السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اختيرت من بين 100 امرأة مؤثرة على مستوى العالم ومن بين 9 عربيات على قائمة BBC معين العبيدى جوهرة بين حطام الحرب

«المرأة  الأقوى هى من ترفض أن تعتمد على سيفك من أجل حمايتها، فهى تحمل سيفها الخاص».. بتلك الكلمات عبّرت السيدة ميشيل أوباما السيدة الأولى للولايات المتحدة الأمريكية سابقًا عن قوة المرأة.. فالمرأة بإمكانها تحدى الصعاب ومواجهة المَخاطر وتحقيق الهدف، وهو ما يثبته لنا التاريخ.. وعلى الرّغم مما تتحمله اليمن يومًا من صعاب ومشاكل؛ فإنه من باطن تلك الصعاب وُلدت امرأة تحمل شعار الإرادة والضمير. قضت 20 عامًا كناشطة حقوقية لتحقق امتيازًا فريدًا وتحصل على رقم عالمى بين نساء العالم؛ حيث اختيرت بين 100 امرأة ملهمة فى العالم على قائمة BBC وکانت من بین تسع نساء عربيات فقط على قائمة الشرف تلك؛ لتمثل نموذجًا واضحًا للمرأة القوية الشجاعة الجادة ناشرة السلام، هى المحامية والناشطة الحقوقية والمجتمعية اليمنية معين العبيدى. 



«روزاليوسف» التقت بها، وخلال السطور التالية سنتعرف عليها سويًا عن قرب.. وإلى نص الحوار..

 

 كيف كان شعورك عندما علمت باختيارك بين أكثر 100 امرأة مؤثرة عالميًا على قائمة BBC؟ 

- بالنسبة لى وصلنى الخبر عندما تواصل معى مديرى فى العمل وقال لى: «عملتيها يا معين، عملتيها يا معين»، وأنا اعتقدت أنه شىء يتعلق بالعمل فخفت ثم ذكر لى أنه تم اختيار اسمى على قائمة BBC وأخبرنی بالتفاصیل أنت سعيدة جدًا بالتأكيد.

 هل حصلت على أى جوائز أو تكريمات سابقًا قبل اختيارك على قائمة BBC؟

- لا، لم أحصل على أى جوائز أو تكريمات سابقًا. وربما كان اختيار اسمى على قائمة BBC هو فاتحة الجوائز؛ لأننى كنت دائمًا وطوال فترة الحرب أعمل بعيدًا عن الأضواء والإعلام؛ وبعد اختيارى على قائمة BBC هذا بالطبع سلط الضوء عليّ وجعل هناك اهتمامًا كبيرًا من القنوات الإعلامية والصحفيين والإعلاميين ممن بدأوا يسألون ويتواصلون معى. حتى تم تكريمى مؤخرًا من قِبل سيدات الأعمال فى محافظة تعز والمرأة فى القطاع الخاص كما تم تكريمى من قِبل مكتبة الثقافة فى المحافظات بدرع أيضًا، وقامت السلطات المحلية بتعز ممثلة فى محافظ تعز «نبيل شمسان» بتكريمى بشهادة ودرع أيضًا. 

 هل يمكن أن تروى لنا كيف كانت البداية؟ 

- كانت البداية عندما تخرجت فى كلية الحقوق عام 2003 وعندها لم يكن عندى رغبة فى الالتحاق بمجال المحاماة قدر ما كانت رغبتى أن أواصل دراساتى العليا وأكمل كمعيدة ومن ثم مُدرّسة فى الجامعة، لكن حالت الظروف دون ذلك رُغْمَ أنى كنت من أوائل دفعتى ومن المتفوقين؛ لأن كل شىء فى البلاد عندها كان يحدث بالواسطة فلم أستطع أن أكمل هذا المشوار واتجهت إلى الجانب الآخر والذى كان بالنسبة لى الخيار الثانى، وهو أن أنتقل للعمل فى المحاماة وبدأت بالعمل فى «اتحاد نساء اليمن» وكان أول مكتب فى محافظة تعز وبدأنا بالعمل على قضايا النساء الفقيرات والسجينات ونقدم لهن العون القانونى بشكل طوعى تمامًا.

