السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اندلاع العنف فى المكسيك قبل زيارة بايدن: ماذا سيفعل الرئيس الأمريكى فى القضايا المعلقة

بدأ الرئيس الأمريكى چو بايدن الأحد الماضى 8 يناير أول زيارة رسمية له للمكسيك وعلى جدول أعمالها مسألة الهجرة القياسية والجرعات الزائدة المسجلة بالآلاف فى الولايات المتحدة بمادة الفنتانيل وهى مخدر صناعى تنتجه كارتلات مكسيكية. ويقوم الرئيس الأمريكى بزيارة للمكسيك شريكة واشنطن الرئيسية بمحطة فى مدينة إل باسو بجنوب تكساس لإسكات مآخذ خصومه عليه بعدم زيارة الحدود المشتركة بين البلدين الممتدة على 3100 كيلومتر منذ توليه الرئاسة منذ عامين. وتوجه الاثنين إلى مكسيكو للقاء نظيره المكسيكى أندريس مانويل لوبيز أوبرادور الذى شارك معه الثلاثاء فى قمة ثلاثية إلى جانب رئيس الوزراء الكندى چاستن ترودو. وقال مايكل شيفتر مدير معهد الحوار بين الأمريكتين إن المكسيك مناسبة جدا للبحث فى هاتين المشكلتين الحادتين اللتين أصبحتا نقطتى ضعف سياسيتين لبايدن.



ومع حوالى 2.3 مليون عملية إلقاء القبض وإجراءات طرد مهاجرين بطريقة غير قانونية فى عام 2022 يجب أن يبدى بايدن موقفا حازما على هذا الصعيد إن قرر الترشح لولاية ثانية.

قبل التوجه إلى إل باسو سبق لبايدن أن أعلن عن برنامج سيسمح لثلاثين ألف شخص كحد أقصى من كوبا وهايتى ونيكاراجوا وفنزويلا بالدخول إلى الولايات المتحدة بطريقة قانونية شهريا.

ويطبق هذا الرقم على العمال الداخلين بطريقة قانونية الذين لديهم كفيل فى الولايات المتحدة فيما لا يزال أولئك الذين يحاولون الدخول بطريقة غير قانونية يواجهون احتمال الطرد.

ومع القبض على أكثر من 230 ألف شخص عند الحدود كانوا يحاولون دخول الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية فى نوفمبر وهو مستوى قياسى يدرك چو بايدن حدود برنامجه هذا ويأخذ على الجمهوريين تعطيلهم خطة أكثر طموحا فى هذا الصدد. واللقاء الثانى مأساة مخدر الفنتانيل الصناعى الذى يعتبر أقوى بخمسين مرة من الهيروين وتشرف على إنتاجه كارتلات مكسيكية مع مكونات كيميائية تستورد من الصين وفقا لما تقوله وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA). فثلث الوفيات الـ108 آلاف بسبب جرعات زائدة فى الولايات المتحدة عام 2021 من مواد أفيونية صناعية، أما كميات الفنتانيل المضبوطة فى 2022 وحده فتتجاوز الكمية الضرورية لقتل الشعب الأمريكى بكامله وفقل لـDEA. وقال براين نيكولس مسئول الخارجية الأمريكية لشؤون أمريكا اللاتينية إن الولايات المتحدة تسعى إلى توسيع تبادل المعلومات مع المكسيك حول المركبات الكيميائية وتعزيز الوقاية. وقبل زيارة بايدن تعمدت المكسيك إلقاء القبض على أوفيديو جوسمان أحد كبار تجار الميثامفيتامين خلال عملية أسفرت عن سقوط عشرة قتلى فى صفوف القوى الأمنية و19 فى صفوف كارتل سينالوا. وقال الخبير الأمنى ريكاردو ماركيس عندما تعقد اجتماعات كهذه هناك أسس ثابتة تمتثل بأن تقوم السلطات المكسيكية دائما بشىء تقدمه عاجلا أم آجلا معتبرا أن عملية القبض لا تؤثر فى هيكلية كارتل سينالوا الذى تمتد شبكاته فى 50 دولة.

ومن ناحية أخرى قضية التغير المناخى كانت فى جدول أعمال المحادثات إذ أعلن البلدان خلال مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) فى مصر مشروعا للطاقة المتجددة يتضمن استثمارات بقيمة 48 مليار دولار تعهدت المكسيك فى إطاره بتحسين أهداف خفض غازات الدفيئة بحلول 2030. ومن المواضيع المطروحة أيضا استغلال الليثيوم ونقل مصانع تجميع سيارات كهربائية وبناء ستة مصانع للطاقة الشمسية من الجانب المكسيكى والتعاون فى مجال الطاقة النظيفة.

ومع هذا لا تزال الشكوك قائمة حول نوايا واشنطن نحو جارتيها المكسيك وكندا إلى اليوم، ولا يخفى الجاران قلقهما وهواجسهما المتزايدة بالرغم من مشاركتهما مع بايدن فى القمة فى مكسيكو سيتى. وقال موقع سى جى تى إن الصينى إنه منذ ما يقرب من 14 شهرا استضاف الرئيس الأمريكى چو بايدن قمة قادة أمريكا الشمالية وهو حدث يجمع بشكل دورى بين رئيسى الولايات المتحدة، والمكسيك، ورئيس وزراء كندا. وكان بايدن فى ذلك الوقت فى منصبه منذ أقل من عام وكان العنوان العام لتلك القمة هو المصالحة لعدم وجود تعبير أفضل. سعى بايدن لإقناع الرئيس المكسيكى أندريس مانويل لوبيز أوبرادور ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو بأن الولايات المتحدة قد تخطت الجدول السياسى المتهور خلال رئاسة سلفه دونالد ترامب على أمل أن تستعيد واشنطن دورها وموقعها فى أمريكا الشمالية والعالم.

