الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

(المُفيد) فى آرائه و«الفائز» فى معاركه مفيد فوزى عندليب الإعلام العربى

إنه دومًا «المُفيد» فيما ينقله لجمهوره من معلومات.. «الفائز» فى أغلب معاركه الإعلامية.. إنه الصّحفى والمُحاور الكبير مفيد فوزى، الذى ترَجَّل كفارس إلى خالقه يوم 4 ديسمبر الجارى، بَعد حياة طويلة من العمل الإعلامى استطاع خلالها أن يكتب اسمَه بحروف من نور ويُشار إليه بـ«البَنَان» كأحد العلامات فى مجاله.



 

الحديث عن مفيد فوزى وسيرته شىء يجب أن يكون فى عقولنا وقلوبنا ووجداننا دائمًا..فهو العاشق لعمله صاحب الأسلوب المُميز الذى لا يتكرّر كثيرًا، وهو من مواليد 19 يونيو 1933 بمحافظة بنى سويف، والده فوزى سعد، كان موظفًا بوزارة الصحة، أمّا والدته فهى السيدة مريم فرج، وكانت ربّة منزل وهى التى شجعته على نشوء موهبته الصحفية منذ الصغر، وقد شجعته على القراءة والتعلم من الكتب وتنمية موهبته وساهمت فى تشكيل شخصيته منذ الصغر ونقلته من لعب الكرة للقراءة والتعلم، قائلاً: «أمى علمتنى أن أستمع للطرَف الآخر وأن أكون حريصًا فى حياتى».

تخرَّج فى كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة الإنجليزية عام 1959؛ ليتجه للعمل بالصحافة فى بداية حياته العملية بمجلة الإذاعة، ثم انتقل إلى أخبار اليوم، ومنها إلى روزاليوسف، ثم صباح الخير التى عُيّن فيها مُحررًا عام 1957، ثم رئيس تحرير المجلة لمدة 8 سنوات على التوالى.

وفى مجال التأليف والكتابة أيضًا قدّم مفيد فوزى العديد من الكتب، أبرزها «كندا حلم المهاجرين»،«جواز سفر إنسان»، «رحلات صحفية»، «نادية عابد» مجموعة مقالات، وحوار مع سعاد الصباح، أطول قصيدة اعتراف مع نزار قبانى، هيكل الآخر، أسماء لامعة، رومانسيات فى زمن الجفاف، صديقى الموعود بالعذاب والنجاح «عن قصة حياة العندليب»، كلام مفيد، هؤلاء حاورتهم، نصيبى من الحياة (مذكرات) عام 2013.

وساهم مفيد فوزى فى إعداد الكثير من البرامج الإذاعية، أهمها برنامج («فوازير رمضان» مع آمال فهمى لمدة 10 سنوات، برنامج «أوافق أمتنع» تقديم سناء منصور، ثم برنامج «فنجان شاى» تقديم سامية صادق، كما قدّم حلقات إذاعية فى إذاعة الشرق الأوسط، منها برنامج ضيف فى ليلة صيف، «خواطر على الهوا» فى برنامج ألوان مع مديحة نجيب، برنامج أين هم الآن؟، وبرنامج نجوم الشر).

قام بإعداد الكثير من البرامج الإذاعية للإذاعات العربية فى الأردن والإمارات وقطر، مثل (آباء السينما، أمّهات السينما، ديون لا تسدد، الفنان والإنسان، الضحك فن، أبى من المشاهير أمس واليوم)، وكلها حلقات إذاعية من 30 حلقة تم تسجيلها مع كبار الفنانين فى مصر والعالم العربى، أهمهم أمينة رزق، ويوسف وهبى.

وقد ساهم مفيد فوزى فى إعداد العديد من البرامج التليفزيونية، أهمها «نص ساعة من وقتك» مع سميرة الكيلانى، «نجمك المفضل» مع ليلى رستم، «عزيزى المُشاهد» مع أمانى ناشد، «تحت الشمس» مع سلوى حجازى، «الغرفة المضيئة» مع لبنى عبدالعزيز، «النادى الدولى» مع سمير صبرى.