وخلال فترة العمل كنت أتدرب فى مكتب أحد المحامين وأعمل على تطوير مهاراتى فى مجال المحاماة. فى نفس الوقت كنت ألتحق بدورات تدريب وتأهيل متعلقة بقضايا العنف ضد المرأة وقضايا الرصدية أى قضايا انتهاكات حقوق الانسان. وفى الفترة تقريبًا من 2004 حتى 2011 عملت كمنسقة للمرصد اليمنى لحقوق الإنسان وكنت أوثق انتهاكات حقوق الإنسان التى يتعرض لها المدنيون بشكل عام فى مدينة تعز. وفى عام 2010 تقدمت لانتخابات مجلس النقابة فى محافظة تعز وحصلت على ثقة زملائى وتم اختيارى فى مجلس النقابة كأول امرأة تصعد إلى مجلس نقابة المحامين فرع محافظة تعز، ومسكت منصب مسئولة الحقوق والحريات ولم تمر شهور قليلة إلا واندلعت ثورة 2011. وعندها انخرطت مع الشباب فى الثورة وأسّسنا فريقًا قانونيًا فى ساحة الحرية فى تعز التى كانت ساحة الاحتجاجات والمظاهرات وكنت رئيسة اللجنة القانونية فى الساحة. وعملت على توثيق كل الانتهاكات التى تعرّض لها الشباب وبالفعل فتحت الملفات أمام النيابة.

 متى كانت نقطة التحول فى حياة معين العبيدى؟

- بعد 2011 نحت الثورة فى اليمن منحى آخر وبدأ حوار وطنى شامل. فى تلك الفترة عملت فى الجوانب السياسية إلى جانب نشاطاتى الحقوقية. بدأت كمنسقة لمنظمة منتدى التنمية السياسى وبرغهوف الألمانية، وعملت كمنسقة محلية فى الحوار المحلى الذى نشأ فى تعز مع أطراف سياسية ومجتمع مدنى وأستعمل العمل بالحوار المحلى حتى 2015 وبالطبع عملنا على القضايا المتعلقة بمدينتنا. فى عام 2015 قامت الحرب فى اليمن وتغيرت كل أولوياتنا فبدلاً من التفكير فى الأمور الكمالية أو الترفيهية تغير الوضع تمامًا؛ حيث اندلعت الحرب بقوة فى تعز وكان يسقط يوميًا ضحايا مدنيون كثر بسبب القصف والقنص وفرض على المدينة حصار مستمر ليومنا هذا. وعندها عدت لعملى السابق فى رصد الانتهاكات، ولكن فى هذه الحرب زاد ضغط العمل وقضيت تقريبًا 5 سنوات من حياتى من 2015 حتى 2019 أذهب لثلاجة الموتى كل يوم كنت أبدأ يومى بالذهاب لثلاجة الموتى أرصد وأوثق حالات الناس وضحايا القصف أو الحرب. كنت أوثق الانتهاكات وحالات المدنيين لمفوضية حقوق الإنسان وما زلت مستمرة معهم حتى شهر يناير 2023.

 ذكرتِ أن الأولويات اختلفت بعد الحرب والأوضاع تغيرت.. كيف ذلك؟ 

- نعم، انصبّ تفكيرنا على توفير الخدمات الأساسية لأنه بعد الحصار انقطع عنا كل شىء حتى التنقل، لم نستطع التنقل ما بين وسط أو أطراف المدينة إلا عبر طرُق وعرة وشاقة جدًا وبعيدة بسبب الحرب. أغلب سكان المدينة نزحوا إلى مناطق آمنة فى القرى وكان من بينهم عائلتى التى نزحت للقرى بعيدًا عن الحرب واستمررتُ بمفردى داخل المدينة مع أحد أخوتى حتى إننى أرسلت ابنتى الطفلة التى كانت تبلغ عامًا واحدًا مع أسرتى خوفًا من تعرضها لأى أذى لأن منزلنا فى المدينة كان قريبًا من المواجهات وتعرّض أيضًا للقصف. فكنت أضطر لقطع تلك المسافة الطويلة ما بين المدينة وتواجد أسرتى وأثناء سفرى بالطرقات كنت أصادف أناسًا مرضى وبسطاء يتنقلون من أجل الحصول على العلاجات والأدوية وحالتهم صعبة جدًا. علاوة على المشقة التى كنت أعانيها. فكرت لماذا نظل صامتين وكانت لدينا علاقات مع شخصيات أصبحت قيادية فى طرفى الحرب سواء فى طرف الشرعية أو طرف أنصار الله لأنها شخصيات مؤثرة فى المجتمع. وبعد الحرب أصبحوا صُناع قرار فبدأنا أنا ومجموعة من الناس بالعمل فى الوساطة وأسمينا أنفسنا وسطاء محليين، وذلك من أجل محاولة فتح الطرُق أو المنافذ الآمنة للمدنيين. تقريبًا كنت أنا المرأة الوحيدة وسط الأشخاص ممن يتابعون، وطبعًا كان لنا بعض المحاولات من النساء مع زملائى الرجال بالطبع وحاولنا قدر الإمكان أن نتواصل مع الأطراف المعنية لمحاولة إقناعهم بفتح الطرُق والمنافذ وكان هذا فى بداية العمل.

