الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لم تتطرق لها الـ26 قمة السابقة مبادرات ومكاسب غير مسبوقة وقابلة للتنفيذ حققتها قمة المناخ بشرم الشيخ

ليس روعة التنظيم ولا دقة التخطيط وحدهما ما كانت محل إشادة وانبهار العالم كله خلال الفترة من 6 حتى 18 نوفمبر، حيث كانت بوصلة الأنظار موجهة ناحية مدينة السحر والجمال والسلام (شرم الشيخ) وفعاليات قمة المناخ، ولكن القضايا والمكاسب والمبادرات غير المسبوقة والتى لم تشهدها القمم الـ26 السابقة جعلت رؤساء العالم يرفعون (قبعة الاحترام والتقدير) لمصر وشعبها وقيادتها السياسية.



 مبادرات غير مسبوقة

وقد شهدت القمة رقم 27 العديد من المبادرات التى من شأنها حماية الكوكب وإنقاذه من تأثيرات التغيرات المناخية، فمن «الشراكة المتوسطية الزرقاء» التى تركز على نطاق دول البحر المتوسط وبيئاته البحرية، إلى مناقشة قضايا «النزوح المرتبط بالتغيرات المناخية»، بحث المشاركون ملفات عدة فى محاولة لتعزيز جهود حماية المناخ من التغيرات الخطيرة.

وخلال إحدى الجلسات حول النزوح المرتبط بالمناخ، أكد المتحدثون أن الفرص التى تتيحها القمة تأخذ بعين الاعتبار الأضرار الاقتصادية التى تنعكس على النازحين لأسباب تغير المناخ، وشددوا على أهمية المبادرات الدولية التى تشمل الدول المتضررة، كجزء من المساهمة المجتمعية للتعاون على حل انعكاسات أزمات المناخ على المؤشرات الاقتصادية، كالبطالة وارتفاع معدلات التضخم.

شراكة البحر المتوسط

كما أعلن كل من البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير، وبنك الاستثمار الأوروبى، والاتحاد من أجل المتوسط، عن إنشاء «شراكة البحر الأبيض المتوسط الزرقاء»، التى تهدف إلى دعم تنمية الاقتصاد الأزرق المستدام فى دول الجوار الجنوبى للاتحاد الأوروبى وفاء بالالتزامات التى تم التعهد بها على مستوى الاتحاد الأوروبى لإدماج الاقتصاد الأزرق بشكل كامل فيما يعرف بـ«الصفقة الخضراء».

 مبادرة الشرق الأوسط الأخضر 

وطرح ولى عهد المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان آل سعود، منذ بضعة أشهر فكرة عقد القمة الثانية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر هنا فى شرم الشيخ بالتزامن مع قمة المناخ وكإحدى فعالياتها، فلقد رأيت أنها ستعد فرصة مواتية لتسليط المزيد من الضوء على هذه المبادرة المهمة التى أتى إطلاقها منذ نحو عام من اليوم ليعالج أحد الجوانب الضرورية فى عمل المناخ فى عالمنا العربى وفى منطقة الشرق الأوسط، التى تعانى أكثر من غيرها من الآثار السلبية لتغير المناخ على جودة الأراضى الزراعية وخصوبة التربة، فضلًا عن الارتفاع المضطرد فى درجات الحرارة وندرة المياه والجفاف.

 مبادرة مخلفات إفريقيا 50 لعام 2050

وتم إطلاق مبادرة مخلفات إفريقيا 50 لعام 2050، وتهدف إلى زيادة معدل تدوير المخلفات الصلبة المنتجة فى إفريقيا إلى 50 % بحلول 2050، حيث تشير الأرقام إلى أن معدل التدوير يمثّل حاليًا 10 % فقط من نسبة المخلفات المتولدة، وتتيح المبادرة الفرصة للعمل بطريقة مبتكرة تقوم على إشراك القطاع الخاص وغير الرسمى، ومزيد من الإجراءات المنظمة مثل المسئولية الممتدة للمنتج.

 مبادرة الغذاء والزراعة

وهناك أيضًا مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة، التى تأتى تلبية لأهم تحديات عام 2022 وهو الأمن الغذائى، والمبادرة تعمل على مراعاة الاحتياجات الوطنية وبناء القدرات للقارة الإفريقية وإصلاح السياسات المتعلقة بالغذاء والزراعة، ومصادر التمويل اللازمة للتنفيذ وكيفية الوصول إليها.

