الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تحذير أزهرى من « تريند الموت» دراسة أزهرية: التريند يستهدف اللعب على غريزة الفضول وحب المغامرة

«تريند الموت» مصطلح جديد أطلقه مرصد الأزهر العالمى عقب انتشار تريند «شريحة واحدة تكفى أن يسيل لها اللعاب».. يستهدف نشر تحدٍّ جديد انتشر على مواقع التواصُل الاجتماعى مؤخرًا، يتطلب تناوُل شريحة من أشد أنواع الفلفل حرارة فى العالم.



ووفقًا لرصد الأزهر لهذا التريند؛ فقد أثار فضول الأطفال والشباب المشاركة فى التجربة رُغْمَ خطورتها، بدليل أن الشركة المنتجة كتبت على العبوات عبارة: «هذا التحدى على مسئوليتك الشخصية»، بعبارة أخرى تدرك الشركة خطورة هذا التحدى، ولذلك تخاف من التعرض إلى المساءلة القانونية بسبب ما قد يحدث للمشاركين بعد تناوُل المنتج ، وقد اشترط تحدى (One Chip) أن ينشر المُشارك فيديو أو صورة على مواقع التواصل الاجتماعى، توضح تأثير المنتَج على تحوُّل لون اللسان إلى الأزرق فى ثوانٍ معدودة.

الأزهر اعتبر هذا الأسلوب الترويجى فصلاً جديدًا ضمن التحديات التى اتخذت لقب «التريند» لاستمالة عقول الأطفال والشباب حول العالم عبر اللعب على غريزة الفضول وعدم النضج الكافى.

أضاف إنه قد ظهر هذا التحدى للمرة الأولى عام 2008 ثم تكرّر الأمر عام 2021 والآن عاود الظهور على تطبيق «تيك توك»، وسط تحذيرات من مَخاطره؛ حيث أودى بحياة (80) شخصًا على الأقل جراء نقص الأكسچين الواصل إلى الدماغ بما يشبه الغرَق أو الإصابة بسكتة قلبية، ناهيك عن المشاكل الصحية الأخرى إذ إن انخفاض الأكسچين لأكثر من (3) دقائق كفيل بإتلاف الدماغ. وقد أصدرت المراكز المتخصّصة نشرة بالعلامات المصاحبة لذلك النوع من التحدى لتنبيه الأهالى شملت: الصداع الشديد، واحمرار العيون؛ حيث تكون مثل لون الدم، وظهور علامات على الرقبة.

ويمتاز تصميم علبة المنتج بتحفيز الخيال على خوض التحدى وتجربة الأثر الناتج لأنها تشبه التابوت وعليها رسم لجُمجُمة باللونين الأحمر والأسود، مذيلة بتحذير من أعراض تناول المنتج مثل: تغير لون اللسان، وصدمة للقناة الهضمية مصحوبة بآلام حادة فى المعدة، وردات فعل عصبية عنيفة، وتـأثيرات خطيرة على القلب. إلا أن الفضول دفع الكثيرين؛ خصوصًا فى الولايات المتحدة إلى قبول التحدّى، ما أدى إلى غياب الكثير من الطلاب عن المدارس نتيجة المرض. الأمر الذى دفع مدير مدرسة (لودى) الثانوية الأمريكية، إلى مخاطبة أولياء الأمور بأهمية التحدث مع أبنائهم عن خطورة هذا التحدى الذى انتشر فى بعض الولايات مثل: كاليفورنيا وتكساس وألاباما.

كذلك أصدرت ولايتا چورچيا وكولورادو تحذيرات مشابهة، لكن المؤسف هو انتقال عدوَى هذا التحدى إلى العديد من دول العالم والمنطقة مثل لبنان.

 الفضول والإثارة

وقال مرصد الأزهر: إن مسألة الفضول والإثارة هى التى تدفع بعض الأطفال والشباب إلى تجربة مثل هذه التحديات التى تظهر كل فترة، مصحوبة بعبارة: «هذا التحدى على مسئوليتك الشخصية»، والتى نجحت فى استثارة غريزة الفضول والمغامرة بين أوساط عمرية مُعينة.

أضاف إن إقبال الشباب على منصات التواصل الاجتماعى ساهم بشكل كبير فى انتشار الكثير من التحديات خلال السنوات الأخيرة، وأنه وفْق تحليل مؤسَّسة (جلوبال ويب إندكس) البحثية فى لندن، لبيانات (45) من أكبر دول العالم فى أسواق الإنترنت، فقد قضى الأطفال والشباب بين (16 - 24) عامًا، وقتًا أطول على شبكة الإنترنت مقارنة بالفئات الأخرى، بمعدل (180) دقيقة يوميًّا فى المتوسط خلال العام 2018.

ولفت إلى أن التقرير الذى نشرته فضائية (بى. بى. سى) البريطانية، يشير إلى العلاقة الطردية بين صغر السّن وارتفاع معدلات الإقبال على وسائل التواصل الاجتماعى، وأن مدمنى استخدام مواقع التواصل أكثر ميلاً لاستخدام كل ما هو جديد؛ خصوصًا فئة الشباب.

ووفق «آشلى وليامز» الباحثة فى كلية هارفارد للأعمال؛ فقد لوحظ تغيرات نفسية متفاوتة من حيث الحدة والوسطية على سلوكيات من يقضون وقتًا أطول على مواقع التواصل الاجتماعى، تنوعت ما بين الشعور بالتعاسة الذى يصل أحيانًا إلى الاكتئاب، وعمل حوادث وكذلك الموت، وهو ما يفسر إقبال الكثيرين منهم على تجربة كل ما هو جديد بغرض الخروج من حالة الحزن والاكتئاب، وإثبات جدارتهم فى الحياة بشكل معلن، دون التفكير فى المخاطر. 

