الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خبراء: قرارات تاريخية متوقعة خلال المؤتمر الوطنى العشرين للحزب الشيوعى الصينى انتخابات ستحدد مصير ريادة العالم خلال السنوات الخمس المقبلة!

تقترب الصين من أهم حدث فى تاريخها منذ تأسيس الحزب الشيوعى الصينى فى عام 1921، حيث سينعقد المؤتمر العشرون للحزب الشيوعى الصينى غدًا الأحد، والذى سيحدد اتجاه السياسة العامة للبلاد وتشكيلة قيادتها السياسية خلال السنوات الخمس القادمة.



وستفضى اجتماعات المؤتمر، الذى ينعقد مرة كل خمس سنوات إلى انتخاب قيادات جديدة للمواقع الحزبية، بما فيها موقع الأمين العام للحزب الذى يتولى رئاسة البلاد.

 

ويحظى هذا الحدث السياسى الأهم والأبرز فى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم خلال هذا العام، بأهمية خاصة جدًا، ليس فقط لأنه يعقد فى فترة حاسمة فى تاريخ البلاد لتحقيق الهدف المئوى الثانى لبناء دولة اشتراكية حديثة، ولكن لأنه أيضًا يأتى فى ظل ظروف عالمية شائكة وقد يخرج بقرارات تاريخية غير مسبوقة.

ويترقب العالم أجمع نتائج المؤتمر الوطنى العشرين للحزب الشيوعى الصينى -الحزب الحاكم فى البلاد، والذى يتحكم فى جميع مؤسسات ومفاصل الدولة الصينية. ويقع على رأس هذا الحزب، الأمين العام، وتتبعه اللجنة الدائمة للمكتب السياسى المكونة من 7 أعضاء، والنابعة من المكتب السياسى للحزب المكون من 25 عضوًا يتم انتخابهم من خلال اللجنة المركزية، ويليها المؤتمر الوطنى.

واللجنة المركزية للحزب، هى اللجنة المكلفة - وفقًا لدستور الحزب الشيوعى الصينى الذى يبلغ عدد أعضائه قرابة 97 مليون عضو - بتنفيذ قرارات المؤتمر الوطنى، وقيادة عمل الحزب، وتمثيل الحزب على الصعيد الدولى، وبالتالى تُعد اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى، من الناحية الفنية، «أعلى هيئة سلطة للحزب» عندما لا يكون المؤتمر الوطنى منعقدًا.

هذا وستستمر اجتماعات المؤتمر الوطنى خلال دورته الجديدة لقرابة أسبوع، فيما يتميز الحدث فى هذه الدورة بمشاركة ألفى وثلاثمائة عضو من أجل  اختيار أعضاء المؤتمر فى مسعى لضخ دماء جديدة فى اللجنة المركزية للحزب.

 أقوى كيان

ويتوقع أن يجرى ترقية بعض أعضاء اللجنة المركزية إلى المكتب السياسى المؤلف من 25 عضوًا فيما يُحتمل دخول وجوه جديدة إلى اللجنة الدائمة للمكتب السياسى فى الحزب الشيوعى والمؤلفة من سبعة أعضاء وتعد أقوى كيان داخل الحزب.

 أهمية كبرى

يُعد المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعى الصينى، الذى ينعقد كل 5 سنوات، أهم وأكبر حدث سياسى على المستويين الحزبى والجمهورى، إذ تمثل نتائجه أهمية كبرى ليس بالنسبة لسياسات جمهورية الصين الشعبية، الداخلية والخارجية فحسب، وإنما أيضًا بالنسبة لصانعى السياسات فى جميع دول العالم، فى ظل استمرار الصعود المتنامى لبكين على الساحة الدولية. 

 ظروف عالمية 

ويأتى انعقاد المؤتمر الوطنى العشرين للحزب الشيوعى الصينى هذا العام، فى ظل ظروف عالمية بالغ الصعوبة والحساسية على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية وحتى على مستوى المناخ، بالإضافة إلى تحديات أخرى داخلية تواجه جمهورية الصين الشعبية التى أصبحت بفضل الإصلاحات الاقتصادية التى قام بها الحزب الشيوعى الصينى منذ عام 1978 ثانى قوة اقتصادية فى العالم منذ عام 2010. وقد ساعد على نجاح هذه الإصلاحات محيط إقليمى مناسب واستراتيجية تنموية قائمة على تطوير الصادرات.

