الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«زينب محمد» أول عضوة فى لجنة أمانة الفتوَى وأول سيدة تتولى هذا المنصب نصرٌ جديدٌ للمرأة.. أول باحثة بأمانة الفتوَى بالإفتاء المصرية

تعيين سيدة فى أمانة الفتوَى بدار الإفتاء كان لافتًا لكثير من المتابعين لمجال الفتوَى هو تكريم د.شوقى علام مفتى الجمهورية للباحثة «زينب محمد» كأول عضوة فى لجنة أمانة الفتوَى وأول سيدة تتولى هذا المنصب الرفيع؛ عقب اجتيازها فترة تدريب بالإفتاء ليتم تعيينها كأول عضوة بأمانة الفتوَى بعد أن أثبتت جدارتها.



من جانبه؛ أكد د.شوقى علام مفتى الجمهورية أن المرأة شريك أساسى فى تحقيق البناء والتنمية فى الدولة، وأن دورَها فى العمل والبناء والقيادة لا يمكن لأحد أن ينكره. كما شدّد على أن الشريعة الإسلامية تحتفى بالمرأة وتمنحها كل حقوقها المشروعة. داعيًا كل المؤسّسات إلى ضرورة وضع المرأة فى مكانها الصحيح.

وكان مفتى الجمهورية د.شوقى علام قام بتكريم الباحثة الشرعية زينب محمد، واختيارها كأول عضوة فى لجنة أمانة الفتوَى، وأول سيدة تتولى هذا المنصب الرفيع فى دار الإفتاء المصرية؛ حيث جاء التكريم، وفق بيان الافتاء؛ تأكيدًا على أهمية دور المرأة والعمل على تمكينها ومنحها الفرص وفقًا لكفاءتها.

 تعيين المرأة بفتوَى الإفتاء 

 تعيينُ امرأة فى أمانة الفتوَى بدار الإفتاء لم يكن مطروحًا منذ نشأة الأمانة عام 2006 على يد فضيلة د.على جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعندما طرحت مطالبات بتعيين المرأة فى الفتوَى أوضح د. على جمعة وقتها  أن دار الإفتاء  بين أمْرَيْن؛ إمّا نثبت حالة ونأتى بخريجة من الأزهر ونجعلها فى أمانة الفتوَى ولا تكون من الكفاءة فى الفتوَى، وإمّا أن نلتزم بالمعايير ونحن ملتزمون بها فإذا وصلت المرأة لتلك المعايير فلا مانع من أن تكون عضوة بأمانة الفتوَى.

وأوضح فى تصريحات له عام 2011: «ليس لدينا مانع نفسى  من تعيين سيدة بأمانة الفتوَى بشرط التزام معايير العمل بتلك الأمانة؛ لأننا إذا قمنا بتعيين امرأة بعيدًا عن تلك المعايير سيضر ذلك بقضية المرأة».

واستطرد قائلاً: «ليس لدىّ مانع أن أصل لدرجة تعيين امرأة فى أمانة الفتوَى لكن إذا وصلت لمعايير العمل بتلك الأمانة، لكن لا يمكن تحقيق تعيين المرأة هكذا لمجرد إيجاد عنصر نسائى فقط فى دار الإفتاء، لكن ذلك يتحقق عندما تكون المرأة قادرة على ملء هذا المكان».

 تأييد نسائى أزهرى 

إعلانُ دار الإفتاء لتعيين أول سيدة بأمانة الفتوَى لاقى ترحيبًا واسعًا من عالمات الأزهر؛ حيث قالت د.إلهام شاهين الأمين العام المساعد لشئون واعظات الأزهر، أول عالمة أزهرية يتم تعيينها بمنصب الأمين العام المساعد بمجمع البحوث الإسلامية: «أن تكون هناك امرأة عضوًا فى أمانة الفتوَى بدار الإفتاء شىء طيب ويُعَد نصرًا للمرأة بوصولها فى أماكن لم تكن فيها من قبل وتمكينها من مهام لم تمكن فيها من قبل». موضحة أن الأزهر به 8 واعظات متواجدات حاليًا بلجنة الفتوَى بالأزهر منذ أكثر من عام ونصف العام.

وأضافت: إن دار الإفتاء بما لها من خبرة لديها تأهيل يكفى لتعيين باحثة فى أمانة الفتوَى. لافتة إلى إنه بالنسبة لتعيين واعظة بلجنة فتوَى الأزهر يسبقه عقد دورات تدريبية فى الشريعة والفقه والقضايا الفقهية المعاصرة، ثم تحصل الواعظة على دورة تدريبية فى إعداد المُفتية، ثم تخضع لعدة اختبارات تحرير وشفوية ومقابَلة، وبعد اجتياز تلك الاختبارات يتم تعيينها كعضو لجنة فتوَى بأقرب لجنة لها بالمحافظة.

