الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هل يرفعون شعار «الغاية تبرر الوسيلة»؟ «محو» المواد ذات الطابع الإنسانى من قانون البحار يشعل الصراع بين دول القارة العجوز

تدرس أوروبا القانون البحرى الدولى، الذى يلزم أى سفينة بإنقاذ أى شخص يتعرض لخطر فى البحر لأن سفينته غير آمنة ويسمح لتلك السفينة إنزالها فى أقرب ميناء آمن، وذلك لوجود حاجة ملحة للتصدى للهجرة غير الشرعية.



وأشارت صحيفة «لابانجورديا» الإسبانية إلى أن المفوضة الأوروبية للداخلية السويدية إيلفا يوهانسون، أكدت أنه حتى الآن لم يتم حسم الأمر إلا أنه يوجد العديد من الاقتراحات بتغيير قانون البحر.

وأوضحت الصحيفة أن المفوضية الأوروبية، التى أمضت سنوات فى البحث عن طرق لوقف وصول المهاجرين أو طالبى اللجوء، والتى تدفع لحكومات العبور لإيقاف هؤلاء الأشخاص أثناء طريقهم والتى تنظر فى الاتجاه المعاكس عندما تنشر وكالة الأمم المتحدة للاجئين تقارير عن العنف، القتل أو الاغتصاب أو بيع المهاجرين، شعرت دائمًا بعدم الارتياح لمثل هذه الفديات وسعت إلى تجنبها.

كما تعتقد المفوضية الأوروبية أن هناك حاجة إلى قواعد دولية جديدة حتى يكون للمنظمات غير الحكومية إطار عمل محدد تعمل فيه.

 سبب الأزمة

عقد اجتماع استثنائى فى بروكسل دعت باريس لعقده بغية احتواء الأزمة الأخيرة مع روما بمشاركة وزراء الداخلية الأوروبيين، الذين يساورهم القلق أيضًا من تعاظم أعداد القادمين من طريق غرب البلقان، فى مسعى للجمع بين روما وباريس ووقف سيل المهاجرين إلى القارة العجوز.

ومؤخرًا، تبادلت فرنسا وإيطاليا تصريحات حادّة، أعادت المخاوف حول وحدة دول الاتحاد الأوروبى والتضامن فيما بينها بشأن الهجرة، بينما يتواصل تعثر إصلاح عرضته المفوّضية الأوروبية على الأعضاء قبل عامين.

وعلى جدول الاجتماع الأوروبى الطارئ لوزراء داخلية التكتل أيضًا، بحث موجات اللاجئين القادمين من أوكرانيا، وأزمة فرنسا وإيطاليا.

ازدادت حدة التوتر بين البلدين على خلفية رفض روما استقبال سفينة «أوشن فايكينغ» الإنسانية التابعة للمنظمة غير الحكومية «إس أو إس متوسط» والتى كان على متنها 234 مهاجرًا، مما دفع فرنسا لإدانة هذا الموقف معتبرة إياه «غير مقبول».

وشكر مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية جورجيا ميلونى فرنسا التى وافقت على حد قولها على استقبال السفينة فى أحد موانئها.

وواجهت إيطاليا نفيًا من باريس التى أدانت «السلوك غير المقبول» للنظراء الإيطاليين، واصفة إياه بـ«المخالف لقانون البحار ولروح التضامن الأوروبى».

ودعا المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران  روما إلى أن تقوم بدورها، وتحترم التزاماتها الأوروبية، واضطرت سفن إنسانية عدة لإجراء مفاوضات صعبة من أجل إنزال مهاجرين مع الحكومة الإيطالية الأكثر يمينية منذ الحرب العالمية الثانية، والتى تتبنى موقفًا صارمًا حيال المهاجرين.

ويرى يوهانسون بأنه يجب على الاتحاد الأوروبى الجلوس والتحدث مع المنظمة البحرية الدولية، وهى وكالة تابعة للأمم المتحدة تنظم الأنشطة فى أعالى البحار، وذلك لوضع حد لجزء من الغضب الذى يتولد فى كل مرة تطلب فيها سفينة تحمل مهاجرين النزول فى إيطاليا أو مالطا.

حتى الآن هذا العام، عبر 90.000 شخص البحر الأبيض المتوسط، بزيادة قدرها 50% مقارنة بعام 2021. وصل 15% فقط على متن سفن المنظمات غير الحكومية. يتم إنقاذ معظمهم من قبل خفر السواحل الإيطالى، والذى على الرغم من خطاب حكومته لا يزال ينقذ الأرواح فى البحر.

وتنص الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ البحرى (1979) على أن الميناء الآمن هو الميناء الذى لا تكون فيه حياة الشخص الذى يتم إنقاذه فى خطر وحيث يمكنه الحصول على المساعدة الأساسية مثل الطعام أو الماء أو المأوى، تستوفى إيطاليا ومالطا وإسبانيا وفرنسا واليونان هذه الشروط.

