؤلاء وصار بالنسبة لهم كم المكاسب والمناصب التى يأملونها ، تلك الجوقة السياسية مختلفة العقيدة موحدة الهدف والمصلحة خاضوا ضد الدولة (حرب استنزاف سياسية) مع من يمثل الدولة الوطنية ويحمى حقوق الغالبية العظمى من الشعب..  إنه جيشنا الوطنى الحبيب الدرع والسيف للحق والواجب.
كانت فترة الاستنزاف والتى بدأت منذ تقلد المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد  ووصلت إلى ذروتها  بعد أن سيطرت الجماعة على الحكم بمساعدة هؤلاء أصحاب المصالح والأجندات من كل التيارات السابق ذكرها إلى أن أعلن الإخوان إنهاء لحظة الاتفاق معهم ونكلت بهم واتبع كل منهم تقيته مع الآخر.
كانت المرحلة الاستنزافية الأخيرة  لتلك الفترة فى حربهم مع المجلس العسكرى هى تلك المناورة المشينة عندما  بحثوا    عن   ضمانات لتواجدهم  وعدم  تواريهم أو إقصائهم وذلك عندما وضعوا شروطا لعرضها على طرفى انتخابات الإعادة (مرسى - شفيق) محددين لأنفسهم دورا لم يمنحه لهم الشعب أو الانتخابات وكان معهم الذين لم يحالفهم الحظ من مرشحى الرئاسة أمثال حمدين وخالد على ووضعوا شروطا وزجوا بالشباب من تياراتهم ليعلنوها مختبئين وراءهم ليضعوا المجلس العسكرى فى مواجهة مع من كان يطلق عليهم شباب الثورة والذين كانوا يلوحون بهم (كبعبع) وكانت شروطهم أن تكون اللجنة التأسيسية للدستور من شباب الثورة بنسبة 75 ٪  وغيرها من الشروط التى كانوا لن يفعلوها لو وصلوا للحكم مثلما فعلت حليفتهم جماعة الإخوان، وبالطبع وجد المجلس العسكرى وكان ممثلا عنه فى ذلك اللواء عبدالفتاح السيسى مدير المخابرات العسكرية وقتها والذى قال لهم «كيف أهمش باقى الشعب من تلك اللجنة التأسيسية لدستور سيحكمون به وأن هذا ليس من العدل» إلا أنهم تحججوا له بأن الانتكاسة الانتخابية كما وصفوها هى التى جعلت 50 ٪ من الشعب المصرى لم ينزل الانتخابات وحملوا ذلك للمجلس العسكرى وطرفى الإعادة  ولَم يصارحوا أنفسهم بأن هذه النسبة التى لم تصوت كانت غير مقتنعة بـ١٣ مرشحا نزلوا الانتخابات وليس بالاثنين فقط أصحاب الإعادة.
هنا دخلت وسائل الإعلام المختلفة لتخدم على هؤلاء ومنحازة لهم تاركين المجلس العسكرى يخوض حربا ضارية ومعه أغلبية الشعب فى خندق واحد يقف ضدهم التوك شو الفضائى بالكامل ومؤيدين لتلك الفئة التى صدرت عبر شاشتهم ما أطلقت عليه شباب الثورة متوارين وراءهم بجبن وخسة، وفى الحقيقة أن التيارات السياسية التى هرولت وراء هذه الضمانات كانت تقوم باستكمال الخطة التى رسموها مع الإخوان فى عملية ضغط خائنة لاستبعاد المجلس العسكرى من المشهد السياسى حتى لا يقف لهم حجر عثرة فى التقسيم القادم لغنائم الوطن فيما بعد الانتخابات.
القوات المسلحة معبرا عنها اللواء السيسى قال: (الجيش ملك الشعب ويتبعه تبعية كاملة ولا يريد أن تكون أداة فى يد فصيل أو فريق لحركة أو تيار سياسى معين إذا ما اعتلى السلطة والجيش يطلب مطلبا عادلا وهو وثيقة تعهد بذلك تترجم تحديد دور واعتماد القوات المسلحة  على نفسها فى  سد  احتياجاتها حتى لا يتحكم أَى طرف فى الزج بالجيش لصالح منافع تخص جماعة أو تيارا تحت أى ظرف أو تحم فى قوة الجيش أو إضعافه) انتهى كلام السيسى ووثيقة التعهد التى وقفت لها بالمرصاد الجماعة والتيارات صاحبة  المنفعة، لتعطى لنفسها الحق فى طلب وثيقة تعهد بمنافعها ومصالحها من الإخوان ومرشحهم على شفا الفوز بالانتخابات.
هل رأينا أكثر من ذلك هوانًا من قبل هؤلاء فى حق الوطن والشعب؟ هل رأينا كيف كل هذه المناورات الخسيسة والحرب الاستنزافية للجيش بواسطة تيارات سياسية لا يهمها إلا مصالحها؟ هل رأينا كيف تحمل الجيش كل هذه الضغوط والألاعيب وأصر أن يعبر بالشعب بر الأمان من براثن الإخوان وأتباعهم من التيارات المنافقة عميلة أجندات مصالحها، حتى جاء 30 يونيو  لينادى الشعب على وزير الدفاع وقتها الفريق أول عبدالفتاح السيسى  طالبا منه  أن يقود الجيش ليخلصهم من الظلم والتهميش على يد جماعة ظلامية إرهابية ولتنتفض ثورة شعبية على حق تحبط مخطط قوى عالمية كانت تريد أن يسود الظلام منطقتنا العربية بالكامل، تلك الثورة التى علينا أن نصونها ونحميها بتذكر كل ما حدث فيها.