وضّحى لنا ما المقصود بالوساطة؟

- الوساطة هى مجرد محاولات لتقريب وجهات النظر ما بين الطرفين المتحاربين. ففى النهاية جميعنا يمنيون. وبما أننى لديّ علاقات بحُكم عملى باعتبار أننى أعمل فى وسط المجتمع منذ عام 2003 فكان أغلب القياديين وصناع القرار المتواجدين يعرفون شخصيتى ويثقون فىّ. فكان يمكن أن أتحدث معهم أو أطرح عليهم الموضوعات؛ خصوصًا أننى لا أنتمى لأى حزب سياسى وأعمل على مسافة واحدة من جميع الأطراف. وهو ما سهّل عليّ وساعدنى أن أعمل فى هذا الجانب «جانب الوساطة» لأننا كمواطنين بسبب ما حدث وجدنا أنفسنا نعيش فى غمار هذه الحرب. 

 ما هى أبرز الملفات التى عملتِ عليها خلال عملك فى الوساطة؟

- بعد بعض الوقت من عملى فى الوساطة تطور الأمر ولم يعد عملنا يقتصر على الطرُقات فقط؛ حيث كان الناس يتعرضون لأسْر واعتقالات أثناء السفر وفى الطرُقات وأثناء المواجهات، فبدأنا بملف التعاون من أجل تنفيذ صفقات تبادل ما بين الأطراف المتحاربة من أجل الإفراج عن المعتقلين. ومؤخرًا خلال الأعوام الأخيرة 2021 و2022 بدأنا نعمل على الملفات الخدمية؛ لأنه بسبب الحرب انقسمت تعز إلى قسمين؛ قسم سيطر عليه أنصار الله والقسم الآخر الشرعية. فكانت منابع المياه التى تغذى المدينة تحت سيطرة أنصار الله وكانت خزانات المياه الممتلئة بالماء خارج المدينة تقع تحت سيطرة الشرعية، فكلا الطرفين غير مستفيد وأصبح الناس داخل المدينة يعانون من شح المياه بشكل كبير جدًا، وهناك مناطق تقريبًا منذ بداية الحرب لا يصل إليها الماء أبدًا. فقط يتم ملء جوالين من الماء من الآبار القليلة المتواجدة فى المدينة وأننا عدنا للوراء خمسين عامًا، وعلى الرّغم من أننا فى المدينة أصبحنا نعيش كأننا فى قرية ونجلب الماء فى علب وجالونات وبدأنا نعمل على هذا الجانب. وخضنا وساطات تتعلق بكيف يمكن أن يتم ضخ الماء أو تُعاد تشغيل الحقول التى تقع تحت سيطرة أنصار الله وضخها إلى المدينة. ربما كان هذا الملف هو أهم ملف وأكثر الملفات تجاوبًا من قِبَل الأطراف ونعمل عليه حتى الآن إلى جانب بقية الملفات مثل «الطرُقات» حتى الآن لم نتمكن من فتح طريق آمن بسبب أن هذا الملف أصبح مرتبطًا بجوانب سياسية أكثر منها إنسانية. 

هل هناك قضايا أخرى تعملين عليها إلى جانب عملك فى الوساطة؟

- نعم، فأنا مثلما ذكرتُ أعمل على قضايا النساء المعنفات والسجينات وما زلت حتى الآن أقدم لهن استشارات قانونية فقط؛ لكننى لم أعد أترافع عنهن. ومنخرطة حاليًا فى مجال الوساطة إلى جانب عملى فى منتدى التنمية السياسية وبرغهوف الألمانية كممثلة للمنتدى وميسرة لمجموعة من مشاورات تعز. وهذه تجمع النخبة السياسية فى المحافظة إضافة إلى مكون النساء والقطاع الخاص والنقابات ومنظمات المجتمع المدنى، وأنا أعمل على تيسير الجلسات أو اللقاءات الخاصة به. نعمل فيه كله على القضايا المتعلقة بالمدينة أو التى تهم المجتمع القضايا الخدمية مثل الكهرباء والماء لأن المدينة بسبب الحرب أصبحت تفتقر لكل الخدمات، وخلال تلك الجلسات نقوم بمناقشة كل الموضوعات والتعاون مع السلطة المحلية ومساعدتها لتجاوز العقبات والصعوبات التى تمر بها المدينة خلال فترة الحرب. 

