الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد إسقاطها 90 % من الدرون: روسيا تتفوق على أوكرانيا إلكترونيا

منذ أن بدأت الحرب الروسية الأوكرانية فى 24 فبراير الماضى تم استخدام كل الأسلحة من الجانبين ولكن روسيا كان لها النصيب الأكبر فى أنواع تلك الأسلحة وخاصة الإلكترونية فى أوكرانيا، حيث تمكنت من إسقاط طائرات درون استخدمتها وعلى الأرجح أنها تمكنت من التشويش على الإحداثيات التى كان يستخدمها سلاح المدفعية الأوكرانى مما كانت نتيجة ذلك عدم قدرته على إصابة أهدافه. وفى مقالة نشرت فى مجلة فوربس الأمريكية تحدث فيها المراسل العسكرى الأمريكى ديڤيد إكس عن تقرير صدر من قبل معهد الخدمات الملكية المتحدة البريطانى يتحدث عن أن قدرات الحرب الإلكترونية الروسية تمكنت من إسقاط معظم طائرات الدرون الأوكرانية، وانخفض عمر الدرون الأوكرانية إلى ثلاث رحلات فقط فى حين أن الدرون التى لها أجنحة ثابتة عمرها ست طلعات.



ووفق تقرير المعهد الملكى فإن %90 من آلاف طائرات الدرون الأوكرانية التى جمعتها أوكرانيا قبل اندلاع الحرب فى فبراير الماضى تم إسقاطها أو تحطمت فى بداية الصيف الماضى مما أجبر أوكرانيا على طلب بديل لهذه الطائرات، إضافة إلى طائرات مقاتلة من الولايات المتحدة والناتو. وأشار إكس أيضا إلى أن الحرب الإلكترونية الروسية أدت إلى إفساد الميزات الاستخباراتية لأوكرانيا وهى التى ساعدت القوات المدفعية الصغيرة على لعب دور أكبر من حجمها فى بداية الحرب.

وأشار الكاتب البريطانى فى المجال العلمى ديڤيد هامبلنج إلى أن طواقم المدفعية الأوكرانية كانوا يستخدمون نماذج متنوعة من الدرون لإصابة المواقع الروسية بدقة والاستفادة إلى أقصى حد من مخزونات ذخيرة المدفعية المحدودة لديهم عن طريق ضرب أهداف مهمة لإنزال أكبر قدر ممكن من التأثير الاستراتيچى عليها. ويمكن أن تكون هذه الميزة قد أنقذت مدينة كييڤ خلال الأيام الأولى من الحرب. لكن فى مقالة نشرت نهاية الشهر الماضى ديسمبر قال الصحفى فى مجلة فوربس مايكل بيك إن قصف المدفعية الأوكرانية قديمة العهد هو الذى كان يصد الهجوم ضد كييڤ وليس الدرون العالية التقنية أو الصواريخ المضادة للدبابات الموجهة. ولكن إكس يقول إن طائرات الدرون الأوكرانية كانت تتساقط من السماء بأعداد كبيرة مما أدى إلى تعقيد السيطرة على نيران المدفعية وأبعد أى استفادة من دقة الرمى المدفعى وزاد من احتمال قدرة القوات الروسية على النجاة وسمح لها بإعادة توحيد صفوفها من أجل المزيد من الهجمات.

وإضافة إلى ذلك؛ كانت بطاريات المدفعية الأوكرانية قد بدأت تقصف بدون هدف مما ضاعف مشكلات نقص الذخيرة وزاد من تعقيد الوضع بالنسبة للولايات المتحدة وحلف الناتو لإمداد أوكرانيا بالسلاح من أجل استمرارها فى القتال. وكانت القوات الجوية الأوكرانية تتأرجح تحت تأثيرات قدرات الحرب الإلكترونية المتطورة لروسيا. ويقول إكس إن طيارى المقاتلات الأوكرانية كانوا أول من يشعر بتأثيرات قدرات الحرب الإلكترونية الروسية المتطورة؛ مشيرا إلى أن الطيارين اكتشفوا فى كثير من الأحيان أن اتصالاتهم الجو جو والجو أرض كانت تتعرض للتشويش وأن تجهيزات الملاحة لديهم لم تكن تعمل بصورة جيدة وأن راداراتهم كانت تتعطل.