بَعد مَسيرة طويلة أمضاها فى عالم الإعداد صدَر قرارُ الإعلامية سامية صادق بظهوره على شاشة التليفزيون المصرى عام 1982 لتقديم برامجه بنفسه، وكان نصه كالتالى: «إن أفضل مَن يقدم برنامجًا هو من يُعده»، فكانت أهم البرامج التى قدّمها على الشاشة، «عصر من الفن» عن أم كلثوم، «صديقى الموعود بالعذاب» عن عبدالحليم حافظ، «المدفع قبل الخبز أحيانًا» مع المشير عبدالحليم أبو غزالة، «الموسيقار وأنا» وحوار مطوَّل مع محمد عبدالوهاب.

وقدّم حلقات تليفزيونية منفصلة من إخراج جميل المغازى مع العديد من رُواد الأدب والفن والسياسة، مثل: إحسان عبدالقدوس، ويوسف إدريس، ويحيى حقى والسيدة مفيدة عبدالرحمن (أول محامية فى مصر)، مصطفى أمين ونجيب محفوظ وأحمد زويل وفاروق الباز وآخرين.

ولكن اقترن اسمُ المُحاور مفيد فوزى بشكل كبير ببرنامج «حديث المدينة» الذى بدأه فى 13 مارس عام 1998 بترشيح من صفوت الشريف وزير الإعلام آنذاك. وكان ذلك لمواكبة فكرة برنامج ناجح فى لندن بعنوان «Talk of the town»، ويُعَد برنامج «حديث المدينة» من أوائل البرامج التى خرجت فيها كاميرات التليفزيون إلى الشارع المصرى.

وقد تزوّج من الإذاعية الراحلة آمال العمدة فى الأول من مايو عام 1968، وتحدّث المُحاور الكبير عن زوجته آمال العمدة ومعرفته بعدها فى الأقصر مع فوج إيطالى و«تعرّفنا على بعض وعرفت أننى أعمل فى مجلة صباح الخير وكانت هى تتابعها»، ورحلت آمال العمدة عن عالمنا فى 11 مارس 2001، وأنجب منها ابنته الكاتبة الصحفية حنان مفيد فوزى، ولم يتزوج من بعد زوجته آمال العمدة لانشغاله فى أعماله الصحفية.

وبين السطور السابقة من السيرة الذاتية للمُحاور الكبير مفيد فوزى هناك العديد من التفاصيل فى مسيرته العملية حكاها هو على لسانه لعل أبرز هذه المغامرات، هو تخفيه وراء اسم سيدة طيلة 18 عامًا، وهى القصة التى كشف عنها فى لقاء تليفزيونى سابق؛ حيث كان يكتب مقالاً صحفيًا تحت اسم «نادية عابد» لـ 18 عامًا، وهو ما فسّره برغبته فى أن يقول كيف يمكن أن يكون تفكير امرأة مصرية عصرية، مؤكدًا أن نادية عابد أيقونة فى تاريخ مجلة «صباح الخير».

كما كشف الراحل فى حوار سابق أنه حينما سافر إلى أمستردام وهو فى الـ 29 من عمره، تعرّف إلى أحد السفراء ومعه ابنته نادية، التى جلس معها لثمانى ساعات متواصلة، وأثارت لديه الرغبة فى التفكير، لذلك عاد إلى مصر وكتب خواطر تحت اسم «نادية» قبل أن يتطور الأمر، وأوضح الراحل فى حواره أن الأمر حينما كان يُدر عليه دخلاً ماديًا، كان يذهب إلى البنك بخطاب مختوم من المؤسّسة يؤكد أن نادية عابد هى مفيد فوزى.

لم يتوقف الأمْرُ عند تأثر النساء بآراء نادية عابد الصادمة والقوية فى الحث على التخلص من السلبية عند التعامل مع بعض المواقف المجتمعية فقط؛ بل إنه أعجب بآرائها العديدُ من الرجال دون رؤيتها على أراض الواقع، وقرّر أحدهم إرسال خطاب للزواج منها، وعندما علم بحقيقة الأمْر جاءته الصدمة، وهو ما كشف عنه الكاتب مفيد فوزى بحوار سابق له.

