شباب الغد يعيدون إحياء أبطال الأمس
هبة محمد علي
(شقة عم نجيب) عرض مسرحى يقدم حاليًّا على مسرح الغد، التابع للبيت الفنى للمسرح. من إخراج جلال عثمان، وتأليف سامح مهران، وبطولة نجوم مسرح الغد هبة توفيق، خضر زنون، مروة يحيى، وسلمى رضوان.
المسرحية تبدو مختلفة فى كل عناصرها، بداية من القصة التى تستعيد عالم نجيب محفوظ الذى طرحه فى رواياته من خلال شخصيتى سعدية وعباس اللذين لا يستطيعان إتمام زواجهما بسبب الفقر، إلى أن يجدا إعلانًا فى (قرطاس ترمس) على كورنيش النيل عن شقة للإيجار فى العجوزة، بسعر زهيد، فيأخذهما الطموح والأمل فى السكن فى هذه الشقة ليكتشفا أنها شقة تعيش فيها أشباح شخصيات نجيب محفوظ التى تظهر لهما تباعًا وتحاول التأثير عليهما
أما أسلوب العرض، فقد حول الجمهور إلى جزء من الحدث، حيث استخدم الديكور جدران القاعة الأربعة، وبدأ الجمهور الجالس على مقاعد متحركة يحيى المكان، بالتنقل بين الجدران المختلفة، بكل سلاسة، ونظام، ليشاهد شخصيات «بين القصرين»، «القاهرة 30»، «ميرامار»، «السمان والخريف»، و«قسمتى ونصيبى» بعيون عصرية.
أما أداء الأبطال، فيبشر بميلاد نجوم، سيكون لهم أثر عظيم فى إنقاذ المسرح المصرى من عثرته.. روزاليوسف تجولت فى كواليس «شقة عم نجيب»، لتتعرف عن قرب على بعض أبطال العمل.
سعدية وعباس.. قصة حب متكررة
البداية مع «هبة توفيق»، التى تؤدى دور سعدية، والذى يعد دورها هو الأصعب، حيث تستمر طوال فترة العرض على خشبة المسرح، فدورها يمتد من بداية المسرحية حتى نهايتها، وعن ذلك تقول: «أعجبنى فى دور سعدية قوة إرادتها، حيث لم تستسلم لوساوس الأشباح كما فعل حبيبها، وقد لعبت دور البطولة بالصدفة، حيث كنت أنوى إخراج مسرحية على مسرح الغد، لكن عندما طلب منى المخرج «جلال عثمان» قراءة السيناريو، فضلت أن أؤجل تجربتى الإخراجية.. وقد كانت فترة البروفات مرهقة للغاية، لكن الإرهاق يزول أثره أمام استحسان الجمهور وتصفيقهم لى».
أما «خضر زنون» الذى قام بدور عباس فهو عضو فى فرقة مسرح الغد منذ 15 عامًا، وقام بالعديد من العروض المسرحية من قبل قال: «يجسد عباس حالة الاستسلام التى تنتاب بعض الشباب نتيجة الضغوط النفسية والاجتماعية، مما جعله ينساق وراء أبطال رواية «بين القصرين»، السيد أحمد عبدالجواد، الذى يقنعه بنظرته المتدنية للمرأة، والراقصة زبيدة التى تتمكن من إغوائه، بينما تظل حبيبته سعدية تقاوم بقية الأشباح التى تحاول إغواءها، تمامًا كما تقاوم مصر ما يمر بها من أهوال، وتخرج منتصرة».
بين القصرين.. أبطالها لايزالون يعيشون بيننا
السيد أحمد عبد الجواد، وفى أعقابه زوجته السيدة أمينة، وعشيقته الراقصة زبيدة، ثلاثة أشباح استدعاهم المؤلف من رواية بين القصرين، التى استحوذت على نصيب الأسد ضمن شخصيات المسرحية، لكن صعوبتها تكمن فى أن الجمهور قد شاهد الأدوار الثلاثة فى فيلم ومسلسل قدما فى الستينيات والثمانينيات، والآن يشاهدهم مجددًا بأداء شباب لايزالون فى بداية الطريق، وعن دور أمينة تقول «ريهام حسن»: إن «شقة عم نجيب» هى المسرحية الثالثة لها، وهو ما خلق أمامها تحديًا، يضاف إلى تحدى السن، والذى استتبعه اختيار جيد للملابس، والمكياج، وتحدى تقديم دور سبق أن أداه قامتان فى الفن، مشيرة إلى أنها تتعامل حتى بعد انتهاء العرض كأنها أمينة، فى نبرة الصوت، وطريقة المشى، والحركات، وغيرها من التفصيلات التى اختارتها لتميز الشخصية، أما زبيدة التى لعبت دورها «سلمى رضوان»، خريجة كلية الإعلام، والمعهد العالى للفنون المسرحية، والتى تسير حياتها كإعلامية، وكفنانة جنبًا إلى جنب، حيث تنوى تقديم برنامج للمرأة قريبًا على إحدى الفضائيات، فتقول: أخرجت من قبل فيلمين وثائقيين، ولعبت دور الراقصة فى مسرحية خالتى صفية والدير، لذلك لم يكن الدور صعبًا بالنسبة لى.