 تحديات داخلية

فعلى المستوى الداخلى، تسعى الصين إلى تدارك تداعيات جائحة كوفيد - 19  والتى كان لها العديد من الآثار السلبية، ليس على الاقتصاد الصينى فحسب، ولكن على الاقتصاد العالمى ككل من حيث وقف الشحن والتصنيع وتعطيل سلاسل التوريد العالمية.

ففى بلد يقطنه 1.4 مليار نسمة، تمسكت الصين بنهج صارم للقضاء على أى حالات عدوى، معلنة أن سياسة «صفر - كوفيد» التى تنتهجها لا تعد الخيار الأمثل فحسب، بل كذلك الحد الأدنى الذى يجب التمسك به للوقاية من الوباء والسيطرة عليه.

ورغم أن الجهود الصينية لمكافحة الوباء مثل الإغلاقات المؤقتة للمدن والمصانع والمتاجر وتعليق الدراسة بالمدارس، كانت موضع تشكيك متكرر من قبل وسائل الإعلام الغربية بوصفها بأنها صارمة أكثر من اللازم، لكن الحكومة الصينية تمكنت من خلالها من الحفاظ على أرواح مواطنيها وقللت إلى أدنى حد ممكن تأثير الوباء على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

وخلال الربع الأول من العام الجارى 2022، نما إجمالى الناتج المحلى للصين بواقع 4.8 بالمائة على أساس سنوى. ورغم التضخم العالمى، ظلت الأسعار المحلية مستقرة. وارتفعت قيمة تجارة السلع خلال تلك الفترة بنسبة 10.7 بالمائة. وحققت كبرى الشركات الصناعية بالصين نموًا بأرباحها بلغ 8.5 بالمائة على أساس سنوى.

ولكن واجه الاقتصاد الصينى زيادة ملحوظة فى الضغط الهبوطى خلال الربع الثانى بسبب الظروف العالمية وتجدد ظهور كوفيد - 19.

أما فى الربع الثالث من العام فقد أظهرت البيانات الرسمية أن الاقتصاد الصينى نما بوتيرة أبطأ من المتوقع عند 6.5 %، مقارنة مع الفترة ذاتها قبل عام مسجلاً أبطأ نمو منذ الأزمة المالية العالمية.

وبالرغم من هذا التباطؤ المتواضع لتأثير «كوفيد - 19» يظل التضخم فى الصين أقل كثيرًا من نظيره فى الولايات المتحدة وأوروبا.

ففى عام 2021، بلغ الحجم الإجمالى للاقتصاد الصينى 114.4 تريليون يوان، وتجاوزت حصته فى الاقتصاد العالمى أكثر من 18 بالمائة. وبلغ إجمالى الناتج المحلى الصينى فى النصف الأول للعام الجارى 56.2 تريليون يوان، مسجلاً زيادة بنسبة 2.5 بالمائة على أساس سنوى. وقد تخلّص ما يقرب من 100 مليون نسمة من سكان الريف الصينى من الفقر، مما حقق هدف القضاء على الفقر الوارد فى أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة عام 2030 قبل الموعد المحدد بعشر سنوات.

 قرارات مهمة

ولذلك من المتوقع أن يتخذ الحزب الشيوعى الصينى خلال مؤتمره العشرين قرارات اقتصادية مهمة وأيضًا قرارات من شأنها التخفيف أو رفع الإجراءات الصحية الاحترازية الصارمة التى تنتهجها الدولة الصينية منذ تفشى الوباء. 

وإضافة إلى التحديات المشار إليها، هناك العديد من التحديات الأخرى الذى سوف يتطرق إليها المؤتمر، مثل التأثيرات الاقتصادية للحرب فى أوكرانيا،  توفير فرص عمل للشباب، والأزمة الديموغرافية التى تواجهها الصين فى ظل انخفاض معدلات المواليد فضلاً عن تأثيرات التغير المناخى وغيرها.

