الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

التطور الإلكترونى للحروب بالوكالة جنود مرتزقة للبيع أو الإيجار على مواقع الإنترنت!

تعتبر الحروب والصراعات المسلحة من أبرز التوقيتات لازدهار تجارة الإنترنت المظلم على مستوى العالم، فوفق تقديرات وتحقيقات صحفية على مدار الأشهر الماضية، أثْبِتت أن الحرب الروسية- الأوكرانية كانت من أبرز التوقيتات التى ازدهر خلالها بيع السلاح والمرتزقة أيضًا- إذا صح القول- من خلال تطبيقات وصفحات الـ Dark Web حيث أعلنت المفوضية الأوروبية فى يوليو الماضى عن قلقها من بيع الأسلحة القادمة لأوكرانيا باعتبارها مساعدات عسكرية خلال مواقع الإنترنت المظلم، كما أعلنت «يوروبول»، وهى وكالة إنفاذ القانون التابعة للاتحاد الأوروبى، فى أبريل، إن تحقيقاتها تشير إلى أن تهريب الأسلحة من أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبى لتزويد جماعات الجريمة المنظمة قد بدأ ويشكل تهديدا محتملا لأمن الاتحاد الأوروبى، كذلك قالت بونى دينيس جينكينز، وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للحد من التسلح والأمن الدولى، إن احتمال وقوع الأسلحة الأمريكية المرسلة إلى أوكرانيا فى الأيدى الخطأ أصبح أمرا يشكل خطرا على الأمن العالمى بعد تأكيد بيع هذه الأسلحة عبر وسطاء.. وهنا يبرز دور الإنترنت المظلم مرة أخرى كوسيلة فعالة فى نشر الأسلحة حتى الثقيلة منها لأى من يدفع الثمن.. فالحروب وما يتبعها من مساعدات سواء عسكرية أو غيرها من أزهى أوقات تجارة «الظلام».



 

تقديرات

منذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية 24 فبراير الماضى، عمدت الدول الغربية، الطامحة إلى إطالة أمد المواجهات، بقصد استنزاف روسيا استراتيجيا، إلى إمطار الجيش الأوكرانى بوابل من الأسلحة والمعدات العسكرية، الأمر الذى أحدث فارقا ميدانيا فى مجريات العمليات العسكرية، وظهر ذلك بصورة كبيرة فى عمليات إقليم دونباس وما تلاها من عمليات استرجاع للمناطق الأوكرانية بعد سيطرة الروس عليها، وكانت المنظومة الدفاعية الأمريكية «هيمارس» من أكثر المنظومات الدفاعية التى حققت ذلك الإنجاز الأوكرانى، حيث استطاعت قوات كييف توجيه ضربات دقيقة ضد مستودعات الأسلحة، والبنية التحتية للدفاعات الجوية، ومراكز القيادة فى عمق الخطوط الروسية. ما أجهض محاولات تطوير الهجوم الروسى، وحمل وزير الدفاع الأوكرانى على الإقرار بتلقى بلاده دعما عسكريا غربيا «لم تكن تحلم به».

لكن إلى جانب التحدى اللوجيستى المتعلق بنقل وتشغيل وصيانة تلك المنظومات التسليحية الغربية بالغة التعقيد، برزت معضلة افتقاد الدول المانحة آليات دقيقة ومستدامة لتتبع ورصد ومراقبة مساراتها. بما يكفل التأكد من عدم استخدامها لاحقا فى نزاعات مسلحة، أو وقوعها فى براثن جهات مناوئة للغرب، كروسيا أو التنظيمات الإرهابية والحركات المتطرفة. 

عملاء مزدوجون

منذ تفكك الاتحاد السوفيتى، دائمًا ما تندد الدول الأوروبية بتورط عسكريين أوكرانيين فاسدين، فى الاتجار غير المشروع بالأسلحة المهربة. حتى غدت أوكرانيا واحدة من أكثر دول العالم انخراطا بتلك الأنشطة المشبوهة. وبعدما أقال المدعية العامة، ومدير الأمن الأوكرانيين، يونيو الماضى، شدد الرئيس زيلينسكى على ضرورة الإطاحة بمسئولين كثر، ضالعين فى الفساد والعمالة لحساب روسيا، منذ عقود. 

ووفقا لمنظمة «مسح ودراسة الأسلحة الصغيرة» بجنيف، فإن جزءا من مخزون الأسلحة الخفيفة للجيش الأوكرانى، الذى بلغ نحو 7.1 مليون قطعة عام 1992، وصل إلى العديد من بؤر التوتر الملتهبة حول العالم. وعقب استحواذ روسيا على شبه جزيرة القرم عام 2014، نهب المقاتلون الأسلحة ومرافق تخزين الذخيرة التابعة لوزارات الأمن والداخلية والدفاع فى أوكرانيا. 

وحسب التقرير الذى أصدرته المنظمة عام 2017، تمكن المقاتلون غير النظاميين من العثور على مجموعات كاملة من الأسلحة الصغيرة والخفيفة، بين عامى 2013 و2015، وتم بيعها بالسوق السوداء الأوكرانية، التى تديرها شبكات إجرامية شبيهة بالمافيا فى منطقة دونباس. 

