الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حصاد 2022 مصر الرقم الصحيح فى المعادلة الدولية.. الحرب الأوكرانية تشعل التضخم العالمى توقعات قاتمة لاقتصاد 2023

تستقبل المؤسّسات الاقتصادية الدولية عام 2023 بنظرة سلبية، موضحة أن الحرب «الروسية- الأوكرانية» التى اندلعت أوائل 2022 تسببت فى مستقبل قاتم.



وتوقع عددٌ من الخبراء أن يكون الاقتصاد العالمى 2023 أكثر قتامة رُغْمَ أنه كان من المفترض أن يكون هذا العام عودة الاقتصاد العالمى بعد جائحة كورونا.

 

وقالت الوكالة الفرنسية إن عام 2022 تميز بحرب جديدة وتضخم قياسى وكوارث مرتبطة بالمُناخ، لقد كان عامًا «متعدد الأزمات»، وهو مصطلح شاعه المؤرخ آدم توز ولكن المزيد من الكآبة والقتامة سوف تكون فى 2023.

وأوضحت أنه بعد الأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس «كوفيد- 19» لعام 2020، بدأت أسعار المستهلكين فى الارتفاع فى عام 2021؛ حيث خرجت البلدان من الإغلاق أو القيود الأخرى.

وأصر محافظو البنوك المركزية على أن التضخم المرتفع سيكون مؤقتًا فقط مع عودة الاقتصادات إلى طبيعتها، لكن الحرب «الروسية- الأوكرانية»  أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.

وتعانى العديد من البلدان الآن من أزمات تكلفة المعيشة؛ لأن الأجور لا تواكب التضخم، مما يجبر الأسر على اتخاذ خيارات صعبة فى إنفاقها.

ولعبت البنوك المركزية اللحاق بالرَّكب، لقد بدأوا فى رفع أسعار الفائدة هذا العام فى محاولة لترويض التضخم المتسارع - مخاطرين بدفع البلدان إلى ركود عميق؛ لأن تكاليف الاقتراض المرتفعة تعنى تباطؤ النشاط الاقتصادى.

ومن جانبه قال رويل بيتسما، أستاذ الاقتصاد الكلى فى جامعة أمستردام: «لقد زاد عدد الأزمات منذ بداية القرن»، وأضاف: «منذ الحرب العالمية الثانية لم نشهد مثل هذا الوضع المُعقد».

وقال بيتسما «إن أزمة تغيُّر المُناخ ليست أزمة حادة ولكنها أزمة طويلة الأمد». وأضاف: «إذا لم نفعل ما يكفى فسوف يضربنا هذا على نطاق غير مسبوق».

وقالت نيكول إيزرمان من جناحها فى سوق عيد الميلاد فى فرانكفورت: «كل شىء أصبح أكثر تكلفة، من الكريمة إلى النبيذ والكهرباء».

قال جوينثر بلوم، المتسوق فى سوق عيد الميلاد فى فرانكفورت: «أنا حريص للغاية ولكن لدى الكثير من الأطفال والأحفاد».

 الحذر فى الإنفاق

ومن المتوقع أن تصل أسعار المستهلكين فى مجموعة العشرين من الدول المتقدمة والناشئة إلى ثمانية بالمائة فى الربع الرابع قبل أن تنخفض إلى 5.5 بالمائة العام المقبل؛ وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.

فى الاتحاد الأوروبى الذى يضم 27 دولة، تم تخصيص 674 مليار يورو (704 مليارات دولار) حتى الآن لحماية المستهلكين من ارتفاع أسعار الطاقة؛ وفقًا لمركز أبحاث «Bruegel».

وفى ألمانيا، أكبر اقتصاد فى أوروبا والأكثر اعتمادًا على إمدادات الطاقة الروسية، تمثل 264 مليار يورو من هذا الإجمالى، يقول واحد من كل اثنين من الألمان إنهم ينفقون الآن فقط على العناصر الأساسية؛ وفقًا لمسح أجرته شركة EY للاستشارات.

كما أضر ارتفاع أسعار الفائدة بالمستهلكين والشركات، على الرغم من أن رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى جيروم باول أشار الأسبوع الماضى إلى أن وتيرة الزيادات يمكن أن تتراجع «فى أقرب وقت» فى ديسمبر.

ومع ذلك، حذر من أن السياسة ربما يجب أن تظل متشددة لبعض الوقت لاستعادة استقرار الأسعار.

من جانبها، أرسلت رئيسة البنك المركزى الأوروبى كريستين لاجارد إشارة واضحة إلى أن البنك المركزى الأوروبى سوف يحافظ على سياسته المشددة، قائلة «إن التضخم فى منطقة اليورو لم يبلغ ذروته بعد».

يتوقع الاقتصاديون أن تقع ألمانيا واقتصاد كبير آخر فى منطقة اليورو، إيطاليا، فى حالة ركود. الاقتصاد البريطانى آخذ فى الانكماش بالفعل. تتوقع وكالة التصنيف S&P Global حدوث ركود فى منطقة اليورو فى عام 2023.

لكن صندوق النقد الدولى لا يزال يتوقع أن يتوسع الاقتصاد العالمى فى عام 2023 بنمو قدره 2.7٪. وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية نموًا بنسبة 2.2 فى المائة.

