الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حصاد 2022 مصر الرقم الصحيح فى المعادلة الدولية..مصائب «2022» عند مصر فوائد أزمة الغاز العالمية تنعش سوق الغاز المصرية

تسببت الحرب الأوكرانية فى حدوث أزمة طاقة كبرى لم تشهدها القارة الأوروبية من قبل، وفى إطار مساعيها الرامية لتأمين بدائل للغاز الروسى؛ حيث تستهدف الاستغناء عنه بشكل كامل قبل حلول 2030، يحل الغاز المصرى فى مقدمة خيارات الغرب لتقليص الاعتماد على روسيا التى أقدمت فى بداية سبتمبر الماضى على وقف تشغيل خط أنابيب الغاز «نورد ستريم1» الرئيسى الواصل إلى ألمانيا، إلى أجل غير مسمى بزعم تصيينه، وهى الخطوة التى تلاها إغلاق موسكو لخط أنابيب «يامال» الواصل إلى شرقى أوروبا؛ حسبما ذكرت شبكة «بلومبرج» الإخبارية الأمريكية.



 

وبفضل الإنتاج وموقعها الجغرافى، شاركت البلاد فى ملء خزانات الغاز بدول القارة الأوروبية التى تبحث عن بديل للغاز الروسى، فى ظل أزمة الحرب الراهنة.

وتتبنّى مصر استراتيچية تهدف إلى التحول لمركز إقليمى لتجارة وتداول الغاز، وتقوم هذه الاستراتيچية على تنمية الحقول القائمة، وبحث واكتشاف حقول جديدة من خلال إبرام تعاقدات مع كبرى الشركات فى هذا المجال إضافة إلى تطوير شبكة البنية التحتية من موانئ ونقل ومحطات الإسالة لتصدير الفائض من إنتاجها ومن إنتاج الدول المجاورة.

 وتمتلك مصر مخزونات غاز طبيعى ومسال، تحظى باهتمام الغرب الذى بات ينظر إلى القاهرة كشريك إستراتيچى لإنقاذه من احتكار موسكو لقطاع الطاقة الأوروبى.

وفى يونيو الماضى وقّع الاتحاد الأوروبى مذكرة تفاهم مع مصر لتصدير الغاز الطبيعى إلى الدول الأوروبية.

ويأمل القادة الأوروبيون فى أن يساعد الاتفاق الذى وُقّع فى القاهرة، فى تقليل اعتماد دول القارة العجوز على روسيا فى مجال الطاقة؛ لا سيما بعد نشوب الحرب فى أوكرانيا.

ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الاتفاق بأنه سيسهم فى تعزيز أمن الطاقة الأوروبى.

وتستهدف مصر الوصول بحجم صادرات الغاز الطبيعى إلى مليار دولار شهريًا فى عام 2023 ارتفاعًا من 600 مليون دولار شهريًا حاليًا.

فووفقًا لبيانات «رفينيتيف إيكون»، صدّرت مصر 8.9 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى المسال العام الماضى، و4.7 مليار متر مكعب فى الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022.

وحققت مصر الاكتفاء الذاتى من الغاز فى 2018، وسجلت نموًا فى صادرات الغاز المسال بنسبة 795 بالمئة تقريبًا فى 2021، لتسجل نحو 6.5 مليون طن مقابل 1.5 مليون طن عام 2020، كان معظمها للأسواق الأوروبية، ومنذ بداية العام هناك زيادة تقترب من 95 بالمئة، وتوقعت وكالة «بلومبيرغ إن إى إف» أن تصدر مصر 8.2 مليون طن من الغاز الطبيعى المسال فى العام الجارى.

وتصدر مصر الغاز بالفعل لعدة دول أوروبية منها تركيا، بقيمة 906 ملايين دولار، وحصة مصر فى السوق التركية 23.28 بالمئة، وإلى إيطاليا، بقيمة 408 ملايين دولار، بحصة بلغت 10.48 بالمئة من السوق الإيطالية، وكذلك إسبانيا، بقيمة 349 مليون دولار، بحصة تصل إلى 9 بالمئة.

وتستورد فرنسا أيضًا الغاز من مصر بقيمة 314 مليون دولار، بحصة فى السوق الفرنسية بلغت 8.06 بالمئة.

وتحمل هذه الاتفاقية ذات الطابع الاقتصادى دلالات سياسية حول مستقبل منطقة الشرق الأوسط وكذلك التعاون بين دول جنوب البحر المتوسط وأوروبا، وتعاون استراتيچى فى مجال أمن الطاقة والعمل على استقرار المنطقة وخفض معدل الاضطرابات بين دولها.

وتشهد مصر حاليًا أعلى معدل زيادة فى حجم صادرات الغاز المسال على مستوى العالم بمقدار 5.2 مليون طن عام2021، ويرجع ذلك إلى جهود التوسع فى مشروعات الغاز على مدار الـ 8 سنوات الماضية مما أدى إلى زيادة الصادرات، وبالنسبة للاستثمارات الأجنبية فى قطاعى الغاز والبترول؛ فقد تم توقيع 108 اتفاقيات بترولية جديدة مع الشركات العالمية للبحث عن البترول والغاز بقيمة 22 مليار دولار، فضلاً عن نحو 1.3 مليار دولار منح توقيع، لحفر 409 آبار استكشافية، إلى جانب ترسية 9 مزايدات عالمية للبحث عن البترول والغاز بنحو 2.2 مليار دولار، ومنح توقيع بنحو 272.6 مليون دولار.

