الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كيف صافح أحمد زكى جمال عبدالناصر على محطة القطار؟ "الحلقة الرابعة"

كعادتها دائمًا كانت «روزاليوسف»- ولاتزال- تستضيف على صفحاتها تاريخ الفنانين وحكاياتهم.. نستكشف من مسيرة العمر ومشواره قصص الكفاح والحب والأمل والصعود.. لأننا نؤمن أن تاريخ البلد ووجدان الشعب ما هو إلا محصلة أيام ويوميات وحكايات رموزه.



يصحبنا فى هذه السطور الكاتب الصحفى الكبير محمد توفيق فى رحلة ممتعة مع فتى الشاشة الأسمر عبر كتابه «أحمد زكى86».. ونتيح لحضراتكم فصلًا من حياته وأحد أهم أعوامه زخمًا وفنًا وتأثيرًا.

ونحن بنشر الكتاب على فصول نؤكد أن حكاية فنان بحجم أحمد زكى هى ملك لكل محبيه وجمهوره.. بحلوها ومرها.. بما حققه من إنجازات وبطولات.. وبكل ما قابله من خذلان.. لأنه رمز كبير وهذا قدر الكبار.

 

1

التقى أحمد زكى مع صلاح جاهين لأول مرة حين كان طالبًا بالفرقة الأولى بمعهد الفنون المسرحية، وذلك عندما ذهب للعمل فى مسرحية غنائية كتبها عبدالرحمن شوقى، وصاغ أشعارها صلاح جاهين.

ولهذه المسرحية قصة…

فحين جاء أحمد زكى من الزقازيق ليستقر فى القاهرة بحث عن سكن، لكنه لم يكن يملك المال الذى يجعله يشترى أو يؤجِّر شقة أو يؤجِّر حتى غرفة فى شقة أو فى فندق بلا نجوم.

وجلس على الرصيف يسأل نفسه: هل كُتب عليَّ أن أعيش متنقلًا بين البيوت؟ هل كُتب عليَّ أن أعيش غريبًا فى الزقازيق وغريبًا فى القاهرة؟ هل صار قَدَرى أن أكون غريبًا أربع سنوات قادمة فى معهد التمثيل؟ كيف سأكمل دراستى وأنا لا أملك قوت يومي؟

واهتدى أحمد لفكرة أن يذهب إلى أحد أقاربه فى القاهرة، ويسكن معهم، فقد اعتاد السكن مع الأقارب، رغم ألم هذا الشعور.

لكن ليس هناك بديل سوى الشارع، وظل السنة الأولى فى المعهد يسكن مع أقاربه، وظل يدرس، ويعمل فى أى وظيفة تتاح له حتى لا يضطر إلى أن يمد يده لأحد، لم يخجل من أى عمل أُتيح أمامه، وعندما وجد أمامه فرصة للعمل فى المسرح فَرِحَ، لكنه اكتشف أن مهمته أن يعمل كشّافًا- أى يدل الجمهور على مكانه فى القاعة.

وافق أحمد على العمل كشّافًا، فالنقود القليلة التى تكفى بالكاد أفضل من طلب المساعدة من الناس، فكرامته هى كل ممتلكاته، ودموعه ما زالت تغلبه حين يرقّ أحد لحاله.

لذلك اتّكأ أحمد على موهبته فقط، ودعمه ثلاثة من أساتذته بالمعهد هم: الدكتور رشاد رشدى الذى أعاد النظر فى قوانين المعهد التى تجعل من يرسب فى مادة يعيد السنة كاملة، وذلك بسبب رسوب أحمد فى مادة اللغة الإنجليزية، والدكتور على فهمى الذى كان يمنحه مصروفًا من جيبه محبةً ودعمًا له، والنجم كرم مطاوع الذى رآه امتدادًا له.

 

2

عاش أحمد السنة الأولى يحمل مرارة اليُتم بداخله، ويشعر بأنه تائه فى شوارع القاهرة، ويعانى من الفقر وقِلّة الحيلة، لكنه لم ييأس، بل ظل يحاول ويبحث عن أى فرصة للنجاة.

