الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إدمان الألعاب والنغمات الموسيقية خطر يهدد الأطفال والشباب معركة الوعى فى مواجهة المخدرات الإلكترونية

تعتبر التكنولوجيا وتطورها سلاحًا ذا حدين وأصبح الإنترنت من أهم  الوسائل المؤثرة فى البشرية التى لا غنى عنها، ولكن  كل شىء له إيجابياته وسلبياته؛ حيث إن قوى الشر تستخدم الإنترنت فى تنفيذ أفكارها الإجرامية والترويج للمخدرات بكل أنواعها ويتم البيع والتوزيع عبر الإنترنت فى سرية تامة وأصبح يوجد نوع من المخدرات يختلف عن تلك التى يتم تدخينها وشمها أو مضغها  أو يتم حقنها وهو التعاطى الإلكترونى المعروف باسم المخدرات الإلكترونية أو الرقمية وله نفس تأثير المخدرات التقليدية.



ويقوم تاجر المخدرات الإلكترونية باستقبال طلبات شراء المواد المخدرة عبر الموقع الإلكترونى ويقوم المتلقى أو المتعاطى ليس بشراء المخدر؛ ولكن بتحميله على جهاز الحاسب الآلى أو الموبايل فى شكل محتوى خطير يؤثر على الدماغ، ويسيطر على الحواس وتعرف باسم المخدرات الإلكترونية  وهى كارثة مجتمعية يجب التصدى لها لما لها من تأثير سلبى على الصحة النفسية والعقلية للأطفال والشباب وأيضًا تدمير الحياة الأسرية.

 

فيما  يقول البعض إنه لا وجود للمخدرات الرقمية وأنها موجات أذنية سميت على أسماء مخدرات كالمارجوانا وغيرها وذلك بهدف التسويق  وتكون هذه الموجات من نوع بيتا التى تسبب الإثارة والقلق وتعطى مفعولًا يشبه نوعًا ما المخدرات.

 بداية الظهور 

تم اكتشاف النغمات الأذنية وهى نغمات سمعية علاجية من قبل العالم هنريك وليام دوف سنة 1839 وتبناها من بعده العالم جيراليد اوستر وانتشرت فى أواخر القرن العشرين  وقال علماء الطب البديل أنها كانت تستخدم فى مستشفيات الطب النفسى والصحة النفسية الأمريكية بحد أقصى جلستين لمرضى الاكتئاب وهذا يرجع إلى تكلفتها البسيطة مقارنة بسعر الأدوية التى تفرز هرمون السعادة والاسترخاء والتأمل وتم العلاج بذبذبات كهرومغناطسية لفرز مواد تعدل المزاج وتعطى نفس الشعور والتاثير الذى يعطيه المخدر التقليدى.

وفى الحرب العالمية الثانية  أيضًا كانت تستخدم تلك التقنية لتعذيب السجناء؛ حيث يتم تغطية عين السجين وطرح نوع من الموسيقى الرقمية بترددات مختلفة  ويؤدى ذلك إلى التأثير على النشاط الكهربى للمخ وقد يسبب الوفاة إذ إنها تصدم نصفى المخ فى الوقت نفسه.

وفى عام 2010 ظهر برنامج  يسمى (آي-دوسر) وهو برنامج مجانى يتم من خلاله تحميل ملفات صوتية من الإنترنت بعد دفع المال وتستمع إليها من خلال سماعات ستاريو  ويعتبر تأثيره  كمخدر الحشيش أو الكحول.

وتقول رنا عمرو إنها  تمر بفترة صعبة حيث إن ابنها صاحب العشرين عامًا مدمن للمخدرات الإلكترونية وبدأ بسرقة أموالها والشجار معها حتى يستطيع دفع ثمن المخدر للموقع الإلكترونى وأصبح يعانى من التوحد حتى إنه لا يريد تناول الغذاء مع أسرته ولا يشاركهم فى أى شىء ويعانى من الهلوسة دائمًا  وأنها عندما علمت بموضوع المخدر الإلكترونى احتارت ماذا تفعل؟ هل تذهب لطبيب نفسى أم تحرمه من استخدام الإنترنت؟ 

ويقول كابتن طيار كريم رشيد  إن توافر المحمول أو الحاسوب مع الأطفال  أصبح منتشرًا وطبيعيًا فى هذا العصر ويرجع ذلك إلى أن الأهالى ينشغلون عن الاهتمام بالطفل ولا يعطونه الأولوية ويوفرون له الأجهزة حتى يلعب مثلا أو يستمع إلى أغنية وهنا تكمن الكارثة.

