الصحافة والإعلام والدستور
لا أجد مبررًا لعزوف الزملاء للحديث عن أمر يهمهم، والبعض شمر يديه ليتحدث فى تعديل المواد الأخرى متجاهلًا المواد التى تخص مهنته ولَم يعط رأيًا للحوار المجتمعى الدائر الآن لتشخيص الحال الذى وصلت إليه الصحافة التى بدورها هى من تقود الإعلام المرئى والمسموع دون مواربة، فالمعدون للبرامج صحفيون وحتى ألمع نجوم التوك شو والإذاعة هم أيضا كذلك، وقبل كل شيء لنا أن نعلن حقائق لم يتطرق لها أحد ولكنها شهادة تصب فى النهاية لصالح المهنة والزملاء، نتساءل من هو صاحب فكرة إلغاء وزير الإعلام ولماذا؟ وبما أنى شاهدة على ذلك والأشخاص الذين سيكون الحديث عنهم على قيد الحياة، كانت الفكرة نداء بإزاحة وزير إعلام نظام مبارك والسبب أنه لم يقم بإدارة الأزمة بالوجه الحقيقى الناتج من أحداث ثورة ٢٥ يناير وكان وقتها الفريق أحمد شفيق رئيس وزراء وترددت أسماء كثيرة لتحل محل أنس الفقى الذى كان متمسكًا به شفيق لآخر وقت، إلا أن الإصرار بإبعاده جعل شفيق يختار اسمًا أكثر ملاءمة من وجهة نظره فاستدعى (عماد أديب) الذى كانت الأغلبية فى الوسط الإعلامى والصحفى مرحبة به، وحضر فعلًا أديب لمقابلة شفيق حاملًا دوسيه اعتقدنا نحن الصحفيين المندوبين فى مجلس الوزراء أنها استراتيجية إعلامية جديدة للوزير القادم، ولكن فوجئنا بعد المقابلة أنه كان يحمل مقترحًا لإلغاء وزارة الإعلام وأن يكون كل شيء حرًا طليقًا تديره مؤسسات تجارية على أساس أن الإعلام سلعة وترك مقترحه لشفيق واعتذر عن المنصب فى انتظار الموافقة على ما قدمه وأن يكون هو الرأس المنفذ له، وعندما التقيناه على سلالم المجلس طلبنا منه إرجاء هذا وقبول منصب الوزير، إلا أنه قال لا فائدة من وزارة إعلام، عند ذلك كان أمام شفيق مهمة اختيار وزير آخر لأن الظرف لا يسمح بمقترح أديب، إلا أن الأمر بإقالة شفيق نفسه صار مطلبا، كان يدير الصحف القومية آنذاك المجلس الأعلى الذى كان تابعًا لمجلس الشورى الذى تم حله، وكان عبء التليفزيون المصرى على الزميل الذى ستحكم الأيام ما تحمله وكيف كان بقدر المسئولية (عبداللطيف المناوي)، ومع أن البعض يدعى أشياء فى حقه عن هذه الفترة دون علم وحتى هو عندما أصدر كتابًا عن تلك المرحلة وجد أنه ليس فى حل من كتابة الحقيقة الآن فجاء الكتاب ضعيفا وظلم به نفسه وكنت آملاً أن ينتظر ثم يكتب شهادته، ولنا أن نعرف أن المناوى قام بأدوار فدائية بالفعل سيذكرها له التاريخ، وكنت أتحدث معه يوميًا أثناء تفاقم الأحداث وقمت بمعاتبته وأنا منزعجة للغاية ويكاد يكون كلامى صراخًا كيف لك أن تأتى بالمدعو (الشيخ حسان) ليتحدث من منبر الدولة إلى شباب التحرير، فقال لى بالحرف (لقد طرق بابى وقيل لى أن يكون هذا الحسان على الشاشة) وعندما حاولت الحديث مع الطارق بأنه لا يجوز وليس هو من يقوم بذلك، رد وقال (ابنك مريض وهذا الدواء) وكان المقصود بِالابْن المريض طبعا شباب التحرير لأنه حتى ذلك التاريخ لم يكن قد تم تنحى مبارك، المهم لم أسأل عن الطارق ولكن لنا أن نعلمه جميعا، وقد