الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أوروبا التى كانت ولن تعود! اليمين يتمدد فى أوروبا ومخاوف من تعمق الانقسامات

أصبح المصير الأوروبى مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بنتائج الحرب الروسية – الأوكرانية ونتائج الانتخابات الداخلية التى أدت مؤخرًا إلى فوز اليمين المتطرف حتى إنه تصدر استطلاعات الرأى فى عديد من الدول الأوروبية. كل هذه النتائج تشير بشدة إلى تراجع أوروبا كقوة عظمى ومتقدمة، فهناك مخاوف من الانقسامات بين المجتمعات الأوروبية، كما تعانى بعض الدول من ظروف بائسة بسبب الاضطرابات الاقتصادية وأزمة الطاقة.



أوروبا التى كانت ولن تعود ليس مجرد عنوان، بل واقع تعيشه المجتمعات الأوروبية فى ظل نظرة قاتمة لا تنذر بمستقبل مشرق.  

جدل كبير فى أوروبا بعد سيطرة الأحزاب اليمينية المتطرفة خاصة أنهم من أبرز المشككين فى الاتحاد الأوروبى ويرفضون بشكل تام سياسات الهجرة منذ أزمة اللاجئين التى تفجرت فى عام 2015.

وتم توطيد أحزاب اليمين المتطرف فى القارة الأوروبية بأكملها تقريبًا، على الرغم من أنها قريبة جدًا من مواقع السلطة فى جميع البلدان.

يأتى ذلك فى ظل تصاعد الأحزاب اليمينية فى القارة العجوز من السويد شمالاً حتى إيطاليا جنوباً، ما يثير تساؤلات حول أسباب ذلك التمدد وتداعياته، خصوصاً على المهاجرين ذوى الأصول غير الأوروبية وسياسات الهجرة، والتوقعات بشأن استمراره.

وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» فإنه من الصعب وضع تعريف محدد لليمين المتطرف، لكن السمة الرئيسية للجماعات والأحزاب المنضوية فى إطاره، هى الخطاب الذى يتحدث باستمرار عن وجود تهديد عرقى أو ثقافى ضد مجموعة «أصلية» من قبل مجموعات تعتبر دخيلة على المجتمع، وضرورة الحفاظ على الهوية الوطنية، بالتالى معارضة اليمين المتطرف للهجرة. كما تشترك فى رفض فكرة التنوع الثقافى، وغالباً ما يعتبرون أنفسهم مدافعين عن الدين (المسيحى مثلاً فى أوروبا)، فى مواجهة الأديان الأخرى مثل الإسلام واليهودية، رغم أن بابا الفاتيكان البابا فرانسيس دائماً ما يتحدث عن قيم التسامح وتقديم المساعدة للاجئين.

إخوة إيطاليا

يعد فوز تحالف يمينى متطرف فى الانتخابات الأخيرة فى إيطاليا بمثابة وصول التطرف إلى حكومة واحدة من أهم الدول فى أوروبا، حيث أصبحت جيورجيا ميلونى، الزعيمة المتشككة فى الاتحاد الأوروبى لحزب إخوة إيطاليا، والتى تبرئ الديكتاتور بينيتو موسولينى، رئيسًا للوزراء فى إيطاليا لتصبح أيضا أول امرأة تصل إلى هذا المنصب فى البلد الأوروبى.

ومع شعار «الله، البلد والعائلة»، قادت ميلونى، 45 عامًا، حملة قائمة على التشكك فى أوروبا - أى رفض الاتحاد الأوروبى - وسياسات مناهضة للهجرة، كما اقترحت الحد من حقوق مجتمعية مثل الإجهاض.

وتعود جذور حزب «إخوة إيطاليا» إلى حركة ما بعد الفاشية التى أسسها أنصار بينيتو موسولينى، وقد أشادت ميلونى نفسها بالديكتاتور فى بداية حياتها السياسية.

وحقق الحزب قفزة هائلة بالحصول على نحو ربع أصوات الناخبين، ارتفاعاً من 4.5 فى المائة خلال انتخابات عام 2018، وتحالف مع حزب «الرابطة» اليمينى المتطرف بقيادة ماتيو سالفينى و«فورزا إيطاليا» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكونى، الذين حصدا 9 و8 فى المائة من الأصوات على التوالى، فى مقابل 17 و14 فى المائة عام 2018، وكان الرابط بين الأحزاب الثلاثة هو الخطاب الداعى إلى كبح تدفق المهاجرين وتقليل الضرائب.

حصل إخوة إيطاليا، بقيادة ميلونى، على 26 % فى الوقت الحالى من الأصوات فى الانتخابات العامة وحقق حلفاؤها الرئيسيون، حزب الرابطة بقيادة ماتيو سالفينى، وفورزا إيطاليا بقيادة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكونى، 9 % و8 % على التوالى.

