الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
انتخابات الرئاسة والبرلمان

انتخابات الرئاسة والبرلمان


كنت أعتقد كما يعتقد غيرى أن المهمة الأساسية لأى برلمان فى العالم تنحصر فى التشريع والرقابة.. إلا أن ما شاهدته فى برلمان بلادى مختلف تمامًا عما كنت أعتقده، حيث تفرغ نواب الشعب إلى العمل والدعاية بجانب التشريع بما يخدم أسماء واتجاهات معينة للاستحواذ على كرسى الرئاسة، كما سبق أن استحوذت نفس هذه الاتجاهات على مجلسى الشعب والشورى ومن قبلها النقابات، ولا غرابة فى أن تسعى بعد ذلك إلى السيطرة على الأندية وما يماثلها من روابط وجمعيات «وما ملكت أيمانهم»، وقد تصل الحال إلى السيطرة على بيوتنا وعقولنا فلا بأس، المهم «التكويش»، و«اهو كله بثوابه» وفى سبيل مصر.. كل شىء يهون.
تشريعات واستخدام ما لدى السادة النواب من سلطات للحد من سيطرة فلان أو قوة علان أهم ما تشهده المرحلة الحالية التى تسبق الانتخابات.
 
 
البداية تمثلت فى رفض حكومة الجنزورى التى سبق أن أيدها هؤلاء ووقفوا ضد رغبات شباب الثورة الذين اعترضوا على الجنزورى.. أعقب ذلك انقلاب لا مبرر له حين هاجموا تلك الحكومة واتهموها بكل ما ليس فيها حتى يتمكن البرلمان وأغلبيته من تشكيل الحكومة ليكتمل لهم الضلع الثانى فى المثلث بالسيطرة على الجهاز الإدارى بعد طى الجهاز التشريعى تحت جناحهم.
ولاستكمال السيطرة لا يمنع الأمر من ترشيح خيرت الشاطر ومن بعده احتياطيه مرسى عقب استبعاد الشاطر لإكمال أضلاع المثلث الثلاثة.
 
وعندما رفض الشارع ومن قبله المجلس العسكرى فكرة الإطاحة بحكومة الجنزورى وخرجت عليهم فايزة أبو النجا متحدية عدم قدرتهم على سحب الثقة من الحكومة، تراجعوا كما سبق أن تراجعوا عن وعود كثيرة قطعوها على أنفسهم مثل عدم ترشيحهم لأحد من جماعتهم على مقعد الرئاسة، ولأنهم لا يستطيعون الوفاء بوعودهم.. خصوصا فى هذه المرحلة التى يعتقدون أنه لابد من استثمارها لصالحهم بعد العمل فى السر طيلة ثمانين عامًا وقبل أن ينكشف أمرهم.
 
فكان ذلك عن طريق قوانين تعيد لهم شعبيتهم التى افتقدوها نتيجة لتعنتهم ومحاولتهم الدائمة لفرض إرادتهم على جميع القوى السياسية، إلا أن حقيقتهم ظهرت حينما حاولوا الاستحواذ على أغلب مقاعد الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.. لكن القضاء الإدارى وقف لهم بالمرصاد وفضح أساليبهم.
 
ونتيجة لعدم خبرتهم وقلة حيلتهم خرجوا علينا بقوانين تفصيل وعلى المقاس، وللأسف كانت قوانين غير جيدة وتشطيبها سيئا مثل قانون العزل أو ما يسمى بمباشرة الحقوق السياسية الذى كان غرضه الأساسى استبعاد اللواء «عمر سليمان» من الترشح لمقعد الرئاسة لشعورهم بمدى قوته وتأثيره على الناس وهذا ما لم يعلنوه لأن ما تم إعلانه عن حقيقة استبعاد الرجل كان خاصًا بفترة عمله مع النظام السابق.
 
 
هذا القانون وما تلاه من قوانين أو مشاريع قوانين جميعها كان تشطيبها «مش ولابد» وغير متقنة الصنعة مثل قانون الأزهر الذى تضمن بعض بنوده ألا يكون الأزهر هو المرجعية الدينية الوحيدة وألا يكون صاحب الرأى الوحيد فيما يتصل بالشئون الدينية، فلم يكفهم البرلمان بغرفتيه شعبًا وشورى اتباعًا لمقولة «أن البحر يحب الزيادة».. ولكن لابد من معاقبة الأزهر وقيادته بعد انسحابه من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور التى حاولوا الاستحواذ عليها.
 
 
ولم نلبث إلا وخرجوا علينا بقانون جديد أكثر قبحًا من سابقه «قانون العزل السياسى» وهو القانون الخاص بإعادة تشكيل المحكمة الدستورية بحجة أن بعض أعضائها تم تعيينهم عن طريق الرئيس المخلوع.. هذا أيضا هو السبب المعلن، أما السبب غير المعلن فهو أن المحكمة تنظر الآن فى مدى دستورية بعض المواد التى تمت بمقتضاها الانتخابات البرلمانية والتى من الممكن أن يكون حكمها ببطلان هذه المواد.. مما قد يؤدى إلى إعادة الانتخابات البرلمانية، وهذا الأمر سيكون موجهًا لأصحاب الأغلبية فى البرلمان.. فكان من الضرورى إصدار قانون يقلص من دور المحكمة مع تفصيل شروط معينة تضمن تمثيل أسماء بعينها ضمن تشكيل المحكمة، وهذه هى الحقيقة التى لا يريدون الكشف عنها فى الوقت الحالى، فهم يسعون لتنصيب من يضمنون ولاءه لهم فى بعض المواقع التى من خلالها يستطيعون السيطرة على مقاليد الحياة السياسية فى البلاد بعد ذلك.
وللحقيقة التى يجب ذكرها ولا يمكن إغفالها أن القوانين التفصيل التى كان يقدمها الحزب الوطنى المنحل كانت الصنعة فيها جيدة ولم تكن تتسم بهذا العوار الذى شاهدناه فى القوانين الحالية.
 