وفى أثناء عمل أحمد كشافًا فى المسرح، لاحت له فرصة صغيرة فى مسرحية استعراضية كبيرة يُخرجها الألمانى أرفيل لاستر، واسمها «القاهرة فى ألف عام»، وذلك بمناسبة مرور ألف عام على تأسيس مدينة القاهرة.

وأعلن المخرج عن حاجته لعدد كبير من طلاب معهد الفنون المسرحية ليشاركوا فى هذا العرض بأدوار صغيرة، وتقدم أحمد للاشتراك فى المسرحية، وتمت الموافقة عليه مع عدد كبير من زملائه بالمعهد من بينهم يونس شلبى. وفرح أحمد، واحتفل باختياره، وحاول فى البروفات أن يلفت نظر المخرج الألمانى، لعله يمنحه مساحة أكبر قليلًا، وبالفعل أُعجب به الألمانى لاستر؛ لكنه فى تلك اللحظة كان مشغولًا بالبحث عن بطل للمسرحية الذى يمثل دور صحفى يمر على كل العصور، ويرى القاهرة فى ألف عام…

وجلس المخرج مع عدد كبير من النجوم، ولم يشعر أن أحدًا منهم يعبّر عمّا يريده، وفى الوقت نفسه يرى أن هناك من الطلبة مَن هم أفضل من الممثلين المحترفين.

وفجأة قرر المخرج أن يمنح دور البطولة للطالب بالفرقة الأولى بالمعهد أحمد زكى، وأبلغه بذلك، فطار أحمد فرحًا، ولم يصدق أن حياته ستتحول فى لحظة، وسينتقل من مقاعد الكومبارس إلى البطولة فى أيامه الأولى على المسرح.

وأبلغ المخرج الألمانى قراره لـصلاح جاهين ليعرف رأيه، فتحمس جاهين للشاب الجديد من اللحظة الأولى، وبدأ يتابعه فى البروفات، ويُثنى على أدائه، وقرر أن يتبنى موهبته.

لكن للأسف الفرحة لم تتم، فبمجرد أن نقل المخرج الألمانى رؤيته لمدير مسرح «البالون» الفنان سعيد أبو بكر رفض هذا الاختيار، وقال: «كيف أعطى البطولة لطالب فى سنة أولى بالمعهد فى عرض بهذا الحجم... الناس هتقول إننا مش لاقيين ممثلين... وكمان ده لسه عضمه طري»، واستدعى أبو بكر الفنان الشاب سعيد صالح ليقوم ببطولة تلك المسرحية الاستعراضية.

وعلم أحمد بما جرى، وشعر أن القاهرة قاسية عليه، لكنه تلقى الصدمة بثبات قدر استطاعته، وحاول أن يتجاوزها حتى لا يتم استبعاده من العرض، ويجد نفسه مرة أخرى يبحث عن عمل خارج المسرح.

لكن التماسك لم يمنعه من البكاء فى الكواليس، لكنه وجد يدًا حانية تربت على كتفه، وتشدّ من أزره، فنظر إلى جواره فوجد صلاح جاهين، ومنذ ذلك اليوم أصبح صلاح جاهين أقرب الأحياء إلى قلب أحمد زكى.

واصطحب جاهين، أحمد معه إلى بيته، وظل يتحدث معه ساعات طويلة، وعرف أنه يتيم، جاء من الزقازيق ويعيش فى القاهرة وحده، فقرر أن يتبناه فنيًّا وإنسانيًّا، ويمنحه مساحة أكبر من التى منحها لمن تبنى مواهبهم معه. وحاول جاهين أن يبدِّد خوف أحمد من الناس، وحقق له نوعًا من التوازن النفسى، وقال له: «أنت حتكون كويس»، فشعر أحمد معه بالأمان الذى افتقده منذ ولادته.

وصار أحمد لا يتحرك إلا بمشورة جاهين؛ فحين عرض المخرج الألمانى على أحمد السفر إلى برلين ليدرس ويعيش هناك ويصير ممثلًا ألمانيًّا من أصول مصرية، فرح أحمد بالعرض ووافق على السفر، لكن جاهين رفض، وقال له: «يجب أن تكمل دراستك هنا.. وتعيش هنا.. ومستقبلك هنا».

ورضخ أحمد لقرار جاهين، ورفض برلين وبقى فى القاهرة. واقترب أحمد أكثر من عالم جاهين وعاش معه وجلس إلى جواره طويلًا وهو يكتب الأشعار والأغانى ويرسم الكاريكاتير اليومى فى «الأهرام».