بهذه الأرقام، كان ائتلاف اليمين المتطرف فى طريقه للحصول على 44 % من الأصوات، وبالتالى تمكن من تعيين رئيس الوزراء المستقبلى، وهو نجاح كبير خاصة لميلونى، التى حصل حزبه على 4.5 % فقط من الأصوات فى الانتخابات السابقة فى عام 2018.

البديل لأجل ألمانيا

حقق حزب البديل لأجل ألمانيا اليمينى المتطرف قفزة كبيرة فى استطلاعات الرأى فى ولاية براندنبورج الألمانية المجاورة لبرلين.

ويرى الخبراء أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية كانت دافعًا أساسيًا لاختيار اليمين المتطرف خاصة مع زيادة الديون وارتفاع الضرائب وزيادة نسبة البطالة.

ديمقراطيو السويد

فى بداية سبتمبر تفاجأ الديمقراطيون السويديون بأنهم أصبحوا الأقلية الثانية فى البلاد بعد نتائجهم الجيدة فى الانتخابات العامة، وذلك بعد فوز حزب «ديمقراطيو السويد» اليمينى المتطرف بمكاسب هائلة وأصبح ثانى أكبر حزب سياسى فى البلاد، وأكبر الأحزاب اليمينية فى البلاد.

ارتفعت شعبيته، مثلها مثل العديد من القوى اليمينية المتطرفة الأخرى فى أوروبا، بعد أزمة المهاجرين عام 2015، عندما قررت عدة دول أوروبية - بما فى ذلك السويد - فتح أبوابها أمام اللاجئين الفارين من الحروب فى سوريا واليمن. التوترات.

وكما ارتبط «إخوة إيطاليا» بالفاشية، نشأ حزب الديمقراطيين القومى فى السويد تحت عباءة حركة النازية الجديدة فى ثمانينيات القرن الماضى، وظل لفترة طويلة حزباً هامشياً إلى أن استطاع دخول البرلمان بفوزه بـ5.7 فى المائة من الأصوات عام 2010، ثم ارتفعت النسبة إلى 17.5 فى المائة عام 2018، وفازوا فى الانتخابات الأخيرة بنحو ربع الأصوات.

الجبهة الوطنية فى فرنسا

خلف انتصارات إيمانويل ماكرون فى انتخابات 2017 و2022 الرئاسية فى فرنسا، يظهر ظل اليمين المتطرف مارين لوبان من الجبهة الوطنية، التى وصلت إلى الجولة الثانية فى المرتين.

وفازت لوبان بنسبة 34 % من الأصوات فى عام 2017 (مقارنة بـ 66٪ لماكرون)، وارتفعت إلى 41 % فى عام 2022 (مقارنة بـ 59 % لماكرون)، مما عزز موقعها كبديل وقلص الفجوة.

وفى الوقت الحالى، تعتبر لوبان، 53 عامًا، عضوا فى الجمعية الوطنية الفرنسية لكاليه، المدينة الساحلية التى تواجه المملكة المتحدة حيث يتركز المهاجرون المتجهون إلى بريطانيا.

كما تعارض لوبان الهجرة - وخاصة تأثير الإسلام فى فرنسا - وهى متشككة فى أوروبا وتدافع عن القومية الاقتصادية، قائلة إنها تمثل الطبقات العاملة الفرنسية التى عانت نتيجة العولمة والتقدم التكنولوجى.

كما أنها كانت معجبًا صريحًا ببوتين، وتعارض بشدة حلف الناتو، الذى تعد فرنسا أحد أركانه.

فوكس الإسباني

يعد حزب فوكس Vox، الذى لديه أجندة مرتبطة باليمين المتطرف، هو حاليًا القوة الثالثة فى مجلس النواب، مع 52 مقعدًا.

الحرية النمساوى

وفى النمسا، يعتبر حزب الحرية النمساوى (FPÖ) رابع أكبر قوة، حيث يضم 30 مقعدًا، لكن شعبيته آخذة فى التراجع، وفى الانتخابات الأخيرة حصل على 17.3 %  من الأصوات، بينما حصل فى 2017 على 26 % ومساحة فى الائتلاف الحكومى الذى حل لاحقًا فى 2019.

فيدس فى المجر

 منذ عام 2010، بنى رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، قاعدة قوة بفضل فبيعتها، حوّل أوربان وحزبه فيدس انتباههم إلى أعضاء مجتمع المثليين: فى الانتخابات العامة فى أبريل، أجرت حكومته أيضًا استفتاءً مثيرًا للجدل لحظر تعليم التوجه الجنسى فى المدارس، وهو إجراء نظرت فيه بعض القطاعات على أنها  تمييزية.

كانت العلاقات بين بودابست وبروكسل، فى هذا السياق، متوترة للغاية. فى فبراير حيث  فتحت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبى الطريق لتقييد إرسال الأموال إلى المجر لعدم امتثالها للمعايير الأوروبية، لا سيما من خلال فرض ضوابط سياسية على النظام القضائى والإعلام وتقييد الحقوق الأساسية.