ما بين مسلسلات وطنية واجتماعية وكوميدية: دراما 2022 حكايات عن الوطن والناس

عند رؤيتك لأفيش عمل فنى أو قراءتك لاسمه فى أى من مواقع التواصل الاجتماعى إمّا تنتبه وتتذكر عملاً أثْرَ فيك كمُشاهد وترك بصمته على مشاعرك وأفكارك أو تتجاهله ويمر عليك مرور الكرام كأن لم يكن.. ونحن فى نهاية عام 2022 سنتناول أهم وأبرز مسلسلات الدراما المصرية التى أثرت فى المُشاهدين وتركت بصمتها واضحة..

 خارج السباق الرمضانى

بالنسبة للمسلسلات التى عرضت فى مختلف القنوات المصرية والمنصات خارج السباق الرمضانى فهناك خمسة أعمال متميزة أولها مسلسل (أبو العروسة، الجزء الثالث) بطولة «سوسن بدر وسيد رجب» وإخراج «هانى كمال» ويحمل الطابع الاجتماعى لتلمس معه رائحة البيت المصرى وتعيش حكاياته من مشاكل وأفراح وأحزان وتحديات، وللمسلسل رسالة وقيمة أخلاقية تكمن فى أهمية وحدة الأسرة وتكاتفها فى مواجهة أى صعاب ونعمة الأصدقاء الحقيقيين وكيفية إنجاح الزواج؛ خصوصًا فى الزمن الحالى الذى يستسهل فيه الأزواج قرار الطلاق دون تحمُّل المسئولية والوعى بقدسية الزواج.

 ومن دراما العائلة أيضًا التى كان لها نصيب كبير من النجاح فى 2022 يأتى مسلسل (إيجار قديم) بطولة «شريف منير ومحمد الشرنوبى وصلاح عبدالله» وإخراج «طارق رفعت»، وهو مسلسل اجتماعى يتناول عددًا من القضايا الاجتماعية التى ينغمس بها ساكنو عمارة ولكل منهم حكايته ومشاكله وأبرزها مناقشة مشكلة الإيجار القديم التى تمس عددًا كبيرًا من الناس ومحاولة إيجاد الحلول لها، وتلك قوة فى حد ذاتها للعمل الفنى، فكلما تناولت الدراما قضية تمس عددًا أكبر من الناس زادت أهميتها، وذلك ما حدث بالفعل إلى جانب مناقشة عدد آخر من القضايا ومنها علاقة الآباء بأبنائهم وصعوبات الزواج حاليًا وقيمة الحب والود والرحمة.

ومن (إيجار قديم) نتطرّق لمسلسل (العيلة دى) بطولة «وفاء عامر ومحمد ثروت وإنعام سالوسة» وإخراج «أحمد خالد أمين»، ومن اسمه تعرف نوعه وحكايته، فهو عمل فنى يحكى تفاصيل حياة أسرة مصرية من الطبقة المتوسطة، أزمتها الرئيسية فى عدد أولادها وبناتها فهم خمسة أفراد لكل منهم حياته وصراعاته التى تلقى بالحمل الكبير على أبويهم، وهذا ما يتناوله مؤلف العمل «يسرى الفخرانى» فى إطار كوميدى ساخر للكثير من «التقاليع» المستحدثة على مجتمعنا والتى لها آثارها السلبية ومنها إدمان الظهور على مواقع التواصل الاجتماعى وتحقيق الشهرة من خلاله وتأخر الزواج وطلبات أهل العروس المُبالغ بها وضياع العمر فى الغربة سُدًى وغيرها من القضايا التى تشغل الكثير ويعايشها الأغلبية منا.

أمّا عن مشاكل المدارس الخاصة وجشع أصحابها وتحولها لتجارة أكثر منها مكان لتلقى العلم؛ فيأتى الحديث عن مسلسل (طير بينا يا قلبى) بطولة «ريم مصطفى، دنيا ماهر ومحسن محى الدين» وإخراج «عصام نصار» والذى قدمت فيه كل من «ريم مصطفى ودنيا ماهر» شخصيتين تم رسمهما باحترافية جسمانيًا ونفسيًا، لكل منهما خلفيتها الاجتماعية وثقافتها وأفكارها، لكنهما اجتمعتا على تحقيق حلم واحد وهو توفير تعليم بمعناه الحقيقى، أى علم وتربية دون تجارة وجشع، ولذلك تعرضوا لصراع مع ما يسمى بمافيا المدارس الخاصة، صراع انتهى بانتصارهم بالصبر والجهد والإرادة الحقيقية للوصول للهدف.

وعلى منصة «watch it» عُرض مسلسل (ريفو) وهو أشبه بالوجبة الخفيفة التى تستمتع بها وبقصتها ورحلة أصحابها، رحلة صعود ونجاح فرقة تحدت الكثير لتصل وتنجح ويردد اسمها فى إطار اجتماعى قدمت عددًا من الممثلين الشباب الذين أدوا الشخصيات باحترافية؛ خصوصًا بطلة العمل «ركين سعد» فى دور «مريم».