ونظرا إلى هذه التقارير فربما تكون حرب الدرون فى أوكرانيا قد غيرت مسار الحرب؛ وذكرت صحيفة آسيا تايمز فى تقارير لها سابقة أن النجاح الذى حققته طائرات دراون «بيرقدار تى بى - 2» والتى سببت خسائر كبيرة جدا ضد القوات الروسية وربما تكون مسئولة عن أهم الإصابات التى وقعت فى الحرب مثل خسارة الطراد موسكوڤا والفرقاطة أدميرال آيسن التى تضررت على بشكل كبير. ولكن هذه النجاحات المبكرة ربما ترجع إلى عيوب فى الجيش الروسى نفسه وليس بتأثير درون «تى بى - 2». ويقول المصدر نفسه إن القوات الروسية كانت تتحرك وفقا لتكتيكاتها القياسية وتقنياتها وإجراءاتها التى تطلبت منها العمل تحت غطاء دفاعى جوى شامل وبقدرات حرب إلكترونية وهو ما جعلها عرضة لضربات الدرون «تى بى - 2» التى لم تكن معروفة أثناء الاتحاد السوڤييتى وإضافة إلى ذلك؛ ينص التقرير على أن روسيا لم تتمكن من تحقيق التفوق بصورة شاملة على أوكرانيا وربما يرجع ذلك إلى أن أوكرانيا لاتزال تمتلك الكثير من شبكة الدفاع الجوى القوية من العصر السوڤييتى.

ويضيف إن التنسيق الضعيف والحركة اللوچستية والصيانة السيئة جعلت القوات الروسية عرضة للهجمات وضربات الدرون وأن الدفاعات الجوية الروسية من عصر الاتحاد السوڤييتى لم يتم تطويرها بصورة مناسبة كى تتعامل مع (تى بى - 2)؛ وبالنظر إلى صغر حجمها وهدوء حركتها وعدم إظهارها لأثر حرارى كبير وتطير على ارتفاعات أقل من الارتفاعات التى تكتشفها الرادارات ؛ وإضافة إلى ذلك فإن قلة التنسيق بين القوات الهجومية الروسية ووحدات الحرب الإلكترونية يمنع الأخيرة من استخدام قدراتها إلى أعلى مستوى ممكن ضد دراون (تى بى - 2) خلال المراحل الأولى من الحرب فى أوكرانيا.

ولكن مجلة أى سبكترم الأمريكية نشرت مقالة بقلم الكاتب الأمريكى بريان كلارك تشير إلى أن الحرب الإلكترونية الروسية استفادت من قيام أوكرانيا بتحويل الصراع إلى حرب استنزاف. وكتب كلارك أيضا أنه أثناء المراحل المبكرة من الصراع كانت القوات الروسية تتحرك على طول محاور متعددة باتجاه أوكرانيا؛ ولم تتمكن من إرسال طائرات درون الحرب الإلكترونية إلى أعلى مستوى مما جعل الوحدات الأوكرانية تتغلغل بينها. ونتيجة لذلك وفق ما يقوله كلارك فإن عمليات التشويش التى كان يستخدمها الروس ضد أوكرانيا كانت تؤثر عليهم أيضا مما أجبرهم على تقليل استخدام الحرب الإلكترونية. كما أشار كلارك إلى أن المناطق الكثيفة بالسكان حول كييڤ أدت إلى خلط إشارات الإرسال المدنية مع العسكرية؛ مما منع الروس من استخدام قدرات الحرب الإلكترونية لتحديد واستهداف الجنود الأوكرانيين.

وعلى جانب آخر وفى مقال افتتاحى بصحيفة الإيكونومست أشار رئيس جهاز المخابرات البريطانى چيريمى فليمنج إلى أن روسيا وأوكرانيا استخدمتا قدراتهما الإلكترونية خلال الحرب وحتى الآن خسر الرئيس ڤلاديمير بوتين حرب المعلومات فى أوكرانيا؛ وخطة روسيا الأولية بالنسبة إلى الإنترنت لم تحقق أهدافها؛ وكان استخدام الدولة للأدوات الإلكترونية الهجومية عشوائيا مشيرا إلى أن نشر معلومات مضللة من خلال الإنترنت كان جزءًا رئيسيًا من الاستراتيچية الروسية، لكن مركز الاتصالات الحكومية البريطانى تمكن من اعتراضها وإصدار التحذيرات فى الوقت المناسب. وتعتبر الهجمات الإلكترونية جزءا مهما من عوامل الحروب الحديثة وهو ما أكده المحلل السياسى أرثر دى ليديكيرك ضاربا المثل فى الهجوم الروسى على چورچيا فى عام 2008. ورغم حداثة الحرب إلا أن العمليات السيبرانية كانت جارية فى أوكرانيا قبل وقت طويل من هجوم القوات الروسية فى 24 فبراير الماضى حيث تعرضت أوكرانيا لسلسلة من الهجمات الإلكترونية شوهت مواقع مؤسسية والبيانات الموجودة على بعض أجهزة الكمبيوتر الحكومية وتركت تهديدا بتسريب البيانات الخاصة بالإضافة إلى تحذير سيئ للشعب الأوكرانى (كن خائفا وتوقع الأسوأ).