تدفق موجات جديدة

ولا ترقى الأعداد الحالية إلى المستويات التى سُجّلت خلال أزمة اللاجئين فى عامَى 2015 و2016. لكنّ احتمال تدفّق موجة جديدة من اللاجئين هذا الشتاء، خصوصًا من الأوكرانيّين المحرومين بالملايين من الكهرباء والتدفئة بسبب الضربات الجوّية الروسيّة، يُغذّى المخاوف الأوروبّية أيضًا.

وأحيَت هذه التوتّرات النقاش الحسّاس جدًّا والمتعلّق بالتضامن بين دول الاتحاد الأوروبى بشأن الهجرة، فى حين يراوح إصلاح قدّمته المفوّضية الأوروبية قبل عامين مكانه.

وردًّا على الموقف الإيطالى الذى اعتبرته باريس «غير مقبول»، أعلن وزير الداخلية الفرنسى جيرالد دارمانان تعليق استقبال فرنسا 3500 طالب لجوء موجودين فى إيطاليا. 

واعتبرت ميلونى أن هذا القرار «غير مُبرّر»، وذكّرت بأنّ بلادها استقبلت هذا العام زهاء تسعين ألف مهاجر، فى حين أن حوالى 12 دولة أوروبية تعهدت استقبال ثمانية آلاف شخص ورعايتهم، لكنها استقبلت فى نهاية المطاف 117 شخصًا. 

وخُطّط لعمليات «إعادة توزيع» المهاجرين فى إطار آلية مؤقتة للتضامن الأوروبى أقرت فى يونيو وكانت باريس قد طرحتها بنفسها خلال ترؤّسها لمجلس الاتحاد الأوروبى.

وقال دارمانان لدى وصوله إلى بروكسل للمشاركة فى الاجتماع: إن لا سبب يدعو فرنسا لقبول مهاجرين يعاد توزيعهم من إيطاليا، إذا كانت روما «لا تستقبل المراكب ولا تقبل بقانون البحار».

تأطير عمل المنظمات غير الحكومية

وفى محاولة لتفعيل هذه الآلية، عرضت المفوضية الأوروبية خطة عمل لتسريع آلية نقل اللاجئين.

وتسعى الخطة إلى تحسين التعاون فى مجال الإنقاذ فى البحر بين الدول الأعضاء، ومع المنظمات غير الحكومية التى تشغّل السفن الإنسانية، و«تعزيز المناقشات داخل المنظمة البحرية الدولية» بشأن «المبادئ التوجيهية لهذه السفن التى تنفّذ عمليات إنقاذ فى البحر».

وأضاف دارمانان: «رغبتنا هى استئناف هذه الآلية لأنها الآلية الوحيدة التى تتيح تقاسم الأعباء فى أنحاء أوروبا، وإجبار دول الدخول، مثل إيطاليا، على وضع الحدود التى نحتاجها، وتسجيل جميع الأجانب القادمين إلى المنطقة الأوروبية. الوضع ليس على هذا النحو حاليًا».

وشدد الوزير على أنه «يتعين على دول جنوب البحر الأبيض المتوسط أيضًا فتح موانئها» لسفن إنقاذ المهاجرين «المبحرة فى مياهها الإقليمية».

 أرقام المهاجرين تتصاعد

وفقًا لوزارة الداخلية الإيطالية، أكثر من 88 ألف شخص وصلوا إلى سواحلها منذ الأول من يناير مقابل نحو 56 ألفًا و30 ألفًا على التوالى خلال الفترة نفسها من 2021 و2020، أى عامى الأزمة الصحية، كما أن هناك أقل بقليل من 5.2 مليون مقيم أجنبى فى إيطاليا اعتبارًا من 1 يناير 2022.

يمثل هذا الرقم حوالى 8.7 بالمئة من إجمالى عدد سكان البلاد البالغ 59 مليون نسمة، والرقم لا يشمل المقيمين الأجانب السابقين الذين حصلوا على الجنسية الإيطالية.

وبلغ إجمالى عدد المقيمين الأجانب بالإضافة إلى المقيمين الأجانب السابقين الذين أصبحوا مواطنين إيطاليين جددًا فى العقد الماضى ما يقرب من 6.8 مليون اعتبارًا من يناير 2021، وفق مكتب الإحصاء الوطنى الإيطالى.

وقدرت مؤسسة دراسات الهجرة «ISMU» فى عام 2018 أن هناك أيضًا حوالى 500 ألف شخص يعيشون فى إيطاليا بشكل غير قانونى، أى ما يعادل 0.9 بالمئة من السكان، من بينهم طالبوا اللجوء الذين رُفضت طلباتهم والذين تجاوزوا مدة الإقامة.

 مواقف متشددة

وتتبنى ميلونى سياسة متشددة تجاه الهجرة، ويقاسهما فى ذلك شريكها فى التحالف اليمينى الثلاثى، ماتيو سالفينى رئيس حزب «رابطة الشمال» المتشدد.

وطالبت جورجيا ميلونى في وقت سابق، بفرض حصار من القوات البحرية على ساحل البحر المتوسط فى أفريقيا لمنع المهاجرين من الوصول إلى بلادها.