حيث أن فى تلك الحالات من الممكن أن يضغط الطفل  على أى رابط ويقوم بتحميل شيء خطير ومن الممكن أن يتحمس ويدخل تحديات  المخدرات الإلكترونية، كما يتحدى الألعاب الإلكترونية أيضًا  التى تثير حماسه  وتستهدف الأطفال لتدميرهم وكل ذلك دون رقابة من الأهل من  الممكن أن يؤدى إلى إدمان إلكترونى ويتطور الأمر فى فترة المراهقة التى تعد فترة الاستكشاف وحب تجربة كل ما هو جديد خاصة أن اليوتيوب وغيره من البرامج أصبح كل شيء مباحًا ومجانيًا وسهل الوصول إليه لذلك يجب أن تكون هناك رقابة من الأهل ومتابعة الأولاد والاهتمام بالرياضة والأنشطة المختلفة لتفريغ الطاقة.

وتقول سارة عز إنها كانت تستمع إلى مقطع من الموسيقى بشكل يومى وكانت تقوم بتشغيله أكثر من مرة فى الدقيقة وكانت تشعر فور سماع الموسيقى بقشعريرة بالجسم ولا تشعر بمرور الوقت حتى انتبهت أن تلك الحالة هى مؤشر لشيء غير طبيعى وابتعدت عنها على الفور لذلك لم يكن لها تأثير عليها وهنا نتحدث عن الوعى وأهميته.

 المخدرات الإلكترونية (الرقمية) 

ويقول دكتور عبدالله جودة استشارى العلاج النفسى والإدمان بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان بوزارة التضامن (إن المخدرات الرقمية أو الـ«لآى دوسر» هى عبارة عن مقاطع نغمات يتم سماعها عبر سماعات؛ حيث يتم بث ترددات معينة فى الأذن اليمنى مثلاً وترددات أقل إلى الأذن اليسرى  فيحاول الدماغ جاهدًا أن يوحد بين الترددين للحصول على مستوى واحد للصوتين وهو ما يجعل دماغ الإنسان فى حالة غير مستقرة على مستوى الإشارات الكهربائية العصبية التى يرسلها  ومن هنا يتم تقسيم أنواع المخدرات الرقمية  مثلها مثل أنواع المخدرات التقليدية.

و حتى الآن، العلم لم يستطع إثبات أن المخدرات الرقمية لها أثر جسدى مباشر على الأشخاص.

وتابع جودة إن المخدرات تعمل على تزويد السماعات بأصوات تشبه الذبذبات والأصوات المشوشة وتكون قوة الصوت أقل من 1000 إلى 1500 هيرتز كى تسمع منها الدقات.

أما  عن الجانب المخدر من هذه النغمات فيكون عبر تزويد طرفى السماعة بدرجتين مختلفتين من الترددات الصوتية ويكون الفارق ضئيلاً يقدر من 30 هيرتز لذلك ينصح المروجون لها أن تكون السماعات ذات جودة عالية ومن نوع «ستاريو» كى تحقق أعلى درجات الدقة والتركيز؛ لأن الفارق بين طرفى السماعة هو الذى يحدد حجم الجرعة فكلما زاد الفارق زادت الجرعة.

والجدير بالذكر أن هناك مواقع متخصصة تقوم ببيع هذه النغمات على مواقع الإنترنت  وللأسف الشديد  لا توجد رقابة رسمية عليها فى الوقت الحالى.

وقال جودة إن الآراء انقسمت حول مدى تأثير المخدرات الرقمية كما فعلوا تمامًا مع المخدرات التقليدية؛  حيث إن هناك من قال أنها مؤثرة جدًا وذات فاعلية كبيرة. ولها تأثير قوى وهناك من لم يتأقلم معها أو لم يتقبلها فقال عنها أنها ليس لها تأثير إيجابي  بل إنها ربما تسببت فى آلام فى الرأس والظهر فقط ولكن اتفق البعض أن  مدى تأثيرها على المتعاطى لها أنه بعد سماع المقطع  مثل المخدرات التقليدية تمامًا فربما يقوم  الشخص بالصراخ والهلوسة أو تشنجات لا إرادية فى العضلات.

 طقوس المدمن 

قال الدكتور عبدالله جودة إن المستخدمين للمخدرات الرقمية وصفوا الطقوس بأنها يشترط فيها شكلًا معينًا؛ حيث إنه لا بد من أن يكون فى حجرة ذات إضاءة منخفضة وأن يصبح معصوب العينين وأن يرتدى ملابس فضفاضة ويشرب ماء قبل الاستماع للمقطع وهذه هى كل الأدوات التى يحتاجها الفرد كى يتم الوصول لقمة التأثير والنشوة من جراء سماع هذه المقاطع.

وتابع جودة إنه ينصح بمرافقة أطفالنا فى حياتهم الرقمية  فاليوم إذا كان ابنى يبحث عن المخدرات الرقمية على أن أتدخل وأفهم أسباب هذا التوجه ومساعدته على تحديد المشكلة فالمخدرات الرقمية قد تكون بداية لأمور أخرى. 

