الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تضامنا مع المصلحة العالمية إصدار أول ميثاق إفتائى لمواجهة التغيرات المناخية من مصر

أعلنت دار الإفتاء المصرية فى ختام مؤتمرها الدولى السابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم،  والذى عقد واختتمت فعالياته برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى حول الفتوى وأهمية التنمية المستدامة عن أول  «ميثاق إفتائى لمواجهة التغيرات المناخية»  وذلك انطلاقا من أهمية تعميق الوعى بمخاطر ومشكلات التغيرات المناخية على كافة الأصعدة والمجالات فى الحياة الإنسانية، وحتى يكون الإفتاء واحدًا من المجالات التى تسهم فى حلِّ المشكلة والتوعية بها، وحتى نفعل ما أسَّسه المفتون عبر العصور من استشراف الأحداث الحالية والمستقبلية.



كما يأتى الميثاق  معتمدا على الأصول الإسلامية الأخلاقية والفقهية والشرعية، وتضامنًا مع المصلحة الوطنية والإنسانية والعالمية، وتعميقًا للوعى بمخاطر ومشكلات ما نجم عن تغيرات المناخ على كافة الأصعدة والمجالات فى الحياة الإنسانية.

وحول مضمون الميثاق لفتت الإفتاء المصرية إلى أن الميثاق يدعو إلى وجوب الالتزام بالقوانين والمعاهدات التى تهدف إلى الحد من مخاطر التغير المناخى والوقاية من تفاقمها، مع وجوب اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للحد من الآثار السلبية للتغير المناخى والوقاية منها.

كما يدعو  الميثاق إلى حظر تداول المواد أو المخلفات أو النفايات الخطرة، والإعانة على ذلك، وكذلك  عدم  الإسراف فى استهلاك الطاقة على مستوى الفرد والمؤسسات، ومنع إغراق النفايات الخطرة فى مياه البحار والمحيطات، أو التعدى على الرقعة الزراعية بالبناء المخالف، وكذلك صيد أو قتل أو إمساك الطيور أو الحيوانات البرية أو الكائنات البحرية المجرَّم صيدُها، أو قطع أو إتلاف النباتات المجرَّم قطعها أو التعدى عليها، أو الاتجار فى الكائنات الحية المهددة بالانقراض من غير ترخيص من الجهات المختصة، فضلًا عن الحرق المكشوف للقمامة أو المخلَّفات، أو فرز القمامة ومعالجتها فى غير الأماكن المخصصة لذلك، أو تلويث شواطئ الأنهار والبحار بأى وجه من الوجوه، وكذلك التعدى بإحداث الضوضاء فى المناسبات العامة والخاصة، فضلًا عن التعدى على المحميات الطبيعية بألوان التعدى المنصوص عليها فى القانون.

وأوجب الميثاق على المكلفين التدخل لمنع الضرر اللاحق بالبيئة، والمساهمة فى رفع الأضرار التى حدثت وَفقًا للشروط والإجراءات التى تحددها  القوانين، وكذلك اتخاذ الاحتياطات اللازمة لعدم وقوع أى إضرار بالبيئة، وأيضًا اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لإنتاج أو تداول المواد الخطرة بإذن الجهات المختصة، مع احتفاظ أصحاب المنشآت التى ينتج عن نشاطها مخلفات خطرة بسجلٍّ لهذه المخلفات، على أن يتحمل المسئولية الشرعية والقانونية كلُّ مَن تسببت مخالفته لشيء من المنهيات، أو عدم فعل شيء من المأمور به بما ينتج عنه جناية أو ضرر؛ باعتباره متسببًا يُنزَّل منزلة المباشر.

وأعلن الميثاق نضامنه  مع الجهود الساعية فى تحسين جودة الهواء بكافة الجهود المبذولة لذلك، وكذلك الحماية من الضوضاء بكافة الجهود المبذولة لذلك، وتحسين نوعية المياه بكافة الإجراءات والجهود المبذولة لذلك، وكذلك نشر اللون الأخضر وزراعة الأشجار على الوجه الذى يحسِّن جودة البيئة، مع التوجه إلى استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة للأفراد والهيئات بما يساعد على تقليل استخدام الوقود الأحفوري.

دار الإفتاء المصرية  أيضا إلى جانب إعلان أول ميثاق إفتائى دعت فى ختام مؤتمرها إلى التعاون الدائم فى مجال التنمية المستدامة والشاملة على المستويات كافة للوصول إلى غاية مشتركة ونتائج واقعية ملموسة، ومن ذلك إنشاء مكاتب ووحدات تُمثِّل قنوات للاتصال بين المؤسسات الدينية -لا سيما الإفتائية- والدوائر التخطيطية والتنفيذية القائمة على المشروعات التنموية للتنسيق بينهما فيما يستجد ويكون للفتوى دور فيه.

كما شددت  على أهمية التوعية الدائمة بخطورة قضايا التنمُّر والتعدِّى على الخصوصيات، وعرقلة التكافؤ بين حقوق الجنسين نظريًّا وعمليًّا، لتفادى جزءٍ كبيرٍ من معوّقات التنمية، كما يناشد المؤتمر المؤسسات التعليمية والتشريعية بضرورة التعاون فى التوعية المبكرة والعلاج المتتابع لهذه المخاطر.

