الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مصير المملكة يتحدد بعد أسبوع دربكة اقتصادية ببريطانيا.. استقالة «تراس» تشعل الأوضاع داخليا

تخبط اقتصادى غير مسبوق تمر به المملكة المتحدة بعد أن أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا ليز تراس استقالتها من منصبها بعد 6 أسابيع من توليها مهام منصبها .



وأكدت تراس فى كلمتها أنه ستكون هناك انتخابات للقيادة فى غضون أسبوع. وقالت ليز تراس: «توليت العمل فى وقت تعانى فيه البلاد من مشكلات كثيرة، والعمال قلقون من كيفية دفع الفواتير، والحرب «الروسية-الأوكرانية» تهدد أمننا القومى،  وسط كل هذا تم انتخابى خلال تلك الفترة الصعبة، وتعطلت البلاد لفترة طويلة بسبب النمو الاقتصادى المنخفض».  وأضافت تراس: «تحدثت مع الملك تشارلز لإخطاره باستقالتى، واتفقت على إجراء تصويت، وسأظل أعمل كرئيسة للوزراء حتى يتم اختيار ممثل آخر للحزب». وقالت إن حكومتها «دفعت فواتير الطاقة»، بالإضافة إلى ضرائب منخفضة النمو.

كانت رئيسة الوزراء البريطانية، ليز ترَاس، قد أعلنت الأسبوع الماضى عن تراجع كبير آخر فى ميزانيتها المصغّرة القائمة على خفض الضرائب التى كُشف عنها الشهر الماضى، وأحدثت اضطرابات فى الأسواق، فتعهّدت برفع ضرائب الشركات.

وبعد ساعات على إقالة وزير الخزانة وتعيين جيرمى هانت خلفا له، وإعلانها «الحاجة للتحرّك الآن لطمأنة الأسواق»، قالت تراس خلال مؤتمر صحفى: «قررت الإبقاء على زيادة ضرائب الشركات التى خططت لها الحكومة السابقة»، مؤكدة فى الوقت ذاته أنها «عازمة تمامًا» على تطبيق خطة النمو الاقتصادى.

وأشارت إلى أنّ إنفاق الحكومة البريطانية سيرتفع بوتيرة أقل مما كان مقررًا فى السابق فى إطار مسعى لخفض الديون كحصة من الاقتصاد على المدى المتوسط.

وأكدت أنّها عملت لتحقيق النمو فى البلاد، وتسعى لتحقيق الاستقرار الاقتصادى، مضيفة: «سنمر من هذه العاصفة وسيكون هناك نمو يحقق الرفاه الاقتصادى لبلدنا»، مؤكدة التزامها بـ«تنفيذ الوعود التى قطعتها للبريطانيين».

وأشارت إلى أنها كلفت جيريمى هانت بتولى وزارة الخزانة، وهو مرشّح سابق لرئاسة الحزب المحافظ، بدلًا من كواسى كوارتنج الذى أقالته.

خطط مسبقة للاستبدال

موقف تراس أتى بعد أن كشفت صحيفة «ذا تايمز» أن كبار أعضاء حزب «المحافظين» البريطانى يجرون الآن محادثات بشأن استبدال رئيسة الوزراء ليز تراس بـ«مرشح وحدة» جديد فى اتفاق ربما يضم وزير المالية البريطانى السابق وعضو البرلمان ريشى سوناك، ورئيسة مجلس العموم البريطانى بينى موردونت، بشكل مشترك.

 وقالت «ذا تايمز» إنه من المتوقع أن تقوم تراس بالإعلان عن ما وصفته بـ«خفض مهين» لضرائب الشركات فى محاولة لتهدئة الأسواق وإنهاء التمرد المتصاعد، ومع ذلك، فإن الشكوك أدت لزيادة المخاوف من أن رئيسة الوزراء لن تكون قادرة على إنقاذ منصبها، لا سيما فى أعقاب الاجتماع العاصف الذى عقدته مع لجنة «1922» التى تشرف على انتخابات قيادة حزب «المحافظين».

 وذكرت الصحيفة أن كبار أعضاء الحزب يجرون الآن مناقشات بشأن استبدال تراس، بعد أسابيع فقط من اختيارها رابع زعيمة محافظة للبلاد خلال 6 سنوات.

ووجدت استطلاعات رأى أجرتها شركة «يوجوف» البريطانية بتكليف من «ذا تايمز» أن ما يقرب من نصف أولئك الذين صوّتوا لحزب المحافظين فى الانتخابات الأخيرة يريدون من نواب الحزب إقصاء تراس.

 وقال %62 من الذين صوتوا إن أعضاء الحزب اتخذوا القرار الخاطئ فى التصويت على اختيار الزعيم، وطالب %43 الحزب بتنصيب رئيس وزراء جديد، فيما عارض %29 منهم هذه الخطوة.

 وفى الاستطلاعات التى جرت بين عامة الناس، أعرب %50 من المشاركين عن رغبتهم فى الإطاحة برئيسة الوزراء، فيما رأى %9 فقط منهم أن المحافظين اختاروا «القائد المناسب».

 ولفتت الصحيفة إلى أن النواب يتوقعون أن يحظى اتفاق بين سوناك، الذى خسر أمام تراس فى انتخابات زعامة الحزب، وموردونت، التى احتلت المركز الثالث فى هذه الانتخابات، بدعم الأغلبية الساحقة من نواب المحافظين.