ومع ذلك، أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن القائدين المكسيكى والكندى يعتقدان بأن بايدن لن يستمع إلى مخاوفهما لأنهما يريدان معالجة الموضوعات المتعلقة بقضايا الهجرة والتجارة وسلاسل التوريد الإقليمية والدولية خصوصا أن انعقاد مثل هذه القمة لم يحدث منذ أن كان باراك أوباما رئيسا لأمريكا. والوقت قد حان بالنسبة لكندا والمكسيك لأن تظهر الولايات المتحدة فهما واضحا لهواجس كلا البلدين ولم تكن هناك اختراقات وقرارات رئيسية من قمة 2021. من ناحية كانت الدول الثلاث لا تزال تحت ضغوط أزمة جائحة كورونا لكن هذا لم يمنع ترودو من استغلال وجوده فى العاصمة الأمريكية والإطلال من منبر مؤسسة فكرية عالمية مقرها واشنطن ليقول: لا يمكن للولايات المتحدة أن تفعل ما هو أسوأ من عدم الاعتماد على أقرب أصدقائها وأقدمهم لضمان أن أمريكا الشمالية ستكون قوية فى عالم غير مستقر.

وفى حديث أقل دبلوماسية، كان رئيس الوزراء الكندى يعنى أن بلاده رأت أمثلة تثبت أن إدارة بايدن لم تمح بعض أكثر السياسات الحمائية والقومية التى قامت بها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. ولا تزال الشكوك قائمة حول نوايا واشنطن نحو جارتيها إلى اليوم، ولا يخفى لوبيز أوبرادور، ولا ترودو، قلقهما وهواجسهما المتزايدة. وقال وزير الخارجية المكسيكى مارسيلو إبرارد أنه تمت إضافة تنقل العمالة بالفعل إلى أجندة القمة وهذا شىء جديد فى مفهوم العلاقة بين المكسيك والولايات المتحدة ولم يكن موجودا من قبل. وتخطط المكسيك لتسليط الضوء على سياسات واشنطن التعسفية على الحدود بين البلدين. وقد واجهت انتقادات حادة من جماعات ومنظمات حقوق الإنسان فى القارة الأمريكية وجميع أنحاء العالم. ووفقا لإحصائيات شبه رسمية واجه مسئولو الحدود الأمريكية أكثر من 1.6 مليون شخص يسعون للعبور إلى الولايات المتحدة فى عام 2021 فقط. الصحيح أن ليس كل هؤلاء من مواطنى المكسيك، ومع ذلك تسبب العدد الهائل من الناس فى أزمة إنسانية يتحدث عنها المسئولون فى واشنطن ولكنهم يرفضون معالجتها، ولا تتناولها وسائل الإعلام. 

وتشعر كندا والمكسيك بالغضب من البيت الأبيض لدعمه المستمر للاعتمادات الضريبية للسيارات الكهربائية، وقالت وزيرة الاقتصاد المكسيكية تاتيانا كلوثير إن هذه القضية هى مصدر الإزعاج الرئيسى فى علاقات بلدها بالولايات المتحدة وحذرت من العواقب بما فى ذلك احتمال فرض رسوم جمركية إذا لم تتراجع الولايات المتحدة. ففى عام 2022 وقع بايدن قانون خفض التضخم، والذى يتضمن فى أحد بنوده فرض ائتمان ضريبى يمكن أن يصل إلى 7500 دولار لمعظم الأمريكيين الذين يشترون سيارات كهربائية. وبذلك تفرض على المشترى الأمريكى شراء سيارة مصنوعة فى الولايات المتحدة. حتى الآن أظهر البيت الأبيض ترددا فى التراجع، التحذيرات من أن المكسيك أو كندا قد تسعيان للحصول على مساعدة قانونية لم تؤثر أيضا على الإدارة الأمريكية، تتيح القمة لبايدن فرصة لإظهار القيادة والسعى إلى أرضية مشتركة مع أقرب الجيران. فهل سيفعل ذلك وهو رجل عنيد يرفض التزحزح فى حين سيولى لوبيز أوبرادور وترودو اهتماما كبيرا بتوجه بايدن.

أما صحيفة ذا هيل الأمركية فقالت إن الرئيس الأمريكى چو بايدن فى أول رحلة له إلى الحدود الجنوبية منذ توليه منصبه يواجه قضية الهجرة الحدودية. ونشرت مقالا للكاتب الأمريكى بريت صمويلز بعنوان بايدن يواجه مشكلته الحدودية قال فيه أن الرئيس الأمريكى چو بايدن سيقوم بأول رحلة له إلى الحدود الجنوبية منذ توليه منصبه حيث سيواجه قضية الهجرة وجها لوجه لأنها تشكل تهديدا متناميا له ولإدارته. وقاوم بايدن القيام بهذه الرحلة على الرغم من أشهر من الضغوط من الجمهوريين وحتى بعض الديمقراطيين من أجل بذل المزيد من الجهد لمعالجة تدفق المهاجرين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. ويؤكد سفره إلى هناك المشاكل الإنسانية والسياسية التى يفرضها الوضع على إدارة بايدن لأنها تتعامل مع أغلبية الحزب الجمهورى فى مجلس النواب والتى تنوى تسليط الضوء على أزمة الحدود وحملة 2024 التى تلوح فى الأفق ومن المرجح أن يرفع المرشح الجمهورى ملف الهجرة.