 مبادرة النقل المستدام والتنقل الحضرى

كما تم إطلاق مبادرة النقل المستدام والتنقل الحضرى، وتتم بالمشاركة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومركز «سلوكات» SLOCAT الذى يركز على النقل الكهربائى لما له من دور كبير فى تخفيف الانبعاثات، ما يتطلب تصميم مسارات خضراء مجهزة للوصول إلى نقل حضرى منخفض الانبعاثات، وتقدم مصر نموذجًا عمليًا إلى العالم فى هذا الشأن خلال قمة المناخ، حيث تم تحويل كل وسائل النقل فى مدينة شرم الشيخ إلى العمل بالكهرباء والغاز الطبيعى.

 مبادرة التكيّف مع المياه

أما مبادرة التكيّف مع المياه، فتُعد مبادرة «العمل من أجل التكيف مع المياه والمرونة» واحدة من المبادرات التى ستُطرح خلال قمة المناخ والتى تركز على إجراءات الحفاظ على المياه والربط بين المياه وآثار تغير المناخ كما ستُطلق مبادرة التنوع البيولوجى التى ستركّز على الحلول القائمة على الطبيعة خاصة مع انعقاد مؤتمر الأطراف لاتفاقية التنوع البيولوجى cop15، وضرورة الربط بين تغير المناخ والتنوع البيولوجى.

 مبادرة شراكة شرم الشيخ 

وتم إطلاق مبادرة شراكة شرم الشيخ للحلول القائمة على الطبيعة، وتهدف إلى تسريع وتيرة العمل حول العالم على استعادة النظام البيئى وإدارته من منطلق الإنسانية المستدامة والتى تركز على الحلول القائمة على الطبيعة فى تعزيز قدرة البشر والنظام البيئى على مواجهة آثار تغير المناخ.

 مبادرة الانتقال العادل والميسر للطاقة لإفريقيا

وهناك أيضًا مبادرة الانتقال العادل والميسر للطاقة لإفريقيا، وقد أطلقت الحكومة المصرية برنامج «نوفى» الذى تم تصميمه ليربط بين الطاقة والغذاء والماء بهدف تلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد والذى يخدم البلدان والأجيال المقبلة والعملية التنموية، نظرًا لوجود قضية تغير المناخ فى قلب هذه القضايا، فلا بد من المشاركة الفعالة للإنسان والتعاون بين الجميع لإيجاد حلول لأزمات الغذاء وتوفير الإمدادات الغذائية والطاقة وحلول أيضًا لأكوام المخلفات بالدول المختلفة، والعمل على رفع الطموح ودعم عمليات التحول لدى دول بلدان القارة الإفريقية والبلدان النامية.

 مبادرة تغير المناخ والغذاء

وأيضًا تم إطلاق مبادرة تغير المناخ والغذاء، وصُممت مبادرة العمل المناخى والتغذية مع منظمة الصحة العالمية لتهدف إلى بناء أنظمة غذائية ميسورة التكلفة وصحية ومستدامة وأنظمة غذائية مقاومة للمناخ، حيث إن العالم بعد جائحة كورونا لن ينكر تأثير تغير المناخ فى عادات البشر وأنماط استهلاكهم التى تحتاج إلى تغيير من أجل مصلحة الأجيال المقبلة.

 مكاسب اقتصادية

وقد نجحت قمة المناخ في تحقيق العديد من المكاسب لمصر، فقد وقّعت مصر العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لإنشاء مشروعات لإنتاج الطاقة المتجددة من الرياح والشمس، إضافة إلى إقامة مصنع ضخم لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

وأطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى، برفقة رئيس وزراء النرويج، التشغيل التجريبى للمرحلة الأولى من مصنع الهيدروجين الأخضر بقدرة 100 ميجاوات، وذلك بالمنطقة الصناعية بالسخنة التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس؛ لإنتاج 15 ألف طن من الهيدروجين الأخضر كمادة وسيطة لإنتاج ما يصل إلى 90 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا.

 اتفاقيات الطاقة الجديدة

وقال الرئيس التنفيذى لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، محمد الخياط، إن نجاح الحكومة فى توقيع اتفاقيات عديدة لإنتاج الطاقة المتجددة بقمة المناخ يعكس قدرة الدولة على جذب الاستثمار الأجنبى المباشر، ورغبتها فى زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن ذلك يأتى فى ضوء تمتع مصر بمعدلات سطوع شمسى مرتفع، ومتوسط سرعات رياح يسمح بإنشاء مشروعات تساهم فى خفض كلفة إنتاج الطاقة الكهربائية بصفة عامة، والطاقة المتجددة بصفة خاصة، إضافة إلى دخولها كعامل مساعد لتحسين مستوى إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء.

 مشروعات طاقة الرياح

وقعت مصر على 3 اتفاقيات ومذكرات تفاهم لإنشاء 3 مشروعات كبرى لإنتاج الطاقة من الرياح بإجمالى قدرة 5 جيجاوات تمثل نحو نصف قدرات إنتاج الكهرباء البالغة 59.5 جيجاوات، وأكثر من 7 أضعاف القدرات الإجمالية من الطاقة المتجددة البالغة 3.5 جيجاوات، بحسب بيانات حكومية.