 

3

وفى صيف 1969 تم الإعلان فى الصحف عن أكبر استعراض غنائى راقص على مسرح «البالون» تقوم به الفرقة الاستعراضية الغنائية ويشارك فى بطولته سعيد صالح وصفاء أبو السعود، وأدى أحمد ثمانية أدوار مختلفة داخل العرض، ولكنها كانت صغيرة، ولا يتكلم فيها سوى كلمات قليلة تجعل مَن يشاهد العرض لا يلتفت إليه وسط العدد الكبير من الممثلين الذين تمتلئ بهم خشبة المسرح.

وظلت المسرحية تُعرض لشهور، وصفّق لها الجمهور، وأشاد بها النقاد، ورعتها وزارة الثقافة، وحصل أحمد منها على أجر شهرى قدره 25 جنيهًا جعله يسدد ديونه لعامل البوفيه الذى أطلق عليه لقب وزير التموين!

وفى أثناء عرض المسرحية ذهب لمشاهدتها كبار الفنانين، ومن بينهم النجم عبدالمنعم مدبولى والمخرج سعد أردش، وكلاهما جاء ليبحث عن وجوه جديدة يقدمها فى مسرحية جديدة بطلها مدبولى ويُخرجها أردش اسمها «هاللو شلبي»، ويشارك فى بطولتها سعيد صالح.

وجلس مدبولى وأردش إلى جوار صلاح جاهين الذى أشار لهما إلى الشاب أحمد زكى. وبعد انتهاء العرض أخبر مدبولى، أحمد بأنه يريده أن يقوم بدور صغير فى مسرحية جديدة. وافق أحمد دون أن يعرف أى تفاصيل، فليس المهم حجم الدور أو المقابل المادى، لكن الأهم هو الوجود وتوالى الفرص، أو بمعنى أدق أنصاف الفرص.

وبدأ أحمد بروفات المسرحية، ولم يكن الدور سوى جرسون يَهْوَى التمثيل، ولكنه لفت نظر مدبولى وجعله يضحك بقدرته على تقليد الممثلين الكبار أمثال يوسف وهبى ومحمود المليجى وحسن البارودى، وغيرهم.

وخلال عرض المسرحية تفاعل الجمهور مع الممثل المغمور، وصارت ضحكات الجمهور العالية وتصفيقهم الحاد فى أثناء تقليد أحمد للفنانين بمثابة جواز مرور نحو الشهرة ونحو زيادة مساحة الدور كل يوم.

وكانت تلك المرة الأولى التى يسمع فيها أحمد صوت تصفيق الجمهور له على مسرح كبير.

4

فى تلك اللحظة لم يكن لأحمد أصدقاء فى القاهرة سوى صلاح جاهين. يخرج من المعهد ويذهب إليه فى بيته، فصار جاهين هو الأب والأخ والصديق.

لم يكن أحمد يثق بأحد بسهولة، ولم يشعر أن له صديقًا يمكن أن يحكى له كل شيء دون قلق أو حذر سوى جاهين…

فكلما كانت تضيق الدنيا بأحمد يذهب إلى بيت جاهين ليحكى، وأحيانًا ليبكى، وفى الحالتين كان يجد جاهين مستعدًا لاستقباله، والتخفيف عنه، وتحويل الدموع إلى ضحكات، والآهات إلى قهقهات عالية يسمعها مَن يسير فى شوارع المهندسين.

لذلك حين قررت محافظة الشرقية أن تقوم بتكريم أحمد زكى، وتخصِّص أسبوعًا لعرض أفلامه، طلب أحمد من جاهين أن يصحبه فى تلك الرحلة، ويومها روى صلاح جزءًا من علاقته بأحمد منذ كان طالبًا فى السنة الأولى بمعهد الفنون المسرحية.

رأى جاهين أحمد فى كل أحواله؛ وهو يعانى، ويبكى، ويفرح، ويشكو، ويصرخ، ويرقص، ويفكر فى الانتحار، لكنه كان يحتويه، ويطمئنه أن المستقبل له لا لغيره، وأنها مسألة وقت لا أكثر حتى يعرف الجميع قدْره ويؤمنوا بقدراته.

