الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الغرب يُسلّح «كييف».. و«موسكو» تتأهب بالسلاح الأقوى استعراض القوة العسكرية على الأراضى الأوكرانية

منذ اليوم الأول لبدء العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا»، دعّمت الدول الغربية «كييف». لكنها، ترددت -فى الوقت ذاته- فى إرسال أنواع معينة من الأسلحة، خشية الانجرار إلى مواجهات مباشرة مع «روسيا»، ولكن مع بدء عام 2023، زاد الغرب من وتيرة تسليح «أوكرانيا» بصورة غير مسبوقة، حيث تعهدت كل من دول: «الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وبولندا»، ودول أخرى، بتزويد «كييف» بآليات مدرعة، وسط مخاوف من هجوم روسى مكثف.



«واشنطن» على رأس القائمة

كانت «الولايات المتحدة» ترسل كل عام مساعدات بمليارات الدولارات إلى المستفيدين فى جميع أنحاء العالم، سعيًا وراء مصالحها الأمنية والاقتصادية. ولكن، منذ بدء العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا» فى فبراير الماضى، أصبحت «كييف» أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأمريكية، لتصبح المرة الأولى التى تحتل فيها دولة أوروبية الصدارة، منذ أن وجهت إدارة الرئيس الأمريكى الراحل «هارى إس.ترومان» مبالغ طائلة، من أجل إعادة بناء القارة عبر (خطة مارشال)، بعد الحرب العالمية الثانية.

ففى مطلع العام الجارى، تعهدت الإدارة الأمريكية بإرسال مئات المركبات المدرعة، بالإضافة لصواريخ وقذائف مدفعية للأراضى الأوكرانية، فى إطار حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليارين و500 مليون دولار إضافية.

تأتى المساعدات الأمريكية الأخيرة لكييف، بعد أن وجهت الإدارة الحالية والكونجرس الأمريكى ما يقرب من 50 مليار دولار من المساعدات لكييف فى عام 2022، والتى تشمل الدعم الإنسانى، والمالى، والعسكرى، وفقًا لمعهد الأبحاث الألمانى «كيل للاقتصاد العالمي». 

فبلغ إجمالى المساعدات الأمريكية لأوكرانيا بين 24 يناير و20 نوفمبر 2022، 48 مليار دولار، منها 9 مليارات و900 مليون دولار (أى ما يقدر بنسبة 21٪) فى هيئة مساعدات إنسانية، تشمل المساعدات الغذائية الطارئة، والرعاية الصحية، ودعم اللاجئين، والمساعدات الإنسانية الأخرى، و15 مليارًا و100 مليون دولار (ما يقدر بنسبة ٪31) كمساعدات مالية، تشمل دعمًا لمساعدة الميزانية من خلال صندوق الدعم الاقتصادى، والقروض، وغيرها من أشكال الدعم المالى، إلى جانب دعم عسكرى بقيمة 22 مليارًا و900 مليون دولار (بنسبة ٪48)، تنقسم إلى 8 مليارات و900 مليون دولار (٪19) كمساعدات أمنية، تشمل التدريب، والمعدات، والأسلحة، والدعم اللوجيستى، وغيرها من المساعدات المقدمة، من خلال مبادرة المساعدة الأمنية الأوكرانية، و12 مليارًا و700 مليون دولار (٪27) أسلحة ومعدات من مخزون وزارة الدفاع الأمريكية، بالإضافة إلى  مليار و30 مليون دولار (٪3) فى هيئة منح وقروض من خلال برنامج التمويل العسكرى الأجنبى.

من الواضح أن كثيرًا من المساعدات العسكرية وجهت إلى توفير أنظمة الأسلحة، والتدريب، والاستخبارات، التى يحتاجها القادة الأوكرانيون، من أجل مواجهة «روسيا»، التى تمتلك أحد أقوى الجيوش فى العالم.

وعند مقارنة أرقام المساعدة العسكرية الأمريكية المقدمة لأوكرانيا، بأخرى قدمتها «واشنطن» لكبار المتلقين الآخرين، بما فى ذلك: «أفغانستان» والحكومة الإسرائيلية، يظهر الحجم الاستثنائى لهذه المساعدة.. فكما ذكرنا سابقاً، أنه فى الوقت الذى حظيت فيها «كييف» على دعم عسكرى بـ22.9 مليار دولار فى عام 2022، حازت الحكومة الإسرائيلية –المنتفع الأول عالميًا من المساعدات الأمريكية- على 3 مليارات و300 ألف دولار فقط، فيما حازت «أفغانستان» على مليارين و800 ألف دولار خلال نفس العام.

 

الدعم العسكري الغربى لكييف

من جانبها، تقدم العشرات من الدول الأخرى، بما فى ذلك معظم أعضاء منظمة «حلف شمال الأطلسي» (ناتو)، و «الاتحاد الأوروبي»، حزم مساعدات كبيرة لأوكرانيا.

فكشفت «ألمانيا» عزمها إرسال مدفعية «هاوتزر» ذاتية الدفع، ومركبة مشاة «ماردِر» القتالية، إلى جانب قاذفات صواريخ «ميلان» المضادة للدبابات، ومركبات «دنجو» المقاومة للألغام. 