ووقعت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة أول مذكرة تفاهم مع شركة أكوا باور السعودية لإنشاء مزرعة رياح بقدرة 10 جيجاوات، فيما كانت الاتفاقية الثانية، مع تحالف يضم شركة انفينتى باور- وهى شركة مشتركة بين مصدر الإماراتية وانفينتى إنرجى - وشركة حسن علام للمرافق لإنشاء مزرعة رياح بقدرة 10 جيجاوات، وبذلك سيصبح لدى مصر اثنان من أكبر مزارع الرياح فى العالم، والثالثة مذكرة تفاهم مع شركة سكاتك النرويجية لإنشاء محطة بقدرة 5 جيجاوات.

ومن جانبها أعلنت شركة أكوا باور السعودية أنها وقعت مذكرة تفاهم مع الحكومة المصرية مؤخرًا لبناء محطة طاقة رياح بقدرة 10 جيجاوات، تبلغ تكلفتها نحو 10 مليارات دولار.

وقال محمد أبو نيان رئيس مجلس إدارة شركة أكوا باور السعودية إن المشروع الذى وقعته الشركة فى مصر لبناء محطة طاقة رياح بقدرة 10 جيجاوات، تبلغ تكلفته نحو 10 مليارات دولار.

 ثانى أكبر مزرعة رياح فى العالم 

وأعلنت الشركة السعودية عن توقيع مذكرة تفاهم مع الحكومة المصرية لإنشاء مزرعة رياح بقدرة 10 جيجاوات، والتى من المتوقع أن تكون ثانى أكبر مزرعة رياح فى العالم.

وأشار محمد الخياط، إلى التأثير الإيجابى لزيادة قدرات مصر من الطاقة الجديدة فى خفض انبعاثاتها من الكربون عبر تقليل الاعتماد على الوقود الأحفورى، مضيفًا أن الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة محوران أساسيان فى التعامل مع ظواهر تغير المناخ وخفض البصمة الكربونية.

ويسهم مشروع شركة مصدر الإماراتية لإنشاء محطة طاقة الرياح بقدرة 10 جيجاواط فى خفض انبعاثات مقدارها 23.8 مليون طن من ثانى أكسيد الكربون، ما يعادل 9 % من انبعاثات الكربون فى مصر، بالإضافة إلى توفير 5 مليارات دولار من تكاليف الغاز الطبيعى السنوية لإنتاج الكهرباء، بحسب بيان شركة مصدر الإماراتية. وتستهدف مصر زيادة قدرتها من إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة لتصل إلى 42 % من إجمالى احتياجاتها من الكهرباء بحلول عام 2035، وذلك من نسبة 20 % فى الوقت الحالى، بحسب بيانات وزارة الكهرباء.

 المنطقة الاقتصادية لقناة السويس

ووقعت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس 16 مذكرة تفاهم مع كبرى الشركات العالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، نتيجة لما تملكه من بنية تحتية تدعم تواجد هذه المشروعات، إضافة إلى امتلاكها 4 مناطق صناعية و6 موانئ بحرية تطل على البحرين الأبيض والمتوسط، حسب تصريحات رئيس الهيئة وليد جمال الدين.

وفى هذا السياق عدد تقرير لمؤسسة كارنيجى الأمريكية الرائدة فى مجال الأبحاث الاقتصادية والدبلوماسية الدولية، المكاسب الاقتصادية والسياسية لإستضافة مصر قمة المناخ كوب 27، فى مدينة شرم الشيخ.

وفى مستهل التقرير الذى يتصدر موقعها الإلكترونى قالت: «تأتى استضافة مصر لقمة كوب 27 فى وقت حرج للغاية على خلفية الوباء العالمى كورونا، وارتفاع أسعار الطاقة، والحرب فى أوكرانيا، والاضطرابات فى السلاسل الدولية للإمدادات الغذائية».

وبصفتها مضيفة تجد مصر نفسها من جديد على المسرح العالمى كصوت للجنوب، وخاصة أفريقيا، وتتطلع مصر إلى استعادة مكانتها الدولية والتأكيد على هويتها العربية والإفريقية، ووضع القاهرة كبانية للجسور بين الجنوب والشمال العالميين، كما تأخذ القاهرة زمام المبادرة فى قضية عالمية حرجة – تغير المناخ، مما يضع مصر فى قلب الدبلوماسية الدولية ليس فقط كممثل لإفريقيا والشرق الأوسط، ‏‏ولكن كممثل ‏‏للجنوب العالمي.