كما كشفت صحيفة «واشنطن بوست» أن سوق الأسلحة غير المشروعة فى أوكرانيا قد تضخمت بصورة «مخيفة»، منذ عام 2014، مدعومة بفائض من الأسلحة غير المسجلة، والمتحررة من قيود عديدة على استخدامها. بدوره، حذر، يورجن شتوك، المدير العام للإنتربول، من أن انتقال الأسلحة، بشكل غير مسبوق، خلال الحرب الأوكرانية، قد يفضى إلى انتشار الأسلحة غير الشرعية، عبر القارات، فى مرحلة ما بعد النزاعات المسلحة. لافتًا إلى تفنن التنظيمات الإرهابية وتشكيلات الجريمة المنظمة فى استغلال هذه الفوضى، لتهريب الأسلحة حول العالم، بهدف جنى الأرباح الطائلة، ومباشرة أنشطتها المشبوهة فى كل مكان. ولم يستبعد، شتوك، أن يصبح الاتحاد الأوروبى وجهة محتملة لهذه الأسلحة، التى قد تصادف هناك سوقا رائجة بأسعار مغرية، لا سيما فى البلدان الإسكندنافية. لذا، ناشد، الرجل، الدول الأعضاء فى الإنتربول، استخدام قاعدة المعلومات المشتركة حول مختلف أنواع الأسلحة، التى يمكن أن تنتشر عبر «الاقتصاد الخفى».

حرب «السوق المظلمة»

وفى تحقيق صحفى نشر على موقع وكالة RT الإخبارية الروسية، أكد أن الأسلحة المقدمة كمساعدات عسكرية غربية لأوكرانيا تم بالفعل بيعها فى العديد من مواقع «الإنترنت المظلم»، حيث تضمن التحقيق لقطات من عمليات بيع تمت بالفعل عن طريق هذه المواقع الإلكترونية، وقد تضمنت هذه الصفحات كافة أنواع الأسلحة من المدافع الدقيقة وحتى مضادات الدبات وطائرات الدرون وأيضا الألغام، وأوضح التحقيق الروسى أن ثمن هذه الأسلحة يعتبر رخيصا بصورة كبيرة، وتعتبر المناطق الحدودية وخاصة الحدود الأوكرانية البولندية.. التحقيق الروسى أكد أنه يتم وضع الأسلحة المباعة عن طريق «دفنها» فى الغابات على الحدود بين البلدين ويتم تسليم مبلغ الشراء عن طريق «وكلاء أوكرانيين» وتكون بالدولار أو «البيتكوين»، وأنه من غير الإفصاح عن رقم المحفزة أو الحساب الشخصى للبائع.

من جانبها، نفت كييف الاتهامات الروسية، واعتبرتها ليست سوى دعاية مغرضة، تستهدف تشويه سمعة القيادة الأوكرانية. فقد رصد «مركز مكافحة المعلومات المضللة» بمجلس الأمن والدفاع القومى الأوكرانى، ترويج مثل هذه الادعاءات على تطبيق تطبيق «تليجرام» التابع لروسيا، بعد عجز موسكو عن إعاقة وصول مزيد من إمدادات الأسلحة الغربية لكييف، عبر قصف خطوط السكك الحديدية الأوكرانية. وقد كشف «مختبر دراسة المعلومات المضللة»، التابع للمجلس الأطلسى فى واشنطن، عن تقرير، وصف بالمُختلق، يزعم أن أوكرانيا تبيع أسلحة غربية إلى دول أفريقية، وأن تطبيق «تليجرام»، الموالى للكرملين، يروج لقصص خيالية حول متاجرة أوكرانيا فى الأسلحة، التى يزودها بها الحلفاء الغربيون. وبرغم نفى «المجلس الأوكرانى للأمن القومى والدفاع»، مزاعم وصول الأسلحة الغربية إلى السوق السوداء الأوروبية، اقترح مدير مكتب زيلينسكى، على البرلمان، تولى إنشاء لجنة خاصة مؤقتة لتتبع مسارات تلك الأسلحة، ومتابعة القضايا المتعلقة بالرقابة على استخدامها. وبعدما استنكر تلك الادعاءات، وجه الرئيس زيلينسكى، بإنشاء لجنة برلمانية لتنظيم استخدام تلك الأسلحة. 

وذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» أن حلف الناتو والاتحاد الأوروبى، يعتزمان تشديد الرقابة على نقل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا لمنع وصولها إلى السوق السوداء.

مخاوف أخرى

وعلاوة على المخاوف القائمة فى الجانب الغربى، تصاعدت مخاوف إضافية بين مجموعات المراقبة فى شأن انتشار الأسلحة الناجم عن الطرف الروسى بسبب تقارير عن أنها جندت مرتزقة من ليبيا وسوريا والشيشان، إضافةً إلى مجموعة «فاجنر» الروسية بخاصة بعد اجتماع متلفز لمجلس الأمن الروسى فى مارس الماضى، قال فيه وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو، إن 16 ألف متطوع فى الشرق الأوسط على استعداد للقتال إلى جانب القوات المدعومة من روسيا فى شرق أوكرانيا، وفى الاجتماع نفسه، اقترح شويجو تسليم صواريخ «جافلين» و«ستينجر» الأمريكية التى استولى عليها الروس، إلى الانفصاليين الموالين لروسيا فى منطقة دونباس، ومع ذلك، هناك تقارير متضاربة حول وجود مقاتلين أجانب فى دونباس، ومن غير الواضح على وجه التحديد عدد الذين سافروا بالفعل إلى أوكرانيا.

ويؤدى إدخال المقاتلين الأجانب، إلى أخطار تتمثل فى عدم عودة الأسلحة إلى بلدانها الأصلية عند انتهاء القتال فى أوكرانيا، حيث يستبعد جيف أبرامسون، الخبير فى رابطة الحد من الأسلحة، أن يتم العثور على بعض الأسلحة التى تم توفيرها فى الصراع داخل أوكرانيا لسنوات عدة، وربما لعقود أخرى مقبلة.