 سباق رمضان

أمّا عن السباق الرمضانى لعام 2022؛ فحدّث ولا حرج، فما أكثر الأعمال التى جذبت الجمهور والتف حولها المشاهدون، وأبرزها خمسة أعمال فنية لكل منها طابعه الخاص، فلو بدأنا بالأعمال الوطنية فبالطبع سنلقى الضوء على مسلسل (الاختيار) فى جزئه الثالث بطولة «ياسر جلال، أحمد السقا، كريم عبدالعزيز، أحمد عز» وإخراج «بيتر ميمى»، فهو يُعتبر توثيقًا ممزوجًا بالدراما يصنف «دراما- وثائقية» عن فترة شهدت الكثير من الأحداث وهى فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية بكواليسها وأسرارها، كما يعتبر مباراة تمثيلية بين أسماء لامعة كل منهم قدّم شخصية معروفة لها بصمتها الواضحة، وبين التقمص والتجسيد تأتى المتعة بالعمل الذى سيبقى مرجعًا مُهمًا للأجيال القادمة.

أمّا عن مسلسل (العائدون) وهو من ملف المخابرات المصرية وبطولة «أمير كرارة وأمينة خليل» وإخراج «أحمد نادر جلال» فهو مزيج من التوثيق لأحداث عايشناها وتقديم دراما اجتماعية ذات مزاج نفسى عاطفى تحكى قصة حب فتخفف على المُشاهد قسوة الأحداث؛ خصوصًا فيما يخص جرائم داعش.

ومن الطابع الوطنى للطابع الكوميدى نتناول مسلسل (الكبير أوى) بعد غياب ست سنوات، بطولة «أحمد مكى، محمد سلام ورحمة أحمد» وإخراج «أحمد الجندى»، عاد بقوة ببصمته المعتادة ليضيف لأجزائه السابقة نجاحًا على نجاح، كما قدّم للشاشة نجمة جديدة لها كاريزما خاصة واحتلت قلوب الكثير من المشاهدين وهى «رحمة أحمد» فى شخصية «مربوحة»؛ حيث استطاعت أن تتغلب على فكرة مقارنتها بشخصية «هدية» التى قدمتها «دنيا سمير غانم» فى الأجزاء الأربعة الأولى للمسلسل آخذةً الجمهور لشخصيتها وأثبتت اختلافها وتفردها بموهبتها.

واستكمالاً للحديث عن كوميديا رمضان 2022، لا نغفل مسلسل (مكتوب عليّا) لـ«أكرم حسنى» وإخراج «خالد الحلفاوى» الذى تميز بفكرته الجديدة عن شخصية «جلال» الذى يستيقظ كل يوم وقدره مكتوب على يده فهل المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين والمكتوب مكتوب أمْ هناك ما يمكن أن يغير القدر، وهل يستطيع ذلك من الأساس أمْ ما يحدث يعتبر فرصة لـ«جلال» كى يتعلم بعض الدروس الحياتية.. تساؤلات كثيرة تناولها (مكتوب عليّا) فى إطار كوميدى ساخر جذب الكثير من المشاهدين لمتابعة رحلته.

لكن هناك من يبحث منّا عن الفلسفة والأعمال التى تمرر حكم ورسائل غامضة تحمل إسقاطات قوية، وهذا النوع من المشاهدين وجد ضالته فى جُمَل وأسطر كتبها «عبدالرحيم كمال» وأخرجها «حسين المنباوى» فى مسلسل (جزيرة غمام)، وهو المسلسل الذى يحكى عن عالم وشخصيات خيالية من قرن مضى، كل شخصية لها أفكارها، مشتتة كانت أو رزينة، وقلبها أبيض كان أو أسْوَد أو رمادى، تخدم أهدافها الخيرة أو الشريرة، شخصيات كثيرة ومتداخلة تلتقى بعضها البعض فى حقبة بعيدة وجزيرة أبعد لتقدم عملاً فنيًا له فلسفته الخاصة، قوته فى غموضه وتأثيره فى توغلك أنت كمُشاهد والتعمق فى أحداثه وحوار شخصياته الأشبه بالألغاز أحيانًا والحِكَم أحيانًا أخرى، وجبة دسمة ممتعة تبقى فى ذهنك وتؤثر على أفكارك فيما بعد.

أنماط وألوان كثيرة لمسلسلات أثرت الدراما المصرية وأثبتت قوتها وتنوعها واستمرار التفاف الجمهور حولها، فمن منّا لم يتابع عملين أو ثلاثة من تلك الأعمال القوية، ومن منّا ينتظر الأمتع والأقوى فى عام 2023.