أسى المشير طنطاوى من مثل هذا الطارق حتى أنه لم يعد يسمع لهم وكان يعمل مع عدد قليل للغاية فى المشورة لتسيير أحوال الدولة كان على رأسهم ابنه وتلميذه السيسى وأيضا العصار ومحمود نصر، لأن أمثال هذا الطارق كانوا أيضًا عطاشى للظهور الإعلامى والسلطة، وبذلك سقطت إخر ورقة توت كان مغطى بها الإعلام لتظهر التشوهات الواحدة تلو الأخرى وأى وزير إعلام يأتى تكون المطالَب مالية وتعيينات وهذا سحب على الصحافة وتاه الدور الأساسى ودخل الغوغاء الذى كان قد تم تقييمهم ورفضوا ليأتوا فى الهوجة ويعلنوا بأنهم ظلموا واستبعدوا لأسباب غير الحقيقة، عند ذلك كان منصب وزير الإعلام فى مأزق وتصرف الجيش الذى كان يدير الدولة وأعد متحدثًا عنه وكان صاحب الفكرة ومرشح القائم بذلك هو رئيس المخابرات الحربية وقتذاك السيسى الذى وقع اختياره على أول متحدث العقيد أحمد على، المهم توالى وزراء الإعلام وحاولوا إنقاذ ما يمكن إنقاذه، إلا أن الغوغاء قاموا بإزاحتهم تباعا حتى ختمت بوزير الإخوان وفضائحه على الهواء، وبعد الانتقادات اللاذعة للوزير الإخوانى وجدت الجماعة ضالتها فى تفتيت الصحافة والإعلام فيما أطلقوا عليه فى دستورهم العار (الفرع الرابع: الهيئات المستقلة للصحافة والإعلام) والتى حددوا لها المواد (٢١٥ و٢١٦) وكتبوا يتولى المجلس الوطنى للإعلام تنظيم شئون البث المسموع والمرئى وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها…إلخ، وتقوم الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام على إدارة المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة… إلخ، وهذه كانت نقاط البداية لإحلال جرائدهم وبرامجهم محل ماهو قائم للقضاء عليه وطمس الهوية المصريةعن طريق الصحافة الخاصة التى كانوا سيملكونها ولذلك لم يجعلوها تابعة لأى من الهيئات اللهم إلا الموافقة على إنشائها بالإخطار فقط، لتأتى لنا لجنة الخمسين بجلالة قدرها والتى كانت تضم لفيفًا من الصحفيين والمثقفين لتزيد الطين بلة فى دستور ٢٠١٤ ناقلة غير متفحصة لنفس منطق الإخوان ونفس هيئاتهم المزعومة ليبثوها فى الفصل العاشر بمواد (٢١١ و٢١٢ و٢١٣) والتى تقول نفس كلام مواد الإخوان منقول نقلا للأسف وهو أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى وموازنتها المستقلة ويختص المجلس بتنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئى وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها… إلخ، الهيئة الوطنية للصحافة هيئة مستقلة تقوم على إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة وتطويرها… إلخ، الهيئة الوطنية للإعلام هيئة مستقلة تقوم على إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة… إلخ، كان هم لجنة الخمسين إزاحة منصب وزير الإعلام من المشهد ولأنهم للأسف افتقدوا الرؤية أو لأن أغلبهم كانوا يساريين الوجه الثانى للإخوان نقلوا لنا مواد الإخوان بشأن الصحافة والإعلام بحذافيرها لينتج لنا نتوءات تصيب المهنة فى مقتل وللحديث بقية إن شاء الله…