 منحة من المحنة

فقد استفادت مصر من زيادة سعر الغاز عالميًا؛ حيث سبق تقديم عرض لمصر لتصدير الغاز بسعر 5 دولارات للمليون وحدة حرارية فى إبريل عام 2020 خلال فترة جائحة فيروس كورونا، وهو يقل عن السعر الذى تشترى به الحكومة من الشريك الأجنبى فى تنمية حقول الغاز، ولذا توقفت مصر عن التصدير وخزنت كميات ضخمة، حتى ارتفع سعر الغاز ليصل إلى نحو 90 دولارًا وهو مستوى قياسى فى أعقاب زيادة سعر النفط عالميًا ونشوب الحرب «الروسية- الأوكرانية»، مما دفع الحكومة إلى استئناف التصدير لاستغلال ارتفاع السعر العالمى.

وبدأت مصر منذ أكتوبر 2021 خطط تشغيل محطات الكهرباء مع ترشيد استهلاك الكهرباء لتوفير المزيد من الغاز لتصديره للخارج لزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبى، والاستفادة من فارق ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى عالميًا، بزيادة حجم الإنتاج المحلى وتنمية الحقول القائمة وإضافة حقول جديدة، والعمل على زيادة صادرات مصر خلال 2022 لتصل إلى 10 مليارات دولار.

وتشير توقعات أوابك، إلى أن حجم صادرات مصر من الغاز المسال سيحقق رقمًا قياسيًا جديدًا، يتراوح بين 7 و8 ملايين طن خلال العام الجارى.

وجاءت مصر فى المركز الرابع عربيًا بقائمة أكثر دول المنطقة إنتاجًا للغاز الطبيعى خلال العام الماضى، إذ قفز إجمالى الصادرات إلى 67.8 مليار متر مكعب، مقابل 58.5 مليار متر مكعب خلال 2020.

ساعدت محاولات فتح وتنويع أسواق الغاز أمام الغاز المصرى المسال الدولة المصرية على التحول السريع لدولة مصدرة؛ حيث إن هناك نحو 20 دولة استوردت الغاز المصرى المسال منذ بدء عودة عمليات التصدير، ومن ضمنها نحو 4 أسواق جديدة تم افتتاحها أمامه فى كل من كرواتيا وبنجلاديش وتركيا وباكستان، بالإضافة إلى أنه يتم تصدير الغاز الطبيعى للأردن، بينما يتم تصدير الغاز المسال لكل من فرنسا والهند وباكستان وسنغافورة والصين واليونان والمملكة المتحدة وتايوان وتايلاند وبلچيكا وكرواتيا وبنما والكويت وتركيا وإسبانيا واليابان، وبنجلاديش،  وكوريا الجنوبية، والإمارات،  وجارٍ تنفيذ الآن مشروع مشترك (خط) بين قبرص ومصر لإعادة التصدير؛ حيث يبلغ طول الخط المزمع إنشاؤه من قبرص حتى مصنع الإسالة بإدكو نحو 380 كيلومترًا، بالإضافة إلى إنه تجرى حاليًا عمليات استئناف تصدير الغاز الطبيعى للبنان.

وحققت الدولة المصرية قفزة عالمية فى حجم ومعدلات صادرات الغاز الطبيعى المسال خلال عام 2021، وحسب تقرير منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)؛ فإن مصر احتلت المستويات المرتفعة من صادرات الغاز الطبيعى المسال العربية خلال الربع الرابع من عام 2021، إلى جانب كل من الإمارات والجزائر وقطر؛ حيث بلغت صادرات الغاز المسال المصرية خلال عام 2021 نحو 6,5 مليون طن مقابل 1,5 مليون طن عام 2020، بمعدل نمو سنوى 385 ٪، وهى نسبة النمو الأعلى عالميًا مقارنة بباقى الدول المصدرة للغاز الطبيعى المسال خلال عام 2021، وتفوق على اللاعبين الكبار عالميًا الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وقطر، ويُعد هذا أعلى رقم للصادرات تحققه مصر منذ عام 2011؛ لتؤكد بذلك أهميتها ودورها الرئيس فى الأسواق العالمية للغاز الطبيعى المسال.

تأتى الدولة المصرية ضمن البدائل الأوروبية المناسبة لتنويع بدائل إمدادات الغاز الروسى وتعويضه فى حال نقص الإمدادات أو توقفها، وفى ظل الارتفاعات المستمرة فى أسواق الغاز الطبيعى عالميًا، ونظرًا لأن مصر هى الدولة الوحيدة فى منطقة شرق المتوسط التى تمتلك محطات لتسييل الغاز فى شرق المتوسط مع تمتعها بوجود بنَى تحتية قوية، بالإضافة إلى أنه يمكن زيادة قدرة استيعاب هاتين المحطتين، وأيضًا من الممكن تحويل غاز شرق المتوسط إلى مصر عبر أنابيب صغيرة نسبيًا ثم بيعه كغاز مُسال (LNG) إلى القارة الأوروبية بواسطة السفن، هذا كله، بالإضافة إلى أن أكبر الحقول المكتشفة فى شرق المتوسط موجودة فى المياه المصرية وهو حقل ظهْر، بالإضافة إلى إمكانية زيادة حصيلة تصدير الغاز الطبيعى المصرى إلى القارة الأوروبية على المدى القريب، وذلك بسبب الدور الذى تلعبه القاهرة ضمن منتدى غاز شرق المتوسط، بالإضافة إلى الاستفادة من خطوط الأنابيب المزمع تدشينها لاحقًا بين مصر من جهة، واليونان وقبرص من جهة ثانية؛ لزيادة كميات الغاز المصدرة للقارة الأوروبية.