السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الميليشيات الرقمية تقود أخطر الحروب «الإرهاب الافتراضى» يهدد الأمن العالمى فى الواقع!

الإنترنت المُظلم.. الإنترنت العَميق.. وغيرهما من المصطلحات التى بدأت تهاجم حياتنا يومًا بعد الآخر.. فبعيدًا بعيدًا عن أعين الاستخبارات وسيطرة الحكومات.. يوجد عالمٌ خفىٌ لكل ما هو غير قانونى أو غير مُباح فى عالمنا، يستطيع أىُ شخص أن يدخل على العالم الخفى للإنترنت للبحث عن كل شىء وأى شىء مقابل المال.. مخدرات، سلاح، حتى البَنى آدميين والجماعات الإرهابية.. كل ما لا يخطر على بال البشر يباع فى هذا العالم المُظلم.. وكانت عملة «البيتكوين» الممنوعة عند أغلب الحكومات هى الطريق للدفع.. ومع اشتعال نيران الحروب.. والأزمات الاقتصادية وتبعاتها على العالم.. برز الإنترنت المظلم كبوابة لتهريب البشر.. السلاح.. وغيرهما.. حتى إن الحكومات؛ خصوصًا فى الغرب بدأت تهتز لهذا العالم.. وأصبح التساؤل الأكثر إلحاحًا.. كيف ستتم محاربة هذا العالم المُظلم؟ وهنا تطــرح «روزاليــوسـف» أزمــة الـ Dark Web لنبحث معًا عن مَخاطره وسُبُل الحَل.



عالم الإنترنت لا يزال يجهله الكثيرُ من مستخدميه، فوفْق دراسات؛ فإن عالم الإنترنت الشاسع الذى يظهر للمُتصفحين لا يتجاوز الـ4 % من إجمالى محتوَى الشبكة العنكبوتية، وهو ما يُعرف بـ«الإنترنت السطحى»، والبقية تختفى فى زوايا الـ«Deep web» أو الإنترنت العميق الذى يحوى الكثير من المعلومات والبيانات غير المصرّح بالوصول لها إلا لقلة قليلة تمتلك صلاحيات خاصة، عن طريق متصفحات خاصة أشهَرها «Tor»، الذى يخفى هوية المستخدم، وذلك يُعد شرطًا أساسيًا للسماح بالدخول إلى «الإنترنت المُظلم»، كما يحتاج المستخدم عادة إلى الحصول على دعوة من أحد مستخدميه للوصول إلى محتوى المواقع التى تحوى نطاقات تنتهى بـ«onion».

وهذه المتصفحات تضمَن تشفير هوية المستخدم بشكل كامل ومنع أى جهة من الوصول إلى هذه الطبقة من الشبكة العنكبوتية دون صلاحيات، فإنه يتم توظيفها لممارسات غير مشروعة عبر ما يُعرف بالـ «Dark Web»، وهو المَلاذ الآمن للخارجين عن القانون من سفاحين وتجار مخدرات وأسلحة، وبالتالى الإرهابيين، بمختلف انتماءاتهم؛ حيث يحميهم من تتبع السُّلطات لهم.

 الـ «Dark web» و«Deep Web»

الويب العميق أو الـ«Deep Web» وفْق دراسات يشمل أكثرَ من 4.7 مليار موقع ويب على الإنترنت، فى حين أن الويب المظلم «Dark Web» يُعتبر جزءًا منه.

والويب العميق أو «Deep Web» يُعتبر مجموعة من مواقع الإنترنت، التى لم تقم محركات البحث بأرشفتها بسبب منع فهرسة المواقع فى نتائج البحث، وتوجد استخدامات عديدة للإنترنت العميق، تتراوح ما بين مواقع المؤسّسات الحساسة والخاصة، التى تسعى لأن تكون محمية بطبقات إضافية من السّرّيّة، وبين مواقع أخرى تقدم خدمات حساسة ولكنها قانونية إلى حد ما؛ لأن الإنترنت العميق بخلاف الإنترنت المظلم يمكن الوصول إليه من قِبَل جهات إنفاذ القانون وإن كان عبر طرُق معقدة.

