الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

من العولمة إلى عالم ملىء بالتوترات النظام الدولى إلى أين؟

«من السلام والعولمة، إلى عالم ملىء بالتوترات العالمية والحروب».. هكذا اختتم باحثو «مركز الدراسات الاستراتيچية والدولية» الأمريكى (CSIS) تقريرهم عن (حروب الشتاء 2022-2023).



ولكن؛ من الجدير بالذكر، أن هذا الملف ناقش بل وركز- بشكل متعمد- على أسوأ السيناريوهات حدوثًا بناءً على المقدمات التى عاشها العالمُ خلال العامين الماضيين، إضافة إلى العام الجارى تحديدًا.

 

كما بحث- أيضًا- عددًا من القضايا التى قد تستمر سنوات وعقودًا بعد شتاء (2022-2023)، رُغْمَ أن من اللافت للنظر أن تقرير (CSIS) أوضح أن الأنماط العامة للعنف والصراع العالميين استغرق ظهورها أقل من عقد.

وركز التقرير- أيضًا- على كيفية تحول العالم من قرية عالمية تعاونية إلى عالم يملؤه المَخاطر، أو بمعنى أدق كيف تغير المشهد من العولمة إلى عالم به الكثير من التوترات والتحديات.

أمّا فيما يتعلق بالاستخدام الواسع لمصطلح (الحرب)؛ فقد أظهر هذا التقرير- أيضًا- باستفاضة ووضوح تعريف الچنرال العسكرى الصينى «سون تزو» فى أطروحته التى صدرت منذ أكثر من ألفى عام (فن الحرب) فى القرن السادس قبل الميلاد؛ بأن «فن الحرب الأسمَى، هو إخضاع العدو دون قتال»، وهو ما تحاول القوى العظمى تنفيذه فى الوقت الحالى. وذلك؛ بعد أن أظهرت الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية مدى خطورة التصعيد إلى صراعات كبرى.

ومع ذلك؛ فإن عالم الأسلحة النووية فى الوقت الحالى، واضطراب سلاسل التوريد العالمية، وأشكال القتال التقليدية الأكثر فتكًا ودقة التى زادت باطراد، أثبتوا أنهم أكثر ضررًا من تلك التى تسببه حرب عالمية كبرى.

ورأى باحثو (CSIS) أنه صار من الواضح أن العلاقات بين القوى العظمى، والدول الأكثر تقدمًا وتطورًا، وحتى الدول الضعيفة، تحولت من صورة التعاون إلى المواجهة النشطة؛ فى الوقت الذى تحاول فيه الدول العظمى تحقيق غاية «فن الحرب الأسمَى».

كما أوضحت قائمة (حروب الشتاء) أن القوى الكبرى تركز- الآن- على الصراعات، والمواجهات السياسية، والاقتصادية، وعلى جهود استخدام القوة العسكرية، التى تقتصر على استغلال النفوذ السياسى، والعسكرى، دون الانخراط فى قتال عنيف واسع النطاق؛ حيث أوضح باحثو (CSIS) أن الهدف الاستراتيچى الكبير لروسيا قريب من إعادة بناء «الاتحاد السوفيتى» سابقًا، عبر الشراكات الاستراتيچية ذات الأهمية المتساوية، وينطبق الشىء نفسه على الأهداف الاستراتيچية الكبرى للصين، فيما تظهر الاستراتيچية الوطنية الجديدة للولايات المتحدة عن إنشاء عالم بنظام اقتصادى بقواعدها الدولية.

المثير للريبة؛ هو أن القوى الكبرى لا تزال- فى الوقت ذاته- تجد أنه من الضرورى ذكر (التعاون)، وتسعى بنشاط للحفاظ على درجة مُعَينة من التعاون فى العالم الحقيقى فى المجالات التى لا يزال بإمكان جميع الأطراف الاستفادة من التعاون فيها.

لم يتوقف الأمر عند منافسات الدول الكبرى فى (حروب الشتاء)؛ بل على تداعياتها على الدول الضعيفة، التى تعانى من عنف داخلى خطير، فى الوقت الذى يواجهون فيه التوترات العالمية، والنمو السكانى، ما يشكل تهديدًا لشعوبها مثله مثل التهديد الناجم عن أى فصيل إرهابى أو متطرف. وأفاد الباحثون أنه بالنسبة لتلك الدول فيبدو أن الهدف الاستراتيچى الوطنى الكبير لها، هو الاحتفاظ بسُلطتها، أو توسيعها على المستوى الوطنى، والمحلى، والإقليمى.

ونوّه التقريرُ إلى التأثير المشترك للحروب حول العالم، وتحديدًا الأزمة «الروسية- الأوكرانية»، إلى جانب تغيُّر المُناخ، والضغط السكانى، والأمراض؛ حيث تتضافر تلك الأزمات بشكل يعزز حجم التهديد الدولى.

استكشف التقريرُ أن هذا الشتاء سيكون مضطربًا للغاية فى العديد من مناطق العالم.. متوقعًا أن هذه الحروب التى تشكل- بالفعل- مَخاطر جسيمة، قد تتصاعد بشكل حاد، وبطرُق غير متوقعة على الأقل خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة.

وحذّر التحليلُ من أن العالم لا يتجه نحو السلام، وأن الأشكال الجديدة للحرب الباردة تقسم جميع القوى الكبرى فى العالم.. مؤكدًا أن عددًا قليلًا جدًا من الدول الأصغر، لديها مستويات قوية من التنمية، والحكم الفعال، وتتجه نحو السلام والاستقرار.

فى نهاية الجزء الثالث، وملف (حروب الشتاء).. يمكن القول بأن العالم- الآن- عند نقطة انعطاف.. سيكون هذا العقد حاسمًا، فى تحديد شروط التنافس بين القوى الكبرى، وتحديدًا «الولايات المتحدة» و«الصين»؛ كما سيكون حاسمًا - أيضًا- فى مدى إدارة التحركات الروسية؛ وتعامُل دول العالم مع التحديات التى تخطت حدود الدول والقارات؛ لا سيما تغيُّر المُناخ، والأوبئة، والاضطرابات الاقتصادية.