فمع عدد هائل من السكان، ستواصل الصين حربها الناجحة مع الفقر ومواجهتها الفعالة للتنمية الأقاليمية غير المتوازنة ومكافحة التلوث.

 التهديدات الخارجية 

وإلى جانب التحديات الداخلية التى سيبحثها المؤتمر هناك التحديات الخارجية التى تواجه البلاد مع تزايد الصعود الصينى على الساحة الدولية والحديث عن وصول الصين إلى قمة النظام العالمى وإطلاق البعض على القرن الحالى ”القرن الصينى ”،  حيث تشير التوقعات إلى أن الصين سوف تصل لقيادة النظام الدولى بحلول عام 2025، ويذهب البعض إلى أن ذلك سوف يتحقق فى منتصف القرن الحالى.

ويبدو أن الحزب الشيوعى الصينى وقيادته يدركان جيدًا حجم هذه التحديات ويتعاملان معها بشكل جاد، لاسيما أن مستقبل الحزب سيظل مرتبطًا بقدرته على تطوير ذاته وآلياته ومواكبة التغيرات فى الداخل والخارج، ويظهر ذلك بشكل واضح فيما تقرره المؤتمرات العامة للحزب.

ومن أبرز تلك الملفات التى سيبحثها المؤتمر ملف تايوان التى تعتبرها بكين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، وأصبحت تمثل أزمة عالمية مؤخرًا كنتيجة للاستراتيجية الغربية المناهضة للصين والتى تتمثل فى محاولات الولايات المتحدة وبعض حلفائها الأوروبيين والآسيويين، احتواء الصين، بهدف إعاقة أو على الأقل عرقلة نهضتها، وهو ما تجلى فى إعادة إحياء الحوار الأمنى الرباعى «تحالف كواد»، والذى يضم أستراليا والهند وبريطانيا، والولايات المتحدة. وكذا اتفاق «أوكوس» بين أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة، علاوة على قيام الولايات المتحدة بالتعاون مع حلفائها الإقليميين فى آسيا، بإطلاق مبادرة «شراكة المحيطين الهندى والهادئ للتوعية البحرية»، فضلاً عن المحاولات الغربية لاستغلال بعض الملفات والقضايا الداخلية الصينية، كذريعة للتدخل فى الشئون الداخلية للصين، ومنها إلى جانب ملف تايوان، الوضع فى هونج كونج، وشينجيانج، وقضايا حقوق الإنسان.

قضايا عالمية

أما بالنسبة للقرارات المتعلقة بالأوضاع العالمية، فمن المتوقع أن تواصل الصين سياستها والتى تسعى إلى إرساء الاستقرار والسلام والأمن والتنمية العالمية ورفض الزعامة الأحادية وسياسة القطب الواحد، ويتضح ذلك من خلال طرح وتفعيل مبادراتها للعالم فى مجالات الاقتصاد والتنمية والأمن العالمى لتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك.

وقد تطرقت وسائل الإعلام الصينية الرسمية مؤخرا لانعقاد المؤتمر كمناسبة سياسية وصفتها بأنها بالغة الأهمية، مشيرة إلى أن الحزب الشيوعى الصينى بأكمله والأمة الصينية يشرعون فى رحلة جديدة نحو بناء دولة اشتراكية حديثة من جميع النواحى، والتقدم نحو هدف المئوية الثانية.

وكشفت عن أن المؤتمر سيقوم بتقييم عمل الحزب على مدى السنوات الخمس الماضية، بالإضافة إلى الإنجازات الرئيسية والتجارب القيمة للجنة المركزية للحزب مع الرئيس شى جين بينغ. 

كما أنه سيراجع بدقة الأوضاع الدولية والمحلية، ويفهم بشكل شامل المتطلبات الجديدة لتنمية قضية الحزب والدولة فى الرحلة الجديدة فى العصر الجديد، وكذلك التوقعات الجديدة للشعب الصينى.