 خلال عملك فى رصد الانتهاكات لا بُدّ أنكِ مررتِ بالعديد من المواقف.. هل كان هناك قصة واحدة أثرت فيكِ؟

- بالتأكيد هناك مواقف كثيرة بسبب الحرب، فكما قلت لكِ لمدة 5 سنوات من عمرى كنت كل يوم أبدأ يومى فى ثلاجة الموتى، كل يوم قصة وحكاية مع الناس، كل يوم أشاهد ضحايا سقطوا، ومن القضايا أو المواقف التى لن أنساها ذات مرّة كان هناك طفلان ذهبا لجلب الماء من منطقة قريبة لمنزلهما. وكانت تلك المنطقة مكشوفة على أعين القناصين. كان الطفلان الكبير فى عمر 11 عامًا والآخر 7 أعوام، وكان هناك نوع من الشجر الذى يُزرع فى اليمن وينمو عليه ثمار ويُدعى «الديمان» تسلق الطفل الشجرة وقام بجمع بعض الثمار فقام القناص بقنص الطفل وكانت الإصابة قاتلة فسقط الطفل أرضًا إلى جوار أخيه وثمار الديمان فى جيبه. وأطلق القناص رصاصة أخرى على الطفل الآخر الذى يبلع 7 سنوات فى بطنه، لكنه لم يمت فأمسك ببطنه وعاد إلى البيت وهو ينزف، وخوفًا من عقاب والدته من أجل أنهم ذهبوا لجلب الماء فلماذا قاموا بالصعود للشجرة وأخذ الثمار؟ فدخل إلى غرفته وغطى نفسه بالبطانية وهو ينزف، وعندما شاهدت أمّه الدماء على الأرض أخذت تصيح وتصرخ فاجتمع الناس وقاموا بإسعاف الطفل المصاب بينما المتوفى أخذوه لثلاجة الموتى. وفى اليوم التالى ذهبت لثلاجة الموتى ووجدت الطفل المتوفى وثمار الديمان لا تزال فى جيبه. طبعًا أنا لا أنسى هذا الموقف. وهناك قصص أخرى كثيرة ولكن تلك أكثرها تأثيرًا بالنسبة لى. وهناك قصص لنساء سقطن فى الألغام الأرضية وأطفال.. كلها حوادث متعلقة بالحرب ومآسى الحرب. من الناحية الأخرى نحن كناشطين أو مجتمع ربما لم نستطع أن ننقلها للعالم ليعرف فظاعة ما نعيشه أو ما عشناه ففى النهاية الإعلام قد لا ينقل كل ما يتم. ربما أنت تسمعين عن حرب اليمن لكنكِ لست مطلعة على تفاصيلها كم يسقط ناس وكم يسقط مدنيون وكم الضحايا. هذه فقط واقعة واحدة استحضرتنى الآن وأحببت أن أشاركها معكِ فى هذا اللقاء. 

 بعد كل ما ذكرتِ لا بُدّ أن هناك تحديات واجهتكِ.. فما هى، وكيف تغلبتِ عليها؟

- بالطبع هناك العديد من التحديات التى واجهتنى خلال رحلتى.. أولاً مهنة المحاماة فى مدينتى أو فى اليمن بكل عام ليس كل النساء يمكنهن شغلها وربما عمل النساء فيها قليل. وبالنسبة لى كنت فى محافظة تعز وكانت النساء العاملات فيها محدودة. وعندما بدأنا بالعمل بدأنا بقضايا النساء السجينات والمعتقلات فكان هذا بالتأكيد تحديًا لأن أغلب قضايا السجينات كانت قضايا أخلاقية وربما عند ذهابنا للمحاكم أو المرافعة فى هذا النوع من القضايا كنا نواجه نظرات ازدراء واحتقار من العاملين فى هذا المجال. لكن فى النهاية عندما كانوا يعرفون بجدّيتنا وإننا محاميات أتينا من أجل العمل وضمان محاكمة عادلة بغض النظر عن الذنب أو الجُرم الذى تم ارتكابه تسبب هذا فى انعكاس وجهة نظرهم حتى إن القضاة أو الموظفين فيما بعد عندما كانت تأتى لهم امرأة لها قضية كانوا يتواصلون معنا وإحالة هذه القضايا لنا لمتابعتها وتقديم العون القانونى لهؤلاء النساء المعنفات والفقيرات. حتى إنه على المستوى الأسرى بالنسبة لأسرتى لم تكن كل الأسرة ترغب فى أن أخوض العمل فى مجال المحاماة.