كما أكد المؤتمر على ضرورة اعتبار حقوق الأجيال البشرية القادمة   فى التنمية المستدامة، من حيث الاستفادة بموارد الطبيعة من ناحية، وعدم تقييد حياتهم بفتاوى قاصرة من ناحية أخرى، ويبيِّن بوضوحٍ أن من أهم ركائز النظر السليم للمؤسسات الإفتائية: أن تراعى فى بحثِها وتطبيقها هذا المبدأ الإنسانى النبيل، فلا تقرر اليومَ ما يضرُّ بالبشرية غدًا.

اهتمام عربى بالميثاق 

من جهته قال الشيخ محمد حسين مفتى القدس أن هذا الميثاق يأتى مع ترقبنا جميعًا لانعقاد الدورة السابعة والعشرين لقمة المناخ العالمية التى تنعقد على أرض الكنانة بشرم الشيخ بالقرب من جبل المناجاة فى طور سيناء، وما يمثله هذا الحدث العظيم من فرصة سانحة للبشرية  كلها لإعادة التأكيد على تحمل المسئولية حيال هذا الأمر الجلل الذى لا بد أن يتحمل الجميع نصيبه من المسئولية حياله وحيال الأجيال الحالية والقادمة التى تعيش معا على الأرض بدعم وتعزيز جهود مواجهة تغير المناخ والتكيف مع آثاره السلبية، والبناء على الزخم الإنسانى والإرادة المتوافرة من كافة الأطراف لهذا الغرض.

ولفت  إلى أن الميثاق يؤكد على أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم تدرك حجم المسئولية الملقاة على عاتقها كمؤسسة تتحمل مسئولية مجال الإفتاء فى العالم وما يقدمه للعالم من إسهامات فى مواجهة المشكلات وحلها، وإذ تعى الأمانة أن أنظار شعوب العالم كله تتجه إلى الخطاب الدينى وإلى الأديان وقادتها وإلى القيام بدورهم فى دعم الإصلاح ودرء الفساد عن عالمنا وكوكبنا الذى نعيش فيه، وإلى دورهم فى الوعى الرشيد تجاه هذه القضية.

واقترح مفتى القدس عدة مقترحات وتوصيات منها ضرورة التربية البيئية للأطفال والشباب عبر مقررات الدراسة التى تتضمن تعريفهم أن الكون يسبح لله ويسجد له وما يترتب على ذلك من احترامه، وكذلك المساهمة الإعلامية الناضجة فى تفعيل الخطاب الدينى لمواجهة أخطار التغير المناخى،مع رفع الوعى البيئى العام، وضرورة التكيف وشحذ الفكر تجاه التكنولوجيات النافعة من أجل رفاهية الإنسانية، فضلًا عن التوسُّع فى مشاركة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم فى أيام البيئة الوطنية والعالمية. 

كما توجه إلى المجتمع الدولى بنداء ليتحمل كل أفراده مسئوليته ويتخذ دوره حيال التهديد الذى يهددنا جميعًا وأن يكون تحمل المسئولية متحليًا بالعدالة التى تقتضى توزيع المسئولية على قد مباشرة الضرر أو التسبب فيه، مناشدًا أن نرفع أكف الضراعة إلى الله تعالى أن يؤتى مؤتمركم هذا ومؤتمر المناخ القادم المنعقد فى شرم الشيخ ثمارهما المأمولة لصالح كل إنسان يعيش على الأرض، وأن يكتب التوفيق والنجاح لكل خطة خضراء واستراتيجية مستدامة تضمنت خير الأوطان والإنسان. 

من جانبه قال الدكتور بوعبد الله غلام الله، رئيس المجلس الإسلامى الأعلى بالجزائر:  إن الأمر يقضى أن تقابل المنن الإلهية بالشكر وبالطاعة والعرفان، ولا تقابل بالكفر والطغيان، وهنا يكمن دور الفتوى الشرعية فى دعم الجهود التى يبذلها العلماء والصلحاء والمنظمات الدولية الإنسانية منها والرسمية فى مقاومة هذا الفساد الذى طال الطبيعة وغيَّر خلق الله وعرَّض الإنسانية كلها إلى ما تعرَّض له قوم سبأ.

أضاف أنَّ المنتظر من الفتوى أن ترشد الناس إلى فهم العلاقات التى تربط الناس -بنى آدم كلهم- بالبيئة وترشدهم إلى السلوك القويم وتدعوهم إلى حسن استغلال المحيط انطلاقًا من الهدف الأسمى المتمثل فى عمارة الأرض،  ولفت إلى أنَّ الفتوى ينبغى أن تتسلح بمزيد من المعرفة العلمية، وبمزيد من متابعة تصاعد النشاط التكنولوجى المحدث للتغيرات المناخية حتى يستطيع المفتون أن يكون لهم أثر ذو معنى فى الموضوع.