واختتمت د.إلهام قائلة: «نصرٌ كبيرٌ أن تكون هناك امرأة بأمانة الفتوَى بدار الإفتاء، ونأمل أن تكون مناصب أكثر تتولاها المرأة مما تستحقها وتكوت جديرة بها بالفعل».

  وظيفة أمين الفتوَى 

وتتمثل وظيفة أمين الفتوَى  إصدار الفتاوَى؛ بل أصبحت أمانة الفتوَى تتولى مهمة التوقيع على الفتاوَى، كما اتسعت مهامها فصارت تتعاون فى البحوث الفقهية والقانونية، والغرضُ من هذه البحوث إثراء المعرفة بالجوانب الفقهية المختلفة وتعميقها.

ومن الجدير بالذكر؛ أن أمين الفتوَى قد يقدم الفتوَى للسائل بأكثر من طريقة، مثل:

- الإجابة الشفوية: حيث تتطلب حضور السائل شخصيًّا إلى مقر دار الإفتاء المصرية، ويجلس السائل مع أحد أمناء الفتوَى فى مكتبه، ويقوم أمين الفتوَى بتسجيل بيانات المستفتى وسؤاله، ثم يقوم بإجابة السائل، وتسجيل السؤال والإجابة الخاصة بالسائل فى نظام مُعَدٍّ لحفظ الفتاوَى للاستفادة منها فيما بَعدُ من خلال قاعدة بيانات مُعَدة لذلك.

كما أن الدار تتيح أيضًا خدمة هاتفية لاستقبال الأسئلة؛ حيث يتم استقبال مكالمته من خلال أحد موظفى مركز الاتصالات فيقوم بأخذ بياناته، ثم يساعده فى متابعة الإرشادات الصوتية الآلية حتى يستطيع السائل تسجيل سؤاله، ثم يعطيه النظام الآلى رقمًا سريًّا خاصًّا بسؤاله، وبعد ذلك يتم تحويل السؤال آليًا إلى أحد أمناء الفتوَى المختصين بالرد على الأسئلة الهاتفية للإجابة عنه فى خلال ساعة، فإذا دخل السائل إلى الخدمة الهاتفية بعد الساعة، واتبع الإرشادات الصوتية الآلية- حيث يطلب البرنامج منه الرقم السّرّى الخاص بسؤاله- استطاع سماع الإجابة عن سؤاله.

- الإجابة المكتوبة، وتحصيلها له بطرُق متنوعة، هى:

أ- تقديم السؤال مباشرة: وذلك عن طريق حضور السائل وتقديم طلبه واستيفاء المعلومات حول السؤال إذا لزم الأمر، ثم يحوّل السؤال إلى أمانة الفتوَى التى تقوم بتحرير الإجابة عنه، ويأخذ السائل ميعادًا ليتسلم فيه الفتوَى الخاصة به.

ب- إرسال السؤال بريديًا: فيكتب السائل سؤاله، ويرسل الخطاب على عنوان مقرِّ دار الإفتاء المصرية، وهو: (القاهرة- الدّرّاسة- حديقة الخالدين- ص.ب. 11675). ثم يُعْرَضُ السؤال على أحد أمناء الفتوَى المختصين، وبعد الإجابة عن السؤال يتم إرسال الرد إلى السائل على عنوانه الذى يذكره السائل فى آخر رسالته.

ج- إرسال السؤال عن طريق الفاكس: حيث يقوم السائل بإرسال سؤاله عن طريق الفاكس المخصَّص لاستقبال الأسئلة بدار الإفتاء المصرية، ثم يُعرَض السؤال على أحد أمناء الفتوَى المختصين، وبعد الإجابة عن السؤال يتم إرسال الرد إلى السائل؛ وذلك بواسطة رقم هاتف الفاكس الخاص به الذى يذكره السائل فى الفاكس المرسَل، أو على العنوان البريدى الذى يريد أن تُرسَل له الإجابةُ عليه.

د- إرسال السؤال عن طريق البريد الإلكترونى: حيث يقوم السائل بالدخول إلى الموقع الإلكترونى لدار الإفتاء المصرية على الإنترنت، ثم يتجه إلى قسم طلب الفتوَى، فيكتب عنوانًا لموضوع سؤاله (الصلاة- الحج... إلخ). ثم يكتب بريده الإلكترونى، ثم يكتب سؤاله ويرسله، وبعد إرسال سؤاله يعطيه الموقع رقما سريًّا خاصًّا بالسؤال، وعلى السائل الاحتفاظ به حتى يدخل ويرى إجابته، ثم يقوم أحد أمناء الفتوَى المختصين بالرد على الفتاوَى الإلكترونية بالإجابة على السؤال وإرساله إلى البريد الإلكترونى الخاص بالسائل، وبعد مُدة يسيرة من إرسال السؤال يدخل السائل مرّة أخرَى إلى موقع الدار على شبكة المعلومات قسم الاستعلام عن فتوَى ويضع رقم سؤاله حتى يرَى الإجابة أو يدخل إلى عنوان بريده الإلكترونى الخاص به ليجد الإجابة قد أرسلت إليه. 