 كونك زوجة وأمًّا.. كيف وازنتِ بين حياتك الشخصية والعمل العام؟

- بالنسبة لهذا الجانب ربما أنا من النساء القلائل المحظوظات. أنا أعيش مع أسرتى فى بيت واحدة. والدتى هى المساعدة الأولى والأخيرة لى فى حياتى. وأيضًا عندى زوج متفهم كثيرًا. ليس نفس عقلية الرجل الشرقى المتزمت؛ بل هو شخص متفهم كثيرًا وربما هو من الداعمين لعمل المرأة أو كل ما يخصنى فى حياتى سواء على الصعيد الشخصى أو على الصعيد العملى. 

 هناك العديد من الرائدات اليمنيات اللاتى يعملن فى المجال الحقوقى.. هل يمكن اعتبار الأمر ظاهرة أمْ أنها ناتجة عن ظروف فى اليمن؟

- بدأتْ النساء اليمنيات فى الظهور على الساحة وبدأن يحصدن الجوائز العالمية منذ عام 2011 وقت الثورة، وكل ما سبق ذلك كان مسيرات ومظاهرات وعلى هذا النحو وصلت توكل كرمان وغيرها من النساء اللاتى أصبحن رائدات واحتللن مراكز عالمية. ربما كان هذا ناتجًا عن أننا عملنا فى بيئة صعبة جدًا ممتلئة بالقمع. فمنذ 2015 حتى الآن تعمل النساء فى بيئة صعبة مليئة بالقمع علاوة على حرب اليمن وباقى الظروف التى كانت ربما عاملاً أو مقياسًا من المقاييس أن تُصعد نساء اليمن ويحصلن على ألقاب عالمية. فالمجتمع الدولى يبحث عن المرأة التى عملت فى مثل هذه الظروف، ونحن فى اليمن مجتمع منغلق وعلى الرّغم من ذلك استطاعت النساء أن يعملن فى وسط هذه البيئة وسط الحرب وأن يحققن شيئًا. وهو أمرٌ ليس بالسهل علينا أبدًا أن نعمل فى بيئة مثل تلك. فكما سبق أن ذكرت الأمر ناتج عن قمع داخلى علاوة على الظروف والبيئة اليمنية التى جعلت منا نحارب من أجل الحصول على حقوقنا وندافع أيضًا عن حقوق الإنسان.

 ما الذى تطمحين إليه الفترة المقبلة وخططك للمزيد من التقدم والنجاح؟ 

- الحلم الأكبر أن نوفّق بين الأطراف وأن تتوقف الحرب تمامًا. هذا حلمنا وهذا ما نسعى إليه ونحاول قدر الإمكان تحقيقه حتى لو استطعنا أن نوقف جبهات القتال لضخ المياه إلى المدينة. هذا فى حد ذاته سيكون إنجازًا.

 أنتِ الآن قدوة للكثيرات حول العالم.. وجّهى كلمة ونصيحة للسيدات والفتيات؟

- ربما يكون هذا الأمر بمثابة حمل ثقيل عليّ؛ ولكن النصيحة التى يمكن أن أقدمها للفتيات أو للجيل القادم «طالما أنكِ طموحة ولديكِ هدف، فلا تجعلى شيئًا يقف عائقًا أمام مستقبلك. واجهى الأمور بمنطق، ليست المواجهة التى تنفر الآخرين منكِ. قدّمى نموذجًا يُحتذى به. كونى نموذجًا مشرفًا لبلدك ولمهنتك لتقومين فيها. أنا مؤمنة إننا نحن الجيل الذى أعيشه الآن لا بُدّ أن نكون نموذجًا وقدوة لمن خلفنا. صحيح سنتعب ونعانى، ولكن على الأقل من أجل الجيل القادم عندما ينظرون لنا على أننا قدوة وأننا مثال يُحتذى به وليس العكس. نموذج نقدمه حتى للناس فى المجتمع. فالآباء المتشددون إذا رأوا نموذجًا ناجحًا ومُشّرفًا أعتقد أنه ربما سيؤثر على حدة أفكارهم المعقدة ويجعلها تتغير ويصبح الطريق ممهدًا أمام الفتيات أو الجيل القادم.