قسمتى ونصيبى.. صراع لا ينتهى بين الخير والشر
«ذو الرأسين» شخصية خيالية ابتدعها المؤلف من وحى قصة «قسمتى ونصيبى»، التى تمثل الصراع بين الخير والشر، ليحوله إلى صراع نفسى، وقد لعب هذا الدور «محمد عبدالرحيم»، خريج المعهد العالى للفنون المسرحية، وعن دوره فى المسرحية، والذى يتطلب لياقة بدنية عالية، حيث يدخل المسرح طائرًا، ويتسلق الحبال معظم الوقت، يقول: أديت كثيرًا من التدريبات البدنية من أجل تقديم الدور، كما أضفت تفصيلة مهمة على الشخصيتين اللتين أؤديهما، ووافق عليها المخرج، حيث جعلت كليهما مخطئًا، لأن أحدهما يمثل أقصى اليسار بتحرره وارتكابه الموبقات، والآخر يمثل أقصى اليمين بتزمته، وتحريمه كل متع الحياة، وقد أصررت على وضع الماكياج لنفسى، حتى يصل من خلاله المعنى الذى أقصده.
أبطال خلف الكواليس
خلف الكواليس يوجد أبطال أيضًا، اخترت منهم مهندسة الديكور وإستايلست الملابس «ناهد السيد»، وعن شكل المسرح، وطريقة العرض تقول: «قررت أن أستغل كل شبر من المسرح لجعله مكانًا للأحداث، وفقًا لرؤية المخرج الذى قرر أن يكون الجمهور جزءًا من الحدث، وليس مجرد متلقٍ، ورغم صعوبة ذلك، فقد كانت تلك هى الطريقة المثلى لتقديم المعنى المقصود، وقد اخترت الأبيض والأسود فى ديكورات «شقة عم نجيب»، وفى ملابس الأشباح التى تمثل شخصيات روايات نجيب محفوظ لكى أبرز الصراع والتنافر بين الزمنين، خاصة أن استيعابنا لشخصيات هذا الزمن كمتفرجين دائمًا يكون أبيض وأسود، فقد كانت الملابس فى علاقة متكاملة مع الديكور».
أما الناقدة الموسيقية، وأستاذة النقد بأكاديمية الفنون، «ياسمين فراج»، والتى تعد تجربة تأليف موسيقى العرض هى الأولى لها، فتقول: «وضعت تصوراتى عن الموسيقى التى ستصاحب ظهور الشخصيات منذ قراءة النص، والآلات الأنسب لكل شخصية، فظهور شخصية الباشا الإقطاعى من رواية ميرامار يناسبها البيانو، أما الأكورديون فيتناسب مع شخصيات نجيب محفوظ القديمة التى كانت تسكن الحارات». كما أشارت إلى أن هناك تغييرات كثيرة قد طرأت على الموسيقى أثناء العرض، كما تم الاستغناء عن بعض المقطوعات.
إزالة الفروق الطبقية
ومن جانبه، قال المخرج «جلال عثمان» إنه شعر بمتعة كبيرة أثناء إخراج هذا النص، الذى يمس واقعنا بشكل مبتكر، من خلال استدعاء شخصيات روايات نجيب محفوظ، الموجودة فى كل زمان ومكان، ومحاولة تقديمها بنفس أفكارها، لكن بشكل عصرى.
وعن فكرة إخراج العرض، قال: قررت أن أزيل الفوارق الطبقية بين الجمهور، فالمعروف أن جمهور الصف الأول هو من يدفع أكثر، أما عرضى فلا يوجد به صف أول أو أخير، ومن يكون فى بداية العرض فى الصف الأول، سيتغير مكانه وفقًا للأحداث التى تتنقل بين جدران المسرح.