كما التزمت «برلين» -أيضًا- بإرسال مجموعة من شاحنات النقل، والمدرعات، والمركبات الطبية، ومركبات دعم المشاه. ولكن الجدل الذى أثير فى مساعدات «ألمانيا» للقوات الأوكرانية، كان حول تسليم دبابات «ليوبارد 2»، حيث امتنعت الحكومة الألمانية لأسابيع عن إرسال هذا النوع من الدبابات تحديدًا، كما رفضت السماح للدول الأخرى بحلف شمال الأطلسى بإرسالها، تحسبًا من أن تلك الخطوة قد تتسبب فى مزيد من التصعيد من جانب «روسيا».

ولكن، نتيجة للضغوطات الغربية الشديدة التى تعرضت لها الحكومة الألمانية، وتصاعد الأزمة مع الغرب، أفادت وزيرة الخارجية الألمانية «أنالينا بيربوك» مطلع الأسبوع الماضى، بأن حكومتها لن تقف فى طريق «بولندا» –التى صعدت الأزمة- إن أرادت إرسال دبابات «ليوبارد2» ألمانية الصنع إلى «أوكرانيا»، مؤكدة أن «برلين» لن تقف عقبة حال سئلت عن هذا الأمر.

وكانت «بولندا» أعلنت فى وقت سابق –فى ظل اشتداد الأزمة بين «ألمانيا» والغرب حول هذه القضية- بأنها سترسل 14 دبابة «ليوبارد 2» لكييف، حتى بدون موافقة «برلين» إن لزم الأمر.

ومع ذلك، يعد المثير فى تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية، هى أنها ذهبت إلى مدى أبعد من التعليقات التى أدلى بها وزير الدفاع الألمانى الجديد «بوريس بيستوريوس»، الذى قال إن: « «ألمانيا» لن تتخذ قرارًا متسرعًا، لأن هناك عوامل كثيرة لابد وأن تأخذها الحكومة الألمانية فى حسبانها أولاً، من بينها العواقب فى الداخل بالنسبة لأمن الشعب الألماني»، فيما أوضح المستشار الألمانى «أولاف شولتس» فى قمة مع الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» فى «باريس»، أن جميع قرارات إرسال الأسلحة ستُتخذ بالتنسيق مع حلفاء منهم «الولايات المتحدة».

بدورها، اعتبرت الدول الغربية المؤيدة للدعم العسكري لأوكرانيا تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية بأنها بارقة أمل فى إرسال المزيد من الأسلحة الثقيلة إلى الأراضى الأوكرانية.

من جانبها، قررت «بريطانيا» إرسال الدبابة «تشالنجر 2» القتالية، إلى جانب مدفعية ذاتية الدفع من طراز (AS90)، ومركبة حاملة مصفحة «بولدوج (FV432)»، التى تحمل المشاة، بينما  أقرت «فرنسا» إرسال مركبة (AMX 10-RC) القتالية المصفحة، والتى -غالباً- ما توصف بأنها دبابة مدمرة، إلى جانب إرسالها مدفعية «هاوتزر قيصر» ذاتية الدفع الفرنسية إلى الأراضى الأوكرانية. 

كما أعلن الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» أنه لا يستبعد دعم «أوكرانيا» عسكريًا بدبابات «لوكلير»، مشيرًا إلى أنه طلب من وزارة الدفاع الفرنسية دراسة ذلك.

وبالنسبة لدولة «سلوفاكيا»، فتعهدت بإرسال مركبة قتال برمائية مصفحة للمشاه، فيما سترسل «السويد» نظام مدفعية «آرتشر»، بالإضافة إلى مركبات قتالية أخرى، بينما قررت «الدنمارك» إرسال مدفعية «هاوتزر قيصر» فرنسية الصنع، أما «كندا» فتعتزم إرسال ناقلات الأفراد المدرعة من طراز «سيناتور».

تأتى المساعدات العسكرية الغربية، بعد استمرار العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا» فى تحقيق نجاحات ملحوظة مع اقترابها من إتمام عام كامل، فى ظل تكرار الرئيس الأوكرانى «فولوديمير زيلينسكى» لندائه بتزويد بلاده بدبابات، وطائرات، وصواريخ بعيدة المدى، معتبرًا أن دبابات القتال الغربية المدرعة ستمنح القوات الأوكرانية مزيدًا من الحركة، والحماية، واستعادة بعض الأراضى التى سيطرت عليها القوات الروسية.

على صعيد آخر، أكد المتحدث باسم (الكرملين) «ديميترى بيسكوف» أن تزويد الدول الغربية «أوكرانيا» بدبابات إضافية لن يغير مسار العملية العسكرية الروسية، مرجحًا بأنها ستزيد مشكلات الشعب الأوكرانى.. بينما قال رئيس مجلس الدوما الروسى «فياشيسلاف فولودين» إن تزويد «أوكرانيا» بالأسلحة الهجومية قد يؤدى إلى كارثة عالمية!.