 تاريخ أمانة الفتوَى 

لم تكن أمانةُ الفتوَى فى مصر وظيفة ثابتة؛ حيث ظهرت تارةً واختفت أخرَى؛ وذلك راجع إلى أن وظيفة المفتى نفسها لم تكن مستقرة، فعلى الرّغم من أن الإفتاء قد استمر فى مصر منذ دخلها الإسلام إلى اليوم؛ فإن وظيفة الإفتاء فى أغلب الأحيان كانت وظيفة تطوُّعية يتصدر لها المفتى احتسابًا، ومن ثم لم يكن المفتى فى حاجة إلى أمينٍ للفتوَى، اللهم إلا إذا كان أحد تلاميذه يقوم بها تطوُّعًا، مثلما قام أستاذه بالإفتاء تطوُّعًا.

وعندما استقرت وظيفة الإفتاء فى مصر فى أواخر القرن الثالث عشر الهجرى/ التاسع عشر الميلادى، استقرت معها وظيفة أمين الفتوَى الذى يُعَد بمثابة مساعد للمفتى، فهو المسئول عن مقابلة المستفتين، وكتابة المسائل التى يقدمونها؛ لأن بعضًا من المستفتين لا يحسن الكتابة، وإن أحسن الكتابة لم يحسن صياغة السؤال، ولذلك يتولى أمين الفتوَى مناقشة السائل فى سؤاله؛ لكى يصل إلى الصياغة السليمة للسؤال حتى لا يحتمل إجابات مختلفة أو تأويلات متعددة. وفى الماضى كان أمين الفتوَى بعد أن يكتب المسائل يقدمها للمفتى، فيكتب المفتى الجواب عليها بنفسه، أو يملى الجواب على أمين الفتوَى، وسُمّى أمينًا لأن المفتى ائتمنه على ما يمليه، فلا يكتب غير ما سمع، وإن كان من الواجب على المفتى أن يُراجع ما كُتب، ويوقّعه بإمضائه بعد أن يتأكد من صحته. وكان يُسمَّى أحيانًا «كاتب الفتوَى». وقد يكون كاتبُ الفتوَى أو أمينُها تلميذًَا للمفتى تلقى العِلْمَ على يديه، ورأى فيه المفتى من الأمانة والعِلْم ما يؤهله للعمل فى تلك الوظيفة المهمة.

وقد اشترط العلماءُ لأمين الفتوَى شروطًا، يجب أن تتوافر فيه ليستحق هذا المنصب، منها: حُسن الخَط، وحُسن صياغة السؤال، والإلمامُ بعِلْم الفقه وأصوله. ولا شك أن الأمانة صفةٌ يجب أن تتوافر أيضًا فى أمين الفتوَى، فيكتب بأمانة ما فهمه من سؤال المستفتين، كما يكتب بأمانة ما أملاه عليه المفتى من إجابات على المسائل.

وكان العمل فى أمانة الفتوَى بداية سلم الترقى فى مناصب الإفتاء؛ حيث تولى بعضُ مَن عمل فى أمانة الفتوَى وظيفة مفتى الديار المصرية، ومنهم على سبيل المثال فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق على جاد الحق مفتى الديار المصرية وشيخ الأزهر الأسبق الذى بدأ حياته العملية أمينًا للفتوى.

ومع تغيُّر الأوضاع بالنسبة لأمين الفتوَى اتسعت مَهامه؛ فأصبح يتولى مهمة الإفتاء فى كثير من الأمور المعروضة على دار الإفتاء المصرية؛ لذلك حرصت دارُ الإفتاء المصرية على تأسيس أمانة الفتوَى عام 2006؛ لتتولى مهمة الإفتاء، وتدريب أمناء الفتوَى لرفع كفاءتهم العلمية وتوارث الخبرة الإفتائية بين أجيال أمناء الفتوَى بالدار.

وكان يتم إدراج وظيفة أمين الفتوَى قبل انفصال دار الإفتاء ماليًا وإداريًا عن وزارة العدل عام 2007، ضمْن مجموعة وظائف التنمية الإدارية بوزارة العدل؛ لأن الوزارة لم يكن بها مجموعة وظائف الخدمات الدينية، ولكن بعد أن استقلت دار الإفتاء، وأصبحت لها موازنة فى ميزانية الدولة، شأنها شأن الأزهر الشريف؛ أصبحت تلك الوظيفة طبقًا للقانون رقم 47 لسنة 1978 للعاملين المدنيين بالدولة تدخل ضمْن المجموعة النوعية للوظائف التخصُّصية.