ووفقًا للصحيفة، فإن نحو 20 إلى 30 وزيرًا بريطانيًا سابقًا وأعضاء بارزين فى مجلس النواب يسعون لإيجاد طريقة لتشكيل «مجلس حكماء» لإبلاغ تراس بأن عليها الاستقالة. ويقول وزير بريطانى سابق إن «المحادثات حول الأمر باتت تتصاعد».

ونقلت الصحيفة عن نائب بريطانى،  لم تكشف عن هويته، قوله: «يجب على مؤيدى ريشى وموردونت وأنصار تراس العقلاء، الذين يدركون أنها تمثل كارثة، الجلوس معًا والتوصل لمرشح وحدة، وذلك إما من خلال أن يصبح ريشى رئيسًا للوزراء مع بينى نائبة له ووزيرة لخارجيته، أو أن تكون الأخيرة رئيسة للوزراء وريشى مستشارًا لها، وأن يعد كل منهما بقيادة حكومة تضم جميع المواهب، وهو الأمر الذى سيدعمه معظم النواب».

فيما توقع أحد أعضاء البرلمان من حزب المحافظين، والذى أيّد تراس طوال انتخابات زعامة الحزب، أنه سيتم الإطاحة بها بحلول «عيد الميلاد على أبعد تقدير».

وبموجب قواعد «لجنة 1922»، لا يمكن أن تواجه رئيسة الوزراء تصويتًا على حجب الثقة حتى مرور عام على توليها منصبها، ومع ذلك، فإنه من الناحية العملية، إذا ضغط عدد كافٍ من النواب على السير جراهام برادى،  رئيس اللجنة، فمن المحتمل إجراء ذلك.

 أخطاء بالإدارة

وانتقد وزير المالية البريطانى الجديد جيريمى هانت «أخطاء» إدارة ليز تراس فى أول مقابلة له منذ توليه المنصب، مشيرا إلى أن بعض الضرائب ستزيد، فى حين أن الإنفاق الحكومى سيزيد بأقل مما كان مخططا له سلفا محذرا من ضرورة اتخاذ قرارات صعبة لاستعادة مصداقية السياسة المالية لبريطانيا.

وصرح هانت «سيكون أمامنا بعض القرارات الصعبة للغاية»، لكنه نفى أن تكون المملكة المتحدة تتجه نحو حقبة أخرى من التقشف».

وأضاف «الشىء الذى يريده الناس والأسواق وتحتاجه البلاد الآن هو الاستقرار. لا يمكن لأى وزير أن يتحكم فى الأسواق. لكن ما يمكننى فعله هو إظهار أنه يمكننا دفع ضرائبنا والالتزام بخطط الإنفاق، وهذا سيحتاج إلى بعض القرارات الصعبة للغاية فيما يتعلق بكل من الإنفاق والضرائب».

وتابع قائلا «الإنفاق لن يرتفع بالقدر الذى يرغب فيه الناس، إذ يتعين على جميع الهيئات الحكومية أن تزيد من كفاءاتها أكثر مما كانت تخطط له. ولن يتم خفض بعض الضرائب بالسرعة التى يريدها الناس، وستزيد بعض الضرائب. سيكون الأمر صعبا».

خيارات غير متاحة

وفقًا لمعهد الدراسات المالية المؤثر، كان أمام تراس وكوارتنغ فجوة مالية قيمتها 60 مليار جنيه إسترلينى (68 مليار دولار) وهما بحاجة لتعويضها.

 ورغم أن هذا أمر صعب، كان هناك بعض الخيارات منها زيادة ضريبة الشركات التى ينظر إليها على أنها الهدف الأكثر ترجيحًا لعكس مسار السياسة المالية، خاصةً أنها كانت أحد المجالات التى رفض كوارتنغ استبعاد التراجع عنها يوم الخميس. فى ظل إدارة بوريس جونسون، كان من المقرر أن ترتفع الضريبة إلى %25 من %19 فى أبريل. تعهدت حكومة تراس بإلغاء رفع معدل الضريبة.

وتضمنت حزمة تراس الاقتصادية تخفيض المعدل الأساسى لضريبة الدخل من %20 إلى %19 بداية من أبريل المقبل، وهى خطوة إذا جرى تعويضها ستدر على الخزانة العامة نحو 6 مليارات جنيه استرلينى على مدى الأعوام الخمسة المقبلة.

والمشكلة هنا أنه خلافًا لمعظم بنود حزمة الضرائب الخاصة بوزير المالية، التى تعرضت لنقد واسع باعتبارها تحابى الأثرياء وتنحاز لهم كثيرًا، فإن هذا أحد الإجراءات الذى ربما يحظى بتأييد واسع من الناخبين إذا تم تطبيقه. أما عن خفض الإنفاق، قد يكون القيام بذلك كارثيًا من الناحية السياسية بالنسبة لتراس، نظرًا لخشية نواب حزب المحافظين من أن يصب ذلك فى مصلحة حزب العمال المعارض.

تدابير أخرى

هناك توفيرات أخرى كان من الممكن أن تحاول ترَاس العثور عليها من حزمة الضرائب التى اقترحتها، ولكن المشكلة هى أنها لا تقترب من أنواع الأرقام التى من المحتمل أن تكون مطلوبة لتهدئة الأسواق المالية.

خطة تراس لإعادة تقديم استرداد ضريبة القيمة المضافة على التسوق للسائحين، على سبيل المثال، كانت ستتسبب بخسارة الخزانة مليارى جنيه إسترلينى سنويًا بحلول عام 2027. كان بإمكانها أيضًا تغيير قواعد العمل خارج جدول الرواتب، والتى قدرت وزارة المالية تكلفتها بستة مليارات جنيه إسترلينى حتى عامى 2026-2027.