
هناء فتحى
الدين لله والوطن للجميع
ثلاثة مشاهد متنافرة: اثنان من أمريكا وثالث من مصر لكنهم معا ورغم تنافرهم ربما يشكلون الصورة، أو ربما يفككون قنبلة الصوت المزروعة فى التيه، وفى الصراع الأزلى وفى المسافة الطويلة الفاصلة بين فقه الأزهر وبين خيال الفنان ليس فقط حول الجدلية الحالية الخاصة بعرض فيلم «نوح» بل حول كل الأفلام والأفكار والافتكاسات والأحداث المتشابهات.
مشهد أول :
«فى أمريكا وفى كل أسبوع وأثناء قداس الأحد المنقول مباشرةً من الكنيسة إلى معظم قنوات التليفزيون المحلية لكل ولاية يتم قطع بث الإرسال عن الكنيسة كل دقيقة تقريباً لإذاعة إعلان عن شيبسى أو بامبرز أو برومو لفيلم جديد، عادى، ما يهمهم هو الـ Money فلا فرق عندهم أبداً بين المقدس وبين الاسترزاق، ويتعاملون مع شعائر الدين كتعاملهم مع ماتشات الكرة وحفلات الغناء وأفلام الجريمة ونشرات الأخبار .
مشهد ثان:
«بكل استهبال قام منتجو فيلم «ابن الله» عن حياة وصلب المسيح عيسى ابن مريم والمعروض حالياً بكل السينمات الأمريكية، سوف تكتشف أن القائمين على الفيلم «لعبوا» فى التاريخ المحفوظ وتقريبا بدلوا وغيروا وحذفوا وأضافوا فى نصوص الإنجيل كمان!! كىّ لا يغضبوا اليهود الذين يتحكمون فى صناعة السينما وحتى لايغضبوا أوباما الذى ينفذ سياسة اليهود.
مشهد ثالث:
فى الصراع ما بين مؤسسة الأزهر وبين الجماعات الإرهابية المتأسلمة التى حكمت وتحكمت فى مصر انتصر المصريون وفى مقدمتهم الفنانون والكتاب لمؤسسة الأزهر واعتبروها - ومازالوا يعتبرونها- إحدى ركائز العرب والمسلمين وأهم أعمدة مصر، وقتها كان المصريون ينتصرون للنور ويحاولون القيام والخروج من قبور الإرهاب والتصحر والجمود إلى باحات العلم وقاعات النقاش حتى ولو كانت تدور حول الأنبياء والخلفاء وكلمات الله المنزلة.. وفى خلافهم الحالى مع الأزهريين حول أحقية عرض فيلم عن النبى «نوح» هم أيضاً لايزالون ينتصرون للنور ويتوقون لبراح المعرفة حتى ولو كان عن طريق سيناريو أو سينما أو لوحة. فالمصريون لن يستبدلوا قمعا بقمع، كما أنهم لن يفرطوا أبداً فى اعتزازهم بمؤسسة الأزهر وشيوخها الأجلاء حتى ولو قسى عليهم أو ضيق على خيالهم، وهم كذلك لا يقبلون أن يقطع التليفزيون المصرى البث المباشر عن صلاة الجمعة من أجل إعلان عن بطاطس محمرة.