وقال إنه  يتنشر داخل مصر أنواع مختلفة من المخدرات لكن بالنسبة للنوع الرقمى لم يتم تسجيل أى إحصائية للحالات الإدمانية   لكن هذا النوع ينتشر أكثر فى المجتمعات الغربية. بسبب اختلاف الوعى الثقافى مقارنة بالدول العربية باستثناء لبنان والإمارات، ويعد الشابو والإستروكس والبودر والفودو من أخطر أنواع المخدرات انتشارًا ورواجًا فى مصر إلى جانب الحشيش والترامادول والهيروين.

ويقول أستاذ  دكتور محمود عبدالعاطى أبو حسوب أستاذ المعلومات والأمن السيبرانى ورئيس معامل التأثير العربى ونائب رئيس الاتحاد الإفريقى للرياضيات إن المواقع والتطبيقات التى تروج للمخدرات الإلكترونية تعطى معلومات معينة للمتلقى وتلعب على دراسة الحالة المزاجية والنفسية للمتلقى لذلك يتحول إلى مدمن لنوعية المادة التى يقدمها له ويصبح أسيرًا لها وتكون المادة المقدمة له تم دراستها من قبل خبراء ومتخصصين حتى تصل إلى دماغ الشباب خاصة فى الفئة العمرية من 12 إلى 22 عامًا ويريدون أن يوصلوا الشباب لمرحلة أنه إذا انقطع عنهم هذا المحتوى تتوقف حياتهم ويكون لديهم درجة عالية من الإدمان الإلكترونى الذى يدفعهم لدفع الأموال للحصول على المخدر.

وينقسم الإدمان الإلكترونى لعدة أنواع منها الإدمان على نوعية معينة من الألعاب أو الإدمان على نوعية معينة من المادة المقدمة على حسب الفئة المستهدفة وهناك نوع آخر وهو الإدمان الإلكترونى الذى يجعل المتلقى فى عالم افتراضى ويبدأ بالسيطرة عليه سيطرة كاملة  ومن الممكن أن يقوم بالتصرفات التى يريدونها مثل لعبة الحوت الأزرق وغيرها من الألعاب التى ظهرت وأوصلت الشباب إلى الانتحار.

وتابع أبوحسوب إن المخدر الإلكترونى يمكن أن يسيطر عليك عن طريق الموسيقى ويبدأ يلعب على خروج الإنسان من وضعه الطبيعى ويدخله عالمًا آخر ومرحلة مختلفة تمامًا من التفكير السلبى ويعطيك أفكارًا معينة تؤمن بها وتوصلك للمرحلة الأخطر من الإدمان الرقمى.

وقال  الدكتور محمود إنه يحب أن تكون هناك توعية للشباب خاصة فى سن المراهقة وألا نتركهم دون متابعة ماذا يسمع وماذا يتابع ونلاحظ سلوكهم إذا كان هناك أى وضع مختلف عن حالتهم العادية؛ فمثلاً إذا كان يسهر طوال الليل وينام طوال النهار وعنده لا مبالاة ولا يهتم لما يدور حوله ويعشق الوحدة ويعانى من الهلوسة هنا يجب أن تنتبه الأسرة لكل تلك الأعراض والتغيُّرات التى ربما تكون مؤشرًا لحالة إدمان إلكترونى ويجب على الفور اللجوء لمتخصص  لأنها مثلها مثل أى مخدرات عادية لها  خطوات ومراحل للعلاج بالتدريج.

وقال أبوحسوب إنه كان لديه أحد المعارف  فى بدايات الإدمان الإلكترونى وهو شاب مراهق كان بدأ فى التوحد والابتعاد عن الأهل وعدم مشاركة الأهل أى نشاط  وتم شفاء الشاب تمامًا عن طريق الذهاب للدكتور المختص ومتابعة حالته خطوة بخطوة والتحاقه بالكورسات مثل البرمجة حتى يعمل دماغه وتعلم كيفية العمل الحر وأن يحصل على المال فى المقابل.

لذلك أنصح الأهالى أن يهتموا بأولادهم وبحالتهم النفسية وأن يصبحوا قريبين منهم وأن يكون هناك وقت مقدس لتجمع العائلة ونقاشهم سويًا ويتم توجيههم لكل ما هو مفيد لمستقبلهم. 

ومن دون التوعية لن تستطيع السيطرة على تلك الظاهرة.

فالوعى أهم من المنع ونحن لدينا قانون يجرم الجرائم الإلكترونية ويتدخل إذا كان هناك أشخاص يروجون للمخدرات الإلكترونية ولكن المشكلة أنه من الصعب أن نرصد المروجين لها لأنه مستحيل أن نمنع شبكة الإنترنت أو نمنع الناس أن تدخل إلى المواقع، فالحل الوحيد لهذا الأمر هو دورات مكثفة لتوعية الناس والقيام بالحملات الإعلانية مثل حملة «أنت أقوى من المخدرات» مثلا وعمل برامج  مفيدة لتدريب النشء على الرياضة وممارسة الأنشطة المختلفة ولا نتركهم ضحية للجهاز الذى إذا استعمل بشكل خاطئ يدمرهم.