كان بيت جاهين بمثابة العيادة النفسية لأحمد، تلك العيادة التى لا تحتاج إلى مواعيد، فبإمكانك أن تذهب إليها فى أى وقت، ولا تدفع كشفًا عند دخولك، ولا تنتظر دورك، ومن المؤكد أنك ستجد طبيبًا نفسيًّا، وفى الوقت ذاته جرّاحًا ماهرًا فى أمراض القلب ينتزع موطن الألم دون أن يستخدم المشرط والمُخدر، ويجعلك تخرج من عيادته كأنك وُلدت من جديد، ولا تملك سوى أن تُقبِّل رأسه، كأنه أبوك الذى يداوى جُرحك ولا ينتظر شكرك.

هكذا كان جاهين فى عين وقلب أحمد، فرغم مرارة الإحساس بعد توالى الأزمات فإن جاهين لم ينظر إليه نظرة شفقة أبدًا؛ بل كان ينظر إليه كأب ينظر إلى ابنه، ويَعِده بأن سيكون أفضل وأشهر منه.

وأحيانًا كان يترك جاهين مقعد الأب ويجلس على مقعد الصديق، يناقش أحمد كأنه فى مثل عمره، ويسمح له بأن يخالفه الرأى، ويثبت صحة وجهة نظره، وإذا لم تسمح الظروف بأن يلتقيا وجهًا لوجه، كانا يتحدثان فى التليفون بالساعات، ويحكى له أحمد كل ما حدث له…

ظل أحمد يبحث عن الأب طويلًا لكنه لم يجده إلا فى صلاح جاهين، وقبله فى جمال عبدالناصر.

فحين قامت ثورة يوليو 1952، ورأى أحمد صورة عبدالناصر لأول مرة، ثم سمع صوته فى الإذاعة، تعلق به، وشعر أنه أبوه، لذلك حين علم أن جمال سيمرّ بالقطار على محطة الزقازيق وقف ينتظره مع الآلاف من أبناء المدينة.

خمس ساعات جلسها أحمد بالقرب من القضبان فى انتظار جمال، رغم أنه كان يعلم أن اللقاء لن يستمر سوى ثوانٍ معدودة، وبعد خمس ساعات شعر أحمد بالجوع والعطش، فذهب يبحث عن ساندويتش فول وشَربة ماء، وحينما عاد لم يستطع أن يخترق الحشود التى قطعت الطريق إلى القطار لترى جمال عبدالناصر.

فصعد أحمد أعلى عمود النور، وجلس عليه ليرى جمال بوضوح، وحين اقترب القطار من المحطة قفز على الأرض، وجرى نحو القطار حتى التقت عيناه مع عينى عبدالناصر وحاول أن يصافحه، لكنه بالكاد لمس يده، وقد تحقق له ما أراد ليشعر أنه قد لمس يد والده، وفرح أحمد حتى كاد يُقبّل يده التى لمسها جمال عبدالناصر، لذلك حين مات جمال شعر أحمد باليُتم، وظل لمدة أربعة أيام بلا نوم حتى سقط مغشيًّا عليه، ولم يهوِّن على أحمد فراق جمال سوى جاهين مثلما هوّن عليه يوم فراقه عن زوجته هالة.

صفحة من كتاب الحب

5

طرقت هالة باب غرفة أحمد فى المستشفى فأيقظته من أحلام اليقظة، وحين دخلت استأذنته أن تعود إلى القاهرة، فقد مرّ على وجودها فى لندن أكثر من خمسة عشر يومًا بعيدًا عن هيثم.

ولم يكن هذا هو السبب الوحيد، فقد أرسل إليها ممدوح الليثى مدير أفلام التليفزيون أكثر من إنذار لها بسبب تعطيلها مسلسل «القصاص» الذى سيتم عرضه فى شهر رمضان، ويشارك فى بطولته ممدوح عبدالعليم، ودلال عبدالعزيز.

وقبل أن تودع هالة، أحمد أخرجت من حقيبتها مجموعة من الصور الملونة لابنهما، وفرح بالصور كأن هيثم قد حضر إلى لندن ويجلس معه فى الغرفة.