وفى الوقت نفسه، لا تزال جائحة الفيروس التاجى تمثل بطاقة بديلة للاقتصاد العالمى.

وقد أدت سياسة الصين الخاصة بعدم انتشار فيروس كورونا إلى تقييد النمو فى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، لكن السلطات بدأت فى تخفيف القيود فى أعقاب الاحتجاجات التى عمّت البلاد.

تكاليف المُناخ 

تسببت الكوارث الطبيعية والتى من صنع الإنسان فى خسائر اقتصادية بقيمة 268 مليار دولار حتى الآن فى عام 2022؛ وفقًا لشركة Swiss Re العملاقة لإعادة التأمين، وكلف إعصار إيان وحده خسارة مؤمنة تقدر بنحو 50-65 مليار دولار، وتسببت الفيضانات فى باكستان فى أضرار وخسائر اقتصادية بلغت 30 مليار دولار هذا العام.

واتفقت الحكومات فى محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ (COP27) فى مصر فى نوفمبر على إنشاء صندوق لتغطية الخسائر التى تكبدتها الدول النامية الضعيفة التى دمرتها الكوارث الطبيعية.

 فيتش تخفض توقعاتها

خفضت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى توقعاتها لنمو الناتج الإجمالى العالمى لعام 2023 من 1.7 بالمئة إلى 1.4 بالمئة.

و«تم تعديل توقعات الناتج المحلى الإجمالى العالمى لعام 2023 بالخفض مرة أخرى مع تكثيف البنوك المركزية لمعركتها ضد التضخم، وسوء التوقعات بشأن سوق العقارات فى الصين»، بحسب ما أظهر تقرير فيتش حول آفاق الاقتصاد العالمى.

كما خفضت الوكالة من توقعاتها لنمو الاقتصاد الأمريكى لعام 2023 من 0.5 بالمئة إلى 0.2 بالمئة «مع زيادة وتيرة سياسة التشديد النقدى».

وخفضت أيضًا توقعاتها لنمو الناتج المحلى الإجمالى الصينى لعام 2023 من 4.5 بالمئة إلى 4.1 بالمئة بسبب «ضعف آفاق انتعاش بناء الأبنية السكنية».

وتم تعديل توقعات النمو فى منطقة اليورو لعام 2023 بالزيادة إلى 0.2 بالمئة من 0.1 بالمئة مع انحسار أزمة الغاز الأوروبية بشكل طفيف، لكن رفع البنك المركزى الأوروبى لسعر الفائدة سيضغط على الطلب.

وتعتقد الوكالة أن خطر حدوث نقص فى الغاز الطبيعى فى أوروبا هذا الشتاء قد انخفض مع ارتفاع واردات الغاز الطبيعى المسال وانخفاض استهلاك الغاز.

وأضافت: «لكن الأزمة لم تنته بعد، ولا يزال ارتفاع أسعار الغاز بالجملة يلقى بثقله على الشركات والأسر الأوروبية».

ركود عالمى

وكشفت دراسة حديثة شاملة للبنك الدولى أن العالم قد يتجه نحو ركود اقتصادى فى 2023 وسلسلة من الأزمات المالية فى اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية ستُسبِّب لها ضررًا دائمًا، وذلك مع قيام البنوك المركزية فى أنحاء العالم بزيادات متزامنة لأسعار الفائدة لمكافحة التضخم.

وتشير الدراسة الجديدة إلى أن البنوك المركزية فى أنحاء العالم قد أقدمت على رفع أسعار الفائدة هذا العام بدرجة من التزامن لم تُشهَد خلال العقود الخمسة الماضية، وهو اتجاه من المرجح أن يستمر فى العام القادم. ولكن المسار المتوقع حاليًا لزيادة أسعار الفائدة والإجراءات الأخرى على صعيد السياسات قد لا تكفى للنزول بمعدلات التضخم العالمية إلى المستويات التى كانت سائدة قبل تفشِّى جائحة كورونا. ويتوقع المستثمرون قيام البنوك المركزية فى العالم برفع أسعار الفائدة الأساسية إلى نحو 4 % خلال عام 2023، وهى زيادة تربو على نقطتين مئويتين عن متوسط أسعار الفائدة فى عام 2021.

ووجدت الدراسة أنه ما لم ينحسر تعطُّل سلاسل الإمدادات، وضغوط أسواق العمل؛ فإن تلك الزيادات لأسعار الفائدة قد تُفضى إلى ارتفاع معدل التضخم الأساسى على مستوى العالم (ماعدا الطاقة) فى 2023 إلى نحو 5 %، أى ما يعادل تقريبًا ضعفَىْ المتوسط فى السنوات الخمس قبل الجائحة. ووفقًا للنموذج الذى اعتمدت عليه الدراسة؛ فإنه لخفض التضخم العالمى إلى المستويات المستهدفة، قد يتعيَّن على البنوك المركزية زيادة أسعار الفائدة نقطتين مئويتين إضافيتين. وإذا صاحبت هذه الإجراءات زيادة الضغوط فى الأسواق المالية؛ فإن معدل نمو إجمالى الناتج المحلى العالمى سيتراجع إلى 0.5 % فى 2023، وهو انكماش قدره 0.4 % من حيث متوسط نصيب الفرد من النمو يوافق التعريف الفنى لركود عالمى.