وأيضًا سيقوم المؤتمر بصياغة خطط عمل وسياسات رئيسية، وحشد جميع أعضاء الحزب والأفراد من جميع المجموعات العرقية فى جميع أنحاء البلاد لترسيخ الثقة فى التاريخ، وتعزيز المبادرة التاريخية، والابتكار على أساس ما تم إنجازه، والمضى قدما بشجاعة.. وخلاله سيتم انتخاب لجنة مركزية جديدة للحزب الشيوعى الصينى ولجنة مركزية جديدة لفحص الانضباط للحزب فى المؤتمر القادم.

شعبية جارفة

فى السياق ذاته،  يذهب مراقبون إلى أنه من المرجح خلال المؤتمر أن يُمنح الرئيس الصينى شى جين بينج ولاية ثالثة غير مسبوقة مدتها خمس سنوات.

ومن المتوقع أيضًا أن ينضم بهذا إلى نادى قادة وأساطير الحزب الشيوعى الصينى عندما يُمنح رسميًا لقب «زعيم الشعب». فمنذ انتخابه أمينًا عامًا للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى فى نوفمبر عام 2012، يُنظر إلى «شى» على أنه رجل تصميم وعمل، ورجل أفكار ومشاعر عميقة، ورجل يرث إرثًا، لكنه لديه الجرأة على الابتكار.

و يرى مراقبون أن الصين تحت قيادته، تتحول إلى دولة قوية، وتدخل حاليًا إلى عصر ذهبى آخر.

فبالنسبة لأغلب الصينيين، فقد نجح الحزب الشيوعى تحت قيادة شى جينبينغ فى القضاء على الفقر.

إذ تشير تقارير البنك الدولى إلى خروج 800 مليون صينى من عداد الفقراء خلال العقود السابقة. ورغم بدء الرئيس السابق دينغ شياو بينغ مبادرة محاربة الفقر، فإن الرئيس الحالى شى جين بينغ أكملها بنجاح خلال السنوات العشر الأخيرة بعدما خصص لها موارد ضخمة.

كما نجح «شى» فى محاربة التلوث بصورة واسعة، وبعدما كان هناك 6 مدن صينية بين أكثر 10 مدن ملوثة فى العالم، انخفض العدد إلى 3 مدن فقط، مع استمرار الجهود لتخفيض معدلات التلوث. 

ويحسب الشباب الصينى للرئيس محاربته القوية للفساد، وهو ما اعتبره مراقبون بمثابة إنقاذ للحزب الشيوعى من الانهيار، حيث دفع ذلك بخريجى أهم الجامعات الصينية للانضمام للحزب بعدما كان السفر للغرب أقصى طموحاتهم. 

كما قاد «شى» عملية إصلاح كبيرة بالجيش أدت إلى التخلى عن العقيدة القديمة فى القتال وإنهاء الاعتماد على القوات البرية كعمود فقرى للجيش، واتباع القيادة المشتركة التى تلعب فيها القوات الجوية والتكنولوجية دورًا رائدًا.

التمسك بالاشتراكية

ووفقًا لخبراء صينين من المتوقع أن يشارك فى هذا المؤتمر الذى «تلتئم أعماله فى وقت حاسم»، جميع أعضاء الحزب وأبناء الشعب الصينى بمختلف قومياتهم.

كما سيكون هذا المحفل الحزبى الضخم تعبيرًا عن تمسك مختلف الصينيين، مليار ونصف المليار نسمة، بالنظام الاشتراكى الذى تأسست عليه جمهورية الصين الشعبية، ورفضهم نظام الرأسمالية الجشعة بكل تجلياتها، مرفقًا بثبات استناد الحزب على الماركسية اللينينية، وأفكار ماو تسى تونغ، ونظرية دنغ شياو بينغ، وأفكار «التمثيلات الثلاثة» المهمة، و«مفهوم التنمية العلمية»، و«التطبيق الشامل لأفكار شى جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية فى العصر الجديد»، و«الاستعراض «الجاد» لأعمال الحزب خلال الخمس سنوات المنصرمة، والإنجازات الرئيسية، والتجارب الثمينة التى حققتها اللجنة المركزية للحزب، فى مسيرة الاتحاد مع جميع أعضاء الحزب وأبناء الشعب بمختلف قومياتهم فى البلاد، وقيادتهم للتمسك بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وتطويرها خلال العصر الجديد.