ومن أجل الوصول إلى مواقع الإنترنت العميق، يجب أن تدخل إلى الموقع المرتبط بها، ومن ثم تبحث بداخله حتى تصل إلى محتوى الويب المخفى، أى أن هذا المحتوى فقط مخفى، لكنه موجود على الشبكة العنكبوتية وليس سرّيًا بصورة كاملة مثل باقى أشكال الإنترنت المظلم.

ولكن المفاجأة أن الإنترنت العميق أو «Deep Web» يمثل 90 % من جميع مواقع الويب الموجودة فى كل العالم، أى أنه يمثل رأس الجبل الجليدى الموجود تحت سطح الماء.

ويُعتبر الإنترنت العميق قانونيًا بصورة كبيرة، ولكن يتميز بأنه يمتلك عوامل أمان مثيرة للانتباه بخلاف أشكال المواقع الإلكترونية الأخرى.

ويُفسّر موقع شركة نورتون الأمريكية، المتخصّصة فى تصميم مضادات فيروسات الإنترنت، سِرّ أمان الإنترنت العميق بأنه يمكن استخدامه داخل الشبكات الداخلية للمؤسّسات والحكومات والمرافق التعليمية؛ للتواصُل وإدارة جميع العمليات الخاصة داخل مؤسّساتهم؛ لأنه يكون أفضل وسيلة لحماية البيانات، كما تستخدمه معظم الأنظمة المصرفية من أجل حماية الحسابات المالية للبنوك والمصارف وشركات الائتمان والتأمين والتقاعد، كذلك الأمْر تستخدمه المؤسّسات الكبرى لإدارة حسابات البريد الإلكترونى الداخلية للعاملين لديها، كما أنها يمكنها أن تنظم أيضًا مواقع تواصُل اجتماعى داخلية سرّيّة للعاملين لديها؛ باستخدام تلك التقنيات العميقة، وكذلك يمكن استخدام الإنترنت العميق أيضًا فى حماية مختلف أشكال الملفات والوثائق الحساسة، مثل الوثائق الطبية والقانونية، التى يُخشَى من أن يتسبب تسريبُها فى إحداث مشاكل كبيرة وخرق للخصوصية الخاصة بعدد من الناس.

أمّا «Dark Web» أو المواقع المظلمة؛ فهى المحركات أو المتصفحات؛ حيث تجرى الأنشطة الإجرامية المتنوعة بما فيها أنشطة مستغلى الأطفال جنسيًا وتجار المخدرات والإرهابيين. ويعتقد أن سوق الويب المظلم تولد أكثر من نصف مليون دولار يوميًا. ويتحقق ذلك من خلال عدم وجود عناوين «بروتوكول إنترنت» (IP addresses) أو نظام اسم النطاق (DNS) بما يسمح بإخفاء شبه كامل لمستضيفى مواقع الويب تلك.

ويمكن الوصول إلى الويب المُظلم فقط من خلال برامج مُعينة تتيح للمستخدمين تصفح الويب من دون أن يتمكن معظم الناس من تعقبهم، لكن من ناحية أخرى؛ فإن مكتب التحقيقات الاتحادى الأمريكى (FBI) أو جهات إنفاذ القانون تراقب باستمرار الويب المُظلم إلى حد معين، ومن السهل جدًا إلقاء القبض على المستخدمين إذا زاروا موقعًا غير قانونى.

وفى كل الأحوال؛ فانه ليس كل شىء غير قانونى على الإنترنت المظلم، فهناك أيضًا جانب شرعى فيه مثل الانضمام إلى أندية الشطرنج، أو شبكات التواصل الاجتماعى غير المعروفة للجميع مثل «بلاك بوك» أو «فيسبوك أوف تور».

 أنشطة «مظلمة»

فى البداية يُعتبر الإنترنت المظلم بوابة متكاملة شبيها بالإنترنت السطحى الذى يتم استخدامه بصورة طبيعية، لكن يحتاج الأمر للعبور لهذه البوابة المظلمة إلى عدة خطوات كانت تُعتبر فى السابق مُعقدة لا يفهمها ولا يستوعبها إلاّ متخصّصو الإنترنت و«الهاكرز» المحترفون فقط، بالإضافة إلى جهات إنفاذ القانون السّرّيّة، التى تتبع الجرائم الإلكترونية المتنوعة.