مفاجأة أخرى تعرّض لها شاعر المرأة الراحل نزار قبانى عندما طلب مقابلة نادية عابد، حتى أخبرته زوجته بلقيس بأن نادية عابد هى ذاتها الكاتب مفيد فوزى، وهو ما أذهله للغاية، كما كشف الكاتب الصحفى الكبير مفيد فوزى فى حواره، أنه ذهب إلى الفنانة فاتن حمامة وأجرى معها حوارًا، وكتب عنه 5 صفحات بقلم نادية عابد، لكن سيدة الشاشة «كانت كتومة جدًا» حسب وصف الإعلامى الراحل لها، وعندما سألوها عن نادية عابد، قالت عنها «بنت راقية وجميلة جدًا، وطريقة سؤالها متحضرة».

وخاض مفيد فوزى، فى حياته مَعارك خطيرة، ونعرض لك فى هذا التقرير، أبرزها خلافه مع عبدالحليم حافظ، فعندما قرّر العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، أن يكتب سيرته الذاتية، وعندما نشرها، رأى مفيد فوزى أنه من الأفضل أن يروى حليم حكاياته ويتولى أحد الزملاء الكتابة، لكن حليم كان يصر على مراجعة التسجيلات وحذف بعض الحقائق عندما يراجع نفسه.

وهو ما دفع مفيد فوزى أن يقول لحليم: «أنت لست بكاتب مَهما كان عندك تذوُّق للكلمة فأم كلثوم تفوقك فى هذا الميدان، وعبدالوهاب أعظم الذّواقة فى دنيا الكلمة ولم يفكر أحدهما فى كتابة مذكراته بنفسه بقلمه.. إنك تريد أن تبدو فى الصورة التى رسمها الناس عنك، فليست هذه سيرة ذاتية، إنها سيرة مَلاكى تفتقد الضعف والنزوات والفشل لتعطيها الصدق وتصل إلى قلب الناس».

وتمنّى مفيد فوزى، لو كانت صورة المذكرات «عبدالحليم حافظ يروى وفلان يكتب» قائلًا: «اترك للكاتب مهمة التعليق على مشوارك، اتركه يتأمل قليلًا لا تصادر مشاعره، هناك مواقف لن تستطيع أن تتحدّث مع نفسك فيها»، فغضب عبدالحليم وقال لمفيد فوزى: «أنا حُر وانت مالك»، وهى العبارة التى وصفها الكاتب الشهير بأنها «صبيانية غريبة».

اشتبك أيضًا مفيد فوزى مع الشيخ محمد متولى الشعراوى، بعد تصريحاته الهجومية عن الشيخ «الشعراوى»؛ حيث قال بأنه مَهّد الطريق أمام الفكر المتطرف لكى يظهر ويتفشى فى المجتمع المصرى، وأنه كان سببًا رئيسيًا وراء حجاب الفنانات فى تلك الفترة- على حد وصفه.

وأجرى مفيد فوزى، حوارًا مع الشيخ محمد متولى الشعراوى؛ معترفًا بأنه أخطأ فى التعامل معه بعد انتهاء عمله: «أنا أعترف إن أنا وراء شهوة صحفية صغيرة أخطأت فى شىء»، فبَعد أن أنهَى «فوزى» حينها الحوار مع «الشعراوى» قال الإمام الراحل له: «أستاذ مفيد أنا عاوز أهديك الدُّرة دى، الدُّرة دى أمريكانى الكوز بدولار، فأنت لمّا تاكلها هتنبسط جدًا».

وبالفعل أكل الذُّرَة وأعجبه، وأكمل: «فكرى الصحفى فى تلك الفترة خلتنى أحط البرواز دُرَة بدولار، وأغضبه هذا بشدة»، وبَعدها رد «الشعراوى» على الأمْر: «الحكاية دى دخيلة علينا»، وأكد فوزى، أن السبب الذى أغضب الشيخ الشعراوى، عندما تناول مقالاً صحفيًا تحت عنوان «ذُرَة بدولار»، وهو ما سبّب غضبًا شديدًا للشيخ الشعراوى.