ويكفى أن الحزب الوطنى المنحل لم يقترب من الأزهر ولم يستطع أن يقترب من القضاء أو من المحكمة الدستورية.
 
تلى ذلك مشاريع لم ترق بعد إلى أن تكون قوانين مثل قانون الخلع والختان وخفض سن الزواج وكذلك الحصانة، هذا غير قوانين سابقة تنم عن عدم خبرة وعدم دراية بالواقع مثل عدم دراسة اللغة الإنجليزية وقانون تعديل الثانوية العامة بهدف كسب شعبية فى الشارع دون أن يكون لها مردود حقيقى على الشعب.
 
 
وبما أن الفشل يجلب الفشل.. فإن أغلب القوانين التى كان من المفترض أن تحقق الشعبية للأغلبية المسيطرة على البرلمان حتى تضمن الحصول على كرسى الرئاسة لم تحقق النجاح المنشود بعد أن كشفتها وسائل الإعلام ومنها الصحافة، فكان لابد أن تظهر العين الحمراء للصحافة وتحديدًا للمؤسسات القومية.. لأنه لا ولاية لمجلس الشورى على الصحف الخاصة فبادرت بعض القيادات ورؤساء اللجان فى مجلس الشعب والشورى بإطلاق تصريحات عديدة عن تلال الفساد فى هذه المؤسسات التى لابد من تطهيرها وإجراء تعديلات كثيرة فى هياكلها وتغيير القائمين عليها «رؤساء مجالس إدارة وتحرير».. وعندما اعترض الوسط الصحفى على هذه الاتهامات، كانت الإجابة أن ما تم طرحه من آراء تخص رؤساء تحرير ورؤساء مجالس الإدارات قبل الثورة.
 
الأمر المؤسف فيما يخص هذه الاتهامات التى تنال من المؤسسات القومية هو مساهمة بعض من ينتسبون لهذه المؤسسات فيها طبقًا لنظرية «عبده مشتاق».. وللأسف أكثر أن بعضهم لهم صفات نقابية.. ولأنهم لا يقومون بعملهم النقابى فلم يجدوا إلا المؤسسات الصحفية ليتهموا القائمين عليها حالياً بما ليس فيهم.
 
عمومًا ما حدث من تصريحات وأقاويل من قبل بعض المنتمين للجماعة الصحفية لم يحن ميعاد فتحه بعد، ولكنه بالتأكيد سيأتى اليوم الذى سيتم فيه كشف هؤلاء الذين من المفترض أنهم زملاء.
المؤكد أن الهجمة العنترية على الصحافة وبالأخص القومية منها ينحصر فى الدور الذى لعبته فى كشف حقيقة بعض المرشحين أمام الشعب مما جعلهم يفقدون الكثير من مصادر قوتهم ونفوذهم بل وتأثيرهم على الشارع الذى لن تنفع معه أكياس الأرز وكيلو اللحمة وزجاجة الزيت.
ما ذكرناه فى الأسطر السابقة عن أداء البرلمان واستخدامه فى انتخابات الرئاسة والنيل من بعض المرشحين تحت القبة لا يشمل جميع الأعضاء، فقد بادر بعضهم بالاحتجاج على هذه السياسة وعلى بعض المرشحين الذين استغلوا كل ما أنجزه المجلس لأنفسهم ولأعضاء الاتجاه الذى يمثلهم داخل المجلس.
 
 
هذا التصرف ليس بمستغرب على أصحاب هذا الاتجاه ونوابه الذين صرحوا من قبل بنزاهة الانتخابات التى جاءت بهم إلى البرلمان والآن ينددون بالتزوير الذى سيحدث فى انتخابات الرئاسة التى لم تتم بعد لمجرد أن فرص مرشحيهم تضاءلت أمام باقى المرشحين.
 
 
ولهذا السبب تلكأ أصحاب هذا الاتجاه فى تفعيل إعداد الدستور الجديد حتى تنتهى انتخابات الرئاسة ويعرفوا حقيقة وضعهم، فإذا جاء الرئيس منهم فخير وبركة وإذا لم يكن يعملون على تقليص صلاحيات الرئيس وينصون على ضرورة تشكيل حزب الأغلبية للحكومة.
 
 
أساليب وطرق لا ترعى مصلحة الوطن وإنما ترعى مصالح خاصة لن تنطلى على الشعب الذى كشف حيل وألاعيب تلك القوى والاتجاهات ولن يسمح بها مرة أخرى.

في البرلمان تفرغوا للدعاية الانتخابية وتركوا الرقابة والتشريع