وأوضح ليديكيرك مدير مركز راسموسن للاستشارات السياسية والاستراتيچية أنه منذ أن دخلت الدبابات إلى الأراضى الأوكرانية أختلفت الأنشطة السيبرانية المتعلقة بالحرب فى أوكرانيا من هجمات البرمجيات الخبيثة التى تستهدف مواقع الويب الحكومية والإعلامية وحملات التصيد وأبرزها تعطيل خدمة الإنترنت من خلال الأقمار الصناعية؛ أما حملات التضليل واسعة النطاق كانت أداة رئيسية فى يد الطرفين فقد استفاد كل منهما من الإمكانيات التى يوفرها الفضاء الإلكترونى من حيث الانتشار وسرعة المحتوى المشترك وأيضا الدعاية الأكثر تقليدية مع مشاهد مسرحية فى وسائل الإعلام الروسية وأخرى ضعيفة فى الصحافة ووسائل الإعلام الأوكرانية.

وتمثل الحرب الإلكترونية جانبا حاسما ولكن غير مرئى إلى حد كبير من الحرب الروسية الأوكرانية إلا أن القادة العسكريين يتجنبون مناقشتها خوفا من تعريض العمليات للخطر من خلال كشف الأسرار.

وتستهدف تكنولوچيا الحرب الإلكترونية الاتصالات وأنظمة الملاحة والتوجيه التى تستخدم لتحديد مواقع العدو والخداع وتوجيه الضربات القاتلة؛ كما تستخدم ضد المدافع والطائرات المقاتلة وصواريخ كروز والطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة وتستخدمها الجيوش أيضا لحماية قواتها فى الوقت نفسه. والحرب الإلكترونية هى أحد المجالات التى كان يعتقد أن روسيا تتفوق بوضوح فيها فى الحرب؛ ولكن لأسباب غير واضحة لم يظهر هذا التفوق كثيرا فى المراحل الأولى من الحرب والتى شهدت فوضى فى السيطرة على العاصمة الأوكرانية كييڤ. وأصبحت الحرب الإلكترونية أكثر من مجرد عامل فى القتال العنيف بشرق أوكرانيا حيث تسمح خطوط الإمدادات الأقصر والتى يمكن الدفاع عنها بسهولة لروسيا بنقل معدات الحرب الإلكترونية إلى أماكن أقرب من ساحة القتال.

وقال مسئول فى أيروروزڤيدكا وهو فريق استطلاع مكون من القائمين على إصلاح المركبات الجوية غير المستخدمة فى أوكرانيا إنهم يشوشون على كل ما يمكن أن تصل إليه أنظمتهم.

وأضاف المسئول الذى تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته: لا يمكننا القول إنهم يسيطرون ولكنهم يعيقوننا بشكل كبير. ووصف مسؤول استخباراتى أوكرانى التهديد الروسى بأنه خطير للغاية عندما يتعلق الأمر بتعطيل جهود الاستطلاع واتصالات القادة مع القوات موضحا أن التشويش الروسى على أجهزة الاستقبال الخاصة بتحديد المواقع الجغرافية فى الطائرات بدون طيار التى تستخدمها أوكرانيا لتحديد مواقع العدو وتوجيه ضربات المدفعية مكثف بصورة خاصة على خط التماس. وحققت أوكرانيا بعض النجاحات فى مواجهة الجهود الروسية فى الحرب الإلكترونية واستولت على أجزاء مهمة من المعدات وهو ماوصف بأنه انقلاب استخباراتى كبير ودمرت وحدتين متخصصتين فى الحرب الإلكترونية. وقالت الوكالة إن قدرات الحرب الإلكترونية التى تمتلكها أوكرانيا يصعب تقييمها؛ ويقول محللون إنها تحسنت بشكل ملحوظ منذ عام 2014 عندما استولت روسيا على شبه جزيرة القرم وتحريضها لتمرد الانفصاليين فى شرق أوكرانيا. ومع ذلك توجد سقطات أيضا لأوكرانيا إذ قالت روسيا الأسبوع الماضى إنها دمرت مركزا للاستخبارات الإلكترونية فى مدينة دنيبروڤسكى جنوب شرق البلاد.

واستفادت أوكرانيا أيضًا من التكنولوجيا والمعلومات الاستخباراتية المقدمة من الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين فى الناتو حيث ساعدت هذه المعلومات على إغراق الطراد الروسى موسكوڤا، وتقدم الأقمار الاصطناعية وطائرات المراقبة التابعة للحلفاء المساعدة لأوكرانيا إضافة إلى شبكة الاتصالات ستارلينك التابعة للملياردير إيلون ماسك.