الصور التى تركتها هالة صارت رفيقة رحلة الألم وتأثيرها أكبر من كل الأدوية التى أعطاها الأطباء لأحمد، بل كانت مُسكنًا لم يصل الأطباء لمثله قط، فبنظرة واحدة إلى الصور تعود الابتسامة على شفاه أحمد.

لكن أحمد لم يكتفِ بالصور، فقد طلب من هالة أن تتصل به يوميًّا ليسمع صوت هيثم، حتى يشعر أنه يراه صوتًا وصورة، وفور عودتها إلى القاهرة فعلت هالة ما طلبه منها.

وأصبح أحمد بمجرد أن يسمع صوت هيثم عبر الهاتف ويرى صورته أمامه تزول آلامه تمامًا ويشعر أنه بإمكانه أن يعود إلى القاهرة سيرًا على الأقدام، وحتى بعد أن يضع سماعة الهاتف يظل صوت هيثم يتردد فى أذن أبيه، كأن صوته غنوة يتردد صداها فى الآفاق، ويظل نغمها فى الأذن.

6

عادت هالة إلى القاهرة، ووجدت أن سيلًا من الشائعات فى انتظارها.

لم يصدق غالبية الناس أن هالة سافرت لتدعم أحمد فى رحلة المرض دون غرض، ونشر بعض المجلات الفنية أخبارًا كثيرة تؤكد أن أحمد وهالة فى طريق العودة فى علاقتهما مرة أخرى.

وصارت نظرات بعض الزملاء لهالة وتهنئتهم لها بعودتها إلى أحمد بمثابة استفزاز لمشاعرها لا تتحمله، فلم تطرح هى أو يطرح أحمد أى شيء عن العودة، ولم يكن هناك أى هدف من سفرها سوى دعم والد ابنها فى محنته، ومساندة رجل كان زوجها، وليس له أحد فى هذه الدنيا يمكن أن يطمئن عليه ويكون إلى جانبه فى رحلة المرض سوى أم ابنه.

وغضبت هالة من كثرة ملاحقة الصحفيين لها بهذا السؤال، وأجابت حينًا وامتنعت عن الجواب أحيانًا أخرى، وطلبت من الصحفيين أن يهتموا بأعمالها الفنية ويسألوها عن فيلمها القادم وألا يتدخلوا فى حياتها الخاصة التى لا تخصّ أحدًا سواها.

ورغم أنها رفضت الحديث تمامًا عن حياتها الخاصة فإنها فوجئت بمن يختلق وقائع لم تحدث وينشر على لسانها ما لم تتفوه به.

وحاصرت الأسئلة هالة، فاضطرت إلى أن تردّ قاطعة: «لا توجد أى نية للعودة... ولو أن أحمد مكانى لتصرف معى بمثل ما تصرفت معه، وربما كان قد فعل أكثر مما فعلت».

ورغم الحسم الذى قطعت به هالة الطريق على أى أحد يتحدث فى قصة عودتها إلى أحمد فإن الصحف والمجلات ظلت تسأل: هل تعود الحياة بينهما؟ هل يلتقيان فى عمل فنى قريب؟ هل تصالحا فى لندن؟

حاولت هالة أن تتجاهل ما تكتبه الصحف عن عودتها لأحمد، وظلت تتصل به يوميًّا وتطمئن عليه، ثم تعطى السماعة لابنهما هيثم ليسمع منه أحمد كلمة «بابا».

لم تكتفِ الصحف بذلك، بل اتصل أحد الصحفيين بأحمد فى المستشفى ليسأله عن قصة عودته لهالة، ورد أحمد عليه حاسمًا: «هالة إنسانة عظيمة، وما فعلته هالة معى ليس غريبًا على كل مَن عرفها عن قرب، وزيارتها لى بصحبة والدها زيارة إنسانية فقط، فهى أُم ابنى، وستظل كذلك، ويجمعنا، وسيجمعنا الحديث عنه، وعن مستقبله دائمًا، لكن لا نية للعودة».

رغم الحسم الذى تحدث به أحمد، وسبقته إليه هالة فإن الصحف نشرت تفاصيل فيلم جديد يجمع بين أحمد زكى وهالة فؤاد اسمه «صفحة من كتاب الحب» كتب قصته محمود الطوخى، وتقوم بإنتاجه الفنانة خيرية أحمد!