ولكن اختلفت الأمور كثيرًا بظهور متصفحات الإنترنت السّرّيّة مثل «Tor» والتى تخفى هوية أى شخص، وتجعله يتمكن من الغوص فى الإنترنت المظلم بكل أمان، ويوفر هذا المتصفح للمستخدمين إمكانية الوصول لزيارة مواقع الويب المظلمة، بكل سهولة.

وتاريخيًا؛ ظهر متصفح «Tor» فى الجزء الأخير من تسعينيات القرن الماضى، وأطلقه مختبر أبحاث تابع للبَحرية الأمريكية للاستخدام السّرّى للإنترنت، ولكنه انتشر بعد ذلك وبدأ تطويره للجمهور العام، الذى يرغب فى المزيد من الخصوصية، والذى تم تطويره وتحديثه كثيرًا ليصبح تطبيقًا مجانيًا حاليًا، حتى إنه يمكن استخدامه كمتصفح إنترنت عادى، وكذلك لتصفح الإنترنت العميق أو المظلم.

ويعمل المتصفح من خلال استخدام مسارات عشوائية من الخوادم المشفرة، التى يُطلق عليها اسم «العقد»، والتى تتيح للمستخدمين الاتصال بشبكة الويب المظلمة دون الخوف من تتبع أفعالهم، أو كشف سجل المتصفح الخاص بهم.

ورُغْمَ ذلك التشابه؛ فإن هناك خدمات أخرى حصرية بتلك المواقع المظلمة، مثل خدمة مراقبة الجودة؛ خصوصًا أن كلا من المشترى والبائع شخص مجهول الهوية، ومعظمهم أشخاص خبراء فى القرصنة الإلكترونية، أى يمكن التلاعب فى التقييمات بكل سهولة، لكن مراقبة الجودة تضمن أن المنتج يصل بصورة سليمة إلى المشترى وأن يدفع المشترى المقابل المادى لتلك الخدمة.

أمّا سُبل الدفع؛ فيحتاج الإنترنت المظلم أساليب مختلفة فى تحويل الأموال، عن طريق حسابات أموال فى بنوك سرّيّة لا تصفَح عن هوية أصحابها مثل البنوك السويسرية وبنوك فى جُزر الكاريبى وما إلى ذلك من الدول، ومن أبرز طرُق الدفع على مواقع الدارك ويب هى «Neteller» و«Skrill».

ولكن مع ازدهار سوق العملات الرقمية المشفرة مثل «بيتكوين»، باتت هى العُملة الرسمية المتداولة فى جميع العمليات التجارية المبرمة عبر الإنترنت المظلم.

ولكن رُغْمَ أن معظم العمليات التجارية تجرى باستخدام العملات الرقمية المشفرة مثل «بيتكوين» وغيرها من العملات؛ فإنها أيضًا أوقعت أصحابَها فى مشاكل كبيرة مرتبطة بأمان تلك الأموال والعمليات التجارية، التى فى مجملها تكون غير مشروعة مثل تجارة الأسلحة والمخدرات والمعلومات الرقمية المقرصنة.

 الخطر الخفى

يمثل الإنترنت المظلم تهديدًا أمنيًّا للدول يصعب مواجهته، وقد برزت انعكاسات استخدامه فى العديد من النواحى، وأهم هذه النواحى، الأنشطة الإرهابية؛ حيث يعمل الإنترنت بشكل عام بمثابة وسيط تستخدمه التنظيمات الإرهابية فى تسهيل ممارسة نشاطاتها، وقد كان له الفضل الأول فى عالمية العديد من التنظيمات الإرهابية العالمية والتى قامت بتوظيفه فى الترويج والدعاية لأيديولوچياتها وعملياتها التى تقوم بها فى مختلف دول العالم، بالإضافة إلى تجنيد المقاتلين الجُدد، وجذب التمويلات النقدية، والتواصُل والتشبيك بين المقاتلين داخل التنظيم الواحد وبين التنظيمات الإرهابية وبعضها بعضًا.