الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
يسألون عن سعاد حسنى فى الهند!

يسألون عن سعاد حسنى فى الهند!


 
من أجل الحصول على هدنة مؤقتة من مسلسلات وبرامج رمضان سافرت إلى دلهى بالهند ملبيا دعوة مهرجان «أوسيان» فى دورته 12 مشاركا فى لجنة تحكيم «الفيبرسى» النقاد الدوليين وملقيا محاضرة عن السينما وثورات الربيع.
 
المهرجان يحتفظ بطابعه الهندى، حيث تجد سيطرة السينما الهندية على كل الفعاليات ولهم بالطبع كل الحق فى ذلك حيث إن «بوليوود» حققت للسينما الهندية مكانة خاصة فى العالم كله.
 
تواجدى فى لجنة التحكيم يمنعنى أدبياً من الإدلاء برأيى قبل إعلان النتائج، ولكن لايحول دون أن أتناول أى فيلم خارج المسابقة. اخترت لكم الفيلم التسجيلى اللبنانى الطويل «اختفاءات سعاد حسنى الثلاثة».
 
وهو - كما ترى - عنوان خادع كانت المخرجة اللبنانية «رانيا اسطفان» قد حصلت على جائزة أفضل مخرجة وثائقية فى مهرجان «الدوحة» العام الماضى عن هذا الفيلم .. العنوان يدفعك كمشاهد إلى أن تتهيأ لكى ترى فيلماً يتناول ما أثير من أقاويل وحكايات وأضيف أيضاً وافتراءات عن «سعاد حسنى» وعلاقتها بأجهزة المخابرات المصرية من خلال تلك القصص الوهمية التى شغلت الرأى العام ونالت من سعاد حسنى ولاتزال، ومع الأسف فإن العديد من الفضائيات والصحف العربية فتحت ملف «سعاد» الجنائى ولم تغلقه حتى إن أسرتها طالبت أكثر من مرة النائب العام فى مصر بتشريح جثتها على اعتبار أن هناك جريمة متكاملة الأركان وراء انتحارها فهى طبقا لذلك قتلت ولم تنتحر وتلقى هذه الرواية درجة مصداقية عالية لدى الرأى العام وفى نفس الوقت فإنها تحجب الرؤية عن سعاد حسنى الفنانة الكبيرة.
 
 يأتى فيلم المخرجة «رانيا اسطفان» رافعًا الظلم عن الفنانة الكبيرة فهو لم يتعرض للشق الجنائى فى اختفاء سعاد فشاهدنا عملاً فنيًا يتجاوز الـ 70 دقيقة عن سعاد حسنى الفنانة.
 
المقصود بالاختفاءات الثلاثة هى اختفاء «سعاد حسنى» فى آخر عشر سنوات من عمرها عن الشاشة، حيث إنها بعد فيلم «الراعى والنساء» 1991 لم تقدم أى عمل فنى جديد واختفاء أشرطة الفيديو من الأسواق ومن التداول حتى إن المخرجة اكتشفت أن هناك أكثر من فيلم لسعاد ليس لديه نسخة على الفيديو، كما أن الاختفاء الأهم هو اختفاؤها القسرى بالطبع عن الحياة!
 
تستطيع أن ترى الفيلم من خلال تلك الرؤية أننا سنشاهد ونحلل «سعاد حسنى» كما هى فى أفلامها وكأننا نراها بعينى «سعاد حسنى» نفسها. المخرجة لجأت إلى عشرات من الأشرطة التى احتفظت بها المكتبة لسعاد من أفلامها الكثيرة التى قدمتها للشاشة وعددها 82 فيلماً روائياً ضاع مع الأسف بعض منها بسبب عدم توافرها على أشرطة فيديو كما أن بعضها لم يتم نقله على «دى فى دى».. المخرجة استعانت بأصوات من أفلام لها مردود نفسى فى بنائها من أجل أن نشاهد «سعاد» وهى تتساءل عن سعاد فى أفلام مثل «أين عقلى» و«الحرمان» و«الاختيار».. استندت المخرجة إلى جمل من الحوار يرددها «محمود المليجى» و«رشدى أباظة» و«يحيى شاهين» فى تلك الأفلام لكى نرى «سعاد حسنى» الشخصية الدرامية وهى تحاول أن تعثر على إجابة من سعاد عبر أفلامها على الشاشة وانتقلت من مشهد إلى آخر وهى تضع أمامها هدف الوصول إلى سر «سعاد حسنى».. لم نر فى الفيلم أى محاولة لإجراء حوار تقليدى مثلما يحدث فى عشرات من الأفلام التسجيلية المماثلة عن «سعاد» باستضافة أحد معاصريها ممن تعاملوا فنيا معها ليلقى الضوء على جانب من إبداعها، كما أن المخرجة اكتفت بأن تترك المشاهد هو الذى يحلل أداء «سعاد» من خلال هذا التراكم بالصور المتتابعة من الشريط. مرئياً ظلت «سعاد» حاضرة طوال زمن الأحداث ونرى كيف أن «سعاد» هى النجمة اللامعة التى تستطيع من خلال أعمالها الفنية أن ترصد مثلا تطور - الجانات - الفتيان الأوائل للسينما المصرية فلقد كانت «سعاد» فى مرحلة متوسطة بين جيلين وشاركها البطولة جيل «رشدى أباظة» و«شكرى سرحان» و«أحمد رمزى»، كما أنها أيضاً كانت واحدة من النجمات التى ساهمت فى تأكيد تواجد الجيل التالى مثل «نور الشريف» و«محمود يس» و«حسين فهمى» وصولاً إلى «أحمد زكى».. كانت سعاد هى الأيقونة التى عاشت عليها السينما المصرية وعن طريق أفلامها حققت المعادلة الصعبة وهى أن تقدم عملاً جماهيرياً وفى نفس الوقت له مردود فنى، كما أنها لم تخضع للشباك فلم تكن «سعاد» مثلاً تقبل أن تشارك فى عمل فنى لمجرد أنه مضمون فى شباك التذاكر.. واجهت «سعاد حسنى» العديد من القيم الاجتماعية البالية بمنطق فنى، حيث صارت هى نموذج الفتاة المصرية والعربية فى الستينيات من القرن الماضى .. بذلت المخرجة جهداً فى المونتاج فهى أيضاً مونتيرة الفيلم إلا أن الجانب السلبى فى هذا العمل الفنى هو أن المخرجة كان ينبغى ألا تترك الأمر بدون جهد توضيحى لكى تقترب من منهج «سعاد حسنى» فى الأداء الدرامى.. لقد تركت المخرجة المشاهد هو الذى يحدد سر الاختفاءات فلم يكن فقط الاختفاء لسعاد، ولكن لمخرجة الفيلم أيضاً!
 
ميزة هذا الفيلم أنه أعاد لنا الحديث عن سعاد حسنى الفنانة الكبيرة فى وقت امتلأت فيه الفضائيات بالأحاديث الوهمية عن سعاد حسنى والمخابرات!∎