 تحديات أخرى

مرصد الأزهر أثار الانتباه إلى أن تحدى (One Chip) ليس هو أول تحدٍ ينتشر عبر الشباب من خلال وسائل التواصل الاجتماعى وقد تؤدى إلى الوفاة، مثل تحدّى: (Dry Scooping) الذى شجع البعض على تناول مسحوق مكملات غذائية خام قبل التمارين الرياضية دون إذابته فى الماء، ويتسبب هذا التحدى الذى جذب الأطفال والشباب دون الـ (18) سنة، على تطبيق «تيك توك» فى ارتفاع فرص الإصابة بنوبة قلبية خطيرة لاحتوائه على جرعات كبيرة من الكافيين بخلاف تهيج الرئة ومشاكل بالجهاز الهضمى. كذلك يزيد تحدى (The Blackout) أو (التعتيم) من مخاطر التعرض للموت أو الإصابة بأمراض مزمنة؛ حيث يتطلب حبس المشارك أنفاسَه حتى يغيب عن الوعى.

وكانت «سارة بلات» البالغة من العمر (16) عامًا، قد قامت بتجربة أحد هذه التحديات الخطيرة بتحريض من أصدقائها، وقد تعرضت إلى السقوط فى أثناء التجربة ما تسبب بكسر ثلاث فقرات بالرقبة، وإصابات بالغة شفيت من أغلبها، ورُغْمَ مرور عامين على الحادث فلا تزال «سارة» تعانى من مضاعفات الإصابة والتى تركت أثرها فى «القلب» لتتعرض للإغماء كل فترة نتيجة لهذا التحدى.

وتساءل مرصد الأزهر قائلاً: لماذا تجذب تحديات وسائل التواصل الاجتماعى الأطفال وصغار السّن على الأخص؟ والحقيقة تستدعى الإجابة تسليط الضوء على طبيعة نمو دماغ الأطفال وصغار السّن؛ حيث ساد اعتقاد بنمو الدماغ بشكل كامل بوصول الطفل إلى سن البلوغ، لكن كشفت البحوث بعد ذلك أن دماغ المراهقين أكثر تعقيدًا مما يبدو الأمر.

استطرد: «إنه كان يعتقد أن اندفاع المراهقين وتصرفاتهم المتهورة فى بعض الأحيان مرتبط بالهورمونات فقط؛ لكن توصلت الأبحاث إلى حقيقة مفادها أن دماغ المراهقين أبعد ما يكون عن النضوج، وأن تطور بنيته يستمر معه حتى بلوغ مرحلة العشرينيات، فالعملية الخاصة بالتواصل بين مناطق الدماغ التى تقوم على التفاف مادة دهنية يطلق عليها (ميالين-Myelin) حول الخلايا العصبية ترافق تطور الدماغ عبر السنين، وهى تلعب دورًا مُهمًّا فى تعزيز قدرات التعلم الأساسية لدى الإنسان، وتبدأ تلك العملية من الجزء الخلفى بالدماغ، ثم تواصل عملها ونموها للجزء الأمامى، أى أن قشرة الفص الجبهى المسئولة عن صنع القرار والتخطيط وضبط النفس والانفعالات، هى آخر جزء فى مرحلة نضوج الدماغ، وذلك يفسر تأخر إشارات تنظيم العواطف لدى المراهقين التى لا تصل بسرعة كافية، كما يبين أيضًا أسباب انتشار السلوكيات الخطرة وحالة الاندفاع بين المراهقين وصغار السّن، والتى ترجع إلى عدم اكتمال القدرة على التفكير وضبط الانفعالات لديهم.

ولفت إلى أنه باختصار يمكن القول: إن عملية نضج قشرة الفص الجبهى، وهى جزء من الدماغ مسئولة عن التفكير العقلانى تمتد حتى منتصف العشرينيات، ما يعنى أن المراهقين وصغار السّن أكثر اندفاعًا، ونادرًا ما يفكرون قبل الإقدام على أى إجراء أو فعل مَهما بلغت خطورته. وقد ساهمت تحديات وسائل التواصل الاجتماعى، فى تفاقم المشكلة لأنها خلقت بيئة اندفاعية جاذبة للشباب وصغار السّن؛ خصوصًا مَن يخافون بالعادة فقدان تلك التحديات الفيروسية والتخلف عن زملائهم.

وشدد مرصد الأزهر أنه مع تزايد مخاطر هذا النوع من التريندات والذى يمكننا أن نطلق عليه: «تريند الموت» لخطورته وما يترتب عليه من مشاكل تترك ندبات صحية مزمنة، يتعين على الجهات المسئولة وفى المقدمة الأسرة- تعزيز دورها الرقابى والتوعى، وتزويد الأطفال وصغار السّن بمهارات أساسية، مثل التفكير العقلانى وتقييم المَخاطر، وهو ما يتطلب المتابعة الدقيقة لكل ما يُتداول على منصات التواصل الاجتماعى، واتباع مبدأ المناقشة الودية مع الأطفال والشباب فى توضيح مدى خطورة تلك التحديات، مع التنبه لأى علامات أو أعراض تطرأ على أجساد أبنائهم، فقد تكون مؤشرًا على ممارستهم لتلك التحديات خلال الفترات التى يكونون فيها بمفردهم أو بمرافقة بعض